وظفت الحركة الصهيونية اليهود في أوروبا لمصلحة الفكرة البريطانية في الاستيطان في فلسطين وتحويلها إلى كيان يعمل كقاعدة عدوانية لقوى الاستعمار الغربي كله في المنطقة. وهذا الكيان يعد نفسه “ممثلاً لكافة يهود العالم” رغم أن أغلب اليهود يعيشون خارجه، فحكومة الكيان الصهيوني ترى نفسها “مسؤولة عن كل يهود العالم” بواسطة الحركة الصهيونية و”المطلوب منهم الإسهام في قوته وتوسع سيطرته”.
وكل يهودي أينما وجد ينضوي في المشروع الصهيوني يصبح قوة إضافية ولذلك بدأت الحركة الصهيونية في خارج الكيان بتحريك يهود كانوا يعيشون في العراق قبل نكبة عام 1948 وأصبحوا يعيشون في أوروبا وتطلب منهم استعادة مواطنيتهم السابقة العراقية وجنسيتها بالإضافة إلى احتفاظهم بمواطنيتهم البريطانية أو الأميركية وغيرها لكي يطالب اليهود من المستوطنين في الكيان الصهيوني ممن كانوا في العراق قبل عام 1948 بمواطنيتهم العراقية إلى جانب «الإسرائيلية» وبهذه الطريقة يتحولون إلى قواعد للكيان الصهيوني في بقية الوطن العربي.
وفي الرابع من شهر أيلول الجاري نشر الموقع الالكتروني «المونيتور» ومقره واشنطن تحليلاً تحت عنوان «يهود العراق يريدون استعادة جنسياتهم كمواطنين عراقيين» يوضح أن هذا المطلب أعلنه أدوين شوكر اليهودي المولود في العراق ويحمل المواطنية البريطانية ويتولى منصب نائب رئيس مجلس الأعضاء اليهود في البرلمان البريطاني وكان قد تولى منصب نائب رئيس «منظمة المؤتمر اليهودي الأوروبي» سابقاً.
ويشير موقع “المونيتور” إلى أن شوكر بعث في 19 آب الماضي رسالة إلى الحكومة العراقية يطلب فيها إعادة حقوق ومواطنية اليهود الذين كانوا في العراق. وكعادتها بدأت ماكينة الإعلام الصهيوني بعرض مبالغات وتزييف للحقائق حول يهود العراق، فذكرت بموجب ما نشره موقع “المونيتور” أنهم “كانوا يشكلون 40% من سكان بغداد قبل رحيلهم عنها”، وهذا يعني حسب الفبركات الصهيونية أنهم يريدون استعادة 40% من ممتلكات بغداد العاصمة؟!.. ويقدر الكيان الصهيوني عدد اليهود المستوطنين من أصل عراقي بنصف مليون وتقيم نسبة أخرى أقل بكثير في أوروبا وأميركا وهدد شوكر بأن العراق «لن يستعيد استقراره الاجتماعي الداخلي إلا بإجراء مصالحة مع كل مكوناته ومن ضمن ذلك يهود العراق».
ويذكر أن هناك منظمة عالمية ليهود العراق وبقية يهود المنطقة في إيران وغيرها وتضع برنامج عمل لما تطلق عليه اسم «اللاجئين من يهود دول المنطقة» وتطالب الأمم المتحدة والولايات المتحدة بأن «تفرضان على الدول العربية مثل العراق وغيرها إعادة كل ممتلكات اليهود في المدن التي كانوا يقيمون فيها وتعويضهم عن الأضرار التي تعرضوا لها». وتتبنى الحركة الصهيونية كل مطالبهم وتعمل على تجنيد المجتمع الدولي والولايات المتحدة وبريطانيا للدفاع عن مطالبهم؟!.. فقد اغتصبت الحركة الصهيونية وكيانها الاحتلالي فلسطين وسرقت كل ممتلكات الشعب العربي الفلسطيني ومقدساته وارتكبت المذابح بحقه وبحق كل من وقف من العرب والمسلمين إلى جانب قضيته العادلة ثم هاهي تطالب الدول العربية الآن “بتعويض” هؤلاء المجرمين الغاصبين مع احتفاظهم بكل ما سلبوه من الشعب الفلسطيني وطن الفلسطينيين وتاريخهم فيه ومستقبلهم!.
هذا بعض ما يريد الكيان الصهيوني “فرضه” على العرب وكل دول المنطقة وبكل الطرق والوسائل والتهويل والإرهاب، وبهذا الشكل تسعى الحركة الصهيونية إلى توسيع “سيطرة” الكيان الصهيوني في زمن تخلى فيه الكثيرون من العرب عن وحدتهم وتضامنهم ضد عدو خارجي صهيوني- أميركي- غربي دخيل لن يستثني أحداً منهم وها هو يسعى للاستفراد بكل طرف منهم بكل وسائله الوحشية بدعم من الولايات المتحدة والغرب الاستعماري!
ومع ذلك مازالت إرادة الشعوب العربية وشعوب المنطقة تتطلع إلى هزيمة هذا الكيان اللقيط وتزداد ثقتها بقوى محور المقاومة التي تتصاعد قدراتها على طريق تحرير فلسطين من الغاصبين.
كاتب من فلسطين