لا تزال “كرة النار” الملتهبة في ليبيا تنذر بمزيد التمدّد والإشتعال، بما يهدّد، ليس فقط الداخل الليبي بل وكل المنطقة، بمزيد من الفوضى والارهاب متعدّد الأوجه والجنسيات، تغذيها التدخلات الأجنبية المشبوهة والتي تغذي التقاتل وتدفع الى مزيد الاحتراب رغم مؤتمرات “الصلح” متعدّدة الأطراف هنا وهناك، والتي في ظاهرها دعوة لإخماد فتيل الحرب الأهلية الليبية، وفي باطنها صراع بين المصالح تغيب عنه مصلحة ليبيا.
للوقوف أكثر على مآلات الوضع في الجارة الجنوبية “ليبيا” كان لنا الحوار التالي مع المنسق العام لشبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية السيد صلاح الداودي:
كيف ترون الأوضاع في كل من تونس وليبيا والمنطقة؟
في الموضوع الليبي، لا حظوا كيف ان أوروبا تحتشد والمسار الروسي التركي غير حاسم لوحده والضغط الأميركي الأكبر متواصل على حفتر والسراج لترك ليبيا للمشغلين الكبار حتى نهاية اللعبة. الإخوان والوهابية والوكلاء البراغماتيون هم الذين ينوبون مشرقا ومغربا عن دولنا وشعوبنا للتكالب على ليبيا.
الجزائر الأقرب إلى الوحدوية المعدلة والاقدر على تحمل الكلفة الأمنية، تكافح لوحدها معزولة ولا تملك أكثر من خمس العمق الاستراتيجي الذي تدور فيه كل المناورات والصراعات ولا تسيطر عليه كاملا.
الروسي هو الأقرب لانه الأقرب إلى تفهم المصالح الاستراتيجية المشتركة بينه وبين السوري والمصري والجزائري… وهو مضطر من أجل مصالحه لحمل بعض ادران الأتراك الراكعين للاميركي وان تطاوسوا ظاهريا والمكروهين ألمانيا وفرنسيا وبريطانيا وإيطاليا إلى حد كبير.
وبالمحصلة، لا أحد سيأخذ حصة غير تقليدية غير الألمان والفرنسيين والايطالين وبقية الأوروبيين بينما تحقق روسيا الاطلالة الوثبة والوجود الحقيقي ويصفي الأمريكان الحساب مع تركيا ويأخذون كل ما يريدون في شرق المتوسط.
أما في خصوص المشرق العربي والغرب الآسيوي فان المشاهد الأمريكية الصهيونية بادواتها الإقليمية والمحلية ممكنة أيضا في المرحلة المقبلة. وقد انطلق حراك أبناء الصهيونية الامريكية والعبرية والعربية وسيتعمم في كل العواصم المدافعة عن محور المقاومة لتعطيل الصمود والمواجهة ولاعداد مسارح العدوان وتفعيل نفس مخططات الفوضى والإرهاب والاحتلال والتقسيم. هذا الجوكر المشبوه سيتعدى هدف التشويش على النهوض الشعبي للتصدي للعدو الأميركي والصهيوني والوحدة الشعبية والمقاومية من أجل التحرير إلى استهداف كل من يقف مع المقاومة وذلك ممكن جدا وليس ببعيد ابدا. وقد يطال الاختراق فوق رقعة الشطرنج السياسية، حتى بعض عناصر الأجهزة والمؤسسات والمجاميع الاجرامية.
أما في تونس فان تشكيل أي حكومة مرتقبة من هنا فصاعدا وخاصة في وضع التكليف الرئاسي، سيتاثر في مطلق الأحوال بخارطة النفوذ في ليبيا وبالمزاج الامني والاقتصادي في عموم المنطقة والضحية ستكون الاستحقاق الشعبي والاجتماعي الوطني. هذا الوضع لن يحسد عليه لا الرئيس ولا البرلمان. وهو فعلا مرهون بالتهدئة العميقة خارج الحدود أو الهزة الحاسمة. في عدا ذلك تدخل بلادنا في شلل خطير اما واما في تناحر غير متوقع لا تحمد عقباه.