الصادق الرزيقي: ما بعد القمة الإسلامية..!؟

الواضح أن قمة إسطنبول التي دعا لها الرئيس التركي رجب طيب أرد وغآن رئيس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي واختتمت مساء أول من أمس، كشفت عن مسارين مهمين في العالم الإسلامي للتعامل مع القضية الفلسطينية، صحيح أن الدول الأعضاء شاركت على مستوى قادتها أو عن طريق ممثلين لها، لكن رغم نجاح القمة وخروجها بأقوى بيان يمكن اعتماده في مثل هذه الظروف الضاغطة والتطورات الخطرة في القضية الفلسطينية، ظهر أن هناك دولا عربية وإسلامية لا تريد مواقف حاسمة وصارمة والتصدي بقوة للمشروع الصهيوني الذي يستخدم الإدارة الأمريكية في تسريع خطواته، بل هناك دول بعينها تتواطأ مع هذا المشروع وتحاول التماهي معه في ما يعرف د )صفقة القرن( التي تحولت إلى )صفعة القرن(، بينما الجزء الأكبر من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تقف بقوة دون أدنى مواربة مع القضية الفلسطينية وتسعى إلى تطبيق ما خمج به البيان الختامي. • والمساران واضحان، مسار التواطؤ والخذلان والتسوية والتطبيع، ومسار الدعم والمساندة والوقوف بحزم وقوة خلف الشعب الفلسطيني في محنته الحالية والرفض لعملية تهويد القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، وبدأت تظهر ملامح هذين المسارين في التغطية الإعلامية لبعض وسائل الإعلام العربي وسلوك وسائل الإعلام والفضائيات التطبيعبة في تناول القمة وما خرجت به، وواضح أن بعض الجهات في الوطن العربي والعالم الإسلامي تحاول أن تجعل القضية الفلسطينية ميدان تنافسها وصراعاتها وخلافاتها السياسية، لكن ليست هناك دولة واحدة من دول منظمة التعاون الإسلامي تستطيع أن تجاهر صراحة بمواقفها ضد ما خرجت به القمة، وإنما تحاول التنكيك في نوابا الدولة المضيفة، أو تبخيس التحرك السريع والعاجل والتفاعل الكبير للرئيس التركي مع القضية ودعوته  اجلة والطارئة للقمة آلتي كان أولى بالدعوة لها الدول العربية أو دول جوار فلسطين.
ومهما بكن نحن في مرحلة أحمج ما تنطلع إليه هو مزيد من التضامن العربي والإسلامي، والوقوف معا لنصرة التنعب الفلسطيني والدفاع عن القدس، ومنع أية محاولة لطمس هويتها وتهوبدها وتنجيسها بواسطة اليهود المحتلين، فهناك خطوات تراجع كبيرة في المواقف العربية، ولو رصدت خلال السنوات العتنرين الماضية لرأينا كيف تخلى العرب وربما السلطة الفلسطينية نفسها عن كامل القدس، وبدأوا يتحدثون عن جزء منها، وصار المصطلح الرسمي للعرب الرسميين وفي بياناتهم وتصريحاتهم هو الحديث عن (القدس الشرقية)، وهو الجزء الذي توجد فيه المقدسات الإسلامية والمسيحية وكأن بقية أراضي مدينة القدس لا تعنيهم، فمن يتخلى عن الجزء ويتمسك بأطراف من المدينة يمكنه في نهاية الأمر التخلي عن الكل. • فمن العيب أن يسوق النظام الرسمي العربي لمصطلح )القدس الشرقية(، وقد تم تمرير هذا المصطلح منذ اتفاقيات أوسلو واتفاق التسوية وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية،وكان رديفا لعملية التسوية والتطبيع التي تمت في الاتفاقيات التي جرت، فإذا كان الحق الفلسطيني لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فقط في القدس الشرقية، فمعنى ذلك أن للصهاينة الحق في بقية أنحاء القدس الأخرى في غربها الذي يضم أيضا مناطق تاريخية وبعض المقدسات والمعالم التاريخية العريقة والقديمة.

أما ما بعد القمة..فيجب على منظمة المؤتمر الإسلامي أن تكتفي بما أصدرته، فقد تعهدت في بيان الققة بمتابعة الخطوات المطلوبة ومنها التحرك على مستوى المنظمة الدولية الأمم المتحدة، وتوفير حماية بقوات دولية للشعب الفلسطيني، ورفع الحصار عن غزة، والحيلولة دون جعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاشم المغتصب، فعلى المنظمة ودولها وقادتهأ الاتفاق على طرق للتحرك والاتصالات السياسية والدبلوماسية الدولية لفضح ممارسات وبشاعة العدو الصهيوني وشهوته المفتوحة للقتل، وفضح جرائمه التي يرتكبها في حق الشعب الفلسطيني الأعزل وضرورة محاسبته عليها، بالإضافة إلى منع أية محاولة من أية دولة أخرى لنقل سفارتها إلى القدس للحفاظ على هوية المدينة التي وصفها الرئيس أردونمان بأنها ليست مدينة وإنما رمز للأمة وهويتها وللأديان السماوية ومقدساتها .
أمام منظمة التعاون الإسلامي تحد كبير بعد القمة الناجحة والتحرك الفوري النتريع، فعلى الدول الأعضاء أن تفتل أدوارها على أكثر من مستوى الداخل في بلدانها وفي مستويات التنسيق السياسي والإعلامي، فالأمة جمعاه في هذا الشهر المبارك في حاجة إلى تحركات متنوعة تستمع فيها إلى خطاب موحد ولغة واحدة لتحقيق أهداف ما خمج به البيان الختامي، وتلك مهمة لا تقع على عاتق القادة وحدهم، بل كل القوى الحية في عالمنا الإسلامي الكبير.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023