يستقطب الاستحقاق الرئاسي السوري اهتمام الرأي العام في سائر بلدان المنطقة، بالنظر إلى أهمية سورية وموقعها وثقلها الحاسم في الشرق، ولأن هذا الموعد حلّ في ذروة المجابهة المصيرية، التي تخوضها سورية ضد الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية، التي استهدفتها بإعصار دماء وخراب وتدمير خلال السنوات الماضية. وكانت غزوة التكفير أخطر الأدوات والفصول في سياق ما وُصف بالحرب الكونية، وجلب الكثير من الخراب لبنيان الدولة الوطنية ومؤسساتها ولسائر قطاعات الاقتصاد الوطني السوري ومرافقه الحية المنتجة والمتميزة، التي كلفت أجيالا سورية متعاقبة الكثير من الجهود والمقدرات الوطنية.
أولا: يتطلع السوريون لاختيار القائد بشار الأسد في هذه الانتخابات، وهم يعيشون من سنوات في سياق ملحمة صمود مستمرة بقيادة هذا الرئيس التحّرري المقاوم، الذي حولته سنوات النار والدماء والحصار والخراب رمزا لملحمة صمود أسطورية، تجعل سائر أبناء الشرق والجوار البعيد والقريب لمنطقتنا يحسدون السوريين على رئيسهم، ويتمنون لبلدانهم قادة ورؤساء بصلابته وإخلاصه وبرؤيته وبصيرته وتفانيه وخصاله المشرّفة. ويدرك السوريون بغالبيتهم الساحقة أن الرئيس بشار الأسد، الذي قاد مسيرة الصمود، وقاوم الغزوة الأقسى في أخطر فصولها، هو الجدير بقيادة سورية في نهوضها وتعافيها وتكريس ثمار الصمود في وجه الحرب الاستعمارية الصهيونية الرجعية، وتتويج الانتصار بمنجزات مقبلة في مجال البناء الاقتصادي، وإنهاض سورية بإحياء ثرواتها ومرافقها، التي لحق بها الخراب والدمار.
بعد سنوات حافلة بالدماء والنيران يعي السوريون، في معظمهم، كم كانوا غافلين ومخطئين بحق بلدهم ودولتهم الوطنية وقائدها ومؤسساتها، عندما استجابوا للتحريض المعادي وانساقوا في غفلة وهم وكذب. وهذه الصحوة تؤسس لنهضة سورية عظيمة.
ثانيا: يحق للسوريين أن يفخروا برئيسهم، وينعموا بثمار الصمود والمقاومة بقيادته في أخطر وأدقّ مرحلة اجتازتها بلادهم في تاريخها المعاصر. وهم لذلك سيحوّلون مناسبة الانتخابات الرئاسية إلى يوم يجددون فيه الالتزام بسورية الأبية قلعة التحرر والمقاومة والدولة الوطنية المشعة في محيطها. وقد أكدت سنوات المحنة الدامية أيّ كنز تاريخي ثمين تمثلّه دولتهم القوية ومؤسساتها، وما وفرته لهم تاريخيا من حقوق السكن والعيش والتعليم والعمل والطبابة، التي عايشوا في سنوات النزوح المرة أشقاء يحسدونهم عليها، فاكتشفوا بالتجربة أي نعمة ثمينة ورطهم المخططون والمحرضون في هدرها والتفريط بها. وهذا ما يسمعه الناس من معظم النازحين السوريين.
من بعايش الأشقاء السوريين النازحين، أو يحتكّ بهم يشعر، وبقوة، بمرارة وندم عميقين بعد الذي جرى وانساقوا فيه خلف أوهام وموجات تحريض من الخارج والداخل، وقد أثبتت لهم الأحداث مصداقية رئيسهم وجيشهم ودولتهم.
ثالثا: الانتخابات الرئاسية السورية لا تمثّل، فحسب، استحقاقا وطنيا سوريا يخصّ أشقاءنا ودولة محورية في وطننا العربي والعالم، بل إنه حدث كبير سياسيا وشعبيا، يتعلق بمسار الصراع الكبير على مستقبل المنطقة والعالم بالنظر لما يمثّله الرئيس بشار الأسد، وما يحمله من تطلعات ورؤى حضارية مستقبلية على مستوى سورية والمنطقة برمّتها. وما يحظى به من الثقة الشعبية، ستبرهن عليه نتائج الانتخابات، كما ستكرّسه منجزات السنوات المقبلة بعد إعلان النتائج وتسلّم الرئيس مهامه في ولاية جديدة. ونستطيع أن نقول إن سورية تنظر موعدا جديدا مع مستقبلها المشرق بقيادة الأسد، لتكرّس دورها الطليعي في الشرق والعالم كقلعة للتحرّر والاستقلال، وللتنمية، ولمراكمة القدرات الوطنية الحرّة، وبناء سورية جديدة بعد هذه الحرب المدمِّرة، تليق بأبنائها، الذين لم يبخلوا بأرواحهم في الدفاع عن وطنهم. وسيكون النهوض السوري حاملا لمشروع حضاري، أطلقه الرئيس بشار الأسد قبل الحرب الغادرة وفصولها وسنواتها المرّة. والتاريخ ينتدب الأسد مجددا لمهمة تشكبيك البحار الخمسة، وإقامة الشراكات الواسعة إقليميا على طريق الاستقلال والتنمية وتكافؤ المصالح، ما يكرّس دور سورية المحوري إقليميا ودوليا.
يؤكد لنا الواقع صحة ما نملكه من اليقين حول هذا الأفق بفعل التراكمات، التي تعيشها منطقة المشرق، وما يجري في محيطنا القريب، ويفتح فرصا عديدة وواعدة، تنتظر التعافي السوري لتتبلور بخطوات عملية، خصوصا بعد التقدم الكبير، الذي حققته إيران في معركتها الاستقلالية، وهي الشريكة الأمينة لسورية الأسد في معركة التحرّر والاستقلال، وفي ظل ثبات منظومة المقاومة والصمود، التي تَجمع سورية ولبنان وفلسطين والعراق وإيران واليمن. وبهذا المعنى سيكن النهوض السوري عودة مظفَّرة لمارد مشرقي، سعى المستعمرون والصهاينة لشلّه والتخلص منه بمؤامرة خبيثة ولئيمة، ليسطّر القائد الأسد وشعبه وجيشه مع حلف المقاومة صفحات مجيدة في تاريخ المنطقة والعالم.