السابع من ديسمبر/كانون الأول عام 2002، أي قبل حوالي 4 أشهر من غزو الولايات المتحدة للعراق، قدم الأخير تقريراً من 12 ألف صفحة، استعرض فيها “أدلة تؤكد تخلصه من جميع القذائف والقنابل الكيميائية والجرثومية، ويجيب عن كل علامات الاستفهام التي بقيت عالقة بعد عمليات التفتيش التي شهدتها البلاد بين عامي 1991 و1998”.
هذا التقرير الذي كتب القسم الأساسي منه باللغتين الإنجليزية والعربية، ثم ترجم إلى الصينية والروسية الفرنسية -لغات الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن- لم يحل دون مباشرة إدارة جورج دبليو بوش المتحمسة لخوض الحروب في المنطقة مستغلة أحداث 11 أيلول 2001.
اليوم، تصادف الذكرى الـ 19 لغزو العراق بذريعة احتوائه لأسلحة الدمار الشامل، بالتزامن مع تقديم روسيا تقرير من 69 صفحة يضم أدلة ووثائق على تورط الولايات المتحدة في إنشاء وتمويل مختبرات بيولوجية في أوكرانيا، حيث كشفت وزارة الدفاع الروسية عن أنها “وجدت أدلة على عملية تنظيف طارئة قامت بها أوكرانيا، تهدف إلى القضاء على آثار البرنامج العسكري البيولوجي في كييف، والذي تموّله بشكل مباشر وزارة الدفاع الأميركية”، مؤكدة عبر ممثلها الدائم في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، ان هناك مؤامرة من “أوكرانيا والولايات المتحدة لاستخدام الطيور والخفافيش المهاجرة والحشرات لنشر الأمراض في أوروبا”.
هذه المفارقة، التي تحدث على مرأى العالم بأسره، وضعت فيها واشنطن في فقص الاتهام، بعدما كانت تحتل بلداناً وتفقّر أخرى بذرائعها المتعددة. والمختلف هذه المرة، ان المستهدف هو روسيا، الخصم العنيد للولايات المتحدة، والند الدولي لها، وليست العراق أو أفغانستان وسوريا.
الأسلحة البيولوجية الأميركية: 336 مختبراً بيولوجياً في 30 دولة
عام 2019، نشر موقع bgr.news-front.info وثائق حول “نشاط البرنامج العسكري للتجارب البيولوجية في الولايات المتحدة وحول العالم”، مؤكداً ان “العلماء العسكريين يختبرون -تحت غطاء دبلوماسي- فيروسات مصطنعة في مختبرات البنتاغون في 25 دولة من بينها جورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وأرمينيا”.
ويشير التقرير إلى ان “تمويل برنامج المختبرات الحيوية الأمريكي يتم من قبل وكالة DTRA العسكرية، بموجب برنامج تبلغ ميزانيته 2.1 مليار دولار، يشمل برنامج التعاون البيولوجي المشترك مع جورجيا وأوكرانيا وبعض الدول في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا”.
في حين يكشف التقرير عن ان “مركز لوغار في جورجيا يقع على بعد حوالي 17 كم من قاعدة القوات الجوية الأمريكية فازياني في ضواحي تبليسي. يتم تنفيذ البرنامج العسكري هناك من قبل علماء الأحياء في المجموعة الطبية العسكرية الأمريكية في جورجيا (USAMRU-G) والمقاولين من القطاع الخاص بموجب عقد مع DTRA”. مشيراً إلى ان المختبر يتاح فقط للمواطنين الأمريكيين الذين يمكنهم الوصول إلى المعلومات السرية. ويتمتعون بالحصانة الدبلوماسية الممنوحة لهم بموجب الاتفاق الحكومي الدولي بشأن التعاون الدفاعي مع جورجيا الموقع عام 2002″.
وفي نظرة سريعة على ما نشرته السفارة الأميركية في أوكرانيا، حول الأبحاث التي أجرتها يتبين لنا عدد الدول التي تمتلك فيها مصانع بيولوجية وتلك التي أجرت فيها عدداً من التجارب على أمراض انتشرت عالمياً، منها: فحص مسببات الأمراض المنقولة عبر الخفافيش، عينات فيروس التهاب الحنجرة للطيور، التهاب الحنجرة المعدي في مزارع الدواجن، إنفلونزا الطيور من النوع H5 شديد الإمراض ومنخفض الإمراض في الطيور البرية، وجميعها في أوكرانيا.
المصدر: الخنادق