#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
بعد مرور تسع سنوات على سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، لا تزال ليبيا تغرق في أزمة سياسية متداخلة الأطراف، وسط محاولات دولية لحلحلتها ووسط أطماع دول أخرى لإستمرار الفوضى العارمة لنهب ثرواتها و تقسيمها..
لا يزال مسلسل التدخلات الخارجية في ليبيا مستمر ويتواصل و يسعى كل طرف من خلاله لتحقيق مصالح ذاتية الخاسر الوحيد هو الشعب الليبي الذي يبحث عن الامن والاستقرار..
بعد الثورة إنقسمت ليبيا إلى فرقاء يسعى كل منهما إلى السيطرة على ليبيا بدعم خارجي حتى أصبحت ساحة حرب دولية يتصارعون لتحقيق مكاسب ومصالح لهم في هذه الدولة الغنية بالثروات على حساب الشعب الليبي الذي لم ينعم بالأمن او الطمأنينة، والغريب في المشهد الصمت الأممي خلال السنوات الماضية الذي لم يحرك ساكنا أمام النزاع الذي كانت تغذيه بعض الدول الخارجية وبقي صامتا متفرجا حتى وصلت الامور الى ما هي عليه الآن وارتفاع وتيرة الحرب وزيادة ضحاياها و اصبحت التدخلات الدولية اكثر شراسة و صراع محاور سيدفع بليبيا و شعبها إلى مالا يحمد عقباه..
يبدو ان الأزمة الليبية حرب مصالح قادها اشتعال صراع للمحاور فى مواجهة القوى الدولية ، لتسخيرها والإستفادة منها فى حربها التنافسية مع القوى الإقليمية و أصبحت الشقيقة ليبيا مكانا تخوض فيه قوى أجنبية حربا بالوكالة، وربما حدة الصراع قد يدفع إلى مخاطر سيناريو إستعماري قديم لتقسيم ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺇﻟﻰ 3 ﺩﻭﻝ، ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕ ” ﺑﺮﻗﺔ ” ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻐﺮﺏ ” ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ ” ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ” ﻓﺰﺍﻥ ”.. ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻵﻥ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﺨﻄﻮﺍﺕ ﻣﺘﺴﺎﺭﻋﺔ ﻧﺤﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮ، ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﺭﺑﻤﺎ ﺳﺘﺠﻌﻞ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻣﻄﺮﻭﺣﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﺘﺠﻨﻴﺐ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﺣﻘﻦ ﺩﻣﺎﺋﻪ ﻓﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺎﺕ ﻧﺸﻮﺑﻬﺎ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻭﻗﺖ، و هو ما يستوجب وحدة عربية حقيقية و ﺑﺬﻝ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﺭﻋﺔ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺓ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻏﻠﻖ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻯ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ، لدعم مسار العملية السياسية في ليبيا بما يفضي إلى تسوية شاملة للوضع الليبي، باعتبارها السبيل الوحيد لتمكينها من إنهاء المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار المنشود، وضمان سيادتها الكاملة ووحدة أراضيها، وأمن وسلامة مواطنيها قبل تفكك ليبيا و هذا ما نخشاه وسط هذا السكوت الرهيب!!
في خضم تطورات ميدانية متسارعة أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن مبادرة داعية إلى وقف إطلاق النار في دولة ليبيا، والالتزام بالمسار السياسي من أجل تحقيق تطلعات وطموحات الشعب الليبي الشقيق في الأمن والاستقرار، و من أجل حفظ الأمن القومي العربي والدفاع عن المصالح والقضايا العربية إلا ان حكومة الوفاق الوطني ترفض هذه المبادرة، التي رحبت بها بعض الدول و وصفتها بالهامة من أجل إنهاء الأزمة في ليبيا و يرى البعض ان المبادرة اتت إثر خسارة ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺣﻔﺘﺮ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﻫﺎ ﺿﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ “ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ” ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ.. يبدو أنه لايوجد حل في الأفق القريب سوى تواصل الصراع الداخلي وبالتالي يصعب التنبؤ بنتائجه و تداعياته على ليبيا و شعبها و تحدياته الإقليمية ، فالدول العظمى ما يهمها هو تحقيق مصالحها بالهيمنة على النفط،و الثروات وهم لا يكترثون بمصلحة الشعب الليبي، لذلك ينبغي على الأشقاء الليبين مراعاة وحدتهم ومصالح بلدهم قبل إنهيار و تفكك الشقيقة ليبيا و هذا مايسعى له الكثيرين، الإنتهازيين صائدي الثروات في البلدان العميقة و المضطربة..
ارض الشقيقة ليبيا اصبحت مكانا لحرب بالوكالة ، تبدو طرفاها الظاهران جنرال في الشرق، وحكومة شرعية في الغرب الليبي.. لكن من خلف الستار كانت عدة أطراف تدعم (حفتر) لشن حرب بالوكالة على حكومة السراج بدعم تركي و يبدو أن الصدام بين داعمي حفتر وتركيا على الأرض قد يشعل حربا عالمية فلا أحد هنا سيسيطر على اللعبة ولا تطوراتها الإقليمية والدولية إذ سيكون المجال مفتوحا لتدخل أطراف هنا وهناك.. فالصراع في ليبيا حرب بالوكالة و الوضع يتجه للمجهول..
موقف الجانب التونسي حول تطورات الأزمة الليبية كان واضحا بعد قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بأن تونس متمسكة بسيادتها كتمسكها بسيادة ليبيا، و لن تكون جبهة خلفية لأي طرف و الحل في ليبيا يجب أن يكون داخليا دون أي تدخل خارجي..
في ظل التجاذب السياسي حول الملف الليبي ينبغي على بعض النخب السياسية في تونس ان لا تتعامل مع السياسات الخارجية بطريقة إرتجالية تخضع لحسابات ايديولوجية وسياسية ضيقة، دون مراعاة حساسية الوضع و بالتالي أي قرارات مستعجلة ستزيد في توتير الاجواء وافساد العلاقات بين الشعبين الشقيقين، وما علينا إلا دعمهم و الوقوف في صفهم دون التدخل في شؤونهم وإستغلال أزماتهم،
و ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ مطروحا ﺣﻮﻝ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﺎﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ؟ إلى أين تتجه ليبيا ؟