بقلم: فوزي حساينية – كاتب جزائري |
في خضم انشغال العالم بوباء كورونا ومحاولة الحد من من تفشيه، في انتظار العثور على الآليات الكفيلة بحصره والقضاء عليه، فاجأت الجزائر ما يُعرف بالمجتمع الدولي بقيامها بتجربة ناجحة لصاروخ باليستي يبلغ مداه أو يتجاوز بقليل 2500 كليومتر، ووسط فرحة عارمة للجزائريين بهذا النجاح العلمي العسكري، تفاجأ الجزائريون بردود أفعال غاضبة خاصة من طرف الدول الغربية، وبدا من ردود الأفعال التي صدرت فور الإعلان عن هذه التجربة وكأن العالم على وشك أن يتعرض لهجوم شامل من خارج الكوكب ! فالجزائر في النهاية بلد عربي وإفريقيي ولايمكن لأوربا والولايات المتحدة أن تقبلا بتطور من هذا النوع…
وفي التفاصيل: ” الجزائر تُجري تجربة ناجحة على صاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس نووية، يبلغ مداه 2500 كليومتر” هذا وقد أشارت مصادر إعلامية جزائرية مطلعة إلى ” أنه قد تم تصنيع جميع أجزاء الصاروخ على المستوى المحلي، وبكفاءات جزائرية ” هذا ما تناقلته وكالا ت الأنباء العالمية ، في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة ، وفي ردود الأفعال التي لم تتأخر كثيرا :
– الولايات المتحدة الأمريكية تُدين بشدة التجربة الصاروخية الباليستية الجزائرية وتدعو إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، مع توالي الأنباء عن اقتراب بعض قطع الأسطول السادس الأمريكي في البحر الأبيض المتوسط من السواحل الجزائرية…
– الإتحاد الأوربي يجتمع بصورة عاجلة ، ويُدين بشدة التجربة الصاروخية الجزائرية ، ويُعلن عن تجميد جميع الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية المُوقعة مع الجزائر.
-الحلف الأطلسي يُعرب عن استعداده لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أعضائه وحلفائه من أي تهديد محتمل،ويُعلن أنَّه سيكون في حالة اجتماع مفتوح….
– إسرائيل تدعو ” المجتمع الدولي” إلى التحرك الفوري لوقف البرنامج الخاص بتطوير الصواريخ الباليستية في الجزائر ، وتؤكد أن ثمة تنسيق بين الجزائريين والإيرانيين والكوريين الشماليين، مع تورط باكستاني غير مستبعد، كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي في اجتماع أمني عاجل : ” أن العالم لن يحتمل وجود كوريا شمالية أو إيران ثانية “..
– بريطانيا تُدين التجربة الجزائرية وتصفها بالعمل المتهور والخرق الفاضح للقانون الدولي،وتؤكد أن ما قامت به الجزائر غير مقبول على الإطلاق وتعلن أنها على اتصال مستمر مع البيت الأبيض.
– فرنسا تدين بشدة التجربة الصاروخية الباليستية الجزائرية، وتُعلن عن الشروع في مشاورات فورية مع البريطانيين والأمريكيين للنظر في هذه التطورات الخطيرة التي تهدد الأمن والسلام في حوض البحر الأبيض المتوسط ! مع بداية ظهور أعمال عدائية ضد الجالية الجزائرية والمغاربية بوجه عام في فرنسا..
– إيطاليا وإسبانيا تدينان التجربة الجزائرية، وتدعوان إلى ضرورة التطبيق الصارم لأحكام القانون الدولي، وصرح وزيرا خارجية البلدين على إثر لقائهما في روما ، أنهما قد اتفقا على تجميد كل أشكال التعاون العسكري والتقني مع الجزائر لحين اتضاح المآل الذي ستؤول إليه التطورات القادمة…
– ألمانيا تعلن عن تجميد كل الصفقات المتعلقة ببيع بعض السفن العسكرية للجزائر، وتعلن الوقف الفوري للتعاون في كل ما يتعلق بالجانب الصناعي.
– أستراليا تدين ما قامت به الجزائر، وتؤكد أن البرنامج الصاروخي الجزائري يهدد أمن وسلامة “إسرائيل” وتعلن استعدادها للمشاركة في أي عمل عسكري لفرض احترام القانون الدولي…
– كندا تُعرب عن قلقها البالغ، وتُعلن على لسان رئيس وزرائها: “..أن الأوضاع في حوض البحر الأبيض المتوسط لاتحتمل أية أزمات إضافية، وأن التعاون الدولي النزيه ضروري لتفادي أية انزلاقات محتملة، لأن المجتمع الدولي لديه مايكفيه من الأزمات “…
-إيران تعلن مساندتها للتجربة الصاروخية الجزائرية، وتؤكد استعدادها لتطوير التعاون العسكري مع الجزائر، وتُدين التحرشات الغربية ضد هذا البلد الشقيق.
– فنزويلا، بوليفيا، كوبا ، تعرب عن تأييدها ومساندتها لجهود الجزائر في تطوير قدراتها الدفاعية، وتنددان بالتهديدات الأمريكية الغربية ضد الجزائر.
– روسيا تعلن أنها تتابع الوضع عن كثب، وأنها لم تسجل أي خرق للقانون الدولي من جانب الجزائريين، وتؤكد على لسان وزير خارجيتها أن أي إجراء يجب أن يمر على مجلس الأمن، وتدعو إلى الحوار، وعن استعدادها للقيام بكل ما يلزم في هذا الصدد….
– الصين تدعو للحوار، وتؤكد على أن الأوضاع الدولية لا تحتمل مزيدا من التوترات والأزمات،وتؤكد على ضرورة الحل السلمي للأزمة….
– كوريا الشمالية ، تعلن عن ترحيبها بالتجربة الصاروخية الجزائرية، وتؤكد أن ذلك حق مطلق للجزائر لحماية نفسها من التهديدات الغربية، مع تصريح لافت للزعيم الكوري الشمالي: ” …أن أي بلد يقع في حوض البحر الأبيض المتوسط وفي مقابلة أوربا المدججة بالأسلحة لابد وأن يكون قادرا على الدفاع عن نفسه، وإلا فإنه سيكون عرضة للعدوان الأوربي الأطلسي في أية لحظة، ومذكرا بالعدوان الوحشي الغادر لحلف شمال الأطلسي على ليبيا سنة 2011، والتي لو توفرت لها الترسانة الصاروخية المناسبة لما تجرأ الأوربيون والأمريكيون على مهاجمتها أبدا “.
– الجامعة العربية، تدعو للحوار، مع تسجيل ردود أفعال مُرحبة في الشارع العربي بالتجربة الصاروخية الجزائرية، خاصة في الشارع الفلسطيني، وقد اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي هشتاغ ” نُحبك يا جزائر “، كما أن الكثير من الصحف العربية تزيَّنت بالراية الجزائرية في لفتة تضامنية، وذكرت العديد من هذه الصحف بالترسانة العسكرية الضخمة التي تتوفر عليها ” إسرائيل ” بما فيها الأسلحة النووية والبيولوجية، ومختلف أنواع المنظومات الصاروخية…متهمة العالم الغربي بالنفاق وازدواجية المعايير، و التواطئ مع ” إسرائيل “…
أما لجهة الصحافة الغربية ، فقد تصدرت التجربة الصاروخية الجزائرية الصفحات الأولى لأكبر الجرائد الدولية مع عناوين مثيرة ، ويحمل بعضها طابعا تحريضيا صارخا ، نيويورك تايمز كتبت تقول:” ماذا وراء التجربة الصاروخية للجيش الجزائري ؟ ” في حين كتبت لوفيغارو الفرنسية ” البحر الأبيض المتوسط لم يعد آمنا ، أوربا في خطر” !في حين كتبت صحيفة ” الصانداي تايمز ” البريطانية متسائلة : ” هل يتوجب على قوى الحرية أن تتقبل وجود إيران ثانية في الشمال الإفريقي !؟ “…
وإزاء ردود الأفعال هذه، صدر تصريح رسمي جزائري، من أهم ما جاء فيه : ” أن ردود الأفعال الصادرة عن الدول الغربية بوجه خاص ردود مبالغ فيها كثيرا،لأن التجربة الصاروخية الجزائرية تندرج ضمن البرنامج العادي الخاص برفع قدرات وكفاءة القوات المسلحة الجزائرية..” وذَّكر التصريح الرسمي الجزائري “..بسبق توقيع الجزائر على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع الانتشار النووي، والتصدي للأسلحة الكيماوية ” وعليه خلص التصريح الجزائري إلى القول : “…أن الجزائر تطور قدراتها العسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية والإرهابية المتصاعدة ، وليس لتهديد أمن الدول والشعوب الأخرى “..
كان هذا الجانب الخاص بأبرز ردود الأفعال الأولية التي صدرت في الأربع والعشرين ساعة التي تلت التجربة الصاروخية الجزائرية الناجحة، الباقي يمكن لكل شخص أن يُكمله بنفسه ولو بصورة تقريبية، إذ أن هناك ما يكفي من الأمثلة التي يمكن أن تساعدنا في بناء تصور واقعي أو أقرب إلى الواقع عما يمكن أن تكون عليه التطورات اللاحقة..
-.ما يحسبه البعض مجرد افتراضات، قد يتحول في أية لحظة إلى كابوس وأمر واقع، إننا نعيش في بيئة دولية خطيرة، وواقع دولي لايرحم علينا أن نستعد، لأن كل السيناريوهات تقريبا واردة، حتى تلك التي تبدو أكثر جموحا وإيغالا في الخيال، لأن الحضارة الغربية كما فعلت مرات عديدة في التاريخ لاتتردد في الذهاب إلى أكثر الحلول تطرفا، بما فيها تلك الحلول التي تتضمن إبادة الخصوم ، ففكرة الإبادة كما قال أحد المفكرين الأوربيين ” كامنة في أصل الحداثة “ ، وكفى بهذا القول شاهدا ودليلا وتحذيرا…