ندّدت “حركة البناء الوطني” الجزائرية بتصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بشأن القرار السيادي الجزائري الذي اتخذه رئيس الجمهورية يضبط بموجبه، وبنص رسمي، ظروف وكيفيات أداء النشيد الوطني بشكلٍ كامل أو مختصر.
وقال رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، إنّنا نعتبر أنّ تصريحات المسؤولة الفرنسية عن الشؤون الدبلوماسية في حكومة الرئيس الفرنسي ماكرون “استفزازية” و”غير مقبولة” وهي تشكّل خرقاً صارخاً للأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، كما أنّها تنتهك بشدة وبشكلٍ صريح مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية.
واعتبر أنّ “مثل هكذا تصريحات من مسؤول فرنسي، في هذا المستوى من التمثيل للقرار الرسمي الخارجي، تتناقض في مضامينها مع الإرادة السياسية للمسؤول الأول بقصر الإليزيه لتعزيز علاقة فرنسا مع الجزائر، والتفاف مؤسف ومخيب على الإرادة لتجاوز الخلافات الراهنة والمضي في بناء علاقة جديدة”.
ونبّهت الحركة إلى أن “هذه النبرة الاستعلائية المردودة، وما تحمله مضامينها من محاولة المساس بسيادة القرار الوطني… تأتي في توقيت زمني يتّسم بالتوتر المقصود تدفع به الحملة العدائية المضللة التي تقودها بعض النخب والكيانات السياسية الفرنسية على الجزائر”.
كلام بن قرينة جاء رداً على تصريحات أدلت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في مقابلة مع قناة فرنسية، عبّرت فيها عن امتعاضها من إعادة مقطع في النشيد الوطني الجزائري معادٍ لفرنسا.
وتساءلت وزيرة الخارجية الفرنسية، عن الأسباب التي دفعت الجزائر إلى إبقاء المقطع أثناء تأدية نشيد “قسماً” خلال المناسبات والاحتفالات الرسمية.
وقالت كولونا إنّ النشيد الجزائري “تجاوزه الزمن، لا أريد التعليق على نشيد أجنبي، لكن هذا النشيد (الجزائري) كُتب عام 1956 في سياق وظرف الاستعمار والحرب، ويتضمن كلمات قوية تعني فرنسا”.
واعتبرت أنّ القرار الجزائري الأخير المتعلق باستخدام ترنيمة المقطع الثوري الموجّه ضد فرنسا “يأتي في الوقت الذي قرر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العمل مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون على إعطاء دفع جديد للعلاقات بين البلدين” في إشارة إلى زيارة ماكرون إلى الجزائر نهاية آب/أغسطس الماضي.
وفي مطلع تشرين أكتوبر 2022، نشبت أزمة دبلوماسية بين فرنسا والجزائر بعد تصريحات مفاجئة وغير مسبوقة تجاه الأخيرة، أطلقها ماكرون، وشكّك فيها بوجود “أمة جزائرية” قبل الاستعمار الفرنسي، وقال إن “التاريخ الرسمي الجزائري أُعيدت كتابته بالكامل، وهو لا يقوم على الحقائق”، كما اتّهم الرئيس الجزائري بأنه “تحت تأثير المحيطين به”.
بعدها، قال تبون، في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية، إن نظيره الفرنسي “أضر بكرامة الجزائريين”، وأعرب عن تشاؤمه من احتمال قرب نهاية الخلاف بين باريس والجزائر.
وفي عام 1962، استطاعت الجزائر انتزاع استقلالها بعد نحو 132 عاماً من الاحتلال الفرنسي، و7 سنوات ونصف السنة من حرب استقلال دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية الأولى في أفريقيا التي تتحرّر بقوة السلاح.