الثلاثاء , 24 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

الغباء الامريكي والرّدّ القادم…بقلم محمد الرصافي المقداد

منذ أن تأسست الولايات المتحدة الامريكية على الغصب والعدوان، لم تتغير نزعتها في الاستهانة بحقوق الشعوب، وعدم احترامها لها، ولا حتى التقيد بالمنظمات الدولية، ولا بقوانينها التي أقرتها قيد انملة، فكل ما صدر عنها، منذ ان تبوأت صدارة الدول الصناعية الكبرى، ينمّ عن غطرسة واستكبار انفردت به، وتطاولت على غيرها من دول العالم.

امريكا التي بلغت هذا العصر مداها، في الظلم والاستهانة بالحقوق والقوانين والأعرف، إعتقد قادتها تعاليا، انه لا يوجد من يقف في وجهها ويردعها عن غيها، ظنا منهم أن بلادهم بلغت من القوة مبلغا، لا يجرؤ عليها بعده احد من دول العالم على كسر إرادتها، لذلك فهي دائبة التحرش واستفزاز غيرها، ولا تتردد في ارتكاب أي مخالفة أو جريمة، على أساس أن ما تفعله، من باب ما تتيحه لها زعامتها الواهمة على العالم.

لقد تجسّدت فيها صفات الشيطان في الكبرياء وارتكاب الجرائم المختلفة بحق الشعوب، لذلك لم يتردد الامام الخميني في وصفها على ذلك الأساس، وتحذير شعبه وشعوب العالم من دسائسها ومؤامراتها، وتاريخها في هذا المجال حافل بموبقات وجرائم كان من المفروض معاقبتها عليها، ولكن في غياب الإرادة الصلبة القادرة على تنفيذ الحكم العادل فيها، تبقى أمريكا على حالها من المروق عن المجتمع الدّولي حاكمة بأحكامها الجائرة.

وعلى تقدم امريكا العلمي والتقني – وهو تقدم لم تكتسبه بأبنائها كما نعلم- بدا لنا في سياستها غباء نشأ من عقلية حكامها الذين اعتقدوا أنهم وصلوا الى مستوى لا يمكن ان يلحقه بهم غيرهم، فهو حسب تصوّرهم يسمح لهم أن يعربدوا في العالم كما يشاءون، وجرائمهم في اليابان، وفييتنام، وكوريا، وافغانستان، والعراق، وسوريا، لا تحتاج الى اثبات، وان كان تعذّرهم بمحاربة الارهاب، فإنه عذر أقبح من ذنب.

والارهاب الذي ادعت أمريكا محاربته، لم يكن سوى أداة خراب ودمار، صنعتها بنفسها وباعتراف قادتها، ركيزة للفوضى الخلاقة التي بشّر بها منظّروها، وان تعددت عناوين جماعاتها هنا وهناك، الا انّ صانعها يبقى واحد، امريكي خبيث لا يتغير.

أمّ الارهاب العالمي شكلت تحالفا لمحاربة صناعتها، فهي كعاهرة أنجبت من الزنى في السرّ، ثم رمت فلذة كبدها خوفا من الفضيحة، وان كانت قليلة الحياء واقعا، فهي حزينة عليه من ناحية ما خرج منها، ومع ذلك لا ترى له مكانا في حياتها أمام العالم.

لقد اشتغلت المخابرات الامريكية على تتبع نشاط اللواء قاسم سليماني، لسنوات طويلة، وقد رصدت له فرقا خاصة، وجوائز كبيرة لمن يدلّ عليه، وفي اعتقاد ساستها أن القضاء عليه سيربك حسابات محور المقاومة، وهو اعتقاد احمق تماما، ولو كانت أمريكا تدرك ذلك وتعتبر، لاتعظت من اغتيالاتها السابقة، التي لم تجني منها شيئا، سوى مزيد من البغض والكره لسياساتها العدوانية، هي وربيبها الكيان الصهيوني، اغتيال القادة خلّف قادة بدلهم، أشدّ قوة وعزما على المضي في طريق التحرير، ولن يثنيهم شيء عن بلوغ أهدافهم.

لقد اسهم اللواء قاسم سليماني في بناء الحشد الشعبي، تجهيزا وتدريبا وتخطيطا، وكانت مشاركته فعالة وكبيرة في القضاء على داعش، بعد ان كادت تنجح في اسقاط بغداد عاصمة العراق أوّلا، والبدء في تنفيذ المخطط الأمريكي في تقسيم العراق ثانيا، ذلك الانجاز أغضب الأمريكيين بفشل لقيطهم، فأضمروا الشرّ للحشد، خصوصا وأنه نتاج ثروة اسلامية، وثقافة جهادية نابعة من الاسلام المحمدي الأصيل، دعا اليها الامام الخميني روضان الله عليه، ورعاها من بعده الامام الخامنئي علنا، ودون خشية من احد، ذلك أن هذا المولود المبارك، طاهر من اساسه بفتوى المرجعية، فوجبت رعايته، وتمكينه من اثبات وجوده، أمام التحدّيات التي وضعها الأعداء في طريق محور المقاومة، التي يعتبر الحشد طرفا مهمّا فيها.

وعوض أن تنجح أمريكا في فصل محور المقاومة، كحزب الله عن ايران، نما هذا المحور المبارك – الذي لا أشك لحظة في أنه بعين الله وعونه – فاتصلت حلقاته المتينة، ليصبح رقما يصعب تجاوزه في الوقت الراهن، بغير المخاتلة والغدر، وهذا ما بدأ الامريكيون في القيام به.

لقد أقدمت القوات الامريكية على قصف مقرات الحشد الشعبي العراقي بالقائم، على الحدود العراقية السورية، في اعتداء خطير، ليس هو الاول من نوعه، لكنه في حصيلته الثقيلة التي خلفها، اثبتت بها امريكا طبيعتها العدوانية، وهي على أرض المعتدى عليهم، ثم لن تكتفي بذلك، وهي التي ظلت لسنوات طويلة، تترصد فرصة لاغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس لتحرير فلسطين، الى حد ليلة أمس، عندما تلقت مخابراتها احداثية من العملاء حددت مكانه، فغدرت به وبرفيق دربه في المقاومة أبو مهدي المهندس، فارتقيا شهيدين الى بارئهما.

منطق الاستعلاء الامريكي، جعلها تقدم على مثل هذه الاعمال الاجرامية، خصوصا عندما تعتقد أنه بإمكانها أنه تنفد بجلدها من هكذا اعتداءات، فهي على أرض ليست أرضها، وفي مقام متهمة فيه بكونها محتلّة لها، لذلك فإن محور المقاومة الذي تقوده ايران الاسلامية لن يمهلها، ولن ينفع تحذير ترامب ولا تهديده بعد الذي حصل، وسيكون الردّ قاسيا ومؤلما جدا للأمريكيين وعملاؤهم، هكذا نطق الامام الوليّ القائد الخامنئي حفظه الله، وكلامه ليس مجرد تعبير وتهدئة خواطر، ردّ سيحصل حتما، أمّا كيف ومتى فبيد رجال اذا نطقوا صدقوا، وترامب وطاقمه يدركون الآن ورطتهم، وسوف يألمون الألم الذي لم يخطر لهم على بال .

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024