الخميس , 21 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

الشّعب يطوي صفحة “الإخوان” الكئيبة !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

ماحدث في تونس كان مسارا طبيعيا لإغلاق صفحة ما يمكن تسميته بـ “ربيع الاخوان” والذي أوصلهم إلى الحكم بعد ثورة 17 ديسمبر 2010 والمعلوم أنّ حركة النهضة حاولت الاستفادة قدر الإمكان من التحولات الدائرة آنذاك للوصول الى الحكم ، بعد أن خرج الشعب التونسي للمطالبة بالتغيير والكرامة والعدالة وانهاء صفحة الفساد ولكن رياح الديمقراطية نفسها كانت تحمل معها تحديات عالية ، فقد فشلت المنظومة السياسية والتي حكمت طيلة عشر سنوات في جرّ سفينة تونس الى برّ الأمان ولم تتمكن من الانصات لصوت الشعب و مطالبه..

دخلت تونس في مرحلة تاريخية بعد النجاح الكبير الذي حققة الإستفتاء على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد بلغت نسبته 92% في دلالة على أنّ التونسيين يريدون طيّ صفحة الماضي وتأسيس “جمهورية جديدة” تستمد قوتها من الدستور الجديد و إنهاء حكم العصابات و لوبيات الفساد ، و التأسيس لنظام حكم جديد ينهي سنوات الانقسامات الحزبية، ويجدد الثقة بين الشعب والرئاسة، ويطوي صفحة الإخوان.. و إنّ موافقة التونسيين على مشروع الدستور الجديد، بمثابة تفويض شعبي للرئيس قيس سعيد، لتنفيذ برنامجه، وفتح ملفات الفساد، وملاحقة الفاسدين، وتطهير مؤسسات الدولة من المخربين والعابثين بمقدرات البلاد.. إنجاز دستور جديد لا يعني نهاية المطاف، بل هو الخطوة الأولى الآن لمحاولة إنقاذ تونس من الفوضى، والفساد السياسي، و قطع الطريق أمام الإخوان و حلفائهم ، وتفكيك منظومة التمكين في مؤسسات الدولة، والدخول بالبلاد في مرحلة جديد ،فقد بدا أغلب التونسيين داعمين لعودة النظام الرئاسي والتخلي عن النظام شبه البرلماني الذي حول حياتهم إلى جحيم، و إن ما ضمّنه الرئيس سعيد من صلاحيات لنفسه في الدستور الجديد لم يكن مفاجئاً بل هو استجابة لمطالب التونسيين التي يتصدرها مطلب “رئيس قوي ودولة قوية” للقطع مع دولة المحاصصة و التوافقات المغشوشة و حكم العصابات.. بعد الإستفتاء على الدستور الجديد دخلنا مرحلة جديدة من تاريخ تونس ، و الخطوة القادمة هي وضع قانون إنتخابي جديد.. و إنّ تغيير القانون الانتخابي سيُظهر حجم التغيير الذي يريده التونسيون ، خاصة إذا مضى في الإنتخابات على أساس الأفراد وليس على أساس القوائم، وهي خطوة تنهي عملياً ترشح الأحزاب والتحالفات الظرفية التي كانت تجري في السابق وقادت إلى صعود نواب إلى البرلمان لا يمتلكون وعياً سياسياً كافياً ، فضلاً عن أن البعض منهم كان واجهة للوبيات فاسدة.. و يمكننا القول أنّ المنظومة السياسية التي قادتها حركة النهضة منذ العام 2011، كانت أكبر عملية تحيّل على الشعب التونسي، بما أنّها لم توفّر أو لم تضع شروط التغيير الجذري الذي طالب به التونسيون ، وأهمّ غاياته تحقيق الحريّة والعدالة الإجتماعية ، ففي واقع الأمر لم يحصل أيّ تغيير في مستوى إدارة البلاد.. وتظهر عملية التحيّل الكبرى في النظام البرلماني( المعدّل) ، الذي تم فرضه من قبل جماعة الإخوان في دستور 2014، فهذا النظام لم يعد يخفى على أحد أنّه لا يصلح للتجربة التونسية وأنّه نظام معطّل لدواليب الدولة، بل إنّه نظام يخرّب العمليّة الديمقراطية ويفرغها من معانيها الحقيقية، ومع ذلك تصرّ منظومة الإخوان على التمسك بهذا النظام لأنّها تُدرك أنّها لا يمكنها الإمساك بالسلطة إلاّ من خلاله، وهنا يتّضح أن المصلحة الحزبية هي أولى من المصلحة الوطنية.. و لذا علينا أولاً القيام بتغيير الأسس الخاطئة بدءا من تغيير النظام السياسي و تغيير القانون الإنتخابي واصدار قانون جديد للإنتخابات ، وقانون للأحزاب ، وعدم ترك تونس لتكون دولة فاشلة أصبحت غنيمة للأحزاب الفاشلة والكتل السياسية و التأسيس لمقومات جمهورية جديدة .. و بالتالي تغيير قانون الإنتخابات ضرورة يفرضها الواقع السياسي لتحقيق الإستقرار السياسي المنشود في الجمهورية الجديدة..

الاثنين الماضي في الـــــ 25 جويلية 2022 الاستفتاء على دستور جديد يقطع مع الماضي، ويطوي صفحة “الإخوان” إلى الأبد، لتدخل معه تونس مرحلة جديدة، تنفض عنها إرث مرحلة سوداء.. بعد الإستفتاء على الدستور الجديد دخلت تونس مرحلة جديدة نحو الجمهورية الجديدة ، بعد أن شارك أكثر من مليونين ونصف المليون ناخب تونسي في الاستفتاء على الدستور الجديد و التخلص من دستور الإخوان “2014”… دستور العشرية السوداء، دستور ملغم ضاعت فيه المسؤولية بين السلطات، فقد كان دستور الإخوان كأساليبهم في التلون وتمييع الأمور بنصوص غامضة وملغمة، يخلط السلطات ويشتتها، ولا يفصل بينها، لكي تضيع المسؤولية وتفشل المحاسبة.. إن التصويت بـ “نعم” الذي قام به الشعب التونسي، طوى صفحة “الإخوان”و حلفائهم ، ففي نهاية المطاف؛ إرادة الشعب التونسي هي التي إنتصرت لتحقيق الجمهورية الجديدة.. يمكن القول إنّ الشعب التونسي أعلن انتصاره النهائي على الإسلام السياسي، وطوى مرحلة سوداء كئيبة من تاريخه، وفتح صفحة جديدة لإقامة الجمهورية الثالثة، واستعادة روح ثورة الياسمين، وإقامة دولة العدالة والمساواة والحريات، ونبذ التطرف والإرهاب والفساد، إنّ الدستور الجديد سيكون بمثابة نقطة انطلاقة الجمهورية الجديدة، وسينسف آمال الإخوان في العودة للسلطة من جديد، لاسيما مع خسارتهم لشعبيتهم وتأثيرهم في الشارع التونسي بعد الصاعقة التي ضربت التنظيم وداعميه رأساً على عقب بعد قرارات 25 جويلية الإصلاحية التي وضعت أسس لتكون تونس الجديدة خالية من تنظيم الأخوان.. و إنّ نتائج الاستفتاء الحاسمة أعطت تفاؤلاً كبيراً للشعب التونسي الباحث عن التغيير، وعليه ستطوى قريباً صفحة عشر سنوات من حكم الإخوان المتمثل في حركة النهضة، والتي اتسمت بالمحاصصة و التوافقات المغشوشة والفساد، وبقرار من الشعب التونسي تُطوى صفحة الإخوان الكئيبة وتدخل الجمهورية التونسية الجديدة.. و على الشّعب التونسي أن يدرك أنّ هذه المرحلة هي مرحلة الوقوف مع تونس الجديدة لتعبر من الأزمة التي وُضعت بها وعاشتها منذ 2011، زمن ما عُرِف زوراً بالربيع العربي.. اليوم هو يوم الوقوف مع الدولة التونسية لتعبر إلى برّ الأمان..

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024