#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
الارتباك والتنافر الذي شهدته تونس في الآونة الأخيرة أصبح يثير القلق والتوتر والحيرة إزاء طبيعة التطور السياسي في البلاد في ظل ان البلاد في حاجة إلى إعادة صياغة كاملة للحياة السياسية، بحيث تقوم فيها علاقات جديدة تماما بين الدولة والمواطن و بين الطبقة السياسية مبنية على أسس الحوار الوطني و تغليب المصلحة العليا لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي لا تعد ولا تحصى في البلاد.
تتواصل المشاكل التي تواجهها البلاد بالتفاقم، حيث أثبتت القوى السياسية الموجودة في الساحة أنها عاجزة عن تقديم أي حلول حقيقية. وتواجه البلاد فراغا إجتماعيا وسياسيا، وقد أدى السلوك السياسي المشحون بالمكايدات و الصراعات السياسية العقيمة إلى مفاقمة الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية و بذلك يصعب على الحكومة القيام بدورها في مجابهة الأزمات العالقة إضافة إلى ذلك الأزمة الوبائية الخطيرة بسبب إثارة البلبة المفتعلة و الإبتزاز السياسي و سياسة خلق الأزمات..
تزامنا مع مسعى الحكومة في تطبيق حزمة من الإصلاحات، إضافة إلى النجاح الملحوظ في التصدي لكورونا إلى حد الآن ، كثر تبادل التهم بالفساد بين سياسيين من المعارضة، وبين سياسيين وناشطين في المجال النقابي، وقد وصل الأمر إلى حد التلويح بكشف ملفات فساد، يزعم كل طرف أنها بحوزته وتدين خصومه بمنطق الإبتزاز السياسي و المساومة.. وهو ما يعزز الشعور العام بأن الفساد تغول واستشرى بطريقة مخيفة، وأنه أصبح سوسا ينخر المجتمع وأجهزة الدولة ، وأنه قد تمدد عموديا وأفقيا. هذا الوضع المرعب، يقودنا إلى جملة من الإستنتاجات إن من يملك بحوزته ملفات فساد تدين أفرادا أو أحزابا أو منظمات ويكتفي بأن يهدد بها دون إحالتها للقضاء أو كشفها للرأي العام.. وإذا كانت تحت يده ملفات فساد، لماذا بلع لسانه لفترات طويلة و مصير الشعب و الدولة بين يديه.. و تمت إثارة هذه الملفات في هذا الظرف المشحون بالصراعات ألا تعتبر هذه شبهة إبتزاز سياسي لتصفية حسابات سياسية..
لا شك و ان سياسة إثارة ملفات شبهات الفساد والتهديد بها بغاية الإبتزاز وتحسين المواقع وتحسين شروط التفاوض حول تشكيل الحكومات المتعاقبة، يعبر عن سقوط أخلاقي مريع في صفوف الطبقة السياسية ، يجعل الأمل في الإصلاح أو توقعه من هذه الطبقة السياسية ضربا من والوهم ومطلبا عسير المنال.. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تم إثارة ملف شبهة تضارب المصالح لدى رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في هذا الوقت بالذات و لم يمر على تشكيل الحكومة سوى مئة يوم هذا طبعا يعتبر إبتزاز سياسي و سياسة ” توري نوري” لغيات سياسية بالأساس و تصفية حسابات ضيقة على حساب دولة متهالكة.. و على حساب تقزيم دور الحكومة في هذا الظرف الإستثنائي للتصدي لمكافحة بارونات الفساد و التصدي لكورونا و في الوقت نفسه البلاد في وضع إقتصادي و إجتماعي صعب و إن لم نقل خطير..
المشهد السياسي المعقد و المركب بالمكايدات يحتاج و بأسرع وقت ممكن للوحدة الوطنية والتكاتف بين الجميع وترك الخلافات والمناكفات جانبا لتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد خاصة وان نعطي الفرصة الى الحكومة بأن ترعى مصالح الوطن بعيدا عن المراهقة السياسية التي ستغرق السفينة بالجميع..
القوى السياسية جميعها بحاجة إلى إعادة صياغة التفاهمات وبناء الثقة, فلن يكون ذلك طبعا إلا عبر اللقاء و الحوار الوطني الجاد والمسؤول بعيدا عن التجاذبات الضيقة و سياسة الجذب للوراء و الصراعات السياسية العقيمة التي ستساهم في تأزم الأوضاع و تدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه و هذا الحوار لا يتم في أجواء مشحونة بالصراعات السياسية والانتقامات والتربصات والمكايدات.. .وهو ما يتطلب إعادة بناء الثقة بين هذه القوى السياسية للبدء بمشوار جديد وسط مناخ سياسي مبني على الثقة المتبادلة وآلية مشتركة ناتجة عن تفاهمات مسؤولة وخالية من نوازع الكيد والانتقام و الإبتزاز السياسي.. لا شك وان بهذه الصراعات السياسية العقيمة من المؤكد ستزج بالبلاد إلى المجهول و ينبغي العودة لطاولة الحوار كقوى سياسية مسؤولة عن الوطن حاضره ومستقبله كي لا تلعنكم الأجيال القادمة و تُكْوَوْنَ بنيران فشلكم كغيركم.. إلى أيــــــن بهذا الوطن ؟؟