تختتم اليوم الأربعاء «ورشة المنامة الاقتصادية» وتخص تحديداً غزة والضفة الغربية ووضع اللاجئين الفلسطينيين في كل من مصر والأردن ولبنان, وهو الشق الاقتصادي لـ«صفقة القرن», والتي لم تعد خافية في بنودها ومراحلها على أحد بحكم ما سرّب منها من وقائع وإجراءات هي في الأساس مطالب إسرائيلية قامت الولايات المتحدة بتبنّيها منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي أن القدس «عاصمة أبدية وموحدة» للكيان الصهيوني وضم أجزاء كبيرة من الضفة, وكذلك إعلانه المشؤوم حول الجولان السوري المحتل.
لقد كان واضحاً من المداولات التي شهدتها «الورشة» أن هناك خدعة كبرى للتغطية على «تصفية» القضية الفلسطينية برمتها, وأن هناك أيضاً الكثير من المغازي السياسية لما يسمى المشروعات الاقتصادية, على الرغم من قناعة الجميع, وهو ما ثبت بالدليل والتجربة أنه لا بديل اقتصادياً أو غير اقتصادي لحقّ الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال, وإنهاء الاحتلال, وأن عملية الالتفاف على هذا الحق سواء بالاقتصاد أو غيره من المجالات لا يمكن أن ينسف أو يقضي على الهدف الأساس والمركزي للشعب الفلسطيني, والمثبت على امتداد أكثر من سبعة عقود بدحر الاحتلال, وضمان حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس, وإخلاء المستوطنات والانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967.
وإذا كانت الولايات المتحدة ومعها بالطبع «إسرائيل» وأنظمة الحكم التي شاركت في ورشة المنامة, تريد من وراء هذه الخدعة الكبرى تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني وقدرته على البقاء في وطنه, فإن «الصفقة» كلها قد ولدت ميتة, وها هو الجزء الاقتصادي منها الذي يراد له أن يكون نوعاً من الترغيب لقبول الجزء السياسي, لكن هذا الترغيب ليس أبداً ما يبحث عنه أو يستجديه الشعب الفلسطيني, حتى لو ضاقت الأجواء إلى مواجهة الترهيب وفي الحالين لن تمر «صفقة القرن», ولقد تم دفن كل أهدافها بالإجماع الفلسطيني العام والشامل على رفض «الصفقة» ومقاومتها بكل القدرات والإمكانات النضالية الفلسطينية, وهو ما يقتضي بعد هذا الرفض إعادة اللحمة الوطنية وتجاوز الانقسامات الداخلية والتوافق على برنامج وطني نضالي موحد للشعب الفلسطيني في مقاومته وصموده ضد الاحتلال وضد جميع مشروعات «تصفية» القضية الفلسطينية.