لبنان بلد الطوائف والمذاهب المختلفة,كل طائفة تتحكم بها عائلة او اكثر,تقودها الى حيث تشاء, ابتدعوا الديمقراطية التوافقية, ما يجعل نظام الحكم هشا, تبادل مصالح,في العقد الاخير اصبح التوافق ضربا من المستحيل, تستقيل الحكومة لتصبح حكومة تصريف اعمال,قد تستمر في الحكم اكثر من زمنها الرسمي, لا يتزحزح الساسة عن آرائهم قيد انملة,الى ان تتدخل اطراف خارجية وتفرض على اتباعها حكومة الامر الواقع.
من المؤسف انيتم تجيير الطائفة السنية (صك على بياض) الى سعد الذي لم يكن يفقه شيئا في السياسة عقب مقتل ابيه,وكأن الطائفة لا يوجد بها رجالات دولة قادرين على تحمل المسؤوليات, ولان منصب رئيس الحكومة جد مهم,فعند اعتكاف هذا الزعيم او ذاك يخرق العرف الاجتماعي ويتم الالتجاء الى شخصية سنية طموحة توكل اليها مهمة تشكيل الحكومة يناصبها زعماء الطائفة العداء,لكن تلك الشخصية عقب الانتهاء من مهامها تنضم الى نادي (النخبة)رؤساء الحكومات السابقين وتصبح فيما بعد شخصية مرموقة.
استقال الحريري الابن عقب انتفاضة اكتوبرالمعيشية ظنا منه انه سيكسب الشارع ,تاركا حلفاءه في موقف محرج,لكنهم سرعان ما وجدوا البديل وتشكلت الحكومة بأغلبية بسيطة,لكنها لم تصمد عقب تفجير المرفاء في 4 اغسطس العام الماضي فقدمت استقالتها, لتعود الكرة مجددا الى الشيخ سعد الذي قبلها وهو يدرك انه لا يستطيع تشكيل الحكومة دون موافقة السعودية التي استدعته الى الرياض على عجل وهو رئيس حكومة واعتقلته لبضع ايام,واطلقت سراحه بعد وساطات دولية وبالأخص فرنسا,لكن علاقته مع السعودية لم تعد الى طبيعتها,ما شكّل فيتو سعودي ضده.
خلال مدة تكليفه اشترط ان تكون الحكومة (تكنوقراط) ليست سياسية, كيف يتأتى ذلك وهو رجل سياسي,عارضته بعض الجهات لكنها قبلت وعلى مضض لكي يتم تجاوز الازمات التي تعصف بلبنان, ومنها انهيار العملة المحلية بنسبة 90% ورغم ذلك اراد ان يستفز فريق رئيس الجمهورية ,الذي وقف معه ابان اعتقاله واعتبر ان العملية تمثل اهانة للبنان, وهذا الفريق يمثل المسيحيين باعتبار ان جعجع وآل الجميل اعلنوا عدم رغبتهم في المشاركة في الحكومة, ترك لرئيس الجمهورية حرية تسمية اربعة وزارات(مسيحية)فقط بينما يسمي هو البقية(8) الامر الذي لم يكن مقبولا من قبل فريق الرئيس,الذي يدرك جيدا كما بقية الافرقاء في لبنان ان الحريري لم يأتي لتشكيل الحكومة بل لتضييع الوقت علّه ينال رضى آل سعود الذين يمنحونه الغطاء الطائفي وبدونهم يعتبر يتيما .
خرج من القصر الجمهوري ليعلن اعتذاره من اللبنانيين وتمنى من الرب ان يعينهم على اوضاعهم المأساوية,انه حمل كاذب استمر لتسعة اشهر, تزاوج المصالح غالبا لا يعود بالنفع على العامة بل على اصحابه واهدار المليارات على مدى ثلاثة عقود, والسؤال هل ستتم محاسبة المفسدين وهم معروفون من قبل جميع اللبنانيين.
تسعى فرنسا الاب الروحي لكل اللبنانيين بلا استثناء,جميعهم يطوفون ببيتها (قصر الاليزيه)العتيق, إلى عقد مؤتمر لبعض الدول من اجل الحصول على بعض الهبات والمنح والقروض الميسرة,لا اقول لحل الازمة الخانقة بل جرعات لتخفيف الآلام الناتجة عن كورونا وتصرفات الساسة الميامين.