لم تكن حادثة إغتيال اللواء قاسم سليماني خلال القصف الأخير للقوات الأمريكية على مطار بغداد الدولي في العاصمة العراقية حدثاً عابراً، بل كانت محطة عظيمة وكبيرة إستوقفت كل أحرار العالم، ونبَّهت الأمتين العربية والإسلامية على الخطر الحقيقي الذي يمثّله الإحتلال الأمريكي على أرض العراق، وبالتالي فإن هذه الحادثة لن توهن من عزائم الشعب الإيراني، فقد سبق إن إغتال الصهاينة الأميركيان قادة من محور المقاومة ولم تتوقَّف المقاومة بل تصاعدت، في إطار ذلك فإن دم الشهيد قاسم سليماني، لن يضعف من الجهاد والمقاومة كما يتوهّم الإحتلال، بل سيرون بأعينهم أن النار ستزداد قوة وإشتعالاً. إن استهداف امريكا ” قائد قوة القدس ” في العراق تزامنا مع اغتيال عدد من قادة الحشد الشعبي العراقي أثار عدة تساؤلات، أهمها : لماذا تم استهدافهم في نفس الوقت؟. أعلن البنتاغون في بيان رسمي “بتوجيه من الرئيس ترامب قتل سليماني كإجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج”، في هذا السياق تتهم أمريكا الإرهابية السليماني بأنه شريك الحاج عماد مغنية في الدفاع عن لبنان في حرب تموز2006، والداعم الأول للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي – البريطاني للعراق، ومهندس خطوط الدفاع عن دمشق، والشريك الميداني للرئيس الأسد في مختلف المعارك السورية، وهو وصلة الوصل الأولى بين إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما ترى فيه تل أبيب خطراً وجودياً. وبناء عليه، سارعت واشنطن إلى تبني عملية اغتيال السليماني، لأن هناك انتفاضة شعبية تسعى واشنطن إلى استثمار نتائجها لصالحها، من أجل تقليص نفوذ طهران في بلاد الرافدين، وتنفيذ انقلاب ضد الحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية، كما لجأت أمريكا بالاعتداء على مقار للحشد الشعبي عند الحدود العراقية – السورية، قبل عدة أيام، وذلك من أجل الفصل بين سورية والعراق، وتحجيم “الحشد” وباقي قوى محور المقاومة في بلاد الرافدين. في هذا الإطار ومنذ الإعلان عن جريمة الاغتيال، تعيش أمريكا وذيلها إسرائيل حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فأمريكا متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة. مما سبق يمكنني القول إن واشنطن تلعب بالنار وأن جيش الاحتلال يتحمل نتيجة ما يرتكبه الآن، وإن للمقاومة الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، فالحرب القادمة بين ايران والولايات المتحدة ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم أمريكا وحلفائها وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فإيران لن تفاجئ أمريكا في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجأها أيضاً بأسلوبها وجهوزيتها القتالية على مستوى العدة والعديد. مجملاً… إن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسيتمخض عن المعركة الدائرة مع العدو ولادة شعب عربي متحرر من خوف الأعداء، وسينتج عنها إستعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة بين شعوب المنطقة، المستندة إلى برنامج وطني نضالي واحد هدفه تحرير الأراضي المحتلة. وبإختصار شديد، هناك توقعات بإنفجار المنطقة برمتها التي أصبحت معرضه لمخاطر الحرب نتيجة المواقف المتعنتة للدول المتآمره على ايران والعراق وسورية، فالحقيقة التي يجب أن ندركها إننا الآن أمام تحدي كبير يتطلب منا التغيير في الإستراتيجيات والأداوت والعودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة أمريكا وذيلها إسرائيل الحاقدة على العرب. وأختم بالقول: اغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، الحاج قاسم سليماني، لا يمكن أن يمر كغيره من الأحداث في الإقليم، فالمقاومة بالمرصاد وهي على أتمّ الجهوزية، لأن الأمريكي يعرف قبل غيره، أنّ “مفاجآتها” قد تطاله في العمق، خصوصاً إذا ما فُتِح الصراع أبوابه
Khaym1979@yahoo.com
*جامعة الفرات