في خطوة نوعية وغير مسبوقة نجحت الصين في احتضان لقاء بين السعودية وإيران تمخض عنه اتفاق على تبادل السفراء وإعادة العلاقات بين طهران والرياض المقطوعة منذ سبع سنوات من دون أن يكون هناك أيّ دور للولايات المتحدة الأمريكية كما صرّح بذلك مسوؤل أميركي قائلاً: لم يكن لنا أي دور في الاتفاق بين السعودية وإيران الذي رعته الصين.
كان معلوماً أن تتم مثل هذه العلاقات برعاية أمريكية ومع نجاح الصين في إنجاز هذا الاتفاق بعيداً عن أية علاقة لواشنطن به يعني أن هناك علاقات دولية جديدة بدأت تتشكل من دون تدخل أمريكي ما يشير إلى تراجع في دور أمريكا عالمياً وتقدم في دور الصين كقوة ليست اقتصادية فقط وإنما قوة سياسية ودبلوماسية فعّالة ومعتبرة أيضاً.
معظم دول العالم رحبت بالاتفاق السعودي الإيراني عدا الكيان الصهيوني، وطبعاً الولايات المتحدة الأمريكية التي كان ترحيبها خجولاً خاصة أنها المرة الأولى التي تقوم بها السعودية بخطوة كبيرة وحساسة على الصعيد الدولي من دون علم واشنطن.. وخاصة أيضاً أن الأمر يتعلق بإيران التي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات شديدة منذ سنوات إضافة إلى حصار خانق وعزلة دولية.
وجاء الاتفاق بين السعودية وإيران ليشكل خرقاً كبيراً في جدار العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران منذ ما يزيد على أربعة عقود.
ولعلّ أكثر المنزعجين وربما المتضررين أيضاً من هذا الاتفاق الكيان الصهيوني الذي كان يعمل ليلاً ونهاراً لإقامة حلف في المنطقة ضد إيران ويستعد علناً لتنفيذ عدوان عليها يستهدف منشآتها النووية فضلاً عن رهانه على إكمال التطبيع مع بقية الدول العربية الذي تقف إيران ضده بقوة ما يعني أن عزل إيران قد فشل وأن احتمال عزل الكيان الصهيوني ربما يعود مجدداً إلى الواجهة.
ويمكن القول إنه إذا ما صمد هذا الاتفاق ونفذ خلال الشهرين القادمين فإن تأثيراته ستكون أبعد من العلاقات الثنائية بين طهران والرياض بحكم المناخ الذي سوف يشكله وتكون له انعكاسات إيجابية على ساحات عديدة مثل الساحة اليمنية والساحتين اللبنانية والسورية وحتى الساحة الفلسطينية.
والأهم في كل ما جرى غياب الدور الأمريكي ما يعني صعود الدور الصيني واضمحلال مركز القطب الواحد إفساحاً في المجال لعالم متعدد الأقطاب لم تعد فيه الولايات المتحدة الأمريكية الآمر الناهي.