أخطأ النظام التركي في حساباته، دخل في لعبة سياسية مع القوى العالمية الكبرى -روسيا وأمريكا- ناور ولعب على المتناقضات، لكنه على ما يبدو لا يمتلك الدرجة الكافية من الذكاء بما يمكنه من البقاء في قلب اللعبة وتحصيل مكاسب دون أن يوضع تحته الكثير من الخطوط الحمراء، ودون أن ينظر إليه من منظور الشك والريبة وعدم الثقة.
..«التذاكي» التركي على روسيا في ملفات عديدة ولاسيما في ما يخص سورية، تفرمله روسيا اليوم بوسائل متعددة.
..الأسباب الكامنة وراء هذه الفرملة الروسية هي فقدان الثقة الروسية تماماً بالجانب التركي، فموسكو تريد أن تراقب بنفسها كل التحركات العسكرية التركية، مع تزايد انهيار تلك الثقة وبالتالي الشك لعوامل عدة أبرزها التالي:
-عند كل مطب تتعرض له تركيا يظهر الولاء للأصل الأطلسي «ناتو» والأمريكي، فتركيا شريك أساس ومهم في «ناتو» والذراع الأطلسية في المنطقة، ولا يمكنها الانفكاك عنه ولاسيما مع احتفاظها بـ50 قنبلة نووية على أراضيها كجزء من اتفاقيات قديمة مع الحلف، كما أن هذا الولاء ظهر مؤخراً عبر استنجاد رأس النظام التركي رجب أردوغان بالأمريكي لنشر منظومة صواريخ «باتريوت» مجدداً على أراضيها بعد التطورات الأخيرة في سورية ولاسيما في الشمال، وهذا وحده كفيل لتعيد روسيا حساباتها في سياق العلاقة مع تركيا.
– تركيا أردوغان كطرف يُفترض أنه «ضامن» للمجموعات الإرهابية في سورية أخَلّت بالتزاماتها مع روسيا فيما يتعلق بمسألة وقف التصعيد في إدلب وفق تفاهمات (سوتشي), بل إن حماية ودعم أردوغان للمجموعات الإرهابية أسهم في زيادة التصعيد، لكن روسيا متيقظة للدور التركي.
الغدر التركي معروف للجميع، لكن ما يختلف اليوم أن اللعب مع الجانب الروسي لن يُمرر بسهولة واللعب مع الأمريكي سيكلفه الكثير، ومع الطرفين فلن يُرخى الحبل طويلاً لأردوغان ولابد من ردعه وتأديبه، ولن يطول الأمر كثيراً حتى نرى أردوغان منبوذاً خارج اللعبة الدولية.