أما نصف العنوان الثاني فهو:
من أجل حكومة نخب نوعية وطنية وسيادية، لا لزيف “الكفاءات” التي أفشلت الدولة، لا لنخب الاستعمار.
يدور جدل صاخب مشوه في تونس هذه الأيام؛ جدل فيه من تزوير العقول الشيء الكثير ومنذ سنة 2011. هو الجدل حول الكفاءات التي سوف تنقذ البلد، وكم مرة أفشلت هذه الكفاءات المزعومة البلد. ذلك لأنها كفاءات النخبوية؛ نخبوية نخب الإستعمار والتبعية.
توجد في الحقيقة كفاءات وكفاءات. فأكبر المجرمين الإقتصاديين والماليين والنقديين في العالم كفاءات وأكبر الكفاءات الأمنية والعسكرية والإستخبارية في عالم العدوان على بلدنا وعلى أمتنا وعلى أحرار العالم كفاءات إرهابية عليا.
إن المقصود من وراء عبارة “كفاءات” عندنا هم النخبة النوعية الوطنية والسيادية التي تخلصت من عقدة بنية الإستعمار والتبعية الذهنية والنفسية والروحية وبالتالي العلمية والثقافية والفكرية والتكنولوجية. وهكذا تكون نخبا مبدعة مقاومة خادمة لوطنها وشعبها بأخلاقية العارف العالم المؤهل خبرة وحنكة وحكمة وممارسة بكد بلا حساب وإرادة لا متناهية ورغبة صادقة وتفان ممتع للأنفس الكبيرة وتعب مريح للضمائر النقية بقلوب وعقول شريفة مؤمنة بالبذل والصبر والنصر وتحقيق الكرامة الإنسانية الأبدية لأكبر عدد ممكن من المقهورين ظلما وحرمانا وعجزا وكمدا لأي سبب كان.
إننا نقصد النخب الملتزمة المقتدرة ذات الرؤية والتوجه الإستراتيجي الذي يؤمن بالتخطيط ويبتكر الحلول وينفذ ما يستوجبه الواقع المعقد في بيئة معادية بقدرة تحمل إستثنائية وقدرة إنجاز نوعية وقدرة إستشراف نادرة.
يحق لنا أن نأمل جديا، بهذا المعنى، في تصعيد نخب سيادية؛ نخب تنمية سيادية وعدالة تنموية وسيادة تنموية حقا وقرارا وإقتدارا. ويحق أن نستصرخ بكل قوانا من أجل إقتصاد تنموي ومن أجل نظرة تنموية شاملة ومن أجل نظرة علمية سيادية. وبالتالي رؤية سيادية شاملة تشمل السيادات العشر أو أكثر من السيادة الغذائية إلى السيادة الإستراتيجية مرورا بالسيادة المائية والطاقية والرقمية والثقافية والأمنية والعسكرية والإستخبارية والديبلوماسية لتأمين الإنتقال السيادي الإستراتيجي للبلد وفي كل مجالات الحياة الجديدة المأمولة على أسس عقد حياة جديد وشامل بين التونسيين ودولتهم ليبقى الإنسان إنسانا ويبقى الوطن وطنا.
لايمكن لأي حكومة إملاءات أن تكون حكومة كفاءات. ولا يمكن لأي حكومة شبكات أو إرتباطات أو ملفات أن تكون حكومة كفاءات. كلا ولا يمكن لأي حكومة وكالات وولاءات وصفقات وتسويات أن تكون حكومة كفاءات. وهذه ترجمة أخرى لحكومة النخبة النوعية الوطنية والسيادية التي نطالب بها ومن الكفاءات المطلوبة على المعاني التي حددناها.
إن السيادة تمنية والتنمية سيادة. ولا يتم ذلك إلا بتنمية سيادية. فالسيادة علم والعلم نفسه سيادة وتنمية. والتنمية السيادية على قواعد علمية وواقعية هي الكفيلة وحدها بتحقيق السيادة التنموية وحاجيات الشعب في التحليل الأخير.
إنه منطلق، ولكنه مستقبلي. وما هو بالهزل، فالأسماء والبرامج موجودة. وهو منطلق لا يمر حتما إلا بفترة مؤقتة قبل النقلة النوعية والإنتقال المعمق الدائم.
دون ذلك جرب وسترى النتيجة، إذا كنت قد أعطيت لنفسك حق مجرد التجريب.