الجمعة , 22 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

الدستور الجديد… يُنهي “حكم العصابات”!!..بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

 

إنّ مسيرة التونسيين من أجل استعادة جمهوريّتهم المتهالكة والتي دمّرتها مطامع فئة فاسدة خطفت الدّولة وأهدرت ثرواتها ، لابدّ أن تستمر نحو تحقيق حلم بناء دولة كل التونسيين و القطع مع عشريّة الدمار والخراب.. تونس اليوم على الطريق القويم، وإن كان طريقاً صعباً، و الإستثـناء التونسي، سيتغلب مرة ثانية على صعوبات الولادة القسرية، مهما تعاظم الألم، و نجاح الإستفتاء على الدستور وتحقيق حلم الجمهورية الثالثة مطلب مستحق لشعب كريم، وأفضل ما يمكن عمله هو تفهّم هذه الرغبة واحترامها التام.. أيها الشّعب انت الآن سيّد نفسك و سيّد الموقف إنتصر لبلدك ولنفسك ومستقبلك، لا ترضى بغير ديمقراطية حقيقية في دولة الحق و العدالة و القانون التي تكفل لك الحرية والمواطنة والعدل والكرامة والمساواة لتنال حقوقك السياسية والإقتصادية والإجتماعية كاملة.. وإن لم تفعلوا ذلك فعلى تونس والتونسيين السلام !!..

                ليس من العجيب أن نرى قدرة الإخوان و حلفائهم و براشوكاتهم على الكذب وافتعال الأزمات واستبطان النتائج الواهية والترويج لها على أنها حقائق دامغة مع أنّه لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولم ينطق بها لسان غيرهم .. و من المفارقات المخجلة أنّ نرى بعض رموز اليسار والديمقراطيين ممّن أوجعوا رؤوسنا طيلة العشريّة السّوداء بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب والإسلام السياسي، و عدوّهم بالأمس حليفهم اليوم لا يكفّون عن ممارسة الكذب، و يصرخون و يبكون و هم خائفون من الحكم الفردي بتعلّة الخوف من الديكتاتورية و الخوف على الديمقراطية ،أين كنتم عندما استباحت حركة النهضة و شركائها و حلفائها الدولة و مفاصلها و برلمانها و مؤسساتها .. اليوم يتشدقون بالمعارضة في زمن الديمقراطية و أصبحت الإساءة إلى الدولة ورموزها مدعاة للتفاخر..، إنّ ما يحدث اليوم في تونس ، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالديمقراطيّة والحريات وحقوق الإنسان والممارسات السياسية و المعارضة النزيهة ، وإنّما هو ضرب من اللؤم والإسفاف والإستهتار والفساد وقلة الحياء.. إمتهن و أتقن العديد من المشعوذين السياسيين الرقص على حبال الإثارة والإستفزاز و الكذب و النفاق و تزييف الحقائق ، وقد أبدوا من الإنحدار اللغوي والوضاعة السلوكية والإفلاس المعرفي والفساد المفضوح ما أفقدهم أدنى مصداقية لدى الرأي العام، كنا نعتقد، أن الأمر لا يتجاوز حفنة من قليلي الأدب وكثيري الفساد وعديمي الحياء، ولكننا إكتشفنا أنهم يمثلون جزء هاما في هذه الطبقة السياسية والحقوقجية والإعلامية التي جاءت بها رياح الرداءة السياسية التي حولت العمل السياسي والحقوقي والإعلامي إلى ضرب من ضروب العهر و قلة الحياء.. إنتفاضة 25 جويلية عرّت معدنهم الرخيص و كشفت زيفهم وخداعهم ومغالطاتهم طيلة ما يقرب عن عشر سنوات عجاف ، لقد أفقروا الشّعب وانتهكوا ذكاءه وتظاهروا بالثورجية الزائفة، والتحيل والتجارة بالدين والقيم الإنسانية و بالديمقراطية..هؤلاء المتمعّشون من منظومة الخراب الذين بكوا بحرقة على الديمقراطيّة في تونس ، كان يمكن أن نعذرهم ونصدق دموعهم لو كانوا ديمقراطيين، أباً عن جد، و ممّنْ يشهد لهم تاريخهم الطويل بأنهم لم يحتالوا على الدستور، ولم يزوّرا، ولم يمارسوا الغدر والسرقة والاختلاس وخيانة الأمانة، دموع التماسيح لا تجدي نفعاً ولا تقنع أحد ، فبكائهم ليس إلاّ لضياع السلطة من سيطرة أيديهم فلو كانوا حريصون على الدولة كما يدّعون ما طوّعوها لمصالحهم الذاتية وما خانوا العهود للشعب بأنهم سيحققون احلامهم و إنتظاراتهم، دفاعهم عن الدولة بات امراً مستهلكاً له مقاصده ومغازيه، هؤلاء المتباكون لم يفهموا بعد وربما لم يستطيعوا أن يدركوا أنهم انتهوا سياسيا و أخلاقيا و شعبيا و لو كانت لديهم ذرة حياء أن يحترموا أنفسهم و يحترموا عقول الشّعب ، و من المفارقات المخجلة أن يهرول المخدوعون خلف الفاسدين والمفسدين ويصدقونهم بحثا عن الخلاص من المأساة التي صنعها لهم الفاسدون أنفسهم..من المفارقات المخجلة أن نرى وقاحة أولئك الذين من يصنّفون أنفسهم بالديمقراطيين أحزابا وشخصيات ، يدافعون عن منظومة فاسدة، وعن ديمقراطيّة مزيّفة، و عن شرعيّة برلمان مهزلة حوّله رئيسه الإخواني إلى ما يشبه المزرعة الشخصية له وللمؤلّفة قلوبهم حوله من رموز الفساد والإفساد والتطرف والإرهاب..

             الدستور الجديد سيكون من أهم الإصلاحات الدستورية و السياسية في تونس ، و خطوة هامة في اتجاه القطع مع المنظومة السياسية الساقطة_الفاسدة و الفاشلة ، و إنهاء حكم العصابات ، و خطوة هامة تقوّض دعائم النظام السياسي السابق الذي أسسته صفقات وتوافقات مغشوشة .. تونس اليوم بحاجة الى نقلة سياسيّة حقيقيّة، والبدء بمرحلة جديدة بدستور جديد يضمن التوازن بين السلطات والحقوق والحريات و يكرّس أسس الممارسة الديمقراطية الحقيقية، و يؤسس لدولة القانون بإرادة شعبيّة خالصة يمهّد لقيام نظام سياسيّ جديد يختاره المواطنون بإرادة حرّة، نظام سياسيّ يحمي الناس ويسهر على خدمتهم ويلبّي تطلّعاتهم، ويخلق الأجواء السياسيّة السليمة التي حُرم منها الشعب التونسي طيلة السنوات الماضية.. و الفارق بين مشروع دستور الجمهورية الجديدة ودستور 2014 هو أن هذا الأخير كان قائما على تقاسم السلطة بين مختلف الأطراف السياسية وفق ترضيات وتوزيع مصالح و قُدّ على المقاس و توظيفه من قبل نفس الوجوه لتحقيق مآرب لا علاقة لها بالشعب المسكين، و الدستور الجديد على عكس ذلك، سيضمن وحدة السلطة التنفيذية والتوازن بين السلطات والحقوق والحريات كما سيضمن النظام الديمقراطي وفقا لنظام رئاسي.. سأقول نعم لهذا الدستور الجديد لأنه دستور يعبر عن إرادة الشعب التونسي و كما أنه قد وضع حداً لدستور الأهل والعشيرة و المحاصصة و التوافقات ،ولا توجد مقارنة على الإطلاق بين دستور 2014 وهذا الدستور فدستور 2014 وُضع من أجل جماعة معينة ولهدف واحد هو تدشين دولة عصابات فاشية في تونس ،أما الدستور الجديد دستور تصحيح مسار الثورة و تصحيح مسار التاريخ فحاول الاستجابة لتطلعات التونسيين الذين خرجوا على اختلاف مشاربهم من آجل إسدال الستار على حقبة الاخوان الكئيبة.. سأقول نعم لهذا الدستور لأن هناك حشدا مضادا من الاخوان و دعاة الديمقراطية المزيّفة والكثير من الفوضويين الذين يدّعون زورا أنهم ثوريين، كل هؤلاء يخططون لإسقاط هذا الدستور ونشر الفوضى أثناء الإستفتاء وتعطيل عجلة الاقتصاد التونسي ،وبالتالى على التونسيين أن يخرجوا عن بكرة أبيهم لأن المطلوب ليس تمرير الدستور فحسب ولكن تمريره بنسبة عالية و تاريخية وهذا يحتاج إلى حشد قوي لكي تخرج شرعية الدستور قوية وراسخة، علينا أن نقول نعم لهذا الدستور لأن هذا أول اختبار عملي لتحويل الحشود إلى أصوات فعلية تترجم عبر صناديق الإستفتاء ،فقد شكك الاخوان وحلفاءهم في اعداد التونسيين الذين خرجوا للشارع لحماية مسار الـــــ 25 جويلية ،وعلى الجميع الردّ على هؤلاء عمليا من خلال ذهاب هذه الملايين لصناديق الإستفتاء ،لأن الاستفتاء على الدستور هو أيضا استفتاء على مسار الـــــ 25 جويلية 2021 وعلى خريطة الطريق وعلى الجمهورية الجديدة ما بعد الإخوان، وعلى المختلفين مع بعض فصول الدستور الجديد أو المشككين أن يتذكروا أنه لو تحقق ربع ما جاء في الدستور وخاصة باب الحقوق والحريات و التوازن بين السلطات ، لمثّل ذلك فى حدّ ذاته نقلة كبيرة في تونس الجديدة ،فالعبرة فى الدساتير بالتطبيق، والنضال مستمر لتفسير المبادئ الدستورية لصالح المواطن وترجمتها لقوانين تعمل على نقل تونس نقلة نوعية للأمام و القطع مع عشريّة الخراب.. علينا أن نصوت بنعم كرسالة للعالم الخارجي بأننا موحدون حول مسار 25 جويلية لتصحيح مسار الثورة واهدافها، وأن الاختلاف حول التفاصيل شيء طبيعي ومتوقع، ولكن هذا يختلف عن الهدف الرئيسي من وراء المعارضة الراديكالية الحالية ، وهو جرّ تونس للخلف أو إسقاطها في الفوضى والخراب والاقتتال الاهلي (لا قدر الله) ، فمعظم من يعارضون حاليا هم يحاربون من أجل عودة المنظومة الفاشلة ،فهي في جوهرها حرب بين الدولة العميقة وما تبقى من الدولة التونسية .. و أخيرا علينا أن نقول نعم لأن البديل لذلك سيكون كارثيا ليس فقط من خلال عودة دستور 2014 ولكن الكارثة الأكبر هي انهيار كل ما بناه التونسيون بعد 25 جويلية 2021.. و إنّ نجاح الإستفتاء على الدستور سيكون بمثابة إستقلال جديد، و فرصة لقطع الطريق على محاولات الفوضى و إنهاء حكم العصابات في البلاد.. لكل هذا أدعو الجميع لإعتبار التصويت مهمة قومية بل ومسألة تتعلق بالأمن القومي ذاته، وهي معركة الشّعب الأخيرة لتخليص تونس من مختطفيها و من دستورهم الملغم و نظامهم الأعرج ونأخذ هذه الخطوة بمنتهى الجدية الواجبة، بل وندعو كل من نعرفه من الأهل والاصدقاء للتصويت… فتاريخ الجمهورية الجديدة واتجاه الثورة الحقيقي يُصنع فى هذه الأيام..

عاشت تونس حرّة مستقلّة

عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024