أكثر اثارة للهلع من فيلم فرنسيس فورد كوبولا، «Apocalypse now» أي «الرؤيا الآن»، أو «القيامة الآن»، حيث التقويض الدراماتيكي للنفس البشرية…
قهقهات الكورونا على امتداد هذه المتاهة التي تدعى الكرة الأرضية. لنتصور ما يمكن أن يحل بالعالم اذا ما بقي الوباء على ايقاعه الراهن.
أمبراطوربات تتزعزع. مجتمعات داخل الأبواب المقفلة. أين هي «أميركا العظمى» التي يعمل لها دونالد ترامب ؟ واين هو التنين الذي ينظر اليه البنتاغون على أنه «الشيطان الأصفر الذي ينتظرنا عند المفترق»؟
الكورونا غزت أميركا، بعيداً عن الترهات القائلة بصناعة هذا الفيروس، وبرمجته، وتسويقه. علماء أميركيون يقولون «حتى اللحظة، القضاء على هذا الوباء أشبه ما يكون بالقضاء على الهواء»!
البورصات الكبرى تتقهقر. براميل النفط على أرصفة روتردام تتدحرج أكثر فاكثر نحو القاع. توقعوا أزمات مدوية حتى في البلدان التي مضت بعيداً في لعبة القرن، وحيث يتلاشى، شيئاً فشيئاً، الكائن البشري في حضرة… السيد العدم.
بعض الفلاسفة يرون أن ظهور الفيروس يمكن أن يعيد الاعتبار الى النفس البشرية. الذين يقولون انهم على وشك الانتقال، قريباً، من الزمن الى ما بعد الزمن انما يقصدون الانتقال من الانسان الى… ما بعد الانسان.
لا بد من الصدمة، وعبر ذلك الحيوان اللامرئي، والمجهري، كي لا نأخذ، بعد حين، شكل القردة. ألا يعمل الذكاء الاصطناعي لتحويلنا، حتى بأحاسيسنا، الى… قردة؟
يا للغرابة حين نعلم أن بين الكتابات السوداوية لفرانز كافكا والتي عثر عليها بعد رحيله، قصة قصيرة بعنوان «مهرجان الخفافيش» الذي ينتهي باضمحلال البشرية، وان كان قصد بالخفافيش اولئك الذين دأبوا على تدمير الانسان في الانسان!
العرب في زمن الكورونا. سامح شكري، وزير الخارجية المصري يقوم بجولة على 7 دول عربية من أجل دعم بلاده في صراعها مع اثيوبيا حول مياه النيل، تماماً كمن يسند ظهره الى الريح.
أين هي مصر الآن، واين هم العرب؟ لاحظوا قول رئيس الوزراء الأثيوبي آبي احمد، حين حاول الاميركيون التدخل لفض النزاع «أميركا هناك، ونحن هنا، وأعتقد أننا ندرك مصالح شعبنا أكثر من الآخرين».
ألا تعمل تل أبيب لاعادة «مملكة يهوذا» الى اثيوبيا؟ هي موجودة هناك، على كل المستويات. عشرات الضباط الأثيوبيين يتدربون في «اسرائيل» على الصواريخ، وعلى القاذفات الأكثر تطوراً، استباقاً لاندلاع صراع عسكري بين القاهرة واديس ابابا. لا شيء يمكن أن يحتوي الاحتمالات في مصر أهم من التحكم بمنابع النيل.
كلنا عشاق مصر. هي شقيقتنا الكبرى. ولكن هل هذه مصر حقأً؟ أين هي في وجه الغزو العثماني للأراضي السورية، وأين هي في العراق الذي على وشك الانفجار والتفكك؟ وأين هي من المواويل التي قيلت في اليمن؟ بل وأين هي في الجارة ليبيا التي تتنازعها الذئاب من كل حدب وصوب؟
زمن الكورونا. ماذا يعني هذا الفيروس للمصابين بفيروس الغياب والغيبوبة، سواء انقرضنا أم تم استبقاؤنا في المستودعات كما الخردة؟ لا أحد يكترث بنا (اخلاقياً على الأقل). قيل لمن قيل في لبنان «لا بقاء لكم الا اذا مددتم أيديكم الى بنيامين نتنياهو». استطراداً، خلاصنا بأيدي البرابرة. أيها العزيز… يهوذا!!
لا تصدقوا أن العرب أداروا ظهورهم لنا، ونحن في محنة الوجود واللاوجود، السياسات العربية تصاغ في واشنطن وتل أبيب. شخصية بارزة نقلت عن فريدريك هوف سؤاله لمرجعية لبنانية «الى متى تبقون في منتصف الطريق بين الخندق والقبر؟».
أخذاً عن غابرييل غارسيا ماركيز. بدل «الحب في زمن الكوليرا»، الكراهية في زمن الكورونا. أحوال العرب…