كان يمكنك الذهاب مباشرة لأعلى قائمة بنك اهدافك ، مادمت قد أصبحت قادراً على الرد، لكن يبدو انك تختار توجيه رسائل التحذير أولا..
هذا ما يتضح من طريقة الضربات الحوثية على السعودية، فضرب مطار أبها الذي تم على مرحلتين، بدى انه يصعد تدريجياً دون أن يذهب للخيار الأخير، وقس عليه كل الضربات منذ اطلاق أول صاروخ باتجاه السعودية.
الصواريخ الأولى من اليمن باتجاه السعودية في بداية الحرب، لم تكن برؤوس متفجرة، وكانت اضرارها محدودة.
وبعد إعلان تطوير القدرة الصاروخية، بقيت الاهداف الحيوية بعيدة عن مرماها، وكأن مهمتها فقط تحذيرية، ثم جاء الإعلان عن الطائرات المسيرة، حيث لم تعد السعودية وحدها من تحتكر الأجواء، ولم يكن بنك الاهداف في السعودية بهذه الأهمية او بالاصح لم يعلن عنه، وكذلك لم تؤكد وقتها ضربها لمطارات الإمارات .
حتى جاءت الذكرى الخامسة للحرب، فاعلنت صنعاء عن قدرتها على وصول طائراتها إلى الاهداف الحيوية، حيث وصلت وصورت، ولم تستهدف.
ثم جاء الاستهداف المفاجئ على ارامكو، كمرحلة متأخرة جدا، بعد توقف طويل عن استهداف السعودية، ليعود بعد مواصلة الجرائم الحربية ضد المدنيين الأبرياء من قبل التحالف السعودي .
وكل هذه المراحل المتدرجة، خلال 5 سنوات، مرت دون ان تؤخذ على محمل الجد، بل كان الاستهزاء والاستصغار يلازمها، من قبل السعودية تجاه كل إعلان او خطوة يمنية.
ولحد اللحظة لم تصل الحرب بعد للمدى الأقصى لها، برغم الإعلان عن 300 هدف، فالحرب تنتقل بهدوء من مرحلة الدفاع، إلى مرحلة حق الرد، وضرورة الردع.
وترسل رسائل سياسية بضرورة وقفها، وبدء التفاوض المباشر، ان الحرب هي ايضا حوار سياسي لكن بصوت مرتفع، فهل تسمع السعودية الصوت.
ان المنطقة برمتها تقف على شفرة حادة، يبدو التراجع فيها صعب ومكلف، لكن مواصلة التصعيد أكثر كلفة، وأحيانا في الحروب المجنونة، حين يغيب صوت العقل كليا، فأنت بحاجة إلى ارسال رسالة صوتها بقوة مدفع، ليكون الصد طريقتك لوقف الحرب.
ان دولا نفطية قامت في ليلة وضحاها بسبب وجود الطفرة النفطية، جعلتها من أغنى دول العالم، تحتاج للاستقرار لتنامي هذه الطفرة، او على الاقل تحولها تدريجيا لمصادر اقتصادية أخرى، دون ضربة تعيدها إلى ضروب الصحراء.
ان الأمن السعودي اليوم بيد من يهدده، انه فعليا بيد حركة أنصار الله الحوثية، التي اصبحت هي المهدد الأول للسعودية، وبذات الوقت هي الصديق الأقرب والاحتمال الأقوى لها ان أرادت السلام.
ولا اقتصاد دون امن، والحركة الحوثية التي اتخذت قرارها الحربي الجريء بالرد، والإعلان عن ذلك دون خوف، تعلم تماما انها قادرة على تحمل تكلفة الرد، لكن هل تقدر السعودية ان تم استهداف الأهداف الحيوية.
اننا الان في “الفرصة الأخيرة” لوقف الحرب، مرحلة التحذير بعد انقضاء فترة التهديد، لماذا تذهب السعودية لمزيد من التصعيد مع خصم انتحاري ليس لديه ما يخسره، بينما يمكن للجميع ان يكسب وان تعيد السعودية ماء وجهها واحترامها السياسي في المنطقة، وهي تعرف كيف ان اردات.
وان قررت تفويت الفرصة على أعدائها، لا تفويت الفرصة على نفسها.
*كاتبة يمنية-الرأي اليوم