الناشط السياسي محمد إبراهمي |
ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺿﻌﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻕ بسبب تفشي ﻭﺑﺎﺀ كورونا ﻭﻫﻮ ﻳﻬﺪﺩ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻷﻗﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﻫﺸﺎﺷﺔ، ﺍﻗﺘﺼﺎﺩيا ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭصحيا ﻭﻗﺪ ﺃﺩى ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﻭﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻌﺸﺮﺍﺕ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻵﻻﻑ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻭﻫﻲ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻣﺮﺷﺤﺔ ﻟﻼﺭﺗﻔﺎﻉ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ جراء الإستهتار و اللامسؤولية.
لاشك ان ازمة كورونا أصبحت تحديا ليس فقط على الأزمة الصحية بل أصبحت أزمة إقتصادية و إجتماعية و شكلت معضلة و معادلة صعبة الإختيار بين التمديد في الحجر الصحي الذي يقتضيه وقف إنتشار الوباء وبين إعادة الحياة الإقتصادية ورجوع المؤسسات إلى سالف نشاطها، ورفع الحجر الصحي تدريجي،
تحديات وأحداث متسارعة، وتردد الدولة في التعامل مع الأحداث، و الخيار الصعب بين التمديد في الحجر الصحي من عدمه ،اليوم أصبحت البلاد في حالة جمود تام، تعطلت الحركة الاقتصادية تماما وأصيبت القطاعات الإنتاجية بشلل وأصبحت الحاجة ملحة إلى تأمين الغذاء للمواطنين، مع ارتفاع أرقام البطالة، وتدني مداخيل القسم الأكبر من التونسيين ، بالتزامن مع الارتفاع الحاصل بالأسعار من بعض التجار و المحتكرين “تجار الأزمات” وعلى الرغم من أن صحة المواطنين هي الأهم في هذه المرحلة الخطيرة، إلا أن هذا لا ينفي أن استمرار حالة الحجر الصحي التام في ظل تفشي كورونا يعني أن المواطنين و خاصة الفئات الإجتماعية الهشة أمام خطر الموت فقرا وجوعا وليس بسبب هذا الوباء، خصوصا أن لا علاج حتى الآن لهذه الجائحة ما يعني أن أزمة كورونا طويلة. ويبقى السؤال: هل بمقدور المواطنين الصمود طويلا؟ فيما كانت الأرقام تشير قبيل أزمة كورونا، ان الطبقة المهمشة و الطبقة الوسطى الأكثر عددا، وفوق معاناتهم تأتي هذه الجائحة، وما تبعها من شلل شبه تام للأعمال، لتحول أزمة إلى كارثة حقيقية تهوي بالفقراء إلى قاع البؤس، لابد ان تعي الدولة بواقع الهشاشة الاجتماعية وخطر العدوى المتعاظم بفعل كسر الحجر الصحي ،
لا يخفى على احد ان البلاد امام تحديات جراء ازمة كورونا و هي مرحلة تحتاج لإجراءات في غاية الأهمية تنقذ البلاد من انتشار فيروس كورونا و تقي الشعب من الجوع في ظل الحجر الصحي التام ،و تبقى المعادلة الصعبة بين رفع الحجر الصحي من عدمه قرار في غاية الأهمية خصوصا في الظرف الإستثنائي، أعتقد أنه من الخطئ حسم هته المعادلة لصالح رفع الحجر الصحي وخصوصا في تونس لأن العلاقة بين إنتشار الوباء و مزيد إنتشار الفقر و البطالة هي علاقة جدلية و كذلك ان مددنا في هذا الحجر في ظل الأزمة الإقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد ، فالأكيد أن ذلك سيكون على حساب أعباء جديدة تفقر الطبقة الوسطى و تفلس مؤسساتنا الإقتصادية العامة و الخاصة وتزيد من بؤس الفقراء و بطالة عشرات الآلاف من العاملين و الموظفين، و بالتالي القرار الأصح حاليا التمديد في الحجر للتصدي لإنتشار العدوى بصيفة تدريجية و في الأثناء لابد من وضع إستراتيجية للفئات الإجتماعية الهشة تقيهم من الجوع و من تفشي كورونا و نظرا و ان المساعدات التي أقرتها الحكومة لفائدهم كانت مجرد حلول ترقيعية تتماشى مع بداية الأزمة الوبائية و الحجر الصحي التام و ان تم التمديد في الحجر و مع قدوم شهر رمضان أرى من الضروري وضع خطة كاملة و متكاملة لحماية الشعب من الجوع و بالتالي يكون بدوره ملزم بتطبيق الحجر الصحي، و بهذه المعادلة تنجح تونس في الحرب على جائحة كورونا و ينعم المواطن بالسلم الإجتماعي، أثناء كورونا و تمهيدا إلى الإستقرار الإجتماعي و الإقتصادي مابعد كورونا، و يبقى السؤال مطروحا حول المعادلة الصعبة للحجر الصحي بين ” التمديد” و ” الرفع” ؟
هذه المرحلة الدقيقة والحساسة لا تقتضي وحدة وطنية فقط بل تستوجب طرح الأمور بصراحة تامة ووضع حلول واقعية بعيدا عن الشعاراتية الزائفة التي لاتغني ولاتسمن من جوع خصوصا حين تكون تتنافي كليا مع الواقع الحالي في ظل جائحة كورونا الأشد فتكا بالبشرية ،