الحديث عن انقلاب الموازين والمعادلات لمصلحة القوى اليمنية ضد قوى “تحالف” العدوان السعودي بات من الماضي، فليست القوى اليمنية اليوم في موقع من يحتاج لإظهار انتصاراتها البارزة أساساً، بل من يحتاج اليوم هو العدوان وحاجته تكمن ليس في إظهار “انتصاراته” التي لا توجد على الأرض، بل في التغطية على هزيمته المدوية بأقسى ما يستطيع ولملمة انكساراته.
القوى اليمنية تدافع عن أرضها واستقلالية قرارها وسيادة بلادها، بينما قوى العدوان تدافع بالوكالة عن مصالح أمريكية– إسرائيلية يوفرها الموقع الإستراتيجي لليمن، ومن ثم هي -أي قوى العدوان- تتقاسم الفتات الذي يخلفه “السيد” الأمريكي ويرميه لها وهنا كان مكمن الفشل للعدوان أنه الأداة والوكيل.
وهو فشل أيضاً لأن أمريكا راهناً تترك العدوان لمصيره ولانهياراته لانشغالها بتجاذبات القضايا الداخلية وعلى رأسها الانتخابات الأمريكية، فأمريكا مشغولة عن اليمن إلى حين انجلاء غبار المعركة الانتخابية، وهذا الحال الذي وصل إليه النظام السعودي كان متوقعاً لأن أمريكا اعتادت التخلي عن أدواتها عند انتفاء الحاجة المُلحة.
بطبيعة الحال العدوان السعودي لم ينقلب فقط على السعودية و”تحالفها” هو انقلب على أمريكا أيضاً، لأنه كان البوابة التي مهدت لوضع كيان الاحتلال الغاصب موضع التهديد والاستهداف في أي لحظة والتي ستأتي مباغتة تُذهل الأمريكي والإسرائيلي معاً، فالقوى اليمنية تمتلك بنك أهداف مهمة وحيوية ليس فقط في السعودية بل في ” إسرائيل” أيضاً، وهذا يقود إلى أن القضية الفلسطينية ومقارعة العدو المحتل تبقى في مقدمة أولويات الشعب اليمني رغم الحصار واستمرار العدوان.
من الصعوبة اليوم أن تبحث السعودية عن طرق وأساليب ملتوية للنزول عن الشجرة العالية، لأن ما وصلت إليه القوى اليمنية من إنجازات يجعلها في موقع من يفرض الشروط وعدم القبول بأي هُدن كاذبة أو حتى مجرد مفاوضات تخدم العدوان، ولا تنتج الحلول الواجب التوصل لها لإنهاء الحصار ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية بسبب العدوان، حتى يمكن اعتبار ما حل باليمن وشعبه جريمة حرب تقع مسؤوليتها على النظام السعودي ومن يقف خلفه.
على السعودية أن تقف منتظرة حتى يبت السيد الأمريكي بأمرها، بينما القوى اليمنية تواصل معركة الاقتصاص العادل.