حرب تحرير فلسطين على الأبواب ولن يتأخر موعدها، وساعة الجهاد بدأت تلوح من سماء غزة العزة والمقاومة والإباء، والوهم الصهيوني بعتوّ عدّته وعديده بدأ يتبدّد، هذا زمن الوعد الإلهي بدأ يتحقق بجهود إيران الإسلامية ووفائها لقضايا أمتها التي تخلّى عنها العملاء وأشباههم.
لم تكن القضية الفلسطينية في أحسن حالها قبل انتصار الثورة الاسلامية الإيرانية، ممزقة ومشتتة بين الأنظمة والأحزاب العروبية واليسارية، قد وضع الشعب الفلسطيني ثقلها على من ينوبه فيها، كيفما كان الأمر، تاركا مصير حقه التاريخي والقانوني في استعادة أرضه، إلى تلك الدّول والجهات والتيّارات، فلم يجني من ذلك شيئا يذكر، سوى الفشل تلو الآخر والهزيمة تلحقها الأخرى، باستثناء بعض العمليات الفدائية التي كانت تقع داخل فلسطين وخارجها، بواسطة رجال وهبوا أنفسهم للقضية إيمانا بها.
لقد مرّ الشعب الفلسطيني خلال تلك الفترة بمحن وابتلاءات عديدة، سجّلها تاريخه المليء بالمصائب، ولا يزال مع أحرار العالم، يذكرونها بكل حزن وأسف، كمجازر دير ياسين، وبيت دارس، ومدينة اللد، والدوايمة (سنة1948)وصبرا وشاتيلا لبنان (سنة 1982) حمام الشّط تونس (سنة 1985) الحرم الابراهيمي (سنة 1994) قانا لبنان (سنة 1996)(1) وغيرها من عمليات القتل الممنهج الذي ارتكبته القوات الصهيونية ولا تزال أخصّ بالذكر منها عدوانها على غزة مرارا وتكرارا، معركة الفرقان (الرّصاص المصبوب) (سنة 2008) (2)العصف المأكول والبنيان المرصوص (الجرف الصّامد) (سنة 2014)(3)
المتغيّر الذي قلب مجرى القضية الفلسطينية، وحوّلها من مسار اليأس والتّسليم والتنازل، الذي تدفع إليه أمريكا ومحورها الغربي الصهيوني، إلى مسار الأمل والعمل الجهادي، بعنوانه الإسلامي الكبير، كان للثورة الاسلامية الإيرانية وللإمام الخميني فيهما دور كبير، ذلك أنّ ثقافة الثورة الاسلامية بسطت مفاهيمها وأدبياتها في عقول رجال، عشقوا دينهم وحملوا همّه في حياتهم، لم يكونوا كثرا في أعدادهم، بل كانوا بقيمة مقصد الآية: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّّلوا تبديلا) (4) فقد بدأ الشهيد فتحي الشقاقي بتأسيس حركة الجهاد الإسلامي سنة 1982،(5) ومعروف بأن هذا الرجل الفذّ، أنّه كان متأثرا بالثورة الإسلامية الإيرانية وبقائدها بشكل كبير، وقد كتب عن الإمام الخميني ( الخميني الحل الإسلامي والبديل)، وكانت جهوده المباركة، مفتتح عهد جديد مع القضية الفلسطينية، فحوّلها إلى الوجهة والحلّ الإسلامي، الذي أعطى بعد ذلك ثماره الواعدة، في إطار المواجهة مع العدوّ الصهيوني، وفسح المجال لبقية الحركات الإسلامية لكي تنسج على منوال حركته، وكان افتتاحا مباركا، جاء بعده حزب الله وحماس وأنصار الله.
الإمام الخميني، لم يكن بمنأى عن هذه الصحوات التي ظهرت في فلسطين، وفي غيرها من البلدان الاسلامية، فقد كان المحور الذي دارت حول فكره الإسلامي الأصيل، عقول وأفهام طلائع الأمة من رجال الله، الذين لم يشكّوا لحظة في ربّانيته، فالتفّوا حوله التفاف العقد حول الجيد، إيمانا منهم بأنه مجدد الدين الاسلامي في هذا العصر، وموقظ قضاياه المصيرية من سبات استكانة أهلها.
هذا التّحول المزعج للكيان الصهيوني وحلفاؤه، تسبب في حالة من القلق والفزع والشعور بانعدام الأمن لدى قطعان المستوطنين، فملكتهم حالة من الخوف منذ انتصار المقاومة اللبنانية سنتي 2000و2006 بدأ يتزعزع بها وجودهم على الرض الفلسطينية، وبتطوّر أسلحة فصائل المقاومة في غزة، بفضل الدعم الإيراني لها، بتمكينها من تقنية صناعة وتطوير الصواريخ فجر 4 وفجر 5 (6)أمكن للمقاومة الفلسطينية أن تحقق حالة من الرّدع، خصوصا بعد أن امتلكت صواريخ الكورنيت المضادة للدروع والدبابات، وهذا لم يكن ليحصل، لولا جهود النظام الاسلامي الايراني الذي أخذ على عاتقه حمل مشروع نصرة وتحرير فلسطين، مضحيا في ذلك بموارد بلده وأرواح خيرة أبنائه، وفي مقدمتهم اللواء الشهيد قاسم سليماني، لما حصل تطور نوعي في أسلحة وتخطيطات فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية على حدّ سواء.
واليوم ليس بالتأكيد كالأمس، وما كانت ينعم به الكيان الصهيوني قبل هذا التاريخ من سعة وأمن وقدرة، تغيّر بجهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي كلما تخلت دولة عربية عن القضية الفلسطينية، كلما ازدادت هي التزاما بها، ووثوقا بأن تحريرها بات قريبا، بعد أن تعرّت القوة العسكرية الصهيونية بقبّتها الحديدية، ولم يعد يستر عورتها شيء من التهويل والدعاية الإعلامية، فصواريخ غزة النّوعية اليوم، أصبحت تتهاطل على مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة فلم يسلم مكان، مما دفع سكان المدن والمستوطنات إلى اللجوء إلى الملاجئ.
العدوان الصهيوني الجديد كان يعتقد أنه سيكون في نزهة وتفاجأ هذه المرّة بهذا الكم والنّوع من الصواريخ البالستية التي تهاطلت على رؤوس مستوطنيه، فارتبك ولم يعد يدري ما يفعله، وردود أفعاله العشوائية التي بدأت طائراته وصواريخه بارتكابها في غزة، ستعجّل بزواله دون شك، فإذا هو عجز عن صدّ هذه الصواريخ، وذهبت إلى أهدافها المقصودة، فكيف به مع الصواريخ الأخرى الأكثر تطورا وقوة من إيران وحزب الله؟ دون أن ننسى بأن لحركة أنصار الله اليمنية دور في هذه المعركة الحاسمة، من هنا نجزم بالقول أن عمر الكيان اصبح يتناقص يوما بعد آخر، وأن القدس اليوم أقرب.
المراجع
1 –المجازر الاسرائيلية
https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=dvXcoha4793979861advXcoh
2 – الحرب على غزة 2008-09 https://ar.wikipedia.org/wiki/
3 – سورة الأحزاب الآية 23
4 – حرب غزة 2014 https://ar.wikipedia.org/wiki/
5 – الشهيد الشقاقي مثال للتعبير عن أمة كاملة/ تغيير طريقة وطبيعة الكفاح ضد إسرائيل
6 – إيران منحت غزة تقنية صواريخ فجر
https://www.aljazeera.net/news/international/2012/11/21/