الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

المعيقات امام حدوث الانتفاضة الفلسطينية الثالثة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

المتتبع للأحداث التي تجري في الضفة الغربية المحتلة يدرك بشكل جيد ان الساحة حبلى بأحداث نوعية كلها من الممكن ان تؤدي الى حدوث انتفاضة ثالثة في الأراضي المحتلة فمن توغل المستوطنين والاعتداءات التي يقومون بها على القرى الفلسطينية وقطع الطرقات وترهيب الطلاب والطالبات المتوجهين الى مدارسهم والاستيلاء على الأراضي وإنشاء بؤر استيطانية جديدة والتوسع في المستوطنات او بالأحرى المدن القائمة في الأراضي المحتلة الى عمليات التهويد المتسارعة وخاصة في القدس والاعتداءات والاقتحامات اليومية لباحات المسجد الأقصى وتجريف المقابر ومحاصرة الشيخ جراح وسلوان ومحاولات طرد عشرات العائلات المقدسية والدعم الكامل لقطعان المستوطنين من قبل حكومة المستوطنين والجيش والشرطة الإسرائيلية وحمايتهم في كل عمل استفزازي وإجرامي يقومون به. كل هذا مع انسداد أي افق سياسي يستجيب لأدنى الحقوق السياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني وضمن ظروف فساد مستشرية في السلطة وأجهزتها الموغلة في الفساد السياسي والمالي والأخلاقي الذي تكشف للقاصي والداني لا بد لاي مراقب وأي فلسطيني ان يتساءل بعد كل هذه الظروف وملابساتها وارتداداتها على المجتمع الفلسطيني ككل ما هي العوامل التي تقف عائقا امام حدوث انتفاضة شاملة في الضفة الغربية على غرار الانتفاضة الأولى او الانتفاضة الثانية. وهذا السؤال محق ومشروع.

نعم الضفة الغربية تشهد تحركات واسعة واصطدامات يومية مع قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين وبعض هذه الاشتباكات يتم فيها استخدام السلاح والذي بالمناسبة متواجد على نطاق واسع كما تظهره الصور على الشاشات الصغيرة بين الحين والأخر سواء بالاشتباك المباشر مع قوات الاحتلال أو في الاعراس او الخلافات بين العشائر او في استعراض القوة من قبل البعض. ولكن هذه التحركات يا للأسف تبقى منعزلة عن بعضها البعض جغرافيا أولا وخارج نطاق أي تنسيق او توجيه مركزي وبالتالي فإنها لا تتعدى وترتقي الى ابعد من ذلك يا للأسف الشديد.

حالة التشرذم في الساحة الفلسطينية وخاصة الانقسام الافقي والعمودي الذي تشهده الساحة الفلسطينية ومنذ أكثر من عشرة سنوات على الأقل تلعب دورا محوريا ومركزيا كعائق لقيام انتفاضة شعبية شاملة وعلى امتداد الضفة الغربية المحتلة. حالة التشرذم هذه تنعكس على حركة الشارع حيث كل فصيل من الفصائل يدعو الى فعالية شعبية دون التنسيق مع الفصائل الأخرى او مع منظمات المجتمع المدني وبالتالي فإن الطابع الغالب لاي تحرك يكون من لون واحد. وبالرغم من الجهود الخيرة التي بذلت وما زالت تبذل للان من قبل البعض فإنها وللأسف لم تثمر لملمة الساحة الفلسطينية في مجابهة الاحتلال.

وهنالك أيضا عاملا أساسيا في هذا الإطار الا وهو التنسيق الأمني بين أجهزة مخابرات السلطة وأجهزتها الأمنية بكاملها مع أجهزة المخابرات الإسرائيلي وخاصة في المجال اللوجيستي وتمرير المعلومات وبوفرة عن المقاومين والنشطاء السياسيين وتسهيل عملية اعتقالهم او تسليمهم الى الجانب الإسرائيلي. وهذه الحقيقة تجلت في أكثر من حادثة وأصبحت معروفة لشعبنا في الضفة الغربية بشكل جلي. ولا شك ان هذا التنسيق بدء يأخذ ابعادا اشمل واوسع بعد الاجتماع الذي تم منذ فترة قريبة بين رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي والسيد أبو مازن وأجهزة المخابرات الإسرائيلي. والهدف من وراء هذا الاجتماع أصبحنا نراه ونرى انعكاساته على الأرض من الحملات المكثفة للاعتقالات للنشطاء السياسيين ورجال المقاومة والأسرى المحررين وعلى امتداد الجغرافية الفلسطينية بما فيها القدس. وهذا التنسيق يتجلى أيضا في الانسحاب الكامل لأجهزة الامن الفلسطيني من الاحياء أو المناطق التي يقتحمها الجيش الإسرائيلي للقيام بعمليات اعتقالات للناشطين حتى في المناطق التي تدعي السلطة انها تحت سيطرتها كما حدث البارحة على سبيل المثال في مدينتي رام الله والبيرة.

حملة الاعتقالات الواسعة والمكثفة للنشطاء والقياديين هدفها محاولة زرع الرعب لدى الشباب والشابات اللذين هم دائما في المقدمة في أي عمل على المستوى الشعبي الى جانب حرمان الشارع الفلسطيني من القيادات الميدانية الضرورية لاي تحرك شعبي كبير. وللأسف حملات الاعتقالات لا تقتصر على الجانب الإسرائيلي، بل تشاركها في ذلك حملات اعتقالات من أجهزة الامن الفلسطيني.

ويلعب العامل الاقتصادي دورا أيضا في هذا الإطار. فضمن واقع اقتصادي مزري للغاية لكونه اقتصاد ريعي غير منتج ومعتمد الى درجة عالية جدا على المساعدات والمنح والقروض وفي ظل فساد مستحكم يتم من خلاله قضم الكثير من هذه الأموال الى حفنة من اخطبوط مالي في السلطة. وتصل نسبة العاطلين عن العمل وخاصة في الفئات العمرية الشبابية الى ما يقرب من 40% وانعدام فرص العمل حاليا ومستقبل يلقي بظلاله الثقيلة على هذا المكون الرئيس في المجتمع الفلسطيني ويشكل حالة من الإحباط ويتولد حالة من عدم الثقة بالقيادات السياسية. هذا الى جانب نجاح السلطة ومنذ قدومها الى تكوين جيش من المرتزقة ويشكل الشباب قطاع واسع منهم مستوى معيشتهم مرتبط بشكل وثيق وعضوي ببقاء هذه السلطة ورضاها عليهم. والجميع يعلم ان السلطة غير معنية بمقاومة الاحتلال والتصدي له وهرمها يدعو دائما الى المقاومة “السلمية” وعادة ما يؤكد من خلال نبرته على “السلمية” وبأن طريق الحل “السحري” هي المفاوضات. هذا الوضع الاقتصادي يجعل الهم الأساسي والأولوية للكثيرين هو توفير لقمة العيش وهذا حقهم.

وهنالك أسباب أخرى اقل أهمية، ولكن لا اريد ان أثقل على القراء الكرام.

شاهد أيضاً

هل سيتكرر سيناريو1982…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

عندما اجتاح جيش الكيان الصهيوني في عمليته “المحدودة” تحت إمرة السفاح شارون آنذاك ووصلت الى …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024