كلنا مدرك حقيقة ما يدور من حولنا ونعرف طريق خلاصنا، إلا من الإقرار عن عجزنا أسوة بباقي الشعوب في تحمل مسؤلياتنا، والإعتماد على غيرنا في سبيل حل قضايانا، حتى سادت البلبلة في كل أرجائنا، وانعدم الأمان والإستقرار الإجتماعي والوطني في سائر بلادنا، واكتفينا بتسجيل المواقف كي لا تحسب علينا، حتى أصبحت سمة التواكل دون غيرنا من الأمم تميزنا، حين رضينا بالأمم المتحدة، الكفيل اللذي يتدبر قضايانا، وسمسار فاحت روائح الفضائح منه، وهو يوصف بهدية الرب لإنقاذ اليهود، الوصي والآمر الناهي على مستقبل وطننا وأمتنا!
رحنا نجري وراء “مفاوضات” عقيمة، ونحن ندرك مقدما أنها لن تغني ولن تسمن من جوع، والسعي إلى “شراكات” إستراتيجية وإقتصادية، ونحن نعلم مسبقا عدم تكافؤ أطرافها، وإقامة “تحالفات” مشبوهة، ونحن نفهم أن لا تجانس يجمعنا معها، وإختلاق “عداوات” مع أهل العقيدة ذاتها، ونحن نعرف أن الله ما أنزل من سلطان بها، حتى أصبحنا حقل عطايا يجودون في أرضنا على غيرنا من جولاننا، وتصفية القضية المركزية في إطار ما يسمى “المملكة الهاشمية”، ونزع سلاح المقاومة لقاء وعد بكسرة خبز هي حق لنا!
ندرك حجم الذل والقهر والهوان اللذي أوصلنا إليه حكامنا، ثم لا نلبث أن نصب جام غضبنا على غيرهم من المتربصين سوءا بنا، إلا من الأخذ بالأسباب الكامنة، في قدرتنا التغلب على الواقع المرير، اللذي منذ عقود يلازمنا، حين أعادت المقاومة الفلسطينية إلى شعبها هويته، وعندما سجلت المقاومة اللبنانية والجماهير معها الإنتصار تلو الإنتصار, وحين هزم الجيش العربي السوري وشعبه من ورائه في التاريخ أكبر مؤامرة، وحين راح جيش دولة مزعومة بكل قواه، يتعقب أثر يافع هز كيانه كاد أن يوقد في الجماهير وعيها، ويعيدها إلى جادة صوابها، وحال روحه في الأعالي تصرخ وتقول:
لا أمل لكم أيتها الجماهير العربية في هزيمة المشاريع التآمرية والتصفوية، سوى خروجكم إلى الشارع، حتى تعيدوا الإعتبار إلى أنفسكم، حرصا على مستقبلكم والأجيال القادمة من بعدكم.
فلسطيني – واشنطن