الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

التشاركيّة الصينيّة الروسيّة الايرانيّة والميدان السوري…بقلم محمد الروسان

الرئيس دونالد طرامب – الرئيس الأمريكي، يريد الحوار مع ايران، هل يعتبر هذا مناورة أم استراتيجية جديدة؟ حدث سياسي أم حدث استراتيجي؟ الفرق واضح بينهما، وهل يمكن اعتبار الزحف نحو ايران، تحت بند الحوار تارةً، وفرض العقوبات تارةً أخرى، هو بحث عن دور في المنطقة بالتفاهم مع طهران مثلاً؟ أم هدف الرئيس طرامبو الوصول الى صفقة شاملة مع طهران ليبعدها عن روسيا والصين وتركيا؟.

هو يحاول جاهداً لملمة الأوراق السياسية الخارجية المبعثرة للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن دون جدوى أو أي تفاعل وفعل في محاولته هذه، وخاصة اتجاه ايران وضرورة الحوار معها كونها دولة الجميع ودولة الضرورة في محيطها، حتّى وان لم تعجبك سياستها، وحاول توظيف سلطنة عمان في ذلك وأخفق، وما تصريح وزير الخارجية الأيراني جواد ظريف الاّ دليل على ذلك: لا رسائل أمريكية لأيران عبر سلطنة عمان، اذاً هل ثمة رسائل جاءت عبر الكوري الشمالي؟. ويمارس الرئيس طرامبو دبلوماسية الصفقات الخارجية للتعويض عن تراجع الهيمنة الأمريكية، حيث الحمائية الأقتصادية الأمريكية المعولمة مع الحلفاء والخصوم والأعداء، أربكت الأسواق الدولية، وهو مارس سياسات خارجية وما زال، قادت وتقود الى انقسام في مراكز صنع القرار في الداخل الأمريكي، وخاصةً في الدولة العميقة، طرامبو صعّد وهدّد مع كوريا الشمالية وفرض عقوبات ثم جلس مع رئيسها في سنغافورة ولم يحدث خرقاً يذكر في الملف النووي والبرنامج الصاروخي البالستي الكوري الشمالي، وكذلك الحال مع ايران، وها هو ينادي صبح مساء لحوار معها دون شروط مسبقة، ولكن دون جدوى تذكر، ولا تجاوب لا سرّاً ولا علناً حتّى اللحظة، والموقف والشروط الأيرانية معروفة لتحقيق ذلك، وكان وزير الخارجية الكوري الشمالي قد زار طهران في حينه، متضامن معها في مواجهة السياسة الأمريكية نحوها، فهل ثمة رسائل على طول خطوط العلاقات الكورية الشمالية الأيرانية بالأطار العسكري والنووي؟ وهل هناك رسائل أمريكية لأيران عبر الكوري الشمالي مثلاً للتفاهم على المنطقة، بعد أن تكاد المؤامرة على سورية تضع أوزارها؟.

يعتقد أنّ الأرتباك في السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس طرامبو مرده الى مشاكله الداخلية، وبالتالي يهرب الى الأمام للأشتباك في ملفات الخارج الخلافية مع الخصوم والحلفاء، وهو ينكفئ لاحقاً للداخل والأهتمام بشؤونه، كونه يسعى جاهداً الى أن ينتخب لولاية ثانية، فهل سيسمح البلدربيرغ الأمريكي في ذلك؟. نخب منظومات كارتلات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تشعر أنّه ثمة سلال مخاطر تحدق وتحيط بها من كل جانب، بسبب هندسة متغيرات دولية وإقليمية ومحلية قادها ويقودها الرئيس دونالد ترامب، لذلك تم تفعيل بعض الرؤى الفوق الإستراتيجية عبر مجتمع أدواتها في الكونغرس الأمريكي لوضع الرئيس تحديداً ثم الدائرة المحيطة به تحت وصايته(أي الكونغرس)، واستطاعت عبر مسارات تم خلقها وتخليقها تشريعيّاً في فرض مزيد من العقوبات على كل من كوريا الشمالية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والفدرالية الروسية عبر قانون خاص قيّد الرئيس ترامب وإدارته والدائرة الضيقة المحيطة به. واضح أنّ الدولة العميقة في واشنطن، تعتبر ترامب طارئاً عليها ومؤقتاً، وبأنّها من القوّة بمكان بحيث تحجمه أو ربما تعمل على عرقلته وعدم انتخابه مرةً ثانيةً كما هو يرغب شخصيّا وقد تنهي ولايته، ومشكلة الرئيس ترامب أنّ جمهوره الانتخابي من الطبقة ذات الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وجزء كبير من الريف، ومن أصحاب الوظائف المتوسطة وهذا نفس جمهور أودلف هتلر، مع فارق عن أودلف هتلر أنّ الرأسمالية كانت مع هتلر انتخابياً، وفي حالة ترامب المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي هو مع البنتاغون والكونغرس، أي أنّ نسبة الشارع مع ترامب كل نسبة رأس المال مع خصومه، وخصوم الرئيس ترامب يعتبرون أنّ العداء لروسيا هو ماكينة تشغيل الجيش عالمياً، كون الاقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب قائم على الحروب، قطعاً وفصلاً الرئيس ترامب ليس ضد هذا، ولكنه مع محاولة توريط روسيّا لتقاسم العالم وابعادها عن الصين لمنافسة أو ضرب أو إضعاف الصين، عبر حروب الوكالة القادمة في بحر الصين الجنوبي. الرئيس ترامب تواجهه مشكلة أوروبا التي ضاقت ذرعاً بالضغط الأمريكي، وان كانت أوروبا هي مؤسسة العداء لروسيّا، لكنها غير قادرة على فك الهدنة مع موسكو لأسباب منها ملف الطاقة وتشعباته ومسارات أنابيبه عبر الفالقة السورية وغيرها، وفي نفس الوقت وذاته غير قادرة على الخروج من طاعة شريكها التجاري المالي الأمريكي، وما نتيجة حاصل السنوات الست الماضية تحديداً، أنّ الخاسر من مقاطعة روسيّا هي أوروبا، لا بل أن تجربة العقوبات السابقة على روسيّا، دفعت موسكو إلى شكل ما من الانسحاب نحو دواخلها الجغرافية والمناخية، أي تحريك وتطوير الصناعة والزراعة والتجارة والاستثمارات في الداخل، مما أفقد أوروبا سوقاً هائلة جداً، قادت بشكل أو بآخر إلى خروج بريطاني من الاتحاد الأوروبي، بعد أنّ أدّت لندن دورها كحصان طروادة في داخل الاتحاد الأوروبي للسيّد الأمريكي والسيّد الصهيوني. من ناحية أخرى، الولايات المتحدة الأمريكية وان كان اقتصادها قائم على الحروب، إلاّ أنّ جلّ اقتصادها متخارجاً، وخاصةً أنّ الشركات الأمريكية التي خرجت إلى الصين والهند وغيرها ليس سهلاً كان الحال عليها، لأنّ تخفيض الضرائب عليها كما يزعم الرئيس ترامب لا يوازي أو يغطي أرباحها من تدني الأجور العاملة في الخارج الأمريكي، بالمقارنة نجد رأس المال ليس متحمساً للمقاطعة، وان كان رأس المال الأمريكي دفع ترامب إلى فرض ضرائب على منتجات الشركات الأمريكية التي غادرت إلى الخارج لدفعها إلى العودة ولكنه فشل في ذلك، فلجأ الى التهديد بقانون جاستا الأمريكي بحق الرياض وقطر وغيرهما من مملكات القلق العربي على الخليج(الأمارات يتم الآن وضعها على مشرحة قانون جاستا المعولم، وما تدخل الأمريكي بشكل مباشر في جنوب اليمن العربي، الاّ دليل فشل السعودي والأماراتي نفسه في عدوانهم الدموي على اليمن العروبي، وتشكل مجازر ما يسمى بالتحالف الأرهابي الذي تقوده السعودية على المدنيين في اليمن، هندسة توهان وانحرافات نفسية وكبر وغرور ومراهقة عسكرية وسياسية للسعودي، وباعتباره قفّاز قذر بيد الأمريكي والأسرائيلي في عدوانهم على اليمن، فأين ايران في تلك المجازر يا عربان؟ ولماذا هذا الصمت العربي الرسمي والشعبي المخجل والمعيب للعرب؟ أكلّه بسبب المال السحت يا دول وساحات العرب والذي تشتريه بكم السعودية؟ وتبّاً لكم يا أصحاب الفكر البنطلوني المنحرف، فنال ما نال من الرياض وقطر، في حين أبو ظبي تدفع بصمت وأكثر مما يتصور البعض، وعلى جلّ دول الخليج أن تساهم في تنفيذ برنامج الرئيس ترامب في الداخل الأمريكي مقابل حمايتها. والرئيس ترامب يا سادة ليس أصيلاً في الحزب الجمهوري وهو حزب عدواني بامتياز، أكثر من الحزب الديمقراطي وكارتلات كوادره، وقياداته من المحافظين الجدد والتروتسك الذين يؤمنون بالحروب الدائمة كماكينة حياة رأس المال، والملفت أنّ سلّة العقوبات الأمريكية، هذه والتي تم تشريعها بقانون صادق عليه الرئيس الأمريكي، لا تستهدف في الواقع فقط تلك الدول، وإنما تمتد لتشمل كل سلال الاستثمارات الأوروبية والاستثمارات الصينية وتدميرها، وليقود ذلك إلى حالة من القطع والفصل بين هذه العواصم وعواصم الدول المستهدفة، لوقف سياسات التعاون والتنمية التي يقودها ترامب مع الفدرالية الروسية والصين وأوروبا، والعودة حبّاً لا كرهاً إلى نظرية وولفويتز في هندسة المشاهد في(المواجهة والسيطرة)والتي تم البدء بتنفيذها مطلع تسعينيات القرن الماضي.

انّ قانون فرض العقوبات التي أقرّت في الكونغرس الأمريكي له حجم تداعيات كبيرة، إن لجهة العلاقات الأمريكية الروسية، وان لجهة العلاقات الأمريكية الأوروبية، وان لجهة العلاقات الأمريكية الصينية، حيث بدا واضحاً الموقف الألماني الرافض لها ويعارضها بشدّة لشمولها مشاريع تنفذها مؤسسات ألمانية وأوروبية وصينية مع موسكو. لقد تم نسج الكثير والكبير من التهم للرئيس ترامب على أنّه متواطئ مع موسكو، لا بل ومنبطح وبمثابة العميل والقاتل المستأجر للفدرالية الروسية في البيت الأبيض، من قبل رموز المحافظين الجدد والصقور في الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وفي مجتمع المخابرات الأمريكي، ثم جاءت اتصالاته مع الرئيس الأوكراني، فوجدنا أنّ الرئيس الأمريكي صار مستعداً لفعل أي شيء لينفي عنه تلك التهم التي تم هندستها في استخبارات البنتاغون ومجلس الأمن القومي الأمريكي، وباقي وكالات المخابرات الأمريكية بدفع من رموز المحافظين الجدد وصقور الحزبين الجمهوري الحاكم والديمقراطي المعارض ضمن كذبة اللعبة الأمريكية.

لقد دخل الرئيس ترامب في صراع مفتوح مع كارتلات الحزب الجمهوري وكارتلات الحزب الديمقراطي، واتفق الحزبان على تقييد السياسة الخارجية للرئيس ترامب والحفاظ على امتيازاتهم العظيمة والكثيرة والمتعددة، عبر الشركات المتعددة الجنسيات وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، ونلحظ تساوقات لوزير الخارجية الأمريكية مايك بوميو معهم في ذلك، حتى يبعد عنه أي تهم لترامب من شأنها أن تقود الى شطبه واقالته، وحتّى لا يتعرض لنفس مصير زميله وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وقد يصار إلى إقالته لمايك بوميو هذا ويلحق بريكس تيلرسون لاحقاً، حيث نلحظ صعودات واهتمامات متفاقمة لنيكي هيلي، وهي عضو مؤسس في الحركة الصهيونية المسيحية، كل ذلك عندما تنضج لحظة محاسبة الرئيس ترامب وقد تصل إلى عزله أو دفعه لتقديم استقالته(أي الرئيس ترامب). ونلحظ أنّ الانجليزي الخبيث(سرّاً)والإسرائيلي الصهيوني(علناً)، دعما كل ما جرى ويجري داخل الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي فرض نص قانون أمريكي ليس فقط بأثر على الداخل الأمريكي، لا بل على جميع دول العالم، وعلى هذه الدول احترام هذا الحظر التجاري والذي صار أممي على المجتمع الدولي.

بعبارة أخرى العقوبات الأمريكية الأخيرة تطبق على الاتحاد الأوروبي والصين بجانب الدول المستهدفة وعلى كل دولة في العالم أيضاً. والأمر الملفت(مضحك ومحزن)في نفس الوقت، أّنّه ثمة نص قانوني نصّ في قانون العقوبات الأخير بشكل واضح: على الجهاز التنفيذي للإدارة الأمريكية منع تخفيف هذه العقوبات بأي شكل من الأشكال، وهذا يعني ويقود إلى تكبيل وتقييد يدين وقدمين الرئيس ترامب في ممارسة صلاحياته التقديرية والمنصوص عليها في الدستور الاتحادي الأمريكي. كارتلات الحكم في البلدربيرغ الأمريكي تريد كسر عقيدة الرئيس ترامب والمتمثلة: (ينبغي على أمريكا أن تتقدم بوتيرة أسرع من الآخرين للحفاظ على الزعامة العالمية)، وهم يريدون عكس ذلك تماماً، عبر إعادة رسم وترسيم نظرية وولفويتز في بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي والقائلة: (ينبغي على واشنطن أن تحافظ على أسبقيتها على بقية دول العالم وإبطاء أي منافس محتمل لها)وفي بدايات التسعينيات من القرن الماضي الذي كان المنافس المحتمل هو الإتحاد الأوروبي وما زال، والذي على واشنطن وحتّى اللحظة تدميره سياسيّاً واقتصاديّاً، وأحسب وأعتقد أنّ قانون العقوبات الأخير يساهم وبقوّة في الهدف الفوق استراتيجي للعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي. كما نرى أنّ نص قانون العقوبات الأمريكي الأخير يدعو وبعمق إلى إعادة النظر ومن جديد وبشكل كليّ بكافة إجراءات الرئيس ترامب المتخذة منذ أن تولّى مسؤولياته الدستورية في أمريكا، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والعلاقات مع منظمات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعات الأخوان المسلمون وتنظيمهم الدولي ومع كافة المنظمات الجهادية وفي العلاقات مع حزب التحرير الإسلامي في دول أسيا الوسطى، لضرب المجال الحيوي للفدرالية الروسية، والعمل على هندسة ظروف التغيير لاستقلال دونباس روسيا الصغرى وإعادة بناء طريق الحرير. عبر قانون العقوبات الأمريكي هذا، قضت كارتلات الحكم في البلدربيرغ الأمريكي على أي أمل في النمو داخل الاتحاد الأوروبي، لذلك وجدنا فقط الصوت الألماني هو الأعلى والرافض لهذا القانون، كون المخابرات الألمانية تعي أنّ اقتصاد بلادها وهو الأقوى أوروبياً هو المستهدف بالدرجة الأولى، كما هي مستهدفة العلاقات الفرنسية الألمانية من جديد بعد قدوم اليمين المتوحش الفرنسي عبر الرئيس ماكرون، حيث يحاول الأخير أن يظهر أنّه على خلافات مع سياسات واشنطن الخارجية لجلّ أوروبا والعالم، في حين هو في الواقع يؤدي دوراً مرسوماً محدداً له من قبل جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي من حيث يدري ولا يدري. والأمر المستغرب والغريب أنّ الرئيس ترامب بالنسبة للقارة العجوز أوروبا هو: متقلب الأطوار ورجل زئبقي بامتياز، ومع ذلك لم تعترف في واقع الأمر والحال أوروبا أنّه أفضل حليف لها، ولاحظ الجميع الحضور الأوروبي الملفت للنظر في كواليس المشهد الأيراني والرافض للعقوبات الأمريكية على ايران، حيث أرى في هذا الحظور الأوروبي بمثابة رسائل عميقة للدولة العميقة في واشنطن ولقانونها الأخير المقر في الكونغرس، والرفض لأي قرار أمريكي، على الاتفاق النووي مع إيران، حيث ترامب يسعى الى خلق اتفاق جديد مع ايران، يكون في قلبه اتفاق سياسي وعسكري ونووي آخر، من حيث ادخال موضوع الصواريخ البالستية، ودعم حزب الله وأنصار الله وحماس والجهاد الأسلامي…الخ، ومسألة الموقف من الكيان الصهيوني، وجاء الرد سريعاً من ايران برفض ذلك، مع رفض الحوار مع فرض العقوبات والانسحاب الأحادي من الأتفاق النووي.

انّ الشركات التي استثمرت في مسارات الحلول الاقتصادية التي اتخذتها المفوضيّة الأوروبية، بتزويد الاتحاد بالطاقة، مصيرها الانهيار بعد عمليات إخراجها في مضاعفة عمل خط أنابيب نورث ستريم، والذي تم حظره من الكونغرس الأمريكي مؤخراً عبر قانون العقوبات الأخير الذي استهدف كل من طهران وموسكو وكوريا الشمالية. وعطفاً على أساس ما تم ذكره أنفاً، انّ هذه الشركات فقدت حقها في المنافسة في المناقصات المعلنة في الولايات المتحدة الأمريكية وفقدت كل أصولها المالية هناك، وتم منعها من الوصول إلى جلّ البنوك الدولية كمنظومة أممية مالية مقرضة ومموّلة، كما تعذّر تمكنها من مواصلة أنشطتها خارج الاتحاد الأوروبي. أوروبا العجوز كلّها لديها فوبيا من خطورة ذهاب المشرّعيين الأميركيين لنشر سلطتهم القضائية خارج حدودهم، حيث بواسطة سلّة عقوباتهم الأخيرة على موسكو وبكين وكوريا الشمالية وطهران وضعوا الاتحاد الأوروبي أمام الأمر الواقع وأمام خيارين اثنين فقط: امّا الانصياع لها بما فيه من كلف اقتصادية وسياسية ومالية على جلّ دول أوروبا، أو الرفض لها بما فيه من كلف جمّة ستنزل على عنق أوروبا وعلى دفعات عبر المقصلة الأمريكية، خاصةً وأنّ جلّ الإستراتيجية البلدربيرغيّة الأمريكية تتمثل في تدمير الأتحاد الأوروبي وإبعاد موسكو عن الصين لأضعافهما واحتواء كوريا الشمالية، وإضعاف جلّ دول البريكس، ومنع بكين من طرح سندات الدين الأمريكي في السوق السوداء، كون الصين أكثر دولة في العالم شراءً لسندات الدين الأمريكي، لرغبة في الصين من استمرار تفاهمات تخادم المصالح المالية غير المعلنة على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينيّة بمعناها الاستراتيجي.

أحسب وأعتقد، انّ مستقبل العالم يتقرر ضمن عقيدتين اثنتين: امّا علاقات تسودها المواجهة والهيمنة أو بالتعاون والتنمية في ظل فرض عالم متعدد الأقطاب، بسبب الفعل الروسي والصيني وجلّ دول البريكس وعلى رأسها الهند وعبر الفالقة السورية ومسارات خطوط أنابيب النفط والغاز. ومن هنا نجد أنّ الهند تقوم بدور متزايد من القوّة لتحقيق الاستقرار غرب أسيا، لذلك وعبر زيارات مختلفة معلنة وغير معلنة من المؤسسات الهندية التشريعية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية، تنفذ الآن اتفاق زيادة تحسين مستوى المحادثات في المجال الأمني والعسكري والاقتصادي مع دمشق حيث سيكون للهند أدوار كبيرة في إعادة الأعمار في سورية بجانب الصين وروسيّا وإيران(وقد تكون أدوار للقطاع الخاص التركي في إعادة الأعمار عبر العلاقات مع إيران وروسيّا) بعد الخروج التركي الأحتلالي من الشمال السوري وانهاء ملف ادلب، وإخراج أداتهم الإرهابية المسمّاة بدرع الفرات، حيث جلّها من جبهة النصرة الإرهابية وحركة نور الدين زنكي وأشرار الشام وبقايا الحر وجلّ الزومبيات الإرهابية التركية وغير التركية المعروفة للعامة وللسذّج قبل الخاصة والعارفين. نعم لم تعد سورية معزولة وليس هناك صداقة في الجغرافيا السياسية وحتى لا عداوة فيها، ودائماً وأبداً لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق. روسيّا هي من تقوم بالأعمال العسكرية الشاقة في سورية وتحمل بذكاء المسؤولية السياسية، في حين أنّ الصينيين والهنود قد يستمتعون بالنتائج، فالصين والهند تملكان شيء لا تملكه موسكو يتمثل في مليارات الدولارات من الاستثمارات، وهما معا لهما القدرة على جذب كل من إيران وتركيا في إعادة اعمار سورية، ويجب على روسيّا التي تملك القوّة الصلبة أن لا تضع كل البيض في سلّة واحدة في سورية، فثمة مشاريع اقتصادية ذات منفعة متبادلة على طول خطوط العلاقات السورية الروسية. ومرةً ثانيةً نقول ونشير إلى أنّ: الصين تملك القوّة الناعمة(الاستثمارات ومعها الهند)وروسيّا لديها القوّة العسكرية والأستخباراتية الصلبة، وبالتالي جلّ المسألة والمعادلة أنّها مسألة ومعادلة تكامل شامل، وليست مسألة ومعادلة تنافس أو حتى صراع. وفي شبه الجزيرة الكورية، نجد أنّ بكين تحتاج إلى موسكو لضبط سلوك كوريا الشمالية لجهة تجاربها النووية وبرنامج الصاروخ الباليستي، والأمريكان بحاجة إلى الروس أيضاً في هذه الموضوعة وكذلك اليابان، في حين نجد أنّ الصيني والروسي من جهة أخرى، يوظف ويستثمر في الكوري الشمالي في ملفات خلافاتهما الدولية مع اليانكي الأمريكي، إن في أوكرانيا، وان في سورية، وان في بحر الصين الجنوبي، وان في إيران، وان في العراق. كما يوظف الروسي الملف الكوري ويساعده الصيني مع الياباني في جزر الكورال الروسية، وهنا جاء تعين الرئيس فلادمير بوتين للسفير الروسي في اليابان والذي يتقن اللغة اليابانية قبل ثلاث سنوات، كمديراً للكرملين في سياقات الرؤية الروسية والتوظيفات للملف الكوري الشمالي مع اليابان إزاء جزر الكورال المتنازع عليها(هناك تم توطين الكثير من السكّان الروس فيها ضمن إستراتيجية مليء الفراغ الديمغرافي)، خاصةً مع وجود كوادر استخباراتية وسياسية روسية متعمقة بالثقافات، إن في اليابان، وان في كوريا الشمالية، وان في كوريا الجنوبية. فالصين مؤخراً حذّرت كوريا الجنوبية من نشرها للدرع الصاروخي الأمريكي الثاد، ولمنظومات دفاع جوي أمريكية متطورة، ذات مدى يشمل الصين ومجالاتها الحيوية، وراداراتها في غاية التطور(منظومات ساب)، من شأنها أن تضر بالتوازن الاستراتيجي الأقل يمي في شبه الجزيرة الكورية وفي جلّ أسيا وبالتالي في الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. انّ أي تفاقم للانتشار العسكري الصيني في سورية مرهوناً ومربوطاً بسرعة انتشار القوّات الأمريكية في بحر الصين الجنوبي واستفزازات حلفاء واشنطن في المنطقة تلك، من خلال هذه المسألة جاءت المناورات العسكرية المشتركة الصينيّة الروسيّة الايرانية في المحيط الهندي وبحر عمان، لترسل الرسائل المشفّرة وغير المشفّرة لليانكي الأمريكي في زمن تعثر مشروعات البلدربيرغ في سورية والمنطقة الشرق الأوسطية، بسبب الصمود السوري الأسطوري للجيش العربي السوري العقائدي ومؤسسات الدولة الوطنية السورية، وثبات الرئيس البشّار بشّار الأسد، وتماسك القطاع العام السوري بمساعدة حثيثة من الروس والإيرانيين وحزب الله والكثير من الحلفاء والأصدقاء. وهناك مناورات عسكرية مشتركة أخرى مقررة في بحر الصين الجنوبي بعد مناورات روسيّة سابقة لها في البحر الأسود، شارك فيها أكثر من 120 ألف جندي روسي وبالذخيرة الحيّة، وكان للمسألة السورية الدور الكبير في جعل التقارب الصيني الروسي عميق ورأسي وعرضي، بحيث تم تظهير هذا التقارب، إن لجهة القرارات المشتركة باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح دمشق، وان لجهة الانخراط الروسي المباشر في الحرب السورية، يتبعها الآن ومنذ أشهر انخراطات تمهيدية وتحضيرات صينية عسكرية مباشرة صامتة وغير صامتة في الحدث السوري. فالمناورات المشتركة في بحر الصين الجنوبي، من شأنها أن تعمل على تعزيز امكانيات الأساطيل الروسيّة والصينية، في مكافحة تهديدات مختلفة وأية حروب بالوكالة نحوهما، عبر فيتنام والفلبين، واليابان وتايوان، كذلك تقود إلى تحسين العمل المشترك بين البحّارة الروس والصينيين، وتوطيد التعاون العسكري المشترك بين البلدين. فمياه بحر الصين الجنوبي وجزر باراسيل وسبراتلي والمياه المحيطة بهما تحتوي على احتياطيات من الموارد الطبيعية، ولم تخضع تلك المنطقة لأستكشافات مفصّلة، حيث تتنازع السيادة والحقوق مجموعة من الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي كل من: الصين، الفلبين، بروناي، ماليزيا، فيتنام، وتايوان، وكما يعد بحر الصين الجنوبي طريقاً ملاحيّاً ويزخر بثروة سمكية هائلة تقتات عليها شعوب الدول المشاطئة له. انّ نواة الدولة الفدرالية الروسيّة ترى في سيطرة الصين على جزر بحر الصين الجنوبي، وخروجها من نفوذ السيطرة الأمريكية، هو في صميم مصالحها ومجالاتها الحيوية، ومصلحة روسيّا تكمن في تأسيس الصين للبنى التحتية العسكرية وغيرها، في بحر الصين الجنوبي(في جزر باراسيل وسبراتلي)من شأنه أن يحمي مصالح موسكو المتمثلة في مواجهة التمدد العسكري البحري لأمريكا، وسيردع المنظومات الصاروخية الأمريكية التي تهددها، وسيحد من حرية دوريات السفن البحرية الأمريكية وسيحول دون فرض هيمنتها في هذا الجزء من العالم. التشاركية الصينية الروسية امتدت وعلى أرض الميدان السوري وفي الفضاء الجوي السوري، إلى اسنادات في الحروب السيبرانية(سلّة سايبر – حروب الكترونية)متكاملة تتموضع في المعلومات التالية: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية “إيل-20″ و” تو214-ر” بجانب طائرات استطلاع صينية متقدمة، لا يمكن إلا أن تثير نواة البنتاغون الحربي الأمريكي، هذا وقد استخدمت الفدرالية الروسيّة والصين بعض هذه الطائرات في مجموعتها الجوية في سورية، وقد اعتبر البنتاغون ومجمع الصناعات الحربية الأمريكية ذلك بمثابة تهديد خطير بالنسبة للقيادة السبرانية الأمريكي، كل ذلك كان نتيجةً لسلّة الاستثمارات الضخمة التي أقرّها الرئيس الروسي فلادمير بويتين منذ سنوات، بجانب استثمارات عسكرية صينية حديثة تسند الروسي في مهمته الشاقة في سورية، بالتفاهم مع المجمّع الصناعي العسكري الروسي والصيني، حيث وظفتها موسكو في برنامج التحديث العسكري وأعطت نتائجها الملموسة الآن، وكذلك الحال بالنسبة للصين. إن مشكلة البنتاغون العسكري الأمريكي، لا بل مشكلة المخابرات والاستخبارات الأمريكية كلّها، تكمن بقلّة معلوماتهم ذات الأثر والأهمية عن الروس والصينيين أحياناً، كما تتموضع المشكلة في عدم الدقة في المعلومات أيضاً أحياناً كثيرة، بسبب المعلومات المسرّبة قصداً من مجتمع الاستخبارات الروسيّة والصينية عبر عملاء مزدوجين في شبكات عنكبوتية معقدة التركيب. كما تنظر العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وحلفائها الغربيين إلى القوات المسلّحة الروسية، ” كجيش لدولة تعاني من انحطاط طويل الأمد، ولكن الولايات المتحدة وأوروبا كلّها لا يمكنهما إلا أن تحسدان نتائج برنامج التحديث العسكري الروسي من تحديث وتطوير ترسانة الأسلحة التقليدية، وخاصة وسائل الاستطلاع الإلكترونية ونظم التشويش الإلكتروني وبمساعدة صينية، ومن بين هذه الوسائل والنظم يمكن ذكر طائرة الاستطلاع الروسية “إيل-20″ التي استخدمت في سورية، حيث هذه الطائرة مزودة برادارات مسح جانبي وأجهزة استشعار بصرية، وماسحات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء ونظام اتصالات فضائية لتبادل البيانات والمعلومات، ومن الممكن استخدام هذه الطائرات في عمليات الاعتراض الإلكتروني ومسح وتسجيل اتصالات الخصم وهو ما يسمح بتحديد مكان تمركز قوات الخصم، وبجانب طائرة الاستطلاع الأخرى التي ظهرت داخل المجموعة الجوية الروسية في سوريا، فتسمى ” بالطائرة التي ترى كل شيء” والحديث هنا عن طائرة الاستطلاع المتكامل ” تو214-ر”، حيث تحمل هذه الطائرة نظم الاستطلاع الإلكترونيELINT والتجسس الإشعاعي التقني SIGINT التي يمكن بمساعدتها اعتراض والتقاط الإشارات من أجهزة الاتصالات المحمولة، ومن الطائرات والمركبات العسكرية، وهو ما يسمح بتحديد مكان الخصم وعدد أفراده وقوته ووسائل الاتصال التي يستخدمها أيضاً. كل ذلك دفع قادة وكوادر القيادة السبرانية الأمريكية، إلى القول وبحزن وحسرة وحسد وحقد: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية تشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وهي تتطور بوتيرة سريعة لا يمكن متابعتها، وزاد الامر تعقيداً دخول طائرات استطلاع صينية متقدمة تعمل ضمن العباءة الروسية في سورية، وفي اطار الأندفاعة الأستراتيجية الروسية في الداخل السوري. العواصم الأمريكية والروسية والصينية وحلفائهم يتبنون مواقفاً متعارضة إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة وغير الساخنة، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط وشبه القارة الهنديّة، والتوجهات الأمريكية الهادفة إلى عسكرة العالم، إضافة إلى بعض بنود التجارة العالمية، وقضايا حماية البيئة وحقوق الإنسان وأمن المعلومات واستخدامات هذه التقنيات، إن لجهة الأضرار بالآخرين سواءً على مستوى الدولة أو الأفراد أو الشخصيات الحكمية أو الاعتبارية(وهذا هدف أمريكا وحلفائها)، وان لجهة المساعدة والعمل الإيجابي لما يفيد الآخر سواءً كان دولة أو فرد أو شخصية اعتبارية أو حكمية(وهذا هدف موسكو والصين وحلفائهما). بعبارة أخرى، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية(كمحور)، تسعى إلى استخدام الحرب الإلكترونية ونظام أمن المعلومات إلى التجسس الشامل على عمل الدول التي تشكل المحور الخصم الآخر والمتمثل في: روسيّا والصين وإيران وجلّ دول البريكس والحلفاء في المنطقة، والأضرار العميق بها عبر حروب السايبر المختلفة. وفي الوقت ذاته نجد أنّ موسكو وبكين وإيران وباقي دول البريكس تستخدم تقنيات السايبر وأمن المعلومات، من أجل مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس والتجسس المضاد، ومنع الجريمة المنظمة بمفهومها الواسع، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وجرائم غسيل الأموال… الخ، بعكس المحور الغربي الأمريكي الآخر الذي يعمل جاهداً على تعميق الحروب والإرهاب، وشيوع الجرائم على أنواعها، فقط من أجل الحفاظ على طريقة ورفاهية حياة الأمريكي والغربي، وتسخير الشرقي والآخر لخدمته ورعايته، بدون أي وازع إنساني أو أخلاقي. لا بل وتتحدث المعلومات، أنّ واشنطن وحلفائها يسعون إلى تعميم إنشاء مراكز أمن المعلومات في ساحات حلفائها من بعض العرب الذين يدورون في فلكها، إمّا عبر القطاع الخاص كاستثمارات أو عبر القطاع العام الحكومي كمنح متحولة إلى مراكز سايبر، كل ذلك عبر الشركات الغربية المتعددة الجنسيات واستغلال تداعيات العولمة، ليصار لوضع كافة الحلفاء والخصوم تحت المراقبة والتجسس، وهنا نلحظ دوراً اسرائيليّاً صهيونيّا جليّاً تماماً كالشمس في رابعة النهار في التشاركية الكاملة مع الأمريكان في منحنيات وكواليس حروب السايبر وأمن المعلومات. تتحدث المعلومات، أنّ هناك استراتيجيات السايبر الأستخبارية، يجري تنفيذها بثبات وهدوء، عبر تعاون وثيق جاري على قدم وساق، بين أجهزة مخابراتية من مجتمع الاستخبارات الدولية وعلى رأسها الأمريكان من جهة، وأجهزة مخابراتية من مجتمع المخابرات الإقليمية وعلى رأسها المخابرات الإسرائيلية بينها أجهزة مخابراتية عربية من جهة أخرى، تستهدف المحور الخصم الآخر في العالم والساعي الى عالم متعدد الأقطاب وعلى رأسه الفدرالية الروسية والصين ودول البريكس، عبر استهداف أنظمة وشبكات الحاسوب، من خلال ضخ ملايين الفيروسات الرقمية، والتي من شأنها، تعطيل عمل أجهزة الحاسوب الخاصة، بالبرامج النووية السلميّة لهذه الدول الخصم، كما يتم استهداف أنظمة الطيران المدني والعسكري، من خلال تقنيات الوحدات الخاصة، بموجات الحرب الالكترونية، إن لجهة الطائرات المدنية، وان لجهة الطائرات العسكرية، كما يتم استهداف الأنظمة المحددة، بترسانات الصواريخ الإستراتيجية، مع استهدافات للعقول البشرية، واستهدافات للخبراء النوويين، والفنيين ذوي المهارات العالية، من علماء دول الخصم لأمريكا وحلفائها. وفي المعلومات الأستخباراتية أيضاً، تشهد منطقة الشرق الأوسط الآن، موجات من حرب الكترونية حسّاسة، وذات نطاقات شاسعة، حيث تم وضع إستراتيجية هذه الحرب الالكترونية، وأدوات نفاذها مع إطلاق فعالياتها، عبر تعاون وثيق بين المجمع الأمني الفدرالي الأمريكي، جهاز الأف بي أي، وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جهاز المخابرات البريطاني الخارجي وبالتعاون مع جهاز المخابرات القطري وأجهزة مخابراتية عربية أخرى ومع جهاز الموساد الإسرائيلي(الآن عارض الأزياء المخابراتية يوسي كوهين حبيب البعض العربي رئيساً له حيث نرى ثمة تنافس خليجي على حبه). فهناك قيادة مخابراتية خاصة، لإدارة عمليات الهواتف النقّالة، شاهدنا فعاليات ذلك في الحدث السياسي الليبي وما زالت، وصراعه مع ذاته، عبر عمليات تعبئة سلبية، وشحن خارجي، كما يتم إنفاذ ذلك الآن، على مجمل الحدث السياسي السوري، مع استخدامات أخرى، لجهة فعاليات ميدان التحرير في مصر لاحقاً. هذا وقد أشرفت المخابرات الأمريكية والأسرائلية، وبعض المخابرات الأوروبية، وبعض المخابرات العربية كملحقات للأمريكي والغربي، وبالتعاون مع أجهزة مخابرات حلف الناتو،على فعاليات ومفاعيل، قيادة عمليات الهواتف النقّالة، خلال فترة الصراع الليبي – الليبي وما زالت، كذلك تشرف مخابرات قطر كجزء من قيادة السايبر الأمريكية في قاعدة العيديد القطرية، بالتعاون مع وحدة السايبر في الأستخبارات السعودية، وبنفس الأسلوب والنفس، لجهة ملف فعاليات الاحتجاجات السياسية السورية، حيث كان يتم تحريك، وحدات الحرب الالكترونية الخاصة، بالهواتف النقّالة، ضمن وحدات ومجاميع المعارضة الليبية المسلحة، ويصار الآن إلى إنفاذ نفس الأسلوب، ضمن مسارات الحدث السياسي السوري. وتشير المعلومات، أنّ نطاقات العمل الجيوبولتيكي، لقيادة عمليات الهواتف النقّالة، يشمل العديد من بلدان الشرق الأوسط الأخرى، بما فيها إيران، والأردن، ومصر، ولبنان، والجزائر، وموريتانيا، والمغرب، …الخ, حيث تمويل هذه الأجهزة وتوفير المظلّة المالية، يتم عن طرق قطر، وبعض دول الخليج الأخرى، في حين أنّ الأجهزة ومستلزماتها، توفرها العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي. والأنكى من كل ذلك، أنّ إنفاذ تشغيل، قيادة عمليات الهواتف النقّالة، في موجات الحرب الالكترونية الجارية الآن، تم ربطها تقنيّاً، بالأقمار الصناعية الإسرائيلية التجسسيّة، كما سيصار إلى استهداف اتصالات حزب الله اللبناني، عبر مهام عمل قيادة عمليات الهواتف النقّالة، والتي تشرف عليها المخابرات القطرية والاستخبارات السعودية، بالتساوق والتنسيق والتوثيق، مع مخابرات مثلث واشنطن لندن باريس، مع تقاطعات عملها، مع مخابرات حلف الناتو، والمخابرات التركية، وأجهزة مخابرات عربية أخرى، بالرغم من أنّ مشيخة قطر طلبت وبصورة غير معلنة من حزب الله اللبناني، التوسط في إطلاق المواطنين القطريين المختطفين في الداخل العراقي(الدراما القطرية في قصة الخطف والتي أغضبت السعودي)، والذي يعتقد انّ كتائب حزب الله العراقي هي من قامت بذلك. وفي خضم الاستهداف الأمريكي الأوروبي، لجل الساحات السياسية الشرق الأوسطية، إن لجهة الضعيف منها، وان لجهة القوي، منذ انطلاقات الربيع العربي، حيث الأخير ما زال يعاني، من مخاضات غير مكتملة، قامت الأجهزة الأمريكية المختلفة، بعمليات انتقاء لأكثر من عشرة آلاف ناشط سياسي، وإعلامي، وأمني، من مختلف دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعملت على تدريبهم تدريباً نوعيّاً، على كيفية استخدام، جل الوسائط التكنولوجية، والمرتبطة بتقنية منظومات، الاتصالات المتطورة، حيث قيد النطاق الزمني، لهذه العملية الأستخباراتية السريّة، تمثل منذ بدايات شهر شباط، وحتّى نهاية شهر حزيران لعام 2011 م. وفي المعلومات أيضاً، أنّ هؤلاء الناشطين البشريين، قد تمّ انتقائهم، وفق عمليات اختيار معقدة، بالتعاون والتنسيق الوثيق، مع بعض القوى، والحركات السياسية، ذات الصلات الوثيقة، مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، والعاصمة الفرنسية، والبريطانية، والألمانية، والتركية، وينتمي هؤلاء الناشطون، إلى بعض بلدان الشرق الأوسط مثل:- إيران، لبنان، سوريا، تونس، الأردن، مصر، تركيا. هذا وأضافت المعلومات، أنّ جلسات التدريب إيّاها، قد تم تنفيذها وانجازها في بعض بلدان المنطقة الشرق الأوسطية، الحليفة لواشنطن، وخاصةً البلدان العربية منها، وكذلك قبرص وتركيا، والتي درجت على توفير المظلاّت، والملاذات الآمنة، لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة المخابرات الفرنسية، ووكالة المخابرات البريطانية، وكذلك الألمانية، والكندية. وتفيد المعلومات المرصودة، بأنّه قد تمت عملية إعادة، هؤلاء الناشطون المدربون، إلى بلدانهم كساحات جغرافية لعملهم، وبهدوء وبدون ضجيج، حيث تمت عملية نشرهم وتوزيعهم، في المدن، والمحافظات، والألوية، بالتنسيق مع القوى، والحركات السياسية المحلية، التي ينتمون إليها، أو عبر ما تسمى بمؤسسات المجتمع المدني(بعضها لا في جلّها)والتي هي بمثابة نوافذ استخباراتية في الدواخل العربية، ومنها داخلنا الأردني المثقل بهمومه الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، حيث الهوية الأردنية ما زالت تتشكل وفي طور التشكيل ومنذ تأسيس الأمارة . ومرةً أخرى، حول موجات الحروب الالكترونية، الجارية في المنطقة، عبر مفهوم الحماية والهجوم، في مجال ” السايبر”، بعد أن صارت الأخيرة، ساحة حرب إستراتيجية وفعّالة، حيث تتحدث المعلومات، أنّ مجتمع المخابرات الإسرائيلي، أوصى بتأسيس هيئة “السايبر” في الجيش العبري، من فترة ليست قصيرة، ووافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد أن صارت القوى المعادية، لهذا الكيان العبري، تستخدم الحروب الالكترونية، وفقاً للقاعدة والمعادلة التالية:- سايبر بدل طائرة، وفيروس بدل قنبلة. والحروب الالكترونية الجارية في المنطقة، هي تعبير حي وحيوي، عن ساحات الحروب المتطورة حالياً، وبصورة أكثر وضوحاً، تتم العمليات الهجومية، من خلال افتعال أخطاء مقصودة، في أنظمة الكمبيوترات المعادية، حيث يصار إلى استخدام قراصنة، الشبكة العنكبوتية، والذين يتمتعون بمهارات، تقنية حوسبية عالية، لشن هجمات كثيرة فيروسيّة، على تلك المواقع، وتعمل على تعطيلها، أو اختراقها وتدميرها، وخاصةً لجهة المواقع، المخابراتية السياسية الحسّاسة، مع استخدام أسلوب هجومي، عبر عمليات التجسس الحوسبي، من خلال الدخول إلى الشبكات واستخراج المعلومات. ففي حروب “السايبر”، هناك نطاقات عمل تتموضع في:- نطاق جمع المعلومات، نطاق الهجوم، نطاق الدفاع، وتمتاز هذه الحروب، بقدرات عمل سريعة قريبة من سرعة الضوء، مع قدرات عمل سريّة، واستخدامات لسلاح خارق يعتبر فتّاكاّ، مع مخاطر في غاية البساطة على الحياة البشرية. وهيئة “السايبر” القومية الإسرائيلية، تستهدف بالدرجة الأولى:- إيران، وباقي الدول العربية، والأوروبية، وحتّى الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والفدرالية الروسية وتركيا، حتّى أنّها تستهدف، بعض مجتمعها العبري، المناهض لسياسات الحكومة… الخ. وللتدليل، على نطاقات عمل حروب ” السايبر”، فقد كشف تقرير مفصّل، أعدته شركة التأمين” سيمنتك” الإسرائيلية، حول ما حدث في إيران، قبل أكثر من سبع سنوات خلت، حيث أن “الدودة” الفيروس، نسًقت لضرب محوّلات، تردّد محددة ومركّبة، على أجهزة الطرد المركزي، لتخصيب اليورانيوم.والسؤال هنا: كم ستعمل هيئة السايبر الإسرائيلية الصهيونية على الأضرار بمشروع برنامجنا الأردني النووي السلمي الحالي لمنع الأردن من المضي قدماً في تنفيذه؟ وما هي استعدادات مجتمع مخابراتنا وميكانيزميات عمله الإلكترونية في موجات هذه الحروب؟ وهل هناك آليات تنسيق مع هيئة الطاقة النووية الأردنية من أجل حماية مشروع برنامجنا النووي وأجهزة التخصيب فيه، من هجمات وموجات الحروب الإلكترونية من جهة هيئة السايبر الصهيونية وحلفائها؟. المذهبية الدبلوماسية العدوانية السوداء, الأمنية السياسية الأممية الأميركية الجديدة, ذات الأدوات الأنف ذكرها, ستوظف لخدمة الوسائل السياسية الشاملة, لوضع خارطة طريق متعرجة لعمليات, الاستقطاب وإعادة الاصطفاف السياسي في سورية, وفي المنطقة عامةً, كي يتم إعادة إنتاج مجتمع, تحالفات سياسية واسعة النطاق, لجهة المنطقة والداخل السوري ومحيطه, ضد المقاومات والممانعات, وضد كل من سوريا وإيران، وروسيّا والصين ودول البريكس. واشنطن وعبر المذهبية الأنف شرحها, تقر أنّ في عمليات الاستهداف النشط ضد سورية, والتي ستكون متطابقة حتّى في الفواصل وعلامات الترقيم, مع ما يتم تسريبه من شبكات المخابرات الإسرائيلية، الموساد بزعامة يوسي كوهين, الشاباك, وحدة آمان، لجهة ملفات: حزب الله, الملف السوري, الملف الإيراني, الملف التركي, وملفات الساحات السياسية الأردنية والفلسطينية والعربية الأخرى. من جانب آخر معلوماتي, لمخابرات إقليمية ودولية تفيد, أنّ “إسرائيل” نجحت حتّى الآن لجهة توظيف وتسخير, كل قدرات الدبلوماسية الأميركية والبريطانية والفرنسية لاستهداف سورية, مع دفع واشنطن للمشاركة الفعلية في, الترتيبات العسكرية الأميركية الجارية في منطقة الخليج وشواطئ إيران الجنوبية. كما تذهب المعلومات, أنّه تم الاتفاق والتفاهم وضمن, محور واشنطن – تل أبيب ومن تحالف معه من دول المنطقة, على أن يتم ربط الرادارات الأميركية المنصوبة في مناطق الخليج بالرادارات العبرية، وثمة معلومات تتحدث عن قيام وفد عسكري أمريكي مع خبراء من القيادة السيبرانية لواشنطن زار الرياض مؤخراً منذ أقل من أسبوعين، وبحث هذا الأمر مع المسؤولين العسكريين في دول الخليج, رغم رفض البعض الخليجي المحدود لذلك, الاّ أنّ واشنطن ضغطت باتجاه, ما تم التوافق عليه ضمن دوائر مؤسسات محور واشنطن –تل أبيب, كما تم الاتفاق والتفاهم على نشر غوّاصات نووية اسرائلية, ضمن مسار الأساطيل البحرية العسكرية الأميركية, الفاعلة والناشطة قبالة شواطئ جنوب لبنان, وشواطئ إيران الجنوبية. ومرةً ثانيةً أذكر بالتالي: أحسب وأعتقد، انّ مستقبل العالم يتقرر ضمن عقيدتين اثنتين: امّا علاقات تسودها المواجهة والهيمنة أو بالتعاون والتنمية في ظل فرض عالم متعدد الأقطاب، بسبب الفعل الروسي والصيني وجلّ دول البريكس وعلى رأسها الهند وعبر الفالقة السورية ومسارات خطوط أنابيب النفط والغاز. انّ دبلوماسية الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، لجهة الشرق الأوسط خاصةً، في ظاهرها ناعمة حسنة بريئة، خلاّقة تعاونية رائعة وفي باطنها تخفي السمّ الزعاف في حية رقطاء وهي أفعوانية. *

 

mohd_ahamd2003@yahoo.com

 

شاهد أيضاً

الاقتصاد العالمي والسياسة الاقتصادية الترامبية…بقلم أ.د. حيان أحمد سلمان 

تشهد الأسواق العالمية حالياً حالة عدم اليقين بعد انتخاب المرشح الأمريكي دونالد ترامب لرئاسة أمريكا …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024