يشهد العالم اليوم العديد من المناطق التي تعاني من الصراعات باختلاف أسباب الصراع من منطقة إلى أخرى ، ففي منطقة الشرق الأوسط تشهد صراع علي أمتلاك النفط والغاز و من ضمن تلك المناطق التي تعاني من الصراع، منطقة《شرق البحر المتوسط 》فتلك المنطقة تشهد حاليا صراعا محموما بسبب اكتشاف كميات كبيرة من الغاز الطبيعي و النفط ، تقدر بحوالي 122تريليون متر مكعب حسب هيئة المسح الجيولوجي في أمريكا عام 2010 وبسبب ذلك نشب خلاف مع دول الحوض . وكاد هذاالخلاف يشعل طبول الحرب في المنطقة .
تأثرت العلاقة التي تجمع مصر وتركيا منذ الانقلاب علي حكم الرئيس محمد مرسي الذي جري في مصر خلال عام 2013، والذي أوصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة وأطلق حملة على جماعة الإخوان المسلمين. فكثيرا ما أدانت تركيا السيسي باعتباره ديكتاتورا وأصبحت تركيا ملاذا آمنا للمنفيين المصريين المعارضين للحكومة.
وتعمق الخلاف مع ترسيم الحدود البحرية سبب في تعمق خطوط الصدع الجيوسياسية عبر المتوسط.ظهر علي مسرح الأحداث لاعبيين دوليين من روسيا والأتحاد الأوروبي .و ممكن حصر الخلاف في ثلاث نقاط : صراع أيدولوجي وشخصي وجيوسياسي . فالصراع الأيدولوجي يرتبط بصعود حزب العدالة والتنمية مع توجهات إسلامية (الإسلام السياسي )والبحث عن حليف لهذا في منطقة الشرق الاوسط فكان صعود الأخوان المسلمين علي سدة الحكم في مصر بداية التطلع لنظام جديد تقودة تركيا عبر محور جديد وحلف سني وساعد ذلك إرتياح مع إدارة اوباما
وكانت العقبة هي دمشق ومحاولة تركيا الإطاحة بحكم أل الأسد .ومع سقوط حكم الأخوان والتدخل الروسي والإيراني في الحرب في سوريا وفوز ترامب في الأنتخابات الامريكية . تغير الموقف التركي في البحث عن حليف اخر فكانت الحرب الأهلية في ليبيا ارادت تركيا الثأر من النظام المناويء لها في مصر حاولت وجود قدم في الصراع غرب الحدود المصرية بعد فشلها في شمال سوريا شرق نهر الفرات وذلك للآهمية الأستراتيجية لمنطقة شرق المتوسط.
قامت أطراف الصراع علي تقسيم المياه الأقتصادية للثروة .علي تقسيم الحدود البحرية, خلافات قديمة بين تركيا واليونان .وحروب انتهت في القرنين التاسع عشر والعشرين انتهت بين عامي 1916 /1922م وظلت مناوشات في بحر أيجة والجزر المتنازع علي الحدود البحرية بينهم وقد دخلت تركيا في صراع أخر مع اليونان عام 1974 وفي الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في جزيرة قبرص.
رغم تصريحات هنا وهناك عن عودة العلاقات المصرية التركية ؛ يبقى السؤال هل هناك حقائق تغيرت علي أرض الواقع مثل تقسيم الحدود البحرية التركية مع ليبيا التي تعود لصالح مصر وإعادة حق مصر في المياة الاقتصادية التي تتنازع مصر عليها مع اليونان ؟, وهل تركيا هي المركز الاساسي لمشروع جعل مصر المركز الاقليمي للغاز في شرق المتوسط الي اوروبا . وهل أتفاق إسرائيل واليونان وقبرص علي جعل السواحل الإسرائيلية هي مركز التجميع ومد خط الي اوروبا .وسحب المشروع من مصر ننا يمثل طعنه في ظهر مصر , مما جعل مصر تعيد حساباتها بعد تسريب معلومات الي جهات صحفية عن تقارب جاء بعد لقاء سري في روما بين مسئولي رفيع بين البلدين هناك أجهزة ومراكز معلومات جغرافية مصرية تؤيد النظرية التركية في التقسيم لصالح مصر بالنسبة للقرائن الجعرافية (الجرف القاري )بالنسبة للجزر اليونانية والارخبيل نُصحت الرئاسة في مصر ، بالتقارب وفتح قنوات دبلوماسية بين البلدين ، حتي في عودة العلاقات ستظل مكسورة بسبب تعمق خطوط الصدع الجيوسياسية
.
إن الصراع السياسي بين أردوغان والسيسي “شخصي .
بدأت جذور عداوتهما مع الربيع العربي الذي اندلعت شرارته في 2011. وبعد تولي السيسي السلطة، أصبح أردوغان مستاءا من رفض الغرب إدانة أفعاله. وتعمق هذا العداء بعد أن تحدث القادة السياسيون الغربيون عن دعمهم لاحتجاجات منتزه غيزي في 2013 في تركيا التي تزامنت مع رحيل حكم الاخوان في مصر وبلغ غضب أردوغان من الغرب ابعادا اكبر بعد محاولة الانقلاب في تركيا في 2016 التي قوبلت بإدانة متواضعة، مما أدى إلى تغذية فكرة أن الولايات المتحدة وأوروبا أرادت رؤيته يسقط كما سقط حكم الاخوان ورحيل مرسي قبل ثلاث سنوات من أنقلاب تركيا
كما تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا أكثر بعد الانقلاب الفاشل. ودعم السيسي خصمي تركيا، السعودية والإمارات، في مقاطعتهما لقطر في 2017 وعارض مطالبات أنقرة البحرية في شرق البحر المتوسط ووقع اتفاقا حدوديا مع اليونان. ويدعم البلدان الطرفين المتصارعين في ليبيا وكادا أن يتورّطا في مواجهة مباشرة الصيف الماضي عندما هدد السيسي بالتدخل عسكريا في حال استمرت حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الجيش التركي في شن هجمات بالقرب من الحدود المصرية.
كما اقتربت مصر من فرنسا واليونان، اللتين عارضتا سياسات أردوغان في ليبيا وشرق البحر المتوسط بشدة. وتعقدت الديناميكيات بين تركيا ومصر والقوى الإقليمية الأخرى وبعد وصول الرئيس” جو بايدن” إلى السلطة. فقد انتقد (بايدن) كل من أردوغان والسيسي لسلوكهما الاستبدادي، ووعدت إدارته بجعل حقوق الإنسان ركيزة مهمة في جدول أعمالها.إن الولايات المتحدة انحازت ضد تركيا في النزاعات الإقليمية في كثير من الأحيان، وإن عداء أنقرة لمصر لن يفيدها في واشنطن. وأن تركيا وضعت نفسها ضد جميع شركاء أميركا وحلفائها في الشرق الأوسط، معتبرا هذه النقطة من أبرز المشاكل التي تواجه العلاقات الأميركية التركية.
كانت اللامبالاة الأميركية تجاه تركيا قائمة خلال عهد ترامب، بالإضافة إلى العلاقات الشخصية الدافئة بين الرئيس الأميركي السابق وأردوغان. كما تودد ترامب إلى السيسي وتبنت الولايات المتحدة سياسات ووجهات نظر تتعارض مع المصالح التركية في المنطقة. على سبيل المثال، رفعت واشنطن العام الماضي حظر توريد الأسلحة إلى قبرص واتهمت تركيا بتقويض الناتو من خلال نزاعاتها الإقليمية مع اليونان.
بالنسبة لتركيا، يرى العض أن صراعاتها السياسية مع مصر والآخرين لا يمكن أن تتجاوزهذا الحد. وانتشرت شائعات منذ أشهر عن اهتمام تركيا بإصلاح العلاقات مع القاهرة. ففي الشهر الماضي، وصف وزير الخارجية” مولود جاويش أوغلو “العلاقات الثنائية بشكل إيجابي. ومع ذلك، لن تكون الكلمات كافية للتغلب على المستويات العميقة من انعدام الثقة بين تركيا ومصر إن التباعد من المرجح أن يستمر أيا كان الرئيس حتى لو قرر السيسي وأردوغان دفن الأحقاد، وحتى لو وصلت حكومات جديدة إلى السلطة، سيكون إنهاء النزاع صعبا”.فبسبب اكتشاف الثروات في منطقة شرق المتوسط بكميات هائلة ، و بسبب تداخل الحدود البحرية لدول المنطقة و تنازعهم حول تحديد تلك الحدود لتحديد نصيب كل دولة من تلك الثروة إضافة لوجود صراعات أقدم من الصراع على تلك الثروة في منطقة شرق مثل الصراع التركي اليوناني ، و الصراع العربي الإسرائيلي ، و الصراع التركي القبرصي ، إضافة لوجود بعض الدول لم توقع على قانون البحار مثل تركيا ، والبرلمان اللبناني كل ذلك أدى لتزايد حدة الصراع في منطقة شرق المتوسط و أدى لزيادة نطاق الصراع في تلك المنطقة الذي ينذر بعواقب وخيمة إن لم يتم الاتفاق بالطرق السلمية حول تحديد الحدود البحرية بين دول تلك المنطقة و ذلك لتحديد ثرواتها بشكل يقبله جميع الأطراف المعنيين بما لا يؤثر على الاستفادة من موارد منطقة شرق المتوسط ، و الاكتشافات السابق ذكرها في منطقة المتوسط لم تكسب المنطقة أهمية لدى الدول المطلة عليها فقط بل أكسبتها أهمية لأطراف دولية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بشكل كبير على روسيا لتزويده بالغاز الطبيعي ، فالاتحاد الأوروبي وجد من غاز شرق المتوسط المكتشف حديثا فرصة لتنويع مصادر الغاز الطبيعي التي تأتي إليه من الخارج و هو أمر خطير بالنسبة لروسيا التي تعتبر من أكبر مصدرين الغاز الطبيعي لأوروبا بما يجعلها تستخدم الغاز الطبيعي كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي في بعض الملفات و على ذلك زادت أهمية منطقة شرق المتوسط بالنسبة لكلا من روسيا و التي تسعى للاستثمار في منطقة شرق المتوسط للاستفادة هي الأخرى من غاز شرق المتوسط ، و الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لتنويع صادراته من الغاز الطبيعي ليتلافى الضغط الروسي ليظهر ملف سد النهضة .من صراع أخر من الصراعات التي تنذر بالحروب القادمة .التي تهدد السلم العالمي ..
*كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية