ماذا ينتظر لبنان، وربما الشرق الأوسط، من أهوال خلال الأسابيع المتبقية (لكأنها الدهر) من ولاية دونالد ترامب؟ كما لو أنه الركوب على ظهر الشيطان…
المعلومات تبدو أقرب الى اللامعقول. كيف يمكن لجهات تتناقض مصالحها السياسية والايديولوجية، أن تتقاطع في أهدافها على الأرض اللبنانية؟ حدث ذلك على الأرض السورية وأدى الى خراب سوريا.
العنوان الأوركسترالي : تنفيذ عمليات اغتيال تكون لها تداعياتها الكارثية على المسار السياسي، والأمني، وحتى على المسار الوجودي للبنان. هل حقاً أن السيناريو يدار من غرفة عمليات مشتركة أميركية ـ اسرائيلية هي وحدها التي تجني الثمار في نهاية المطاف؟ دور الآخرين لا يتعدى دور حجارة الشطرنج. الحجارة الغبية…
الكل هنا تخطوا صراعاتهم التكتيكية، وشكلوا «قوة صدم» للحيلولة دون جو بايدن واعادة احياء الاتفاق النووي بعدما عمد دونالد ترامب الى تمزيقه ارباً ارباً في الثامن من أيار 2018. لبنان الضحية. هذا ما يثير قلق الاليزيه الخائف على وجود المسيحيين من الانعكاسات الدراماتيكية لأي فوضى خارج السيطرة.
ثمة توصيف قديم لزبغنيو بريجنسكي «الحزب الديمقراطي حزب الأفكار والحزب الجمهوري حزب المصالح». ولكن ألا يوحي كلام لمعلقين مقربين من الجمهوريين أنه حتى لعبة المصالح تقتضي بعض الأصول في التعامل مع الآخرين؟ دونالد ترامب بعيد كلياً عن ادراك حساسية العلاقات، والمعادلات، الدولية. بكل فظاظة أماط اللثام عن الوجه البشع للولايات المتحدة.
يوجين روبرستون، المعلق الليبرالي، يرى أن الأولوية هي للعودة الى «القيم الأميركية». الرئيس لا يمتلك لا العقل الاستراتيجي ولا الرؤية الاستراتيجية. كحانوتي صغير، ويسكنه الشبق الهيستيري الى المال، تعامل مع الحلفاء على أنواعهم، بمن فيهم «الحلفاء البيض». هذا لم يحدث في وقت سابق. حتى كراهية فرنكلين روزفلت لشارل ديغول كانت بسبب… أنف الجنرال!!
هكذا كان يفكر باراك أوباما. الساعة الكبرى على ضفاف الباسيفيك. الباقي تفاصيل. ايران، بالعصبية الايديولوجية التي لا تستسيغها الثقافة الغربية الراهنة، تتاخم دولتين محوريتين أطاحت الولايات المتحدة النظامين فيهما. افغانستان والعراق. في هذه الحال، لماذا لا تكون العلاقات الطبيعية مع طهران بدل أن يبقى الاصبع على الزناد؟
كبار المخططين في الولايات المتحدة يرون أن الضرورة المستقبلية تفترض وقف سياسات العداء مع ايران لأن بقاء العلاقات على ايقاعها الحالي لا بد أن يؤثر، بصورة خطرة، بالفاعلية الأميركية في الصراع مع الصين.
قيادات الحزب الديموقراطي واثقة من أن أحداً لا يمكن أن يحل محل واشنطن في العلاقات «العضوية» مع بلدان الخليج. في هذه الحال، لا داعي لسياسة حافة الهاوية التي ابدى دونالد ترامب حماقة مروعة في ادارتها. في كل الحالات كان هو الذي يتراجع أمام آيات الله.
في نظر تلك القيادات أن نرجسية ترامب هي شكل ما من اشكال الهرطقة الاستراتيجية.
حديث جو بايدن الى «النيويورك تايمز» أظهر أن العودة الى اتفاق فيينا بين الأولويات في سياساته الخارجية. هل يمكن لســكان الــشرق الأوســط، وقد أعياهم الصراع، أن يستعيدوا بعضاً من أنفاسهم؟
جون كيري، وهو أحد مهندسي الاتفاق، يرى أن الايرانيين الذين ذاقوا الأمرين من مطاردة ترامب لهم على مدار الســاعة، بــاتوا أكثر ميلاً الى البراغماتية. قد يطلق البعض المواقف الصارخة، لكنهم جاهزون للذهاب الى ردهة المفاوضات بالقفازات الحريرية!
بنيامين نتنياهو الذي طالما راهن على بقاء ترامب في البيت الأبيض، لا يمكن أن يتحمل وجود ظل باراك أوباما هناك. وها هو يحاول أن يستثمر، الى أبعد مدى، جنون الرئيس الأميركي الذي لم يستوعب، ولن يستوعب، سقوطه في صناديق الاقتراع.
هذا ما يجعل الكثير من اللبنانيين، ومن سكان المنطقة، على أهبة الاستعداد للنزول الى الملاجئ…
(الديار)