الجمعة , 22 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

العالم قبل كورونا وبعده.. السيناريوهات المتوقعة…بقلم د. محمد سيد أحمد

فجأة ومن دون مقدمات، اجتاح العالم وباء كورونا الذي أوقف الحياة على سطح المعمورة، واستبدلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية أجندة برامجها اليومية والتي كانت تركز في جزء كبير منها على الصراعات والنزاعات في المناطق الساخنة على سطح الكرة الأرضية، وأصبح الخبر الرئيس عبر كل وسائل الإعلام يدور حول كورونا وما يمكن أن يسببه من كارثة للبشرية، وبالطبع انتقلت العدوى إلى الإعلام الجديد المتمثل في السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لضابط أو رابط وما يبث عبرها يتضمن أكاذيب وفبركات أكثر من الحقائق، وبذلك سادت حالة من الرعب لدى الغالبية العظمى من سكان الكوكب والتي تقدر الآن بنحو 7.75 مليار نسمة، ما دفع حكومات غالبية الدول لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية مواطنيها وصلت في بعض الدول لوقف الحياة نهائياً تقريباً، وفرض الحجر الصحي المنزلي على الجميع.

هنا لابد من طرح السؤال التالي: كيف كان وضع العالم قبل كورونا؟ والإجابة باختصار شديد ومن دون الخوض في تفاصيل، كان عبارة عن صراعات ونزاعات خلقتها القوى الامبريالية من أجل السيطرة والهيمنة على الثروات الطبيعية لمجتمعات العالم الثالث وتكريس تبعيتها وتخلفها ومنعها من النهوض واستلاب قدرة أنظمتها السياسية على اتخاذ القرارات المستقلة، وبالطبع كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي تلك القوى الامبريالية التي ظلت تسيطر وتهيمن على العالم كقطب أوحد لما يقرب من عقدين من الزمن، قبل أن تعود روسيا لمكانتها الدولية في العقد الثاني من هذه الألفية، وبروز دور الصين مؤخراً على الساحة الدولية كقطب بارز خلال العقد الأخير، وبالطبع يمكن تقسيم العالم إلى أقلية غنية وأغلبية فقيرة.

وإذا كان عدد سكان الكوكب قبل 70 عاماً حوالي 2.5 مليار نسمة فهذا يعني أنه قد تزايد مرتين في ظل تقدم تكنولوجي رهيب وارتفاع في مستوى الصحة، في الوقت الذي ازدادت فيه الفروق الاقتصادية بين الدول وعدم عدالة التوزيع بين الأفراد، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً على إمكانية استمرار الحياة على كوكب الأرض، وهنا يبرز أمامنا توماس روبرت مالتوس الباحث السكاني والاقتصادي السياسي البريطاني الشهير بنظرياته المؤثرة حول التكاثر السكاني والتي يمكن تلخيصها بأنه قد أشار إلى وجود علاقة وطيدة بين تطور عدد السكان وتطور كمية الإنتاج، وأكد على حتمية النقص في المواد الغذائية بالنسبة لزيادة السكان، إذ يعتبر أن عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية (2- 4– 8– 16– 32) بينما يزيد الإنتاج الزراعي وفق متوالية حسابية (2– 3– 4– 5- 6) وهو ما سيؤدي حتماً إلى نقص الغذاء، وأشار مالتوس إلى أن السكان قادرون على المضاعفة مرة كل 25 عاماً، وهي النبوءة التي تحققت تقريباً مرتين خلال الـ70 عاماً الماضية، ويرى مالتوس أن العلاج لوقف هذه المشكلة يتمثل فيما سمّاه “الموانع الإيجابية الطبيعية” مثل الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة التي تحصد أرواح أعداد ضخمة من البشر على سطح المعمورة، وبما أنه لم تعد هذه “الموانع الإيجابية” تحدث بشكل طبيعي وتلقائي فقد بدأت الدول الامبريالية بتخليق هذه الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة وآخرها كورونا.

وفيما يتعلق بالنتائج المتوقعة وفقاً للسيناريوهات المطروحة والتي يدور حولها النقاش والاتهامات المتبادلة بين حكومات الدول الكبرى فتأتي على النحو التالي:

1- سيناريو المؤامرة الأمريكية: والذي تُتهم فيه الولايات المتحدة بتخليق الفيروس وتصديره إلى الصين، وهو ما سيؤثر سلباً عليها باعتبارها منافساً قوياً للولايات المتحدة، لكن ستكون النتائج أكثر كارثية على اقتصاديات الدول الفقيرة.

2- سيناريو الانتشار الطبيعي: وهو ما سيحصد أرواح أعداد كبيرة من البشر حول العالم، لكن ستكون نتائجه أكثر كارثية على الدول الفقيرة عامة والمواطنين الفقراء خاصة، لأن الفقراء أقل وعياً وأقل حرصاً وأقل قدرة على حماية أنفسهم، ودولهم لا تمتلك الإمكانات اللازمة للوقاية والحماية.

ويمكن القول إن المحصلة النهائية للسيناريوهات المطروحة والنتائج المتوقعة من وراء انتشار الفيروس سواء تمت السيطرة عليه أو انتشر وحصد أرواح الملايين، فإن الدول الأكثر فقراً هي الأكثر تضرراً وتدميراً لاقتصادياتها، والمواطنون الفقراء في هذه الدول هم الأكثر تعرضاً للخطر نتيجة قلة الوعي وانعدام الحيلة وعدم القدرة على الوقاية نتيجة اضطرارهم للخروج من بيوتهم سعياً وراء لقمة العيش، على عكس الأغنياء الذين تمكنهم ظروفهم من اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية أنفسهم والابتعاد عن مواطن الخطر.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ماذا عن العالم بعد كورونا؟.. الإجابة ببساطة أنه سيعود مرة أخرى للصراعات والنزاعات بين القوى العظمى بعد أن يكون قد رسم خرائط جديدة للصراع.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.

 

شاهد أيضاً

إجبار المحتل الأمريكي على الانسحاب من سورية !!…بقلم د. محمد سيد أحمد

بات العالم أجمع على يقين من أن أميركا هي الراعي الرسمي للإرهاب.. والضربات التي تستهدف …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024