المهندس: ميشيل كلاغاصي |
رغم وجوهها المتعددة، وكواليس مسارحها المزيفة وأدوار كومبارسييها الضعيفة، والتي لم تقنع حتى كتّاب سيناريوهاتها… فإنّ لها مشاهدٌ من الغرابة والفرادة، ومن الوقاحة والقباحة، ومن العنف والوحشية، ومن الخيانة والعمالة، مشاهد متنوعة لم تتوقف منذ سبع سنوات وحتى الآن.
“أبطالها”… منهم مبتدئون ويتعلمون، وبعضهم وطنيون وبحب الوطن مفعمون، ومنهم عن الرزق والشهرة باحثون، ومنهم من في القتل والعمالة متمرسون وعن تدمير الوطن ووراء “السيد الأمريكي” لاهثون!
هي “المعارضة”، وهم “المعارضون”… وأشهر من سيفٍ على علم، ولكم أن تستدلوا عليها وعليهم، ومن ثمارهم تعرفونهم، وأصبحت الكلمة تعبيرًا ومصطلحًا، يتأكد للجميع يومًا بعد يوم، بأنها كلمة رنانة وفضفاضة، وينضوي تحت جنباتها كل ما يصح وما لا يصح أن تحتويه وتعنيه.
وفي السنة السابعة للحرب، لا زال السوريون يتساءلون، من هم هؤلاء، وماذا يريدون؟، وإلى أية مدارس أو بيئاتٍ فكرية ينتمون؟ أم تُراهم يُطبعون ويُصنّعون وبين الناس يُلقون!، هل هم مسالمون، أم محاربون ومنهم إرهابيون؟ وهل هم أحرار أم مقيدون، وبأجنداتٍ خارجية مفضوحةٍ ملتزمون!.
فعبر التاريخ، ومنذ نشوء الوعي الإنساني ظهرت العديد من الآراء واختلفت وتعددت سبل وطرق محاكاة الواقع، وعلت بعض الأصوات المعارضة، من خلال أشخاص يملكون وعيًا كافيًا للتعبير عن باقي أفراد المجتمع في تقديم مطالبهم أو باعتراضهم على واقع يعيشونه – وغالبًا ما كانوا يتحدثون من وراء الستار، ويعزفون عن الظهور العلني، تحسبًا لغضب “السلطان”.
أما حديثًا، وبعد مئات وآلاف السنين، تطورت أنظمة الحكم وتطورت حياة الأفراد والمجتمعات، وتبلورت معها فكرة حكم الشعب نفسه بنفسه… لكنّ طغاة المتحكمين بالأرض (الماسونية)، سعوا دائمًا للفوز بالسيطرة على الشعوب ثانية ومن بعيد، عبر تشويهها كفكرة وطريقة، وتفريغها من محتواها، بعد أن دعوها بالـ”ديمقراطية”، وعلّبوها وقولبوها في نماذج تجلب الفخر لهم والويلات لغيرهم، وتحولت إلى لعبةٍ سياسية مستوردة متطورة وشرعية، يقبل الجميع بنتائجها، وأصبح “إعتناقها” معيارًا لتقدم أو تخلف الشعوب، ولم تُعط الشعوب فرصة البحث عمّا يناسبها ويتلاءم مع حياتها السياسية، وانتقل لاعبوها من السرّ إلى العلن، ورُدمت الفجوة بين الدول ظاهريًا، وأصبح من السهولة بمكان شن الحروب على بعضها، لإعادة إحتلالها، تحت ذريعة جلب الحرية والديمقراطية.
وما بين فوزٍ وخسارة، مَنحت اللعبة ممارسيها فرصة العمل السياسي المعارض، وتحولت مع مرور الوقت إلى ضرورةٍ حيوية واستراتيجية لحياة الدول والشعوب، بعدما انتظم المعارضون، بحسب دساتير بلادهم، وبمن يمثلون، في هيئات وأحزاب وتكتلات أو نوادٍ فكرية، فيما بقي البعض الاّخر مستقلًا.
وتمسك بها بعض المحبين والصادقين، وجعلوا هدفها الرئيسي يتمحور حول أهدافٍ أخلاقية أولًا، تمثلت بحماية وتطور وتقدم وازدهار دولهم وأحوال شعوبهم، وأطلق البعض عليها اسم حكومة الظل، مرآة الحكومة، ميزان العمل السياسي الداخلي، بمعنى الضامن وضابط ايقاع الحياة العامة للدولة والمجتمع في كافة نواحي الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية والفكرية… الخ، وأصبحت بمثابة صمّام الأمان الذاتي للشعوب.
في الوقت الذي استطاع فيه المأجورون استغلالها لتحقيق مصالح من يدفعون ويجزلون، وبدوا كمن يفخخون القاعات والإجتماعات والقرارات.
ومن البديهي للمعارضة الوطنية الداخلية في أي بلد، أن تمارس دورها وواجبها الوطني عن طريق الحوار ثنائي الحدود، إذ تستطيع تلخيص رؤاها وجملة أفكارها وحواراتها مع الفئات التي تُمثلها، وتتوجه بها نحو الجهاز الحكومي وعن طريق الحوار وقوة الحجة تستطيع الحصول على ما تريد، الأمر الذي من شأنه أن يزيد ويرفع من مصداقيتها ورصيدها في الشارع، ويرفع بالتالي من نسبة تأييدها الشعبي الذي يحق لها استغلاله في اللعبة الديمقراطية عن طريق صناديق الإقتراع والفوز بالسلطة، الأمر الذي يضع نهاية لتسميتها بالمعارضة… أما ما تُسمى بـ”المعارضة الوطنية الخارجية”، فنعتقد أنها خيالية ولا تقنع من يدعيّها، ولا يوجد ما يبرر وجودها خارج الأوطان.
المعارضة السورية… لا نتكلم عن المعارضة الوطنية، الشرعية – المرخصة، إذ لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، في وقتٍ يحق للشعب السوري أن يسأل عمن يدّعون المعارضة الخارجية، ويمثلون التنظيمات “المعتدلة والمسلحة والإرهابية “، ويدعون تمثيل الشعب السوري!، وهو يراهم على مدى سبع سنوات، يقطعون الرؤوس ويدمرون البنى التحتية، ويُعالج إرهابيوهم في مشافي العدو الصهيوني، ويهللون لقصف الطائرات الأمريكية لشعبهم ومدنهم، ويبجلون سلمان وأردوغان ، ويتكلمون بلسان أعداء الوطن، ويرفضون كل حوارات السلام، وكل الطروحات التي تؤدي إلى سحب ذرائع العدوان الخارجي، وقد أتقنوا اللغة الأمريكية والإسرائيلية والتركية والسعودية والقطرية..إلخ، وأدمنوا العيش في فنادقهم، واعتمدوا تسريحات شعرهم وتشذيب لحاهم.
يبحث أحرار العالم ومنصفوه، عن حلٍ – سياسي– لإنهاء الحرب على سورية، ويدركون أنه في متناول السوريين الصادقين والراغبين، فالطريق واضحة، والحوار السوري– السوري وفي دمشق هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام، وهذا ما دعت اليه القيادة السورية منذ اليوم الأول، ولا بأس أن تكون الأرض الأممية و الروسية والكازاخية بديلًا مؤقتًا، ومكانًا مناسبًا “للحوار الوطني السوري”.
كم كنا نتوق لقتال أعدائنا، ونحن صفًا واحدًا، لننسجم مع تاريخنا وأصالتنا، دون أن نخجل من عظمائنا ورائحة تراب وطننا الممزوجة برفات أجدادنا وبدماء شهدائنا، ويبقى من المعيب في زمن الحروب، أن ينقسم المجتمع الى مؤيد ومعارض، فالمطلوب دائمًا، مدافعون وليس معارضين أو مؤيدين، لنحصن الوطن أولًا ونفوز به جميعًا.
نعوّل على وعي السوريين وبقبولهم أو رفضهم لمن ادعى زورًا أنه معارض ويُمثل الآخرين!، ونشد على أيادي أبطال الجيش العربي السوري الرافض لكل تدخل أجنبي، ولكل معتدٍ على سيادة الوطن والمواطن، وندعو جميع من تاهوا، ومن غُرر بهم، للإنضمام إلى صفوفه وإلى ملايين السوريين للوقوف وقفة رجل واحد للدفاع عن الوطن، ولعزل من خانوا وتآمروا وباعوا شرفًا لا يملكونه، وعارًا كللوا به جباههم، في عالمٍ يروى قصص الخائنين وكيف انتهوا وزالوا وسقطوا أوراقًا يابسة، كسقوط اّخر أوراق التوت.
عاشت سورية الأم والوطن للجميع.