غادر الرئيس الصيني شي جين بينغ روسيا بعد أن أظهر التضامن بشكل كبير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مواجهة الغرب وانتهت الزيارة بتعهد الزعيمين بالعمل معا لتشكيل نظام عالمي جديد.
ولم يأت شي على ذكر الصراع في أوكرانيا تقريبا طوال زيارته التي استمرت يومين في تصريحات بنهايتها إن الصين لديها “موقف محايد”. ولم يكن هناك ما يشير إلى أن جهود شي للعب دور صانع السلام قد أسفرت عن نتائج، لكنه لم يقدم أيضا أي عرض لدعم حرب بوتين في أوكرانيا بشكل مباشر.
وقال شي لبوتين لدى مغادرته “الآن هناك تغييرات لم تحدث منذ 100 عام. عندما نكون معا فإننا نقود هذه التغييرات”.
ورد بوتين بالقول “اتفق معك” وأضاف شي “اعتني بنفسك يا صديقي العزيز من فضلك”.
وتعليقا على الاجتماع بين شي وبوتين، قال البيت الأبيض إن موقف الصين ليس محايدا وحث بكين على الضغط على روسيا للانسحاب من الأراضي الخاضعة لسيادة أوكرانيا من أجل إنهاء أكبر صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية إن القوات الروسية شنت “غارة جوية ضخمة” خلال الليل بينما كان شي في موسكو بإطلاق 21 طائرة مسيرة من طراز شاهد-136.
ولدى استعداد شي لمغادرة موسكو، انطلقت صفارات الإنذار في أنحاء العاصمة الأوكرانية كييف وفي شمال وشرق أوكرانيا مع ورود تقارير عن هجمات بطائرات مسيرة، لكن لم ترد تقارير عن دمار كبير.
وعن الزيارة قال بيان صادر عن الصين “إنهما (الزعيمان) يتشاركان في الرأي القائل إن هذه العلاقة قد تجاوزت النطاق الثنائي بكثير واكتسبت أهمية بالغة للمشهد العالمي ومستقبل البشرية”.
وقال بوتين في تصريح نشره موقع الكرملين الإلكتروني “إننا نعمل في تضامن على تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب وأكثر عدلا وديمقراطية والذي يجب أن يقوم على أساس الدور المركزي للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها والقانون الدولي وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، أشاد بوتين بالرئيس الصيني بسبب خطة السلام التي اقترحها الشهر الماضي وألقى باللوم على كييف والغرب لرفضها. ويرى الغرب أن خطة السلام الصينية ما هي إلا حيلة لكسب الوقت لبوتين لإعادة تنظيم قواته وتعزيز قبضته على الأراضي التي احتلها في أوكرانيا.
لا تتضمن خطة الصين المكونة من 12 نقطة تفاصيل محددة حول كيفية إنهاء الحرب الدموية المستمرة منذ عام وأودت بحياة عشرات الآلاف وأجبرت الملايين على الفرار.
مع اختتام شي وبوتين محادثاتهما، أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق مبدئي مع كييف بشأن حزمة قروض لمدة أربع سنوات بنحو 15.6 مليار دولار.
وفي تصريحات بعد قمته مع شي، أدان بوتين الخطط البريطانية لإرسال ذخيرة دبابات تحتوي على اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا وحذر من تداعيات ذلك.
وقال بوتين “إذا حدث كل هذا، فسيتعين على روسيا الرد وفقا لذلك بالنظر إلى أن الغرب بشكل جماعي بدأ بالفعل في استخدام أسلحة ذات مكون نووي” لكنه لم يخض في التفاصيل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) البريجدير جنرال باتريك رايدر للصحفيين إن الولايات المتحدة تعتزم تسريع عملية تسليم 31 دبابة من طراز أبرامز إلى أوكرانيا إلى الخريف.
ومجددا ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلفاء بلاده تقديم المزيد من المساعدات العسكرية بما في ذلك الذخيرة والقيام بذلك دون تأخير.
وقال في خطاب مصور “أحد الأسئلة التي تحظى دائما بأكبر قدر من الاهتمام هو توفير الذخيرة والدعم من شركائنا. نتوقع زيادة الإمدادات لما نحتاجه بالضبط… ونحن بحاجة إلى ذلك الآن”.
ميدانيا، دوى صوت تبادل رشقات من نيران المدفعية في بلدة تشاسيف يار إلى الغرب مباشرة من باخموت، وهي مدينة شرقية صغيرة أصبحت محور القتال العنيف على مدى أشهر.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية إن قتالا عنيفا استمر بالقرب من باخموت وأفدييفكا في الجنوب.
وبين بنايات سكنية في تشاسيف يار، اصطف سكان أغلبهم مسنون للحصول على مياه وطعام من فريق من خدمة الطوارئ الحكومية.
لا انفراجة بشأن أوكرانيا
خرج الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من محادثات استمرت يومين بعبارات دافئة عن الصداقة بين الصين وروسيا وانتقاد مشترك للغرب، لكن لا يوجد مؤشر على انفراج دبلوماسي بشأن أوكرانيا.
ولطالما روج الكرملين لزيارة شي إلى موسكو على أنها استعراض للدعم من أقوى أصدقائه، وطغت المشاعر الإيجابية على الزيارة. وتخاطب الزعيمان بقول “صديقي العزيز” ووعدا بالتعاون الاقتصادي ووصفا علاقات بلديهما بأنها في أفضل حالاتها.
وتضمن بيان مشترك للزعيمين اتهامات مألوفة للغرب مفادها أن واشنطن تقوض الاستقرار العالمي وأن حلف شمال الأطلسي يقتحم منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، أشاد بوتين بخطة السلام التي اقترحها الرئيس الصيني الشهر الماضي وألقى باللوم على كييف والغرب في رفضها.
وقال بوتين “نعتقد أن بنودا كثيرة في خطة السلام التي طرحتها الصين تتماشى مع المواقف الروسية ويمكن اعتبارها أساسا لتسوية سلمية حين يكونون جاهزين لذلك في الغرب وفي كييف. لكننا لا نرى، حتى الآن، مثل هذا الاستعداد من جانبهم”.
ولم يتحدث شي تقريبا عن الصراع، مكتفيا بالقول إن الصين تتبنى “موقفا محايدا”.
وقال البيت الأبيض في تعليق على الاجتماع إن موقف الصين ليس محايدا وحث بكين على الضغط على روسيا للانسحاب من الأراضي الخاضعة لسيادة أوكرانيا لإنهاء الحرب.
وطغت إلى حد ما الزيارة التي لم يعلن عنها لرئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيداواجتماعه مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف على قمة الرئيسين الروسي والصيني.
وكيشيدا هو أحدث زعيم عالمي يقوم برحلة شاقة للتعبير عن التضامن مع أوكرانيا، وتجول رئيس الوزراء الياباني في منطقة بوتشا في ضواحي العاصمة التي تناثر فيها القتلى العام الماضي بعد هروب القوات الروسية. ووضع كيشيدا إكليلا من الزهور بجوار كنيسة قبل أن يلزم الصمت وينحني للحظة.
وقال كيشيدا “اندهش العالم لرؤية مقتل المدنيين الأبرياء في بوتشا قبل عام واحد. أشعر حقا بالغضب الشديد من الفظائع التي ارتكبت عند زيارة هذا المكان بالذات”.
وقع بوتين وشي اتفاقية شراكة “بلا حدود” العام الماضي قبل أسابيع فقط من غزو روسيا لأوكرانيا. وامتنعت بكين منذئذ عن تحميل موسكو مسؤولية الحرب وأدانت العقوبات الغربية على روسيا، رغم أن الصين استفادت من الحصول على خصومات على النفط والغاز الذي لم تعد روسيا تبيعه لأوروبا.
ورفض الغرب إلى حد كبير خطة شي للسلام في أوكرانيا لأنها على أحسن الفروض مبهمة لدرجة لا تحدث فارقا، أو في أسوأ الفروض تمثل حيلة لكسب الوقت لبوتين لإعادة بناء قواته.
لكن كييف التي ربما تأمل في الإبقاء على حياد الصين توخت قدرا أكبر من الحذر، ورحبت بحذر بالخطة حين كشفتها الصين الشهر الماضي.
وقال زيلينسكي في مؤتمره الصحفي مع كيشيدا إن كييف دعت الصين للتوقيع على خطة السلام المقترحة لأوكرانيا لكنها لم تتلق ردا. ودعا زيلينسكي شي مرات لإجراء محادثات معه.
وتقول كييف إنه لا يمكن إجراء محادثات سلام مع روسيا ما لم تسحب قواتها. وتقول موسكو إن كييف يجب أن تقبل “الحقائق” على الأرض في إشارة إلى مطالبتها بالحق في ضم نحو خمس أوكرانيا.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي إن وقف إطلاق النار في الوقت الحالي سيجمد خطوط المعركة في مواقعها مما يعني أن تتنازل أوكرانيا فعليا عن أجزاء من أراضيها للغزو الروسي.
وقالت واشنطن الشهر الماضي إنها قلقة من أن تتمكن بكين من تسليح روسيا وهو ما تنفيه الصين.
وفي وقت لاحق، قال زيلينسكي في خطاب مصور إن القوات المسلحة الأوكرانية بحاجة في المقام الأول إلى مزيد من الذخيرة وتتوقع زيادة الإمدادات من الشركاء الغربيين.
وقال ميك رايان، وهو ميجر جنرال أسترالي متقاعد ومحلل عسكري، إن قدرة أوكرانيا على ما يبدو على ضرب أهداف هناك “تجبر الروس على أن يعيدوا التفكير في وضع قواتهم وانتشارهم الدفاعي في شبه جزيرة القرم وخارجها”.
واستعادت كييف مساحات شاسعة من الأراضي في النصف الثاني من عام 2022، لكن قواتها تتخذ إلى حد كبير موقفا دفاعيا منذ شهور. في غضون ذلك، شنت موسكو هجوما واسعا في الشتاء معتمدة على مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم حديثا ومرتزقة من المدانين في السجون.
ولم يتغير الوضع على خط المواجهة كثيرا على مدى أربعة أشهر.
الصديق العزيز
ونددت واشنطن بزيارة شي، قائلة إن التوقيت يظهر أن بكين توفر لموسكو “غطاء دبلوماسيا” لارتكاب المزيد من الجرائم.
كانت هذه أول رحلة خارجية لشي منذ فوزه بفترة رئاسية ثالثة غير مسبوقة الشهر الماضي. ويحاول الزعيم الصيني تصوير بكين على أنها صانع سلام محتمل في أوكرانيا، حتى مع تعميق العلاقات الاقتصادية مع أقرب حليف له.
ووصف بوتين وشي بعضهما البعض “بالصديق العزيز” عندما التقيا في الكرملين، وذكرت وكالات الأنباء الحكومية الروسية في وقت لاحق أنهما أجريا محادثات غير رسمية لما يقرب من أربع ساعات ونصف الساعة يوم الاثنين، ومن المقرر عقد محادثات رسمية يوم الثلاثاء.
وفي تصريحات أذاعها التلفزيون بعد تبادلهما الترحيب، قال بوتين لشي إنه ينظر باحترام إلى مقترحات الصين لحل النزاع في أوكرانيا، واعترف بأنه “يحسد قليلا… نظام الصين الفعال جدا لتنمية الاقتصاد وتقوية الدولة”.
وأشاد شي من جانبه ببوتين وتوقع أن يعيد الروس انتخابه العام المقبل.
وقال “بفضل قيادتكم القوية، أحرزت روسيا تقدما كبيرا في تحقيق ازدهار البلاد في السنوات الماضية”.
وتروج موسكو علنا منذ شهور لاعتزام شي زيارتها، لكن توقيت زيارته هذا الأسبوع جعل لدعم الزعيم الصيني الشخصي معنى جديدا، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال يوم الجمعة تتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب لترحيله أطفالا من أوكرانيا.
وتنفي موسكو ترحيل الأطفال بشكل غير قانوني، قائلة إنها استقبلت أيتاما لحمايتهم. وفتحت موسكو دعوى جنائية ضد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها. وقالت بكين إن مذكرة المحكمة عكست ازدواجية المعايير.
ويقول الغرب إن من شأن هذه المذكرة أن تجعل الرئيس الروسي منبوذا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن “سفر الرئيس شي إلى روسيا بعد أيام من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس بوتين يشير إلى أن الصين لا ترى ضرورة لمحاسبة الكرملين على ما يرتكبه من أعمال وحشية في أوكرانيا”.
وأضاف “بدلا من التنديد بهم (الروس)، تفضل (الصين) توفير غطاء دبلوماسي لروسيا لمواصلة ارتكاب تلك الجرائم الخطيرة”.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن على شي أن يستخدم نفوذه للضغط على بوتين لسحب القوات من أوكرانيا وإن واشنطن يساورها القلق من أن تطالب بكين بدلا من ذلك بوقف لإطلاق النار يسمح للقوات الروسية بالبقاء.
وأعلنت الصين اقتراحا من 12 نقطة لحل الأزمة الأوكرانية ورفضه الغرب إلى حد كبير باعتباره حيلة لكسب الوقت لصالح بوتين حتى يعيد تجميع قواته ويعزز قبضته على الأراضي المحتلة.
وقال كيربي إن روسيا والصين “ليس لديهما نفس شبكة الأصدقاء والشركاء” في أنحاء العالم مثل الولايات المتحدة، ولهذا السبب تعملان على توطيد علاقتهما الآن.
وقالت واشنطن خلال الأسابيع القليلة الماضية إنها تخشى أيضا من أن تسلح الصين روسيا، وهو ما نفته بكين. وقال كيربي إن الولايات المتحدة تعتقد أن ذلك لا يزال مطروحا على الطاولة.
حرب عالمية ثالثة
تتصرف كييف، التي تقول إن الحرب لا يمكن أن تنتهي قبل أن تسحب روسيا قواتها، بحذر تجاه الصين إذ رحبت بتحفظ باقتراح بكين للسلام عندما تم الكشف عنه الشهر الماضي على الرغم من أن الحلفاء الغربيين أبدوا تشككا علنيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تسليح الصين لروسيا يمكن أن يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة لكنه يعتقد أن بكين تدرك هذا الخطر، مما يعني اعتقاده أنه غير مرجح. ودعا زيلينسكي شي إلى التحدث معه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليج نيكولينكو “نتوقع أن تستخدم بكين تأثيرها على موسكو فقط لتنهي الحرب العدوانية على أوكرانيا”.
ويأمل الأوكرانيون بان يساهم ضغط حلفائهم الغربيين على السلطات الصينية، في الحفاظ على هذا التوازن الهش.
وقال سيرغي سولودكي نائب مدير مركز التحليل الأوكراني “نيو يوروب” لوكالة فرانس برس إن “توقعات أوكرانيا هي بالحد الأدنى: ألا تتدهور الأمور”.
الموضوع حساس لدرجة أن السلطات الأوكرانية لا ترغب في التعليق علنا على هذه الزيارة المرتقبة من الاثنين الى الاربعاء والتي سيلتقي فيها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ مرتين على الأقل.
وقال مسؤول أوكراني كبير رافضا الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس إن “أوكرانيا ستتابع عن كثب هذه الزيارة”.
وأضاف “بالنسبة الينا، من المهم ان تحافظ الصين على سياستها القائمة على الاحترام الثابت لوحدة أراضي دول أخرى” بعدما أعلنت موسكو ضم خمس مناطق أوكرانية.
في موازاة ذلك، اتهمت الولايات المتحدة بكين في شباط/فبراير بأنها تدرس مسألة تسليم أسلحة لروسيا في وقت يواجه هجومها على أوكرانيا مأزقا.
وقال وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) لتلفزيون “سي بي إس”، “نحن مقتنعون بأن القيادة الصينية تعتزم ان تقدم معدات فتاكة” لروسيا.
بحسب معلومات صحافية فإن هذه المعدات تشمل ذخائر وطائرات بدون طيار.
حتى الآن، قدمت إيران فقط مسيرات قتالية لموسكو التي تستخدمها بشكل خاص لمهاجمة بنى تحتية للطاقة في أوكرانيا.
تعتبر واشنطن ان بكين تقدم أساسا معدات غير فتاكة الى روسيا.
وقال مسؤول أوكراني كبير آخر رافضا الكشف عن اسمه في مطلع آذار/مارس “إذا بدأوا بتقديم الأسلحة، فستكون هذه مشكلة خطيرة بالنسبة لنا”.
من جهته قلل الامين العام لمجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف من احتمال ارسال مثل هذه الشحنات. وقال في مقابلة نشرت الجمعة “الصين (…) لن تكون متواطئة مع روسيا”.
كذلك اعتبر المحلل الأوكراني يوري بويتا وهو حاليا باحث مشارك في معهد أبحاث الدفاع والأمن الوطني ومقره تايبيه، أن هذا الأمر غير محتمل في هذه المرحلة.
وقال لوكالة فرانس برس “لا نتوقع تسليم دبابات او طائرات صينية او انظمة إطلاق صواريخ متعددة صينية، على المدى القصير”.
لكن خلافا لما تطالب به أوكرانيا والغرب، فإنها لا تذكر انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية وتقترح في المقابل رفع العقوبات “الأحادية الجانب” ضد روسيا.
رفض الغربيون هذه الوثيقة لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحريص على عدم إثارة استياء بكين، اعتبر انه من “الضروري العمل” مع هذه الدولة.
رغم تبادل الاحاديث بين وزيري خارجية اوكرانيا والصين، فان زيلينسكي لم يعقد محادثات مع شي جينبينغ منذ بدء الغزو الروسي رغم أنه عبر علنا عن رغبته بذلك.
يقول بويتا إن “زيلينسكي كان يحاول التواصل مع شي منذ آب/اغسطس” لكن الصين “لا ترد”.
بحسب وسائل إعلام أميركية فان مثل هذه المحادثة يمكن ان تتم بعد زيارة الرئيس الصيني الى موسكو “لكن لن يحدث اي اختراق” كما توقع الخبير.
وقال إنه على الصعيدين الاقتصادي والجيوسياسي “روسيا مهمة جدا للصين، أهم بكثير من أوكرانيا” التي تعتبرها بكين “منطقة نفوذ روسية، منطقة رمادية” بين الغرب والشرق.
وأوضح سولودكي أن كييف “لم تطور فعليا سياسة حيال الصين” وليس لديها سفير في بكين منذ سنتين معتبرا انه “من غير المجدي الأمل بانه فجأة ستستمع الينا الصين”.
واتفقت عدة دول في الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الاثنين على شراء مليون قذيفة مدفعية عيار 155 مليمترا من أجل أوكرانيا. ويطلق كلا الجانبين آلاف القذائف يوميا.
وأعلنت الولايات المتحدة عن أحدث حزمة من المساعدة العسكرية لأوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار، والتي تتضمن المزيد من الذخيرة لراجمات صواريخ هيمارس ومدافع الهاوتزر بالإضافة إلى ذخيرة لمركبات برادلي القتالية للمشاة وصواريخ هارم وأسلحة مضادة للدبابات وقوارب نهرية.
واستمر القتال العنيف في بلدة باخموت بشرق أوكرانيا حيث صمدت القوات الأوكرانية منذ الصيف الماضي في المعركة الأطول والأكثر دموية في الحرب.
وشنت موسكو، التي لم تحقق نصرا كبيرا منذ أغسطس آب الماضي، هجوما شاملا خلال الشتاء شارك فيه مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم مؤخرا فضلا عن مدانين مجندين من السجون.
وتناثرت الجثث في ساحة القتال جراء المعارك التي وصفها الجانبان بأنها “مفرمة لحم”، لكن الخطوط الأمامية لم تشهد تحركا يذكر منذ أكثر من أربعة شهور.
وظلت عمليات أوكرانيا، التي استعادت مساحات من أراضيها في النصف الثاني من عام 2022، دفاعية بشكل أساسي منذ نوفمبر تشرين الثاني بهدف استنزاف القوات الروسية المهاجمة قبل شن هجوم مضاد مخطط له.
وكتب يفجيني بريجوجن رئيس مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة في رسالة لوزير الدفاع سيرجي شويجو نُشرت أن الجيش الأوكراني يخطط لهجوم وشيك يستهدف فصل قوات فاجنر عن القوام الرئيسي للقوات الروسية في شرق أوكرانيا، مما يؤدي إلى “عواقب سلبية”.
وفي الرسالة التي نشرتها الخدمة الإعلامية لبريجوجن، قال إنه تم التخطيط لشن “الهجوم واسع النطاق” في أواخر مارس أو أوائل أفريل.
وتعطي زيارة الرئيس الصيني دفعا لبوتين الذي يواجه عزلة دبلوماسية وتحدى الغرب في نهاية الأسبوع بزيارة ماريوبول، المدينة الأوكرانية التي دمرها القصف الروسي.
ازدواجية المعايير
ودعت الصين المحكمة الجنائية الدولية إلى تفادي “ازدواجية المعايير” بعد إصدارها مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية جرائم حرب.
وقال متحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحافيين قبل ساعات من بدء الرئيس شي جينبينغ زيارة دولة لروسيا “على المحكمة الجنائية الدولية اعتماد موقف موضوعي وغير منحاز واحترام حصانة رؤساء الدول أمام القضاء … وتفادي التسييس وازدواجية المعايير”.
وكانت المحكمة التي تتخذ مقرا في لاهاي بهولندا اصدرت مذكرة التوقيف بحق الرئيس الروسي على خلفيّة “جريمة الحرب المفترضة المتمثّلة في الترحيل غير القانوني لأطفال من المناطق المحتلّة في أوكرانيا إلى روسيا الاتّحاديّة” منذ بدء الغزو.
رُحِّل أكثر من 16 ألف طفل أوكراني إلى روسيا منذ بدء الغزو في 24 شباط/فبراير 2022، وفق كييف، ووُضِع كثير منهم في مؤسّسات ودور رعاية.
وقال المتحدث الصيني إن “الطرفين سيمارس (…) التعددية الحقيقية وسيشجعان الديموقراطية في العلاقات الدولية ويبنيان عالما متعدد الأقطاب ويحسنان الحوكمة العالمية ويساهمان في التنمية والتقدم في العالم”.
واضاف ان “الصين ستحافظ على موقفها الموضوعي والعادل بشأن الازمة الاوكرانية وستلعب دورا بناء في تشجيع محادثات السلام”.
ولم تدن الصين علنا الغزو الروسي لاوكرانيا وهي تنتقد الولايات المتحدة لتسليمها أسلحة لكييف وكذلك حلف شمال الاطلسي لانه لم يأخذ في الاعتبار المخاوف الروسية في مجال الأمن.
لكن بكين تدعو الى الحوار والى احترام وحدة أراضي كل الدول وبينها أوكرانيا.
دعوى جنائية ضد مدعي وقضاة الجنائية الدولية
قالت لجنة التحقيق الروسية إنها فتحت دعوى جنائية ضد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها الذين أصدروا يوم الجمعة مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
وذكرت اللجنة التي تتولى التحقيق في الجرائم الخطيرة أنه لا مبرر لتحميل بوتين أي مسؤولية جنائية وأن رؤساء الدول يتمتعون بحصانة مطلقة من الولاية القضائية للدول الأجنبية.
وأضافت أن إجراءات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية تنطوي على ما يمكن اعتبارها جرائم بموجب القانون الروسي، إذ أنها اتهمت عن عمد شخصا بريئا بارتكاب جريمة و”أعدت العدة لشن هجوم على ممثل لدولة أجنبية يتمتع بحماية دولية، من أجل تعقيد العلاقات الدولية”.
ويمثل الإجراء الذي اتخذته روسيا بادرة تحد رمزية ردا على المذكرة الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين يوم الجمعة واتهمته إلى جانب مفوضته لحقوق الأطفال بارتكاب جريمة حرب بترحيل أطفال من أوكرانيا إلى روسيا.
ووصف الكرملين الخطوة بأنها شائنة وباطلة من الناحية القانونية لأن روسيا ليست من الدول الموقعة على المعاهدة التي أنشئت المحكمة الجنائية الدولية بموجبها.
وقال الكرملين إن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تكشف عن “العداء الواضح” ضد موسكو وضد بوتين شخصيا.
لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال للصحفيين إن روسيا تتجاوب “بهدوء” وتواصل عملها.
وقال بيسكوف في إفادة صحفية دورية “نشهد هذا العدد من (مواقف)استعراض العداء الواضح ضد بلدنا وضد رئيسنا”.
وأضاف “نلاحظها، لكن إذا أخذنا كل واحدة منها على محمل الجد، فلن ينتج عن ذلك شيء جيد. وبالتالي ننظر إلى هذا بهدوء، ونلاحظ كل شيء باهتمام ونواصل العمل”.
ولا يزال من غير الواضح مدى تأثير تحرك المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين جنبا إلى جنب مع المفوضة الروسية لحقوق الأطفال بتهمة الاختطاف الجماعي لأطفال من أوكرانيا.
وروسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة مما يعني أن المذكرة ليس لها قوة قانونية في روسيا، غير أن هذه الخطوة قد تعرقل سفر بوتين إلى أي من الدول التي تعترف بالفعل باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وعددها 123 دولة.
ولم تنكر روسيا نقل آلاف الأطفال من أوكرانيا منذ بدء ما تسميه “عملية عسكرية خاصة”، لكنها قالت إنها فعلت ذلك لحمايتهم.
وردت روسيا بغضب على قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين واصفة إياه بأنه “شائن وغير مقبول”.