لقد شهدنا يوم الخميس23/7/2020 نوع جديدا من انواع الغطرسة الامريكية، بلغت مبلغا لا يمكن السكوت عنه، وعلى المجتمع الدولي أن يتعاضد في دفع شره، وايقاف جريمته حتى لا تتكرر، لقد بلغ الأمر بهذه الادارة – التي أصبحنا لا نشك إطلاقا من انها شيطان في لباس بشر- أن تعطى الاوامر لطائرتين مقاتلاتين، بالإقلاع من قاعدة “التنف” السورية المحتلة من القوات الامريكية دون وجه حق، للتعرض لطائرة ركاب إيرانية، تابعة لخطوط ماهان، في رحلتها رقم 1152 المتجهة من طهران الى بيروت ومضايقتها، مما دفع بقبطانها الى اتخاذ قرار هبوط اضطراري سريع ومفاجئ، وتحويل وجهته مضطرا، الى مطار دمشق، ما تسبب في حدوث اصابات بين الركاب.
تصرف قبطان الطائرة كان منطقيا، املاه عليه واجب الحفاظ على اروح المسافرين، المهددين جديا من طرف شيطان العصر، بالتسبب في إسقاط الطائرة على وجه الخطأ من طرف المضادات السورية، او اجبارها على اتباع اوامر الطائرتين، وخيرا فعل، وترفع له آيات التقدير والاكبار، هذا وحادثة الطائرة الايرانية التي اسقطها المارينز بصاروخين اثنين، إيران إير الرحلة رقم Iran Air Flight 655 هي طائرة من نوع إي 300 إيرباص أقلعت من مطار بندر عباس الدولي إلى مطار دبي الدولي يوم 3 يوليو عام 1988وعلى متنها 290 راكبا وهي على إرتفاع 4000 متر قضوا كلهم ضحايا مظلومين، لا تزال شاهدا على شيطنة دولة تدّعي أنها زعيمة العالم.
عملية جبانة وفي منتهى الحماقة اقدم عليها الامريكان، ستفتح بابا اخر للدبلوماسية الايرانية في المنتظم الاممي، لتؤكد من جديد ان سياسة الاستكبار التي تمارسها الادارة الامريكية بحق إيران الاسلامية، قد بلغت من الحمق والاستفزاز، مبلغا لا يمكن السكوت عنه، وسيقابل بما سيجعل المشرفين عليه، يندمون على افعالهم، خصوصا بعدما تابع العالم، اطوار دخول ايران مرحلة ما بعد اغتيال الشهيد قاسم سليماني، من رد صاعق بقصف قاعدة عين الأسد، وقف فيه الجانب الامريكي، على مدى قدرة ايران على الردّ والدفاع عن نفسها، تلاه تحدّ كبير اعلنته إيران بإرسال ناقلاتها وسفنها، لمساعدة فنزويلا على مقاومة الحصار الامريكي المضروب عليها.
أمريكا اكدت من جديد، انه لا انسانية لها داخليا، من خلال حكم شعبها بالتمييز العنصري، ولا انسانية لها خارجيا، في تعاملها المستهجن مع الدول والشعوب الاخرى، خصوصا تلك التي لا تستجيب لسياساتها العدوانية، وترفض الرضوخ لأحكامها الظالمة، بحق كثير من الشعوب والانظمة، وايران بالمنطق الامريكي، مدرجة في مقدمة الدول المصنفة معادية، دون وجه حق، سوى انها تمردت عليها، وقطعت علاقتها معها، بعد ثورتها التي انتصرت فيها على حاكمها العميل لأمريكا في 11/2/1979.
حماقة الامريكان والصهاينة، بدت فيما ظهر من مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي افتتحته مؤسساتهم بالتعاون مع عملائهم، معنونا بالربيع العربي، وكان هدفهم حقيقة ربيعا عبريا، يستكمل اخضاع سوريا بعد اسقاط نظامها، الى ما انتهى اليه أمر كل من مصر والاردن، وإذا قلنا سوريا، فباعتبار لبنان طرفا في القضية الفلسطينية، وتسهل معالجته إذا قرن بالملف السوري بالنتيجة المرجوة .
الجهود التي تبذلها الادارة الامريكية في توتير الاوضاع العالمية، اصبحت معلومة بالتأكيد لدى الجميع، لكن المشكل في صمت اغلب دول العالم عن ذلك، والقليل منها عبرت عن استيائها، والاقل منها وقف في وجه استكبارها وطغيانها، وقفة مبدأ ورجولة، كما هي حال دول حملت على عاتقها أمل مستضعفي العالم في مقاومة تحالف الشر والفساد في الأرض.
ان عملية مضايقة الطائرة الايرانية في مسارها الدولي، لا يخرج عن ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الاول: بدء مخطط مضايقة الطائرات الايرانية، لإجبارها على تعليق رحلاتها الى دمشق وبيروت، وذلك من شانه ان يعرقل الحركة الملاحية المدنية، ذا العلاقة بالعمل السياسي الذي تقوم به ايران الاسلامية، في مجال التعاون بين الدول المعنية، من اجل حماية المنطقة من الارهاب التكفيري الذي لا يقل خطرا عن الارهاب الصهيوني.
الاحتمال الثاني: وهو الأرجح، وتمثل في اقتراب الطائرتين الخطير من الطائرة، ليقع استهدافها من المضادات السورية، فيقع اسقاطها خطأ، كما حصل في شهر سبتمبر سنة 2018 للطائرة الروسية، من طراز “إيل 20″، بينما كانت تحلّق فوق البحر الأبيض المتوسط، على بعد 35 كلم من الساحل السوري، في طريق عودتها إلى قاعدة “حميميم” بمحافظة “اللاذقية”، وقد ونقلت وكالات الأنباء الروسية، نقلا عن وزارة الدفاع، أن الطيارين الإسرائيليين جعلوا من الطائرة الروسية غطاء لهم، ووضعوها بالتالي في مرمى نيران الدفاع الجوي السوري، وقال وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”: إن المسؤولية الكاملة في إسقاط الطائرة الروسية وموت طاقمها تقع على الجانب الإسرائيلي.
وهذا الاحتمال يؤكد مدى انحطاط الادارة الامريكية، وجيشها الاسود بتاريخ جرائمه، المترع قرفا بحق المدنيين، اينما حلت جحافله الجبانة، وذاك عارهم في فييتنام، وفي افغانستان، وفي الصومال، وفي العراق، لا يمحوه شيء من الادعاء الكاذب بانهم قادة العالم الحر، أو حملة خير للإنسانية.
الاحتمال الثالث: عربدة تريد منها امريكا الظهور بمظهر القوة، التي تتصرف كما يحلو لها، دون رادع من المنتظم الاممي وقوانينه، التي تمنع اي استهداف مدني مهما كان نوعه.
امريكا تعلم جيّدا أن إيران قوية بما يكفي لمواجهة اية قوة في العالم ندّا لندّ، لذلك فهي لا تمتلك الشجاعة، لا هي ولا الكيان الصهيوني بشن اعتداء واضح عليها، وكل ما تستطيع فعله لحد الآن، العربدة والاستفزاز وتحيّن الفرص للغدر، وكل هذه الاحتمالات مدرجة في حسابات ايران الاسلامية، وقد عبر المرشد الاعلى للثورة الإسلامية الامام الخامنئي، لدى استقباله لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، عن موقفه الثابت من قضية اغتيال اللواء سليماني، حيث قال: لن ننسى أبدا اغتيال الفريق قاسم سليماني، وإن الهجوم على قاعدة عين الأسد، لم ينتقم بشكل كامل لدم الشهيد.
وحتى لا ننسى الطائرات الأمريكية والبريطانية وصواريخها الفتاكة، التي لا تزال تعصف بالشعب اليمني على ما يزيد عن خمس سنوات، لا بد من أن اشير الى دور عملاء أمريكا من دول الخليج، التي اهدرت الى حد اليوم مئات مليارات الدولارات، من اجل تحطيم الشعوب، واخضاعها لأسيادهم الامريكان والغربيين والصهاينة، وعار على الشعوب العربية والاسلامية، أن تلوذ بالصمت على ما يجري لإخوانهم في اليمن، وما شعب ليبيا عن ذلك ببعيد، تضامنوا أيها المسلمون حقيقة، من أجل دفع هذا البلاء، قبل ان يطمّ الجميع، ويعسر حينها الحلّ.