قال الرئيس المدير العام لديوان الحبوب الحكومي توفيق السعيدي إن تونس ستواصل تنفيذ برنامج استيراد الحبوب، بالرغم من المحصول القياسي للقمح هذا العام لتلبية حاجات السوق المحلية، ونفى السعيدي في مقابلة مع “العربي الجديد” سيطرة لوبيات التوريد على قطاع الحبوب.
وقد قال تجار أوروبيون الثلاثاء الماضي إن ديوان الحبوب التونسي طرح مناقصة عالمية لشراء نحو 92 ألف طن من قمح الطحين اللين ستتسلمها تونس على ثلاث دفعات، فما هي جدوى الاستيراد في ظل مخزون قياسي من الحبوب تسجله البلاد هذا العام؟
تونس أطلقت مناقصة لاقتناء كميات من القمح اللين أو ما يصطلح عليه محليا “بالفرينة” وسيواصل الديوان تنفيذ برنامج توريد للحبوب بمختلف أصنافها وهي القمح الصلب واللين والشعير لتغطية طلب السوق، سواء لصناعة الخبز أو بقية أصناف المعجنات الصناعية، لأن الإنتاج المحلي لا يسمح بتغطية الطلب في كل الحالات.
– لكن تونس تسجل هذا العام محصولا قياسيا واجهت السلطات صعوبة في تخزينه فهل تبقى هذه الكميات من دون متطلبات السوق؟
رغم تسجيل محصول قياسي من القمح الصلب لا تزال السوق المحلية في حاجة إلى كميات إضافية من الحبوب الموردة وهو ما يستدعي مواصلة التوريد.
وتوريد القمح بالنسبة لتونس ليس خيارا، بل نحن مضطرون لذلك، لأن لدينا عجزا هيكليا في القمح، خاصة اللين حيث إن الاستهلاك السنوي الوطني من هذه المادة يناهز 12 مليون قنطار، في حين أن إنتاجنا الوطني أقل من مليون قنطار فقط، وبالتالي يلجأ ديوان الحبوب لعملية التوريد لتغطية هذا العجز على مدار السنة.
أما بخصوص نسبة تغطية حاجيات البلاد من مادتي القمح الصلب والشعير العلفي فهي متفاوتة حيث إن الإنتاج المجمّع هذا الموسم يغطي حوالي 10 أشهر من القمح الصلب وحوالي 4.5 أشهر من الشعير العلفي.
كما أن الاستهلاك الوطني من الحبوب يقدر سنويا بحوالي 12مليون قنطار من القمح الصلب و12 مليون قنطار من القمح اللين و0,9 مليون قنطار من الشعير العلفي.
وهنا أريد أن أذكر بعض الأرقام لتوضيح المسألة فعلى سبيل المثال، فتونس تحتاج شهريا لتلبية حاجات المخابز إلى 700 ألف قنطار من القمح اللين، في حين أن الكميات المجمعة من المحصول القياسي لهذا العام الحبوب لم تتجاوز 1.3 مليون قنطارا وهي كمية لا تكفي لتغطية الاستهلاك.
أما بالنسبة للقمح الصلب والموجه أساسا لصناعة المعجنات (كسكسي بسكويت ومكرونة) فهي لا تكفي لتغطية حاجيات 10 أشهر. وعليه فإن المحصول القياسي الذي تم تسجيله هذا العام لا يعفي من مواصلة التوريد.
– المنظمات المهنية الزراعية تقول إن لوبيات التوريد هي التي تدفع نحو تعويض الحبوب المحلية بأخرى موردة ما يتسبب في خسائر للدولة والمزارعين فما هو ردكم؟
أظن أن ما ذكرته من أرقام حول الفارق بين ما يوفره المنتوج المحلي والحاجات الأساسية للسوق أحسن رد على هذه الادعاءات الباطلة.
توريد الحبوب هو اختصاص حصري لديوان الحبوب، وهو مؤسسة حكومية، وبرنامج التوريد ومخصصاته المالية يتم ضبطه على مستوى حكومي، ولا شأن للقطاع الخاص أو “لوبي” الموردين بهذا القطاع الحيوي الذي تسعى الدولة للإمساك به حفاظا على ضمان استمرارية تزويد السوق بهذه المادة الحيوية.
فقط بعض عمليات التوريد التي يقوم بها القطاع الخاص تتم بعد حصولهم على أذون توريد مؤقتة وتوجه الكميات نحو الصناعات الغذائية الموجهة للتصدير، ولا تتحمل الدولة دعم هذه الكميات من مخصصات صندوق الدعم، ولا وجود لأي شبهات فساد أو محاباة في هذا القطاع، لأنه اختصاص حكومي حصري.
– سجلت تونس هذا العام محصولا قياسيا من الحبوب ما سبب صعوبات في تخزين الكميات المجمعة وإمكانية تعرضها للتلف، فلماذا لم تتم توسعة طاقة الاستيعاب وأخذ الاحتياطات لتوفير المخازن بشكل مبكر، خاصة أن كل المؤشرات كانت تؤكد وبشكل مبكر أن المحصول سيكون وفيرا؟
فعلا محصول هذا العام قياسي، وقد بلغت كمّيات الحبوب المجمّعة إلى غاية 16 من يوليو/ تموز الجاري حوالي 10.9 ملايين قنطار مقابل 7.1 ملايين قنطار خلال الفترة نفسها من الموسم الماضي أي بنسبة تطوّر تبلغ 53%.
وقد استأثرت محافظات الشمال الغربي بالنصيب الأوفر من الكميات المجمعة (بنسبة 63% تقريبا من التجميع الوطني) وهي المحافظات التي واجهت صعوبات في التجميع والتخزين ما اضطر المجمعين إلى استعمال مساحات إضافية لتخزين القمح خارج الخزانات المعدة للغرض.
وقد تولّى المجمّعون من القطاع توسيع طاقات الخزن كما تدخل ديوان الحبوب وتم إقرار إجراءات استثنائية للرفع الفوري للكميات المخزنة في العراء لتفادي أي تلف في المحصول وتثمين المنتج المحلي، وسيتم قريبا تجاوز كل الصعوبات التي تم تسجيلها في المدة الماضية.
المصدر: إيمان الحامدي- العربي الجديد