الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

“اللا بشر”: الإنتهاكات البريطانية السرية لحقوق الإنسان…ترجمة: عزام محمد مكي

الفصل الأول – إحتلال العراق: الهجوم على الديمقراطية

إن السياسة البريطانية الحالية تجاه العراق ليست جديدة من نواح كثيرة. إن العديد من جوانب الغزو والاحتلال هي سمات طبيعية ودائمة للسياسة الخارجية البريطانية ، على وجه الخصوص: انتهاك القانون الدولي ، وانتهاك الحكومة للأمم المتحدة ، وخداعها للجمهور ودعمها للعدوان الأمريكي.

ومع ذلك ، فإن ما كشفته حلقة العراق لأعداد كبيرة من الناس هو طبيعة صناع السياسة الخارجية البريطانية: عصابة من المستشارين غير المنتخبين حول رئيسها ، رئيس الوزراء ، تتخذ قرارات بطريقة غير خاضعة للمساءلة ومركزية على نحو متزايد ، وازدراء للقيود المفروضة على سلطتهم من قبل الرأي العام والقانون الدولي.

في الواقع ، هناك شيء مشترك بين الشعبين البريطاني والعراقي: كلاهما يُنظر إليهما على أنهما تهديد لصانعي السياسة ، يسيطرعليهما بالعنف في حالة العراق والدعاية في حالة بريطانيا. هناك تناظر بين الهجوم على الديمقراطية في بريطانيا (واضح في الغزو ، عارضه غالبية الجمهور) والهجوم على الديمقراطية في العراق (واضح في الاحتلال ، الذي يحاول فرض الأولويات الأنجلو أمريكية على حركة المقاومة الشعبية، على نحو متزايد).

الديمقراطية البريطانية في العمل

يوضح اللاعبون الرئيسيون الثلاثة في قلب حلقة العراق – داونينج ستريت والبرلمان ووسائل الإعلام – الطبيعة الحالية للديمقراطية في بريطانيا.

كانت عصابة بلير – التي تتكون من أقرب مستشاريه للسياسة الخارجية في داونينج ستريت – تقود حملة دعائية غير مسبوقة لخداع الجمهور ، واستولت على سلطة الدولة إلى درجة غير مسبوقة ، حتى إلى حد الاستيلاء على وظائفها القانونية. تم الكشف عن النظام السياسي “الديمقراطي” في بريطانيا على أنه نوع من الاستبداد الشخصي. علاوة على ذلك ، لا توجد آليات رسمية داخل النظام السياسي البريطاني لكبح جماحه. وقد أنشأ رئيس الوزراء لجنتي تحقيق هاتون وباتلر ، وكما كان متوقعا برأت اللجنتان التحقيقية الحكومة من التصرف بسوء نية، أو بأجراء التعديلات التجميلية اللازمة على التقارير المخابراتية عن العراق لجعلها “اكثر مقبولية”، في تحد لجميع الأدلة.  وقد اقترحت اللجنة أن يتم تحميل الحكومة وعلى مراحل تهمة فقدان المحاسباتية، الشئ الذي لايمكنتصور حدوثه في دول خارج الكتلة السوفيتية السابقة.

خذ بعين الاعتبار أيضًا فشل مختلف اللجان البرلمانية الحزبية في مساءلة الحكومة. على سبيل المثال ، وجد تقرير لجنة الشؤون الخارجية حول قرار الحرب أن “الوزراء لم يضللوا البرلمان” واتفقوا مع الحكومة على أن العراق “خطر حقيقي وحاضر”. كما خلصت إلى أن الادعاءات الواردة في ملف الحكومة في أيلول 2002 ، والتي تزعم جميع أنواع التهديدات من العراق والتي ثبت أنها هراء منذ ذلك الحين ، كانت “قائمة على أساس المعلومات الاستخباراتية المتوفرة آنذاك”. [1] هذه اللجان المختارة هي الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها التدقيق في صنع السياسات نيابة عن الجمهور.

عشية الغزو ، تبين أن غالبية الجمهور البريطاني ، 58 في المائة ، يعارضون الحرب. وأشار المارشال بريان بوريج ، قائد القوات البريطانية في الغزو ، في وقت لاحق إلى أننا “دخلنا في هذه الحملة بتأييد شعبي 33 في المائة؟ [2]

لكن البرلمان ما زال يؤيد الحرب. في الواقع ، لقد صوت عدد أكبر من أعضاء البرلمان  لمعارضة الحكومة بشأن الحظر المقترح على صيد الثعالب أكثر مما صوتوا على القرارالمطروح بشأن غزو العراق –وربما هذا دليل على أن الذين من المفترض ان يمثلوا الشعب البريطاني، تكون الحيوانات بالنسبة لهم أكثر أهمية من (اللابشر). بعد الجدل البرلماني حول تقرير بتلر في 2 يوليو 2004 ، صوت 4 نواب فقط ضد الحكومة. وفي الوقت نفسه ، أظهر استطلاع للرأي أن 55 في المائة من الجمهور يعتقدون أن توني بلير كذب بشأن الحرب. إن “العجز الديمقراطي” في الثقافة السياسية البريطانية يزداد إتساعا الآن.

يبرز غزو العراق الحاجة لإجراء تحول في طريقة حكم بريطانيا – وهو أمر يبدو الآن واضحًا حتى بالنسبة لبعض مؤيدي الحرب. يجب أن يُعد إبقاء مناقشة هذا الأمر بعيدًا إلى حد كبير عن أجندة وسائل الإعلام السائدةالتي هي واحدة من نجاحات الدعاية الكبرى للنخبة ، وهي علامة أخرى على النقص الشديد في الديمقراطية على صعيد الثقافة البريطانية السائدة. في حين أن الكثيرين في وسائل الإعلام يثنون على أنفسهم لعدم السماح لبلير “برسم خط” تحت قضية العراق ، إلا أنهم فعلوا ذلك بالفعل في أهم جوانبها.

في ضوء ذلك ، فإن إنتقاد وسائل الإعلام المتزايدوالشخصيً لبلير هو عرض جانبي: فان النظام ، وليس الأفراد الذين يرأسونه ، هو المشكلة. حماية النظام هي وظيفة أساسية لوسائل الإعلام السائدة – يمكننا أن نتوقع أنه بمجرد سقوط بلير ومجيئ وجوه جديدة مختلفة في السلطة (مما لا شك فيه سيقومون بتعزيز السياسات نفسها بشكل أساسي) ، ستصبح القضية الحقيقية مدفونة بعمق أكبر. والواقع أن العديد في وسائل الإعلام يطالبون بلير الآن وعلانية بالاستقالة على وجه التحديد لأنه أصبح مسؤولا أمام النظام: لم يعد عدد أكبر من الجمهور يثق به ، ويعلمون أن “الديمقراطية” هي واجهة ، وبالتالي تشكل تهديدا إلى النخبة الأوسع. ومع ذلك ، فإن المشكلة بالنسبة لهذه النخبة هي أنه من الصعب عليهم حتى أن يزيلوا عصابة بلير لأن الوحش الذي خلقوه هو في الواقع مركزي للغاية.

صحيح أنه منذ بدء الاحتلال ، كان هناك انتقاد كبير لسياسة الحكومة في وسائل الإعلام السائدة ، وبعض التقارير الشاملة في صحيفتي الغارديان والأندبندنت، التي كشفت عما جائت به تحقيقات لجنة هوتون. هذا الموقف يمكن تفسيره جزئيًا من خلال حاجة وسائل الإعلام للدفاع عن نفسها ضد أليستر كامبل ، مدير الاتصالات السابق لبلير ، ومن هجوم تقرير هوتون على بي بي سي. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن معايير النقاش المقبول قد تم توسيعها من داخل المؤسسة ، والتي عارض الكثير منها غزو العراق ، لأسباب تتعلق بالمصلحة الذاتية: رسالة أبريل 2004 ، التي تحدثت ضد السياسة البريطانية في العراق وإسرائيل وتم التوقيع عليها من قبل 52 دبلوماسيا كبيرا سابقا ، يظهر كيف نجحت عصابة بلير في جعل بعض من سياسي  النخبة التي ينتمي لها ان تنفر من سياسته.

ومع ذلك ، كانت الحكومة قادرة على غزو واحتلال العراق بسبب الكثير من فشل وسائل الإعلام في فضح الدعاية الواضحة والاستعداد المنتظم لترديدها. في الوقت الذي نُشر فيه ملف سبتمبر 2002 ، كان من الواضح أن عصابة بلير كانت عازمة على غزو العراق وستجد أي مبرر للقيام بذلك. ومع ذلك ، فشلت وسائل الإعلام السائدة بشكل منهجي في فضح هذه  الوثيقة (الملف) وإظهارها كدعاية واضحة للدولة. لقد تم أخذ الكثير منها على محمل الجد ، ليس فقط من قبل الصحافة الشعبية ، مع انتقادات وتحليلات معتدلة فقط. منذ ذلك الحين وحتى فترة الغزو ، قامت الصحافة بنشر ادعاءات  الحكومتين البريطانية و الامريكية عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وعن صلاته بالقاعدة دون انتقاد.

ومثلما كان الجدل هو تصوير وكالات “المخابرات” و “الأجهزة الأمنية كجهات فاعلة مستقلة ومحايدة تقدم مواد موضوعية للحكومة للعمل عليها. ومع ذلك ، فإن الكثير من عمل وكالات “الاستخبارات” يهدف إلى تعزيز التضليل ، وهو دور سيناقش في الفصل 3.

ومن السخافة أيضًا التواطئالذي مارسته وسائل الإعلام من اجل تصوير بريطانيا كقوة عازمة على الحد من أسلحة الدمار الشامل. إن بريطانيا ليست فقط قوة نووية رائدة وليس لديها نية لإلغاء ترسانتها الخاصة (في تحد لالتزاماتها الدولية) ، بل إنها تطور أيضًا جيلًا جديدًا من هذه الأسلحة. بينما كان النقاش حول أسلحة الدمار الشامل العراقية جارياً. كان الوفد البريطاني في الأمم المتحدة يعارض العديد من قرارات الجمعية العامة التي تدعو الدول النووية إلى تخفيض وإلغاء ترساناتها.في الدورة السابعة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي بدأت في سبتمبر 2002 ، صوتت بريطانيا ضد ثلاثة قرارات من هذا القبيل وامتنعت عن التصويت على قرارين آخرين. في كل هذه الأصوات ، صوتت أكثر من مائة دولة لصالحها ، في حين أن بريطانيا يمكن أن تحسب أقل من خمسة حلفاء (واحدة منها كانت دائمًا الولايات المتحدة).[3]  لم يتم الإبلاغ عن أي من هذا في وسائل الإعلام الرئيسية ، التي فضلت أن تأخذ على محمل الجد الالتزام الأخلاقي ل”حزب العمال الجديد” لإلغاء أسلحة الدمار الشامل.

لقد تم توثيق الدور الإيديولوجي لوسائل الإعلام الرئيسية في العراق بشكل جيد في العديد من الدراسات الأكاديمية وكذلك من قبل منظمة Medialens ، التي تقدم حاليًا التحليل الأكثر دقة لتقارير وسائل الإعلام. وقد لاحظت ، على سبيل المثال:

إن الأكاذيب ذات الأهمية مثل: أن التجربة السابقة أثبتت أن الحرب كانت ضرورية لفرض نزع سلاح العراق ، وأن أسلحة الدمار الشامل المزعومة تمثل تهديدًا خطيرًا ، وأن هناك “حجة أخلاقية للحرب” ، وأن الحكومتين الأمريكية و البريطانية قد بذلتا كل الجهود لإيجاد بديل دبلوماسي للحرب – كل هذه الاكاذيب ذهبت دون أي اعتراض تقريبا من قبل ال(بي بي سي) ووسائل الإعلام بشكل عام”.[4]

إن تصوير هيئة الإذاعة البريطانية على أنها إما محايدة أو حتى معارضة  للحرب، يعتبر إنجازًا مذهلاً آخر للعلاقات العامة. في الواقع ، ومن خلال تحليل مستقل، تم إظهار ان ما تنتجه “أخبار” المؤسسة الحاكمة هي فقط  وباستمرارلدعم أولويات الدولة.[5] ونادرا ما يتم التشكيك في التزامات بلير “الأخلاقية” في العراق؛ الشيء الذي تم القيام به هو التشكيك فقط في التكتيكات لتحقيق أهدافه “الإنسانية” المفترضة. لم يتم على الإطلاق، التطرق الى الدور الذي لعبته العقوبات التي كانت تفرضها بريطانيا والولايات المتحدة في فقدان مئات الآلاف من العراقيين حياتهم. كما تواصل وسائل الإعلام الرئيسية بث التأكيد البريطاني والأمريكي على أنهم يسعون إلى “الديمقراطية” في العراق بينما لا يتم وصف المتمردين على الإطلاق بحركة المقاومة التي يمثلونها.

في آيار 2004 ، تم توجيه قدر كبير من الاهتمام الإعلامي إلى الانتهاكات بحق العراقيين الذين كانت تحتجزهم القوات الأمريكية. لكن هذه الأعمال الشنيعة كانت عرضاً جانبياً للمجازر التي تمت بحقالمئات من العراقيين في الفلوجة وأماكن أخرى في نفس الوقت.  ان تحويل الانظار نحو أبو غريب كانت لضمان ان لا تكون هذه الانتفاضات في الأخبار ، ونادراً ما تم وصف قمعها بالمجازر وهو الوضع الذي كانت عليه.

 

الغزو والاحتلال

أمرت حكومة بلير القوات البريطانية بالدخول في غزو واحتلال وحشي، ليس رداً على تهديد من العراق ولكن لتعزيز أهداف السياسة الخارجية التقليدية وإثبات العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة. هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة بوضوح نيتها في حكم العالم بالقوة ، خارج القانون الدولي ومتحررة من القيود المفروضة من قبل العديد من المؤسسات أو الاتفاقات المتعددة الأطراف. عمل بلير كأكبر مدافع على الصعيد العالميعن السياسة الخارجية الأمريكية في ظل إدارة بوش. وقال أمام الكونجرس الأمريكي في 06 تموز 2003 : لم يكن هناك وقت كانت فيه قوة أمريكا ضرورية للغاية ، أو أسيء فهمها.[6]

يبدو أن قرار واشنطن بغزو العراق يعود إلى يومين بعد 11 ايلول 2001 ، عندما جادل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز بضرب بغداد لكنهما قررا أفغانستان أولاً. بعد أسبوع ، في عشاء خاص في واشنطن ، طلب جورج بوش من توني بلير دعمه في إزالة صدام، بحسب كريستوفر ماير ، السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة. واتفق بوش مع بلير على ضرورة ضرب أفغانستان أولاً ، لكنه قال “يجب أن نعود إلى العراق” ، وعلى هذا قال بلير ، بحسب ماير ، إنه “لا شيء يعيقه”. في غضون أسابيع من سبتمبر / أيلول ، قيل أن السير ريتشارد ديرلوف ، رئيس MI6 ، سافر إلى واشنطن لإجراء مناقشات حول السياسة مع مستشارة الأمن القومي الأمريكية كوندوليزا رايس حول تغيير النظام في العراق وحول القاعدة.[7]

يبدو أن قرار توني بلير بالانضمام إلى الولايات المتحدة في غزو العراق قد تم اتخاذه في سبتمبر 2002 على أبعد تقدير وربما في أبريل 2002 – في اجتماعات مع الرئيس بوش. [8] تقرير بتلر مثير للاهتمام في هذا الصدد ، ويشير إلى “التغييرات البريطانية في السياسة تجاه العراق في أوائل عام 2002”. في مارس / آذار ، نظرت الحكومة في خيارين “لتحقيق هدف نزع السلاح العراقي” – “تشديد سياسة الاحتواء الحالية ؛ وتغيير النظام بالوسائل العسكرية “. يذكر تقرير بتلر ما يلي:

استنتاج الحكومة في ربيع عام 2002 بوجوب اتخاذ إجراء أقوى (على الرغم من أنه ليس بالضرورة عملًا عسكريًا) لفرض نزع سلاح العراق، لم يكن قائمًا على أي تطور جديد في الصورة الاستخباراتية الحالية بشأن العراق. وفي الدليل الذي تم تقديمه ، أيد رئيس الوزراء الرأي المعرب عنه في ذلك الوقت بأن ما تغير لم يكن وتيرة برامج الأسلحة المحظورة في العراق ، والتي لم يتم تكثيفها بشكل كبير ، ولكن التسامح معها عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.

كما لاحظ بتلر أنه في هذا الوقت “لم تكن هناك معلومات استخباراتية حديثة كانت ستؤدي في حد ذاتها إلى استنتاج مفاده أن العراق كان مصدر قلق فوري أكثر من أنشطة بعض البلدان الأخرى”. [9]

يبدو أن بريطانيا انضمت إلى التخطيط العسكري الأمريكي لغزو العراق في يونيو 2002 ، وعند هذه النقطة ، وفقا لرؤساء الجيش البريطاني ، تم تحديد موعد مستهدف “ربيع 2003 أو خريف 2003”. بدأ التخطيط العسكري الأكثر تحديدًا ، بما في ذلك “العمليات الإعلامية” في سبتمبر 2002. [10]

يتزامن هذا التاريخ مع أمر بلير بإنتاج ملف ، يهدف إلى تقديم مبررات للحرب ، في حين يدعي أنه كان مجرد استعراض للمعلومات المخابراتية التي كانت لدى بريطانيا بشأن التهديد الذي يشكله العراق. لعدة أشهر ، وربما حتى عام ، تم الإبقاء على الزعم للجمهور بأن قرار الحرب لم يتخذ.

بحلول أوائل عام 2003 ، لم يكن التهديد الحقيقي الذي وجهه العراق إلى وايتهول(مقر الحكومة البريطانية) حيازة أسلحة الدمار الشامل ، بل حقيقة أن العراق بدأ في التعاون مع مفتشي الأسلحة. في 7 آذار ، قبل أسبوعين من الغزو ، أخبر كبير مفتشي الأسلحة الدوليين هانز بليكس مجلس الأمن أن العراق ، على الرغم من أنه لا يتعاون بشكل كامل بأي حال من الأحوال ، فإنه يتخذ “العديد من المبادرات … بهدف حل قضايا نزع السلاح المفتوحة التي طال أمدها” وذلك يمكن اعتبار هذا على أنه تعاون “نشط” أو حتى “استباقي”. بعد الغزو ، أبلغ بليكس مجلس الأمن بأن لجنة تفتيش الأسلحة التابعة له ، أنموفيك ، لم تجد في أي وقت خلال عمليات التفتيش في العراق دليلا على استمرار أو استئناف برامج أسلحة الدمار الشامل أو كميات كبيرة من المواد المحظورة – سواء من قبل 1991 أو في وقت لاحق “. [11]

كانت في اساس الأهداف الفعلية للغزاة هي في ضمان أن يكون للعراق حكومة موالية للغرب ، وتزويد الولايات المتحدة بالقواعد العسكرية اللازمة لإعادة تصميم الشرق الأوسط ، وأن يتدفق النفط وفقًا لمصالح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ؛ إن تحقيق الهدفين الأخيرين سيوفر بديلاً لاعتماد الولايات المتحدة على المملكة العربية السعودية. تم توضيح الاهتمام البريطاني في تأمين إمدادات طاقة أجنبية جديدة في الفصل 4.

أن تهديد أسلحة الدمار الشامل العراقية كان إلى حد كبير ذريعة لتأمين المصالح الأمريكية الأساسية ، وقد اعترف به نائب وزير الدفاع بول وولفويتز ، الذي أخبر مجلة فانيتي فير أن قضية أسلحة الدمار الشامل تم اختيارها لأغراض النفعية السياسية: “الحقيقة هي أنه لأسباب لها الكثير فيما يتعلق بالبيروقراطية الحكومية الأمريكية ، توصلنا إلى تسوية حول قضية واحدة يمكن أن يتفق عليها الجميع – وهي أسلحة الدمار الشامل – كسبب أساسي ‘. وأشار إلى أن النتيجة “الضخمة” للحرب هي فرصة للولايات المتحدة لسحب القوات من المملكة العربية السعودية. [ 12]

وأشار جاي غارنر ، الجنرال الأمريكي المتقاعد الذي كان يدير سلطة الاحتلال في العراق في الآونة الأخيرة ، إلى أن: من أهم الأشياء التي يمكننا القيام بها الآن هو البدء في توطيد الحقوق. . ، انظر إلى الفلبين في مطلع القرن العشرين: لقد كانت محطة فحم لسلاح البحرية ، وهذا سمح لنا بالحفاظ على وجود كبير في المحيط الهادئ. هذا ما سيكون عليه العراق في العقود القليلة القادمة: محطة الفحم التي تمنحنا حضورًا كبيرًا في الشرق الأوسط. [13]

وبالفعل ، في أوائل عام 2004 ، كانت الصحافة الأمريكية تشير إلى أن “المهندسين العسكريين الأمريكيين يشرفون على بناء نظام معزز للقواعد الأمريكية مصمم لسنوات طويلة”. تم بناء 14 قاعدة دائمة مع خطط للعمل من قواعد عراقية سابقة في بغداد ، الموصل ، التاجي ، بلد ، كركوك وفي مناطق بالقرب من الناصرية ، بالقرب من تكريت ، بالقرب من الفلوجة وبين أربيل وكركوك.  وقد كان من المتوقع أن يظل عدد القوات الأمريكية الموجودة حاليًا في العراق –حوالي 110،000 – كما هو حتى عام 2006. [14]

كان هناك سبب آخر للحرب ، حسب بلير ، مكررا ذلك في مناسبات عديدة في الخطب والمؤتمرات الصحفية. كان هذا الهدف هو نفسه الذي تم تقديمه من اجل قصف يوغوسلافيا في عام 1999 وأفغانستان في عام 2001 ، والتي لم يتم الإبلاغ عنها مرة أخرى إلى حد كبير. قال بلير قبل شهر من الغزو إنه إذا “فشلنا في إتخاذ القرار” ، عندئذ “عندما نتجه للتعامل مع التهديدات الأخرى ، فأي تأثير سيكون لسلطتنا؟ وعندما نطالب في المرة القادمة ، ماذا ستكون عليه مصداقيتنا؟ ” في مؤتمر صحفي في كامب ديفيد في فبراير قال بالمثل أنه إذا “تراجعنا” وإذا “تخلى العالم عنا” ففكر في الإشارة التي سيرسلها هذا التصرف مباشرة عبر العالم إلى كل ديكتاتور وحشي. [15]

ما كان يريد بلير بقوله هو أن حكام العالم يجب أن يظهروا بالأساس من هم اصحاب الأمر هنا، وإلا فإن “مصداقيتهم” قد يتم تحديها. ان استعلراض القوة الغاشمة لها قيمة. بعد الغزو قال بلير:

يمكنك أن ترى فيما يتعلق ببلدان مثل سوريا وإيران ، حيث لا تزال لدينا قضايا كبيرة نحتاج إلى مناقشتها معها ونحتاج إلى حلها معهم ، ومع ذلك يمكننا القيام بذلك الآن في جو مختلف تمامًا عما كان ممكنًا منذ اشهر. [16]

تترجم الى : الآن بعد أن ضربنا العراق ، أصبح أعداؤنا الآخرون أكثر سهولة. هذا هو الشر الذي يكمن وراء واجهة السياسة الخارجية البريطانية.

كان الغزو وحشي للغاية. وتتراوح الأرقام من 10000 حالة وفاة بين المدنيين فقط ، مع إصابة 20000 على الأقل ، إلى تقدير آخر لـ 22000-55000 ، وهو رقم يشمل الوفيات العسكرية والمدنية من الأمراض الناجمة عن تدمير الحرب للبنية التحتية الصحية. [17]

لا يقوم المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون بحساب عدد القتلى المدنيين، أثناء الحرب أو الاحتلال. وقد صرحت الحكومة في عدة مناسبات “ليس لدينا وسيلة قابلة للتثبت من عدد القتلى أو الجرحى العراقيين خلال النزاع”. كما رفضت دعوات في البرلمان لإجراء مسح لعدد القتلى خلال فترة الغزو. [18]

استخدمت القوات البريطانية والأمريكية حوالي 13000 قنبلة عنقودية تحتوي على مليوني قنبلة صغيرة قتلت أو أصابت أكثر من 1000 مدني. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش ومقرها الولايات المتحدة ، فإن حوالي 90 ألف قنبلة صغيرة لم تنفجر بعد. تنتشر في البلاد مع ألغام الأرضية من المؤكد انها فعالة.

استخدمت بريطانيا 2170 قنبلة عنقودية تحتوي على 113000 ذخيرة صغيرة. ومع ذلك ، كان لدى الحكومة الجرأة على الادعاء في يونيو 2003 “نحن على علم بعدم وقوع خسائر مدنية مثبتة ناجمة عن الأسلحة العنقودية التابعة للمملكة المتحدة”. في المقابل ، تفيد هيومن رايتس ووتش بما يلي:

تسببت القوات البريطانية في سقوط عشرات الضحايا من المدنيين عندما استخدمت الذخائر العنقودية التي تطلق من الأرض،في البصرة وحولها. تضررت بشكل كبير ثلاث أحياء في الجزء الجنوبي من المدينة. وفي ظهر يوم 23 مارس / آذار ، أصابت غارة عنقودية حي المهندسين الكبرى، بينما كان عباس كاظم ، 13 عاماً ، يرمي القمامة. أصيب بإصابات حادة في الأمعاء والكبد ، وشظية لا يمكن إزالتها بالقرب من قلبه … بعد ثلاث ساعات ، غطت الذخائر الصغيرة حي المشراق الجديد على بعد كيلومترين ونصف شمال شرق المدينة. إياد جاسم إبراهيم ، نجار في السادسة والعشرين من عمره ، كان نائماً في الغرفة الأمامية لمنزلهعندما تسببت إصابات الشظايا له في فقدان وعيه. توفي في وقت لاحق اثناء العملية الجراحية التي اجريت عليه. وأصيب عشرة أقارب كانوا نائمين في مكان آخر في المنزل بجروح من شظايا. عبر الشارع ، أصابت الغارات العنقودية ثلاثة أطفال.

كما قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن ضربات جوية ضد وسائل الإعلام والمنشآت الكهربائية والمدنية .وقد أوردت هيومن رايتس ووتش في تقريرها بأن  “من المحتمل أن يكون لبعض الهجمات على مرافق توزيع الطاقة الكهربائية في العراق تأثير ضار خطير وطويل الأمد على السكان المدنيين” ، وذلك لما سببته من تأثير على محطات معالجة المياه والصرف الصحي والرعاية الطبية. ويشير التقرير كذلك إلى أن تدمير الولايات المتحدة لثلاثة مرافق إعلامية عراقية منفصلة “كان مشكوكًا في شرعيته” حيث لم يكن هناك دليل على استخدام وسائل الإعلام لدعم الجهد العسكري العراقي. [20]

كما تم استخدام ما بين 1000 و 2000 طن من اليورانيوم المستنفد. وفقا لمجلس أبحاث اليورانيوم الطبي، فقد تم تسميم  المدن الرئيسية في العراق بالإشعاع من هذه القذائف والصواريخ. [21]

مباشرة بعد سقوط نظام صدام ، اتخذ الاحتلال مسارًا عنيفًا،كما هو المتوقع. منذ البداية ، فتحت القوات الأمريكية النار على المدنيين العزل ، وقتلت المتظاهرين السلميين ، بل أطلقت النار على سيارات الإسعاف ، وقتلت أو أصابت ركابها. قُتل مئات الأشخاص في السنة الأولى من الاحتلال ، معظمهم على أيدي القوات الأمريكية ، التي لجأت غالبًا إلى الأساليب الوحشية للسيطرة على السكان. ويجري هدم المنازل كشكل من أشكال العقاب الجماعي ، وهي أعمال غير قانونية. كما أفادت الصحافة بوجود قوة شرطة سرية تعمل بموافقة بريطانية في جنوب العراق تم اتهامها باختطاف المشتبه بهم الذين أسيئت معاملتهم فيما بعد أثناء الاحتجاز و “اختفوا” في بعض الحالات. كما ورد أن المستشارين الإسرائيليين يدربون “القوات الخاصة الأمريكية” على “العمليات العدوانية المضادة للتمرد” ، بما في ذلك استخدام فرق الاغتيال “.[22]

في مواجهة المعارضة المتزايدة للاحتلال ، فضلا عن التفجيرات المروعة ضد أهداف أمريكية وعراقية ، صعدت الولايات المتحدة الحرب في نوفمبر 2003. عندها بدأت “العمليات الهجومية” الجديدة ، موجهة إلى “حركة العصابات المتنامية” في العراق ،  والتي تضمنت معدات ثقيلة مثل الطائرات الحربية واستخدام الطائرات للمرة الأولى منذ أعلن بوش انتهاء الحرب. وبدأت مرحلة أخرى أكثر خطورة في نيسان 2004 عندما قررت الولايات المتحدة ، رداً على مقتل أربعة من حراس الأمن الأمريكيين الخاصين ، قمع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. وشنت هجمات مروعة على الفلوجة ومدن أخرى أدت إلى مقتل مئات الأشخاص ، نصفهم من المدنيين والأطفال. قتلت القوات البريطانية ما يصل إلى 40 شخصًا في مذبحة بالقرب من بلدة العمارة في مايو 2004. [23]

بدأ الهجوم على الفلوجة بقطع التيار الكهربائي وشمل أيامًا من القصف المكثف ، بما في ذلك قصف المدينة بقنابل زنة 500 رطل. أشارت التقارير إلى أن القوات الأمريكية أطلقت النار بشكل عشوائي على الأشخاص واستهدفت سيارات الإسعاف ، في حين أغلق جنود مشاة البحرية الأمريكية المستشفى الرئيسي لسكان المدينة البالغ عددهم 300 ألف شخص لأكثر من أسبوعين من أجل استخدامه كموقع عسكري ، وهو انتهاك لاتفاقية جنيف. طبقاً لعمال الإغاثة ، مات العديد من الجرحى نتيجة لذلك. بعد الهجوم ، وصف عمال الإغاثة المدينة بأنها مدينة أشباح بعد أن تدفق السكانبعشرات الآلاف هاربين من المدينة.[24]

ونتيجة لهذه العمليات ، قام أحد أعضاء مجلس الحكم العراقي الذي عينته الولايات المتحدة بتعليق عضويته ووصف عضو آخر هذه العمليات بـ “العقاب الجماعي لأهل الفلوجة” ، وهو “غير مقبول وغير قانوني”. ومع ذلك ، فإن الهجوم على الفلوجة كان مدعومًا تمامًا من قبل توني بلير ، الذي أخبر أعضاء البرلمان أنه “من المناسب تمامًا والملائم أن يتخذوا إجراءات ضد هؤلاء المتمردين” ، مضيفًا “يؤسفني بشدة أي وفاة مدنية في الفلوجة ، ولكن من الضروري أن تتم استعادة النظام “. وبرر بلير الهجوم تحت الذريعة العامة لمحاربة “عناصر النظام السابق” و “الإرهابيين الخارجيين”. ومع ذلك ، كما ذكرت الجارديان ، “لم يتمكن أولئك الذين من الفلوجة من فهم الادعاء. لم يكن المتمردون إرهابيين بل عراقيون ، ولم يدعموا النظام القديم وكانوا يخوضون حربًا وطنية ضد الاحتلال الأمريكي فقط”. تم تمرير مذبحة الفلوجة بسرعة في وسائل الإعلام ، في حين أن القتل الإرهابي لـ 200 شخص في مدريد حصل على تغطية مكثفة لأكثر من أسبوعين. [25]

بحلول مايو 2004 ، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا تواجهان حركة مقاومة شعبية متزايدة. كان الاحتلال يتماثل مع المحاولات الاستعمارية السابقة لإخضاع الانتفاضات القومية ، فظهرت حرب تحرير وطني ، وحدت مجموعات مختلفة. على عكس التصريحات العلنية للوزراء البريطانيين ، أشارت مذكرة وزارة الخارجية التي تم تسريبها في آيار 2004 إلى أن التمرد “لديه خزان من الدعم الشعبي ، على الأقل بين السنة”. [26]

كانت الاستجابة واضحة. حيث صرح بول بريمر ، المسؤول الأمريكي ، الذي بدا وكأنه نائب الملك: “سنقاتلهم ونفرض إرادتنا عليهم وسنأسرهم أو نقتلهم إذا لزم الأمر حتى نفرض القانون والنظام على هذا البلد”. قبل مغادرته البلاد بعد “نقل السلطة” الخيالي في منتصف عام 2004. [27]

وأشار تقرير صادر عن مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومقره الولايات المتحدة، في يونيو 2004 إلى أن “إدارة بوش ترتكب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في العراق كمسألة سياسة روتينية”. ووثقت عشر فئات من الانتهاكات. وشملت هذه الانتهاكات: “الهجمات غير القانونية” التي تنطوي على “خسائر مدنية واسعة النطاق وغير ضرورية” ؛ “الاعتقال غير القانوني والتعذيب” الذي ينطوي على اعتقالات عشوائية مع العلم بان حوالي 90 في المائة من المعتقلين من المارة الأبرياء الذين جرحوا في الاعتقالات الجماعية غير القانونية ؛ و “العقاب الجماعي” ، الذي تضمن “الاستفادة من تجربة التكتيكات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة” عن طريق هدم منازل المدنيين وإغلاق مدن وقرى بأكملها و “استخدام القوة العشوائية والساحقة في المناطق الحضرية المزدحمة”. [28]

تصرفت قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية باستمرار دون عقاب. أفادت هيومن رايتس ووتش في  تشرين الأول 2003 عن مقتل 94 مدنياً في بغداد وحدها ” انطوت على ظروف قانونية مثيرة للتساؤل،كان ينبغي التحقيق فيها”. لكن الجيش الأمريكي “فشل في إجراء تحقيقات مناسبة في وفيات المدنيين الناجمة عن الاستخدام المفرط والعشوائي للقوة”. وبعد مرور عام على الاحتلال ، لم تتم مقاضاة جندي أمريكي واحد لقيامه بقتل مدني عراقي بطريقة غير قانونية “.

وحتى منتصف عام 2004 ، كان الجيش البريطاني يحقق في مقتل 75 مدنياً عراقياً على أيدي القوات البريطانية. وعلق فيل شاينر ، وهو محام يعمل لصالح أولئك الذين قتلتهم القوات البريطانية ، بالقول: “يمكن للقوات البريطانية ، وأولئك الذين يقودونها ، أن يقتلوا دون عقاب لأنه لا توجد آلية فعالة للمساءلة في القانون المحلي أو الدولي”. ويحتفظ الجيش البريطاني بوحدة سرية داخل سجن كامب بوكا الذي تديره الولايات المتحدة بالقرب من مدينة أم قصر الساحلية ، حيث عُرف أن الجنود الأمريكيين يسيئون معاملة العراقيين. [30]

أشار تقرير صادر عن الصليب الأحمر في مايو / أيار 2004 إلى “عدد من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي” من قبل القوات الأمريكية ، بما في ذلك “الوحشية” في الحجز ، و “الإكراه البدني أو النفسي أثناء الاستجواب” ، والحبس الانفرادي المطول في الزنزانات دون ضوء النهار و ” الاستخدام المفرط والقاسي والغير المتناسب للقوة ، مما يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة “. وشملت الأساليب المستخدمة غطاء الرأس وتقييد اليدين و “الضغط على الوجه بالأحذية” والتهديدات وتجريدهم من ملابسهم لعدة أيام وأعمال الإذلال والتعرض للضوضاء الصاخبة. أصبحت هذه الأساليب ، التي تنطوي على جرائم حرب ، ممارسة أمريكية عادية ، تم استخدامها في كل من خليج جوانتانامو وأفغانستان ، وربما أيضًا في مراكز احتجاز أمريكية أخرى في باكستان والأردن ودييجو جارسيا. في الواقع ، لقد تم تعليمها لجنود المخابرات العسكرية الأمريكية والبريطانية في قواعد في بريطانيا وأماكن أخرى ، وتعرف بتقنيات “مقاومة الاستجواب” ، وربما يكون الافضل الإشارة إلى وجهة نظر إدارة بوش في القانون الدولي ، والتي تمثلت في رد بوش الخاص على احداث 11 سبتمبر: “لا يهمني ما يقوله المحامون الدوليون ، سنقوم بركل بعض المؤخرات”. [31]

 

الحرب ضد الديمقراطية

يبدو أنه من غير المتصور في التيار الرئيسي في الصحافة أن بريطانيا يمكن أن تعارض الديمقراطية في العراق أو في أي مكان آخر. بل من البديهي أن بريطانيا تدعم الديمقراطية. التنازل الجلي والوحيد الذي يمكن تقديمه من قبل الصحافة هو أن بعض “الأخطاء” قد تُرتكب على طول الطريق وإلا قد يكون لدى القادة “مُثل” عليا جدًا. ونتيجة لذلك ، نادرًا ما تتم مواجهة تصريحات بلير وبوش حول الرغبة في إحلال الديمقراطية في العراق ، على الرغم من ان الأدلة تشير الى إن العكس هو الصحيح.

في فترة الاحتلال وحده ، قدمت بريطانيا دعمها لإجراء انتخابات معيبة بشكل صارخ في روسيا والشيشان ونيجيريا. في الحقيقة ، لدى بريطانيا والولايات المتحدة نفور عام من الديمقراطية الحقيقية ، لا سيما في الشرق الأوسط ، حيث تميل الحركات السياسية الأكثر شيوعًا إلى الحصول على أفكار غريبة حول استخدام الموارد لأغراض التنمية الوطنية ، بدلاً من ان تكون لصالح الشركات الغربية.

في العراق ، سرعان ماتبع الاحتلال العسكري الاحتلال الاقتصادي. تخضع البلاد حاليًا للجرعة المعتادة “من مبادئ  السوق الشائعة لدى دول التبعية الغربية في العالم الثالث – وهي عملية توصف من قبل وسائل الإعلام الرئيسية بأنها” إعادة الإعمار “. شرعت قوات الاحتلال الأمريكية ، تحت ستار سلطة الائتلاف المؤقتة (CPA) ، في تنفيذ سلسلة من “الإصلاحات” الاقتصادية في العراق بفرض خصخصة واسعة النطاق وملكية أجنبية كاملة للمصارف والمصانع العراقية وقدرة المستثمرين على العودة إلى اوطانهم ب 100٪ من الأرباح.  نص الامر رقم 12 الصادر من  سلطة التحالف المؤقتة، بشأن “سياسة تحرير التجارة”، بإلغاء جميع التعريفات الكمركية و”تطوير اقتصاد السوق الحر” في العراق.

تدار “إعادة الإعمار” وتنفذ من خلال الخبرة الأجنبية فقط. وقد أثارت الاستراتيجية ، التي تنطوي على تسليم عقود بملايين الدولارات لشركات قريبة من إدارة بوش ، الحكومة البريطانية لشن حملة ضغط لأجل ضمان أن “الشركات البريطانية تحصل على شريحة كبيرة من العقود الجديدة” ، على حد قول وزير الخارجية مايك أوبراين. وأشارت وزيرة التجارة باتريشيا هيويت إلى أنه بحلول نهاية عام 2003 كان هناك خمسة موظفين من وزارة التجارة والصناعة البريطانية يعملون في العراق كمنتدبين إلى سلطة التحالف المؤقتة “لدعم الشركات البريطانية في العراق”. وقالت: “نتوقع أن تلعب الشركات البريطانية دورًا مهمًا في إعادة تطوير العراق” ، بينما كانت إدارتها تعمل على ضمانحصول الشركات البريطانية هناك على”فرص الوصول”. هذا يتناقض مع تأكيدها السابق للبرلمان أن الحكومة “ليست هناك من اجل فرص تجارية”. [ 32]

وفقا لكبير الاقتصاديين في البنك الدولي السابق جوزيف ستيغليتز ، فإن الولايات المتحدة “تدفع العراق نحو شكل أكثر تطرفا من العلاج بالصدمة مما تم اتباعه في العالم السوفياتي السابق”. يلاحظ ستيغليتز اليوم أن هناك إجماعًا على أن العلاج بالصدمة الاقتصادية “فشل” وشهدت البلدان انخفاضًا في الدخل وتزايد الفقر. من المرجح أن يكون للخصخصة السريعة عواقب أكثر خطورة في العراق و “يجب على المجتمع الدولي توجيه أمواله لأسباب إنسانية مثل المستشفيات والمدارس ، بدلاً من دعم التصاميم الأمريكية”. [33]

من شبه المؤكد أن “الإصلاحات” الاقتصادية المفروضة على العراق غير قانونية بموجب القانون الدولي. تتطلب أحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 ولوائح لاهاي لعام 1907 احترام القوانين القائمة في دولة محتلة. منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 1483 في مايو 2003 ، كانت الحكومة البريطانية تجادل بأن هذا “يوفر أساسًا قانونيًا سليمًا” للخصخصة والإصلاحات الأخرى التي سنتها سلطة احتلال بول بريمر. ومع ذلك ، لا يزال القرار 1483 يتطلب الامتثال الكامل لـ “الالتزامات بموجب القانون الدولي” ، والتي تشمل أحكام جنيف ولاهاي. [34]

وبدا أن صناعة النفط العراقية قد تم استتثناؤها من الخصخصة ومن المقرر أن تديرها الدولة ، ويعود ذلك جزئياً إلى مخاوف من إشعال الغضب الوطني. وقال توني بلير لمجلس العموم عشية الحرب إن عائدات النفط ، التي يدعي الناس زورا أننا نريد الاستيلاء عليها ، يجب أن توضع في صندوق استئماني للشعب العراقي ، تتم إدارته من خلال الأمم المتحدة. وفي وقت لاحق ، شاركت بريطانيا في رعاية قرار الأمم المتحدة الصادر في مايو 2003 والذي أعطى فعليًا السيطرة الأمريكية والبريطانية على عائدات النفط العراقي ، بدون صندوق استئماني تديره الأمم المتحدة. [35]

تصدير الأسلحة هي فرصة تجارية رئيسية. وقد حصلت بريطانيا بالفعل على إعفاء خاص من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة ، وهي تقدم الأسلحة إلى العراق منذ أكتوبر 2003. ويأتي ذلك في شكل “مسدسات آلية ومسدسات ستستخدمها شركات الأمن الخاصة المتعاقد معها لتوفير الحماية الوثيقة لـ موظفي” سلطة التحالف المؤقتة.  في رد برلماني في آذار 2003 ، قال مايك أوبراين إن بريطانيا ستدعم رفع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة “عندما تقتضي الظروف”.[ 36]

هناك عمل مربح آخر هو عمل “حراس الأمن الخاص” (أي المرتزقة) الذين يعملون في البلد. مع عقود تقدر قيمتها بحوالي 1 مليار دولار ، يعتقد أن الشركات البريطانية لديها أكبر حصة. يعمل في العراق حوالي 1500 من الجنود  وضباط الشرطة  البريطانيين السابقين ، بما في ذلك ضباط سابقين في القوات الجوية الخاصة (SAS)، ومشاة البحرية ، وقوات المظلات ، ويتم تمويل معظمهم من دافعي الضرائب البريطانيين. وبحسب ما ورد في تقارير، أنفقت وزارة الخارجية ووزارة التنمية الدولية ما يقرب من 25 مليون جنيه إسترليني على توظيف الحراس الشخصيين والمستشارين الأمنيين لحماية موظفيهم المدنيين.وقد شملت عملية التجنيد التي قامت بها الولايات المتحدة الآلاف من المرتزقة من قدامى المحاربين من نظام بينوشيه في تشيلي وأنظمة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. كما أفادت التقارير بأن المتعهدين الخاصين يشرفون على الاستجواب في السجون. [37]

لقد تم التلاعب بالنظم الانتخابية في العراق بنفس الطريقة التي تم بها التلاعب بالموارد الاقتصادية. قاد رجل الدين الشيعي البارز في البلاد ، آية الله السيستاني ، الحملة للإصرار على انتخابات مبكرة. وقد عارضته واشنطن ولندن ، على افتراض أنه خوف من عدم فوز مرشحيهما المفضلين. وعلقت صحيفة واشنطن بوست قائلة: “أرادت إدارة بوش عملية منظمة يمكنها السيطرة عليها”. [38]

أفادت وسائل الإعلام بشكل عام بأمانة ما وصف بأنه “نقل للسلطة” إلى العراق في نهاية يونيو 2003 – على الرغم من أنه أصبح واضحًا قبل عدة أشهر أن العكس تمامًا هو المقصود من قبل قوات الاحتلال الأنجلو أمريكية. يشير “أمر احتلال” صدر في مارس 2004 ، على سبيل المثال ، إلى نية الولايات المتحدة في الاحتفاظ بالسيطرة على الجيش العراقي بعد “نقل السلطة” هذا. كما دعت الولايات المتحدة إلى تعيين العديد من الضباط الرئيسيين – رئيس أركان الجيش ومستشار الأمن القومي والمفتش العام – لفترات طويلة لعدة سنوات.  من الناحية العملية ، من غير المرجح أن تقوم أي حكومة عراقية بتبديل المعينين قبل الانتخابات الوطنية في عام 2006.

كما ذكرت وكالة أسوشيتد برس – تحت العنوان الرئيسي “ستحتفظ الولايات المتحدة بالسلطة في العراق بعد نقل السيادة” – أن “معظم السلطة ستبقى داخل أكبر سفارة أمريكية في العالم (يجري بناؤها في بغداد] ، مدعومة ب 110000 من القوات العسكرية.   ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن “بريمر ومسؤولين آخرين يبنون بهدوء مؤسسات ستعطي الولايات المتحدة أدوات قوية للتأثير على كل قرار مهم تقريبًا ستتخذه الحكومة المؤقتة”. وفي سلسلة من المراسيم التي صدرت في الربيع ، أنشأ بريمر لجانًا جديدة قادرة فعليًا على أن تسلب جميع السلطات التي كانت تحتفظ بها عدة وزارات سابقًا. وأعلن أيضًا أن “المستشارين” الأمريكيين والدوليين سيبقون تقريبًا في جميع الوزارات المتبقية بعد “التسليم”. بحلول منتصف عام 2004 ، ذكر وزير الخارجية مايك أو برين بأن “حوالي 200” مسؤول بريطاني انتدبوا لسلطة الاحتلال والوزارات العراقية في الأشهر الأخيرة. [39]

واعترف وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ، مارك غروسمان ، بأن ما يجري نقله كان “سلطة محدودة”. وأشار المسؤول الكبير في وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ، إدوارد ووكر ، إلى أن ميزانية العراق ستستمر فعليًا تحت إدارة الولايات المتحدة لأنها ستسيطر على صرف المساعدات الأمريكية التي تقدر بمليارات الدولارات. قال إنه “بالتأكيد ليس نقلًا للسيادة عندما لا تتحكم في أمن بلدك وليس لديك دخل حقًا”. [40]

تمكن توني بلير من إخبار مجلس العموم: “يجب أن يتم نقل السيادة الكاملة إلى الشعب العراقي ويجب أن تبقى القوة المتعددة الجنسيات تحت القيادة الأمريكية”.  أوضح المتحدث الرسمي باسمه الحاجة إلى أن يكون للعراق ” سيادة كاملة غير قابلة للتجزئة – مما يعني على الحكومة العراقية أن توافق على دور القوات المتعددة الجنسيات بعد الأول من تموز”. [41]

كان “تسليم”(السلطة) في  30 حزيران توطيدا لقوة الولايات المتحدة ، وفي الواقع انقلابا دستوريا. حتى أنها عينت في السلطة إياد علاوي ، أحد عناصر وكالة المخابرات المركزية و MI6(جهاز المخابرات الخارجية لحكومة المملكة المتحدة)، وأيضًا مصدر ادعاء الحكومة البريطانية أن العراق يمكنه نشر أسلحة الدمار الشامل في غضون 45 دقيقة. لقد تم انقلاب علني بقدر ما يمكن تخيله ، مما يجسد أيضًا موقف المحتلين تجاه الديمقراطية.

ومن ضمن الاستراتيجيات الأنجلو أمريكية العديدةلمناهضة الديمقراطية ولتحديد مستقبل العراق هي ضمان إبقاء الأكراد في الشمال بعيدًا عن الاستقلال قدر الإمكان. خلال غزو العراق ، أكدت بريطانيا والولايات المتحدة بشكل خاص لتركيا أنه سيتم الحفاظ على “وحدة أراضي” العراق. وبحسب ما ورد أكد القادة الأمريكيون للحكومة التركية على الحاجة إلى “نظام فدرالي” للعراق يمنح الأكراد حكماً ذاتياً محدوداً. في المقابل ، يدعي بعض القادة الأكراد أن واشنطن وعدتهم،قبل غزو العراق مباشرة، باستقلال ذاتي أوسع في النظام الفيدرالي؛ الشئ الذي نفته الولايات المتحدة. في أوائل عام 2004 منح الدستور العراقي المؤقت المتفق عليه للأكراد سلطات للاعتراض على أي دستور دائم في المستقبل ، واحتوى على ضمانات للحكم الذاتي في المنطقة الكردية. ومع ذلك ، لم يتم الاحتفاظ بهذه السلطات في قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم تمريره في حزيران 2004.  رفض المسؤولون الأمريكيون الضغط الكردي القوي بسبب مخاوف بشأن الإساءة إلى زعماء الشيعة العراقيين الذين عارضوا منح الأكراد مثل هذه السلطات. [42]

إحدى وثائق الحكومة البريطانية التي تم الكشف عنها في لجنة تحقيق هوتون(Hutton inquiry)هي ورقة أسئلة وأجوبة في ملف سبتمبر 2002 ، ورد في جزء منها: “نتمنى أن نرى الاستقلال الذاتي (وليس الاستقلال) للأكراد العراقيين”. لم يتغير هذا الموقف الأساسي بمرور الوقت ، “كانت وجهة النظر في عام 1963 هي أن” مصالحنا تخدم بشكل أفضل من قبل عراق قوي وموحد “، وفقًا لمسؤول وزارة الخارجية آنذاك بيرسي كرادوك ، الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجنة الاستخبارات المشتركة. [43]

إن سياسة واشنطن ولندن الدائمة تجاه الأكراد واضحة في الوثائق التي رفعت عنها السرية ، وتستحق المراجعة لفترة وجيزة لفهم المسار المحتمل للأحداث في العراق المعاصر.

لنأخذ ورقة وزارة الخارجية السرية من أغسطس 1963 ، التي تشير إلى أنه “لا يوجد احتمال لكردستان مستقلة لأن هذا يعني تقطيع العديد من الدول الأخرى إلى جانب العراق”. توصف اهتمامات الادارة البريطانية بأنها مع “وجود حكومة عراقية قوية صديقة قادرة على ضمان النظام في جميع أنحاء البلاد” إما بالاتفاق مع الأكراد أو “بالسيطرة العسكرية”. لقد كان العراق القوي والموحد بمثابة مواجهة لمصر عبد الناصر في العالم العربي وساعد في “ضمان بقاء مختلف المناطق المنتجة للنفط تحت سيطرة سياسية منقسمة”. كما أشارت الصحيفة إلى أنه من مصلحة بريطانيا رؤية تسوية تفاوضية للمشكلة الكردية “على الرغم من أنه يفضل ألا تكون هذه التسوية من شأنها إضعاف سلطة الحكومة المركزية بشكل خطير من خلال تنازلاتها للأكراد”.

يجب على بريطانيا أن تسعى إلى تنمية علاقات جيدة مع كل من العراق والأكراد ولكن:

الأول أهم بكثير … إذا كنا نفضل الأكراد ضد العراقيين ، فإن هذا سيثير ذعر  الدول المجاورة ذات الأقليات الكردية … عندما نواجه الحاجة إلى الاختيار ، يجب أن ندرك الأهمية القصوى للعلاقات الجيدة مع العراقيين (المقصود الحكومة)  وأن من مصلحتنا [كذا] أن تسود سلطتهم في جميع أنحاء البلاد. [44]

يعتبر الأكراد أداة لممارسة الضغط على الأنظمة في بغداد عند الضرورة. في أوائل الستينيات ، على سبيل المثال ، بدأ البريطانيون في تشجيع التمرد الكردي الجديد في العراق من أجل زعزعة استقرار النظام الوطني لعبد القاسم (عبد الكريم قاسم). تُظهر الملفات أن السفير البريطاني في بغداد كان على استعداد تام “للحفاظ على عقل منفتح” حول إمكانيات الثورة الكردية “التي أدت إلى سقوط [قاسم]”. واقترح في سبتمبر 1962 أن على بريطانيا ألا تشجع بالتالي التسوية بين بغداد والأكراد ، بل يجب أن تبقى على جانب تراقب الوضع. قال إن بريطانيا يجب ألا تقدم مساعدة مباشرة للأكراد ، “ولكن ربما لا داعي للقلق كثيرًا إذا فعل الآخرون”. [45]

ومع ذلك ، فحالما سقط  قاسم في عام 1963 وتولي السلطة في بغداد نظام نفضله، تغيرت السياسة البريطانية إلى دعم شامل للحكومة (انظر الفصل 5). اتبعت الولايات المتحدة نفس السياسة ، وقدمت أسلحة للأكراد من 1961-1963 لتقويض قاسم؛ بعد يومين من سقوطه ، بدأت الولايات المتحدة بتسليح النظام العسكري الجديد لمحاربة نفس الأكراد ، التي كانت تسلحهم من قبل “[46]

نفس المسلسل تم تكراره خصيصا لصدام حسين. عندما كان صدام حليفاً مفضلاً في الثمانينيات ، قُبلت ضمنيا المذبحة التي قام بها ضد الأكراد. بعد أن أصبح عدوًا رسميًا عند غزوه للكويت عام 1990 ، تم تفضيل الأكراد مرة أخرى ودعمهم سرا. الآن بعد أن تمت سيطرة الولايات المتحدة على الأشياء في بغداد ، يُنظر إلى الأكراد إلى حد كبيرعلى أنه تهديد يجب تحجيمه.

The balance sheet صحيفة الموازنة 

هذه هي بعض من الاعتبارات الرئيسية التي يجب مراعاتها. كانت هناك تطورات إيجابية في العراق: لقد سقط نظام صدام الرهيب ، مما أدى إلى بعض التحسينات في حرية التعبير وتكوين الجمعيات ، وإنشاء وسائل إعلام جديدة ومنظمات المجتمع المدني. ولكن يبدو أن هذه المكاسب الحقيقية قد تقزمت بسبب عنف الاحتلال المتزايد. هناك مجموعة من العواقب الوخيمة ، ليس للعراقيين فقط ولكن لجميع (الغير بشر) في كل مكان.

العاقبة الأولى هي حجم العنف والقتل في العراق ، الذي كان أكثر وحشية مما كان عليه في سنوات صدام الأخيرة ، في حين بقى الحصول على الضروريات الأساسية مثل الصحة ثابتة أو ساءت بالنسبة للكثيرين. والثانية هو تصاعد الإرهاب في العراق نفسه وفي أماكن أخرى ، والذي نتج على ما يبدو عن الاستراتيجية الأمريكية والبريطانية. ثالثاً ، العواقب بعيدة المدى على العراقيين العاديين كنتيجة  للاحتلال الاقتصادي، والتي من المرجح أن يستفيد منها السكان قليلاً.

رابعاً ، وهي النتائج المترتبة على حقوق الإنسان في أماكن أخرى. بعد الانتهاك الوقح للقانون الدولي في غزو العراق ، استخدمت دول أخرى – الصين وروسيا وإندونيسيا ونيبال وغيرها – غطاء “الحرب ضد الإرهاب” لشن هجمات على سكانها. وبالفعل ، فإن الاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان والقانون الدولي ، التي يجب أن تُحاسب عليها الدول ، تتعرض لهجوم غير مسبوق لصالح قانون الغاب.

قدمت هيومن رايتس ووتش نقدا مدمرا للأدعائات الأمريكية والبريطانية بأنهم قد تصرفوا دفاعا عن حقوق الإنسان في العراق. كتب مديرها كينيث روث:

لقد فشل غزو العراق في الاجابة في اختبار التدخل الإنساني. الأهم من ذلك أن القتل في العراق في ذلك الوقت لم يكن ذا طبيعة استثنائية تبرر مثل هذا التدخل. إضافة إلى ذلك ، لم يكن التدخل هو الخيار المعقول الأخير لوقف الفظائع العراقية. لم يكن الدافع وراء التدخل بالدرجة الأولى هو الشواغل الإنسانية. لم تجر بطريقة تزيد من الامتثال للقانون الإنساني الدولي. لم يوافق عليها مجلس الأمن. وبينما كان من المقبول الاعتقاد  في وقت بداية الغزو،بأن الشعب العراقي سيكون أفضل حالاً ، إلا أنه لم يتم تصميمه أو تنفيذه مع مراعاة احتياجات العراقيين في المقام الأول. [47]

 

تطبيع الاحتلال

يعتبر احتلال الدول الأجنبية نشاطًا بريطانيًا نموذجيًا إلى حد ما في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية – تخصص بريطاني ، في الواقع – قد يساعد في تفسير سبب حرص واشنطن على انضمام لندن. تم تجاهل التجربة البريطانية الأخيرة في الاحتلال إلى حد كبير في التيارالاعلامي الرئيسي. لكنه يوفر بعض المؤشرات لمستقبل العراق. دعونا نأخذ بإيجاز مثالًا واحدًا من الماضي ومثالًا واحدًا من الحاضر ، لا يقدم أي منهما فألا جيدًا.

لقد كان موضوع الحرب في كينيا ايام كانت مستعمرة بريطانية في الخمسينيات من القرن الماضي حربًا على الأرض. طالبت حركة (ماو ماو) بأرض لملايين الفقراء الذين لا يملكون أرضا. دافعت القوات الاستعمارية البريطانية عن المستوطنين البيض ، حيث يمتلك بضعة آلاف منهم فقط أفضل الأراضي في البلاد. الملفات التي رفعت عنها السرية والتي رأيتها ترسم صورة مخيفة عن الفظائع الرهيبة المنتهكة لحقوق الإنسان من قبل السلطات الاستعمارية في محاولتها لهزيمة قوات المعارضة.

هذه الحرب ، مثل الحرب في العراق ، تم تصويرها دائمًا على أنها حرب حضارية من جانب مقابل بربرية على الجانب الآخر. في الواقع ، على الرغم من ارتكاب الفظائع على الجانبين ، فإن أسوأ الانتهاكات ارتكبتها القوات البريطانية وحلفاؤها المحليون. يحاول الأعضاء السابقون في حركة ماو ماو حاليًا مقاضاة الحكومة البريطانية للحصول على تعويض “نيابة عن 90,000 شخص سجنوا وعذبوا في معسكرات الاعتقال، 10,000 من الأشخاص الذين صودرت أراضيهم ونصف مليون آخرين أجبروا على على السكن في قرى محمية”. [48]

كان القمع البريطاني في كينيا يتألف من عمليات “إعادة التوطين” التي أجبرت 90.000 شخص من جماعة(كيكويو) العرقية على دخول معسكرات الاعتقال التي تحيط بها الأسلاك الشائكة والقوات العسكرية ، والتوطين الاجباري للقرويين  “في محميات كيكويو”. تمت مصادرة الثروة الحيوانية وتعرض العديد من الناس للعمل القسري. تعني عبارة التوطين “الاجباري للقرويين-Villageisation” تدمير المساكن المتناثرة سابقًا وتشييد المنازل في المخيمات المحصنة لتحل محلها. كان هذا انقطاعًا صادمًا عن طريقة حياة جماعة(كيكويو- Kikuyu) العرقية التقليدية. حتى عندما لم يكن مصحوبًا ، كما كان غالبًا ، بفرض حظر التجول لمدة 23 ساعة ، فقد أدى ذلك إلى انتشار المجاعة والموت. في المجموع ، ربما يكون 150.000 أفريقي قد فقدوا أرواحهم بسبب الحرب ، ومعظمهم يموتون من الأمراض والمجاعة في “القرى المحمية”. تم تجاهل وفاتهم من قبل مخططي السياسة الخارجية ووسائل الإعلام الرئيسية على حد سواء.

توضح الملفات التي تم رفع السرية عنها أن بريطانيا استخدمت أيضًا الحرب ضد جيش الأرض والحرية الكيني (KLFA) ، المعروف أيضًا باسم ماو ماو(Mau Mau) كغطاء لوقف صعود القوى الوطنية الشعبية الأخرى التي هددت السيطرة البريطانية على كينيا. سجنت السلطات الاستعمارية الزعيم الوطني جومو كينياتا بتهمة أنه كان يقود ال(ماو ماو): في ذلك الوقت ، كان المسؤولون البريطانيون يعلمون أن الأمر ليس كذلك. في مواجهة التهديد الوطني  لاستمرار السيطرة البريطانية على الأرض، والتحريض العام من أجل الاستقلال الكامل، كان هذا مثالًا مبكرًا على القضاء على تهديد التنمية المستقلة – استراتيجية رئيسية للمخططين في بريطانية ، وكذلك في الولايات المتحدة ، طوال فترة ما بعد الحرب . غالبًا ما كانت الحجة التي تم تقديمها في ذلك الوقت ، هي  التهديد السوفييتي ، ملفقة أو مبالغًا فيها – وكانت غير موجودة في حالة كينيا. كانت الدوافع البريطانية في الحرب واحتلال كينيا سياسية (لمواصلة تحديد مستقبل كينيا بعد الاستقلال) وتجارية (لضمان أن تكون موارد البلاد تحت سيطرة الأيدي الصحيحة).

تم تصوير المعارضة في كينيا دائمًا امام العالم على أنها شيطانية ومتعطشة للدماء أو عملاء سوفييت. كما تظهر الملفات ، كان مخططي السياسة في الادارة البريطانية يدركون  جيدًا أن هذه المزاعم كاذبة، وأدركوا بشكل خاص أن الحرب كانت ضد قوات وطنية.  وفي نفس الفترة أيام الأحتلال الوحشي ل(مالايا)، قام الاحتلال البريطاني بتصوير المعارضين لهذا الاحتلال على أنهم “إرهابيون شيوعيون” وكان المنطق الرسمي للحرب ضدهم هو وقف التوسع الصيني. لكن وبشكل غير معلن، كانت وزارة الخارجية تعلم بان “هدف الحرب هو في الدفاع عن صناعة المطاط” ، التي كانت جزئيا في أيدي البريطانيين.[49]من الصعب عدم رؤية  أوجه الشبه مع العراق.

لنأخذ في الاعتبار أيضًا الاحتلال المعاصر من قبل بريطانيا والولايات المتحدة والذي تم استبعاده إلى حد كبير من الاهتمام. ويضمهذا الاحتلال جزر شاغوس (The Chagos islands)- المعروفة رسمياً باسم إقليم المحيط الهندي البريطاني – دييغو جارسيا ، وهي الآن قاعدة عسكرية أمريكية استخدمتها  قاذفات الولايات المتحدة لمهاجمة العراق وأفغانستان ، وحيث يحتجز فيها المشتبه في انتمائهم للقاعدة في ظروف أكثر سرية من تلك الموجودة في كوبا.

ابتداء من عام 1968 ، تم طرد جميع السكان الشاغوسيين من جزر وطنهم لإفساح المجال لقاعدة عسكرية أمريكية. تم خداع البعض للمغادرة على وعد رحلة بحرية؛ تم ترحيل الآخرين قسريا. لقد شن سكان الجزر حملة طويلة من أجل التعويض والحق في العودة ، بدون وجود اي اهتمام دولي يذكر. لكن حكومة بلير وضعت نفسها ضد الشاغوسيين وحصلت حملتها القانونية المستمرة في عام 2003 على حكم من المحكمة العليا “عدم وجودأسس معقولة” للدعوة المقامة من قبل سكان الجزر. الشاغوسيون يستانفون الحكم حاليًا.

كانت الكذبةالكبيرة في قلب السياسة البريطانية هو أن الشاغوسيين لم يكونوا أبدًا من السكان الدائمين في الجزر ولكنهم ببساطة “عمال متعاقدون”. في I969 ، كتب وزير الخارجية مايكل ستيوارت إلى هارولد ويلسون أنه “يمكننا الاستمرار في الإشارة إلى السكان بشكل عام على أنهم عمال مهاجرون بشكل أساسي مع أسرهم”؛  لذلك ، سيكون من المفيد “إذا تمكنا من تقديم أي خطوة كتغيير في التوظيف للعمال المتعاقدين … بدلاً من إعادة توطين السكان”. هذا هو وضع المشهد ؛ حافظت سبع حكومات بريطانية متتالية على هذه الرواية.

حتى وقت قريب ، كان يتم  إخبار زوار موقع وزارة الخارجية أنه لا يوجد “سكان أصليون” في الجزر. ثم تغيرت الصياغة فجأة والآن هم يعترفون بوجود “سكان مستقرين”.  لقد احتاج الامر  ما يقرب من أربعة عقود منذ بداية التهجير، ليتم الاعتراف بالحقيقة بهدوء.

لكن السياسة لم تتغير. حيث استمرت حكومة بلير في محاربة الشاغوسيين في المحكمة وبطرق أخرى أقل شفافية. في قرار تاريخي في نوفمبر 2000 ، قضت المحكمة العليا بأن “االترحيل بالجملة” لسكان الجزر كان “إخفاقًا قانونيًا فادحًا” وأنه يمكنهم العودة إلى الجزر الصغيرة النائية في المجموعة ولكن ليس الى أكبر جزيرة ، دييغو غارسيا. كان هذا كابوسًا للمخططين البريطانيين والأمريكيين ، وبدا إن الحكومة البريطانية عازمًة على تحديه. وتم ايقاف البحث في عملية إعادة توطين الجزيرة ، ثم خلصت إلى أن إعادة التوطين كانت غير مجدية على أي حال. ذكرت مذكرة وزارة الخارجية إلى لجنة تحقيق برلمانية أن إعادة توطين الجزر النائية ستكون “غير عملية وغير ملائمةة مع مرافق الدفاع الحالية”. وأضافت أن “موقفنا من مستقبل الإقليم ستحدده مصالحنا الاستراتيجية وغيرها والتزاماتنا التعاهدية تجاه الولايات المتحدة”. لم تذكر المذكرة شيئًا عن التزامات الحكومة بحقوق سكان الجزيرة.

كانت الحكومة بالفعل تمنع الشاغوسيين من العودة إلى جزرهم ، عندما وجهت ضربة مذهلة في يونيو 2004.  فبدلاً من استخدام العملية التشريعية العادية ، لجأت إلى بقايا من الامتيازات الملكية وأعلنت “أمرين في المجلس” لمنع الشاغوسيين من العودة حتى إلى الجزر النائية. وفي إعلانه عن القرار في البرلمان ، قال وزير الخارجية بيل راميل إنه نتيجة للأوامر الجديدة “ليس لأي شخص الحق في الإقامة في الإقليم أو يكون لديه حق الدخولالغير مقيد إلى أي جزء منه”. وقال أيضاً إن “هذين الأمرين يعيدان الموقف القانوني إلى ما كان يُفهم أنه قبل قرار المحكمة العليا في 3 نوفمبر 2000”.[50] وقد أظهر ذلك ، وبشكل أوضح مما كانت عليه الحال في العراق ، كيف استولت الحكومة على الإجراءات القانونية وكيف كانت تستخدمها لأغراض سياسية ، وهو وضع يتعلق عادة فقط بالدول الشمولية.

إن أمثلة الأحتلال الماضية والحالية تنذر بالسوء لمستقبل العراق. ومع ذلك ، فإن مثل عمليات الاحتلال المتغايرة هذه ليست أكثر غرابة من عملية غير عادية للتشجيع على  “تغيير النظام” ، وهذا مثال آخر واقعي لما تمثله الأنشطة  ألأنجلو أمريكية فعليًا ، له عواقب مماثلة.وعلى هذا فلا يجب أن يكون النقاش العام الحالي حول التوتر بين سيادة الدولة والتدخل من جهة،وبين تغيير ما يسمى “الافتراض التقليدي ضد التدخل في الدول الأجنبية”، أكثر من كونه مجرد مزحة: إن محاولة الإطاحة بالحكومات غير المرغوب فيها ماهي إلا سمة منهجية “للسياسة الخارجية البريطانية .

لنأخذ ، على سبيل المثال ، القائمة الطويلة للحكومات التي أطاحت بها بريطانيا مباشرة أو حاولت الإطاحة بها: إيران (1953) ، غيانا البريطانية (1953 و 1963) ، مصر (1956) ، إندونيسيا 1957-1958، 1965)، اليمن (1962-1970) ، عمان (1970) ، ليبيا (1996) ، يوغوسلافيا (I999) أفغانستان (2001). هناك أيضًا العديد من الحالات التي رحبت فيها بريطانيا بإسقاط الحكومات من قبل الولايات المتحدة ، مثل: غواتيمالا (1954) والعراق (1963) وفيتنام (1963) وجمهورية الدومينيكان (1965) وشيلي (1973)، نيكاراغوا (1980s) ) وبنما (1989).

حتى الفهم السطحي لعمليات الاحتلال السابقة والحالية وتغيير الانظمة من قبل بريطانيا والولايات المتحدة، يوفر نظرة ثاقبة على الالتزام المفترض بـ “الديمقراطية” و “حقوق الإنسان” في العراق.

(راجع ج-1) “اللا بشر”: الإنتهاكات البريطانية السرية لحقوق الإنسان/ الجزء الأول- العراق…ترجمة: عزام محمد مكي

*********

يليه الفصل الثاني: لاعلاقية القانون الدولي

مراجع الفصل الأول

1- House of Commons, Foreign Affairs Committee, TIu decision to go to war in Iraq, Ninth report, Session 2002-03,7 July 2003, conclusion.

2- Paul Whiteley, ‘Baghdad backlash’, Guardian, 6 May 2003: Evidence to the Defence Committee, II June 2003, Q407, www.parliament.thestationary-office.co.uk/pa/cm200203; ‘PM: Authority of the United Nations “is on the line:”, 28 February 2003, www.pm.gov.uk

3- See Stephen Shalom, ‘The United States in the General Assembly’, Znet, 22 April 2003.

4- Medialens, ‘Chaining the watchdog, part 2, 3 May 2003, www.medialens.org

5- See Web of Deceit, chapters r8 and 19, [or the role of the media. See also Justin Lewis and Rod Brookes, ‘Reporting the war on television’, in David Miller [ed], Tell me lies: Propaganda and media distortion in the attack on Iraq. Pluto, London, 2004.

6- ‘Prime Minister’s speech to Congress’, 18 july 200″ www.pm.gov.uk 7 Jason Leopold, ‘Wolfowitz admits Iraq war was planned two days after 9/Il’, Znet, 2 June 2003: Mark Hollingsworth, ‘Spies like us’, Guardian, S November 2003: Raymond Whitaker, ‘Blair told US was targeting Saddam “just days after 9/n”’, Independent on Sunday, 4 April 2004.

8- There is a variety of evidence as to when Blair took the decision to join the US in the invasion, but all point to 2002: Clare Short said that, while Blair was assuring her of a commitment to secure a second Security Council resolution, Short noted that three ‘extremely senior people in the Whitehall system’ said that the Prime Minister had already agreed with President Bush the ‘previous summer’ to invade Iraq the following February (later extended to March because of Turkey’s refusal to accept US troops), ‘I think the US wanted to go to war in the Spring and the UK I now think had pre-committed to that timetable’, Short noted; Evidence to the House of Commons Foreign Affairs Committee (FAC), 17 June 2003, Q64,8p24,129, www,publications.parliament.uk/pa/cm20020r Peter Stothard’s book, 30 days, indicates that Blair believed that by September 2002 the US had already decided to go to war and that Blair had already decided that Britain  should be alongside them. Peter Stothard, 30 days: A month at the heart of Blair’s war, Harper Collins, 2003.

9- Review of intelligence on weapons of mass destruction: Report of a committee of privy counsellors. HC 898, HMSO, London, 14 July 2004 (hereafter the Butler report) paras 429, 427.

10- See evidence to the Defence Committee, 5 February 2004, citing previous evidence given by Air Marshall Burridge, www.publications. parliament.uk/pa/cm200304 and A.Pawson, Ministry of Defence of Defence, evidence on 12 November 2003, www.publications. parliament. uk/pa/ cm200304.

11- Cited in Glen Rangwala, ‘Iraq’s weapons of mass destruction: the assessment of the British government Problems, contradictions. falsehoods’, undated, and ‘Misled into war’, 21 March 2003, www.mlddleeastreference.org.uk; Hans Blix, Notes for the briefing of the Security Council on the! jth quarterly report of UNM OV I C. lJ N News Centre, 5 [une 2003.

12- Julian Borger, ‘Intelligence was wrong, admits general’, Guardian, 31 May 2003.

13- Jim Lobe, ‘Chalabi, Garner provide new clues to war’, Hi Pakistan, 26 February 2004, www.occupationwatch.org

14- Christine Spolar, ’14 “enduring bases” set in Iraq’, Chicago Tribune, 23 March 2004.

15- ‘PM statement on Iraq’, 25 February 2003, www.prn.gov.ukv joint press conference with president Bush at Camp David, 27 March 2003, www.pm.gov.uk.

16- ‘PM thanks troops in Iraq’, 29 May 2003, www.pm.gov.uk

17- Iraq body count, ‘Civilian deaths in “noble” Iraq mission pass 10,000’, www.iraqbodycount.net: Amnsety International. ‘One year after the war the human rights situation remains critical, 18 March 2004, www.amnesty.org: Study by Medact in Shaista Aziz, ‘War killed 55,000 Iraq civilians, 11 November 2003, Al Jazeera.

18- House of Commons, Hansard, IS October 2003, COL244, I September, Co1.90S,

19- House of Commons, Hansard, 3 June 2003, Co1.293,

20- Human Rights Watch, ‘Offtarget: The conduct of the war and civilian casualties in Iraq’, December 2003, www.hrw.org

21- Paul Brown, ‘Uranium hazard prompts cancer check on troops’, Guardian, 25 April 2003; John Pilger, ‘A year later’, Znet, 23 March 2004·

22- Voices in the Wilderness newsletter, February/March 2004, citing the Sunday Times of 25 January, www.viw.uk: Julian Borger. ‘Israel trains US assassination squads in Iraq’, Guardian, 9 December 2003·

23- Rory McCarthy, ‘Gunships ram home might of US firepower’, Guardian, 15 November 2003.

24- Rory McCarthy, ‘Uneasy truce in the city of ghosts’, Guardian, 24 April 200+ Nicolas Pelham, ‘No retreat from Falluja, says US’, Financial Times, 1 May 2004.

25- Rory McCarthy, ‘None killed in US convoy as Shia militias fight on’, Guardian, 10 April 2004; Patrick Wintour, ‘Army chiefs resist call for more Iraq troops’, Guardian, 29 April 2004; Luke Harding, ”’It’s hell . . everything will be destroyed’, Guardian, 30 April 2004.

26- Michael White, ‘Leaked memo reveals fear that US tactics are endangering troops’, Guardian, 24 May 2004.

27- David Teather, ‘US begins crackdown as soldiers found dead’, Guardian, 30 June 2003·

28- Centre for Economic and Social Rights, ‘Beyond torture: US violations of occupation law in Iraq’, www.cesr.org

29- Human Rights Watch. ‘Civilian deaths need US investigation’, 21 October 2002; Amnesty, ‘One year after the war the human rights situation remains critical’, 18 March 2004.

30- Andrew Johnson, ‘Did British soldiers lose all control and decency at the notorious Camp Bucca?’, Independent, 15 February 2004; Richard Norton-Taylor, ‘Big rise in civilian death inquiries. Guardian, 9 June 2004; Phil Shiner, ‘End this lawlessness’, Guardian, 10 June 2004.

3I- ‘Violations “were tantamount to torture'”, Guardian, 8 May 2004; David Leigh, ‘UK force taught torture methods’, Guardian, 8 May 2004; cited in Centre for Economic and Social Rights, Beyond torture: US violations oj occupation law in Iraq, www.cesr.org

32- ‘British companies must play their part in Iraq, speech, 21 November 2003, www.fco.gov.uk; House of Commons, Hansard, 9 December 2003, Col.449 and 20 June 2003, Co1.499; 20 June 2003, Co1.499; 1 April 2003, Co1.624·

33- Joseph Stiglitz, ‘Iraq’s next shock will be shock therapy’, Znet, 17 March 2004.

34- House of Commons, Hansard, 20 November 2003, Col.I308; UN Security Council, Resolution 1483, 22 May 2003, paragraph4.

35- David Teather, ‘US set to back state control ofIraqi oil’, Guardian, 8 January 2004; Glen Rangwala, ‘Changing stories on Iraq’, 23 January 2004, www.middleeastreference.org.uk

36- House of Commons, Hansard, 21 October 2003, Col.r63; II March 2003, Col.158.

37- Robert Fisk, ‘Britain’s secret army in Iraq’, Independent, 28 March 2004; Julian Borger, ‘US military in torture scandal’, Guardian, 30 April 2004; Bill Berkowitz, ‘Mercenaries “R” us’, Alternet, 24 March 2004, www.occupationwatch.org

38- Rajiv Chandrasekaran, ‘How cleric trumped US plan for Iraq’, Washington Post Foreign Service, 26 November 2003.

39- John Burns and Thom Shanker, ‘US officials fashion legal basis to keep force in Iraq, New York Times, 26 March 2004; Yochi Dreazen, ‘Behind the scenes, US tightens grip on Iraq’s future’, Wall Street Journal, 13 May 2004; Mike O’Brien, ‘Iraq stands at the dawn of a new era’, 25 June 2004, www.fco.gov.uk

40- Ewen Macaskill, ‘US clings to the burdens of power’, Guardian, 18 May 2004; Timothy Phelps, ‘US will control Iraqi forces’, Newsday, r o April 2004.

41- Cited in Ed Johnson, ‘Blair backpedals on Iraq comments’, Toronto Star, 26 May 2004; Ewen Macaskill and Sarah Hall, ‘US vows to stay in control of Iraqi troops’, Guardian, J7 May 2005.

42- ‘PM: Saddam and his regime will be removed’, 25 March 2003, www.pm.gov.uk; Wolfowitz, ‘We will completely remove Kurdish group from Northern Iraq’, Turkish Daily News, I February 2004; ScheherezadeFararnazi, ‘Kurds’ dream clashes with US plans’, Miami Herald, 28 January 2004; Steven Weisman, ‘Kurdish region in northern Iraq will get to keep special status’, New York Times, 5 January 2004,

43- ‘Iraq and weapons of mass destruction: An intelligence assessment’, Q&.A, www.the-hutton-inquiry.org.uk: Percy Cradock, note, 26 August 1963, F037I/170449/EQIOI9/42.

44- Foreign Office, ‘The Kurdish problem in Iraq’, August 1963, National Archives, F037I/170447/EQIOI9/I.

45- Said Aburish, A Brutal Friendship: The West and the Arab elite, Indigo, London, 1997, p. r36; R. Allen to G. Hiller, 3 September 1962, F0371/ 164235/EQ101 5/83.

46- Aburish, p. 98.

47- Kenneth Roth, ‘War in Iraq: Not a humanitarian intervention’. 27 January 2004, www.hrw.org.

48- See Web of Deceit, Chapter 15.

49- See Web of Deceit, Chapters I5 and 16.

50- House of Commons, Hansard, 15 June 2004, Cols. 34-5.

 

شاهد أيضاً

العراق والسير في ركب التطبيع… بقلم ميلاد عمر المزوغي

مع اطلالة عيد الاضحى, يابى الفرنجة وعملائهم الا انغاص فرحتنا به ,عدوان غادر غاشم على …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024