الدكتور بهيج سكاكيني |
كثر الحديث في وسائل الاعلام الاقليمية حول القمة الاقتصادية المزمع إقامتها قريبا في بيروت. ودار الكثير من الجدل والنقاش حول إمكانية تأجيل القمة وذلك نظرا للخلاف حول بعض الاصوات بشأن إمكانية دعوة الدولة السورية الى المؤتمر كما ظهرت اصوات داخل لبنان معترضة على دعوة ليبيا الى المؤتمر على خلفية إختفاء الامام موسى الصدر عند زيارته الى ليبيا في اغسطس من عام 1978 والتي مازالت لغزا يفتش عن حل لهذه القضية التي اتهم بها نظام العقيد القذافي.
وبغض النظر حول هذه الخلافات بشأن سوريا وليبيا لا بد للانسان العادي مثلنا والذي شهد العديد من هذه القمم وغيرها منذ ان كنا في المدرسة هل هنالك شيء مرجو من هذه القمة وغيرها من القمم التي عقدت تحت مسميات مختلفة حول التضامن العربي والامن القومي العربي والتكامل الاقتصادي….الخ من هذه العناوين؟ كلنا يعلم ان المال العربي للدول الغنية تتحكم فيه الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة التي تحرم على هذه الدول ان تمد يد العون لاية دولة عربية دون أخذ الاذن منها وهذه أصبحت حقيقة يعلمها الكثيرون لا بل ويصل الامر في بعض الاحيان أن يأمر البيت الابيض السعودية او الامارات او قطر على سبيل المثال ان تدعم ماليا هذه الدولة او تلك التي تدور في الفلك الامريكي وتتناغم مع الاستراتيجية الامريكية في المنطقة. ونعلم ايضا ان هذه الدول شكلت البقرة الحلوب التي تجبر على فتح خزائنها لدفع الاستحقاقات المالية لتدمير الدول العربية المناؤئة للسياسات الامريكية في المنطقة كما حدث في العراق وليبيا وسوريا واليمن.
المال العربي يستخدم كأداة سياسية لتنفيذ المصالح الضيقة للدولة التي تملك الكم الهائل من المال ولكن اكثر من ذلك لتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الاقليم وخارجه. هذه الدول الخليجية الغنية تقوم بدفع عشرات وربما مئات الملايين من البترودولارات في الانتخابات التي تجرى في الدول الاوروبية او لشراء مواقف هذه الدول وربما فرنسا هي اكبر مثال على ذلك. الدول العربية الغنية تستثمر في النشاطات الاقتصادية في الدول الغربية دون ان تضع شروط عليها أما أستثماراتها في الدول العربية فهي مرهونة بالثمن السياسي التي على الدولة ان تقدمها مقابل المعونة المالية أو الاستثماربها وغالبا ما تكون الاستثمارات في القطاعات الغير إنتاجية وليس الانتاجية منها او تلك التي تتطلب بنى تحتية لانها قطاعات لا تدر الربح الاني. وربما مصر خير مثال على ذلك فقد قيدت مصر سياسيا وفقدت دورها الريادي في الاقليم واصبحت سياساتها الخارجية مرتهنة للسعودية والامارات التي قدمت وتقدم الحقن المالية للنظام المصري حتى لا تنهار الدولة وتعلن إفلاسها . والمعونات المالية “للسلطة” الفلسطينية تقدم وتؤخر كوسيلة للضغط على الطرف الفلسطيني لتقديم مزيد من التنازلات فيما يخص القضية الفلسطينية. اما الدفع من قبل دولة قطر لقطاع غزة “لاعادة الاعمار” أو للوقود اللازمة لاعادة تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة فهي تدفع ضمن الصراع الاقليمي في المنطقة بين قطر من جانب والسعودية من الجانب الاخر كما انها تدفع لتشجيع فصل القطاع عن الضفة الغربية هذا عدا انها تشكل نوع من التطبيع مع الكيان الصهيوني لان هذه الاموال تأتي بالتفاهم بين قطر وهذا الكيان الغاصب.
مثل هذه القمم ما هي الا ضحك على اللحى وسواء حضرت سوريا وليبيا أم لا فإن ذلك لن يقدم او يؤخر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الدول الخليجية وعلى راسها السعودية والامارات وقطر صرفت مجتمعة مئات المليارات لتدمير الدول العربية الوطنية ولو صرفت هذه المليارات على التنمية الاقتصادية في هذه الدول لأصبحنا في عداد الدول المتقدمة على جميع الجوانب ولكنها لم تفعل ولن تفعل ذلك لانها مسلوبة الارادة والسيادة وقرارها يكمن في البيت الابيض الذي ترتئيه الضامن لوجودها. ألم يقل ترامب ان هذه الدول لن تصمد مدة اسبوعين أذا ما توقف دعمنا ومن ثم فإن عليها ان تدفع لنا من اجل حمايتها؟