الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

المغرب وخروج حزب العدالة والتنمية بسقوط مدوي في الانتخابات البرلمانية…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

ضربة موجعة تلقاها حزب العدالة والتنمية حزب الاخوان المسلمين في المغرب بسقوط مدوي في الانتخابات البرلمانية حيث حصد فقط 12 نائبا بعد ان كان له 125 نائبا في البرلمان السابق. وهذا السقوط والخسارة المدوية يعني اولا ان هذا الحزب الذي ترأس الحكومات منذ الربيع العربي 2011 الى الان أي لعشرة سنوات خلت قد أصبح خارج اللعبة السياسية في المغرب نهائيا, وفي تقديري المتواضع ان العودة للوضع السابق قد يكون ضربا من المستحيل ضمن الواقع السياسي المغربي القائم. وهذا السقوط يعني ثانيا ان القاعدة الشعبية التي أعطت الحزب اصواتها في السابق على أمل ان ينتهج الحزب سياسة إقتصاديةوإجتماعية لتحسين وضع الفقراء والمهمشين في المغرب قد فقدت الثقة بهذا الحزب لأنه لم يحقق أي من تطلعات هذه الفئات المحرومة في المغرب وعلى ان التلاعب والضرب على الاوتار الدينية لم تعد مقبولة ولن يستطيع الحزب صرفها في صناديق الاقتراع.

هذه ضربة موجعة لمعقل من معاقل الاسلام السياسي لا شك ان هذا سيكون له تأثير كبير على الاوضاع في تونس بما يخص حزب النهضة الذي بدات قياداته تحسب الف حساب على مصير الحركة وخاصة مع إصرار الرئيس سعيد على المضي قدما في كشف كل ملفات الفساد وتقديم العديد من الرموز السياسية ورجال الاعمال الى المحاكمات, الى جانب التصدعات داخل الحركة نتيجة السياسات الخاطئة والتعنت والتصرفات الفردية من قبل رئيسها الغنوشي مما أدى بالبعض من داخل الحزب بالمطالبة بتخليه عن رئاسة الحزب ورئاسة البرلمان. وإذا ما حصل وان فقدت حركة النهضة القدر الكبير من مقاعدها في البرلمان في الانتخابات القادمة المتوقعة بعد التخلص من الفئات الفاسدة فإن هذا يعني إعادة تشكيل النظام السياسي في تونس والذي من المؤمل ان يحقق هذا التحول الاهداف والشعارات التي نادت بها الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام زين العابدين البائد.

 حركة النهضة في تونس استطاعت سابقا ان تتفادى الذي حصل في مصر معقل الاخوان المسلمين عندما أطاح العسكر بحكمهم الذي إكتسبوه من خلال صناديق الاقتراع, وذلك عن طريق الانفتاح على بقية الأحزاب التونسية وتشكيل حكومة إئتلافية بدلا من الاستئثار بالسلطة. ولكنها من المستبعد ان تتمكن من تنجو او ان يكون لديها القدرة للالتفاف على مجريات الأمور في تونس الان, أو أن لا يمسها رياح التغير الذي حصل لحركة الاخوان المسلمين  في المغرب ومن شبه المؤكد على الأقل انها لن تستطيع ان تتبوأ مركز الصدارة في الحياة السياسية في تونس كما كانت في السابق. فهي هنا كما هو الحال مع حزب العدالة والتنمية في المغرب فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي من الشعارات التي رفعتها منذ البداية وخاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وتأمين العيش الكريم للجماهير المسحوقة او في مكافحة الفساد المستشري في البلاد بل وأصبحت جزء من هذا الفساد المالي والإداري والسياسي. البعض في تصوري يضخم عامل التطبيع مع العدو الصهيوني كعامل لهذا السقوط المدوي لشعبية الحزب ولكن يجب النظر الى ان الأحزاب الأخرى إما أنها لم تعلن موقفها من التطبيع او من ناحية تركيبتها الطبقية والسياسية وقربها من الملك فإنها ليست ضد التطبيع.

ولا شك أن ما حصل في المغرب يشكل أيضا ضربة موجعة لتنظيم الاخوان المسلمين في المنطقة والقضاء على فكرة تولي التنظيم القيادة السياسية في العديد من الدول العربية سواء عن طريق صناديق الاقتراع أو غيرها. هذا المشروع الكبير الذي ارادت الإدارة الامريكية في عهد أوباما تمريره في المنطقة برعاية تركيا والتنسيق مع أردوغان. ويبدو ان أردوغان يشعر بهذا الفشل واحدى المؤشرات على الأقل على ذلك هو التقارب المصري التركي مؤخرا وكذلك التقارب التركي السعودي وليس من المستبعد ان نرى إنفراجا أيضا بين تركيا والامارات لاحقا بعد التقارب القطري الاماراتي.

وفي النهاية لا بد من الاشارة ان الحزب الذي فاز في الانتخابات بتحصيل 102 مقعدا من 395 مقعدا في البرلمان وهو حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي  ليس بأفضل حال من حزب العدالة والتنمية فهو حزب رجال الاعمال الأثرياء والتكنوقراط وكبار رجال وموظفي الدولة بمعنى انه النقيض الطبقي للفئات المحرومة والمسحوقة ولا نعتقد ان سياساته الاقتصادية والاجتماعية أ “محاربته” للفساد ستكون بأفضل مما كان عليه الحال سابقا. ورئيسه بحسب فوربس ملياردير وثروته تقدر 2 مليار دولار ويتبوأ المرتبة الثانية بعد الملك من ناحية الثروة .هذا بالإضافة الى ان السلطات الفعلية تبقى في يد الملك الذي يقوم بتعيين رئيس الوزراء من الحزب الفائز بالانتخابات كما انه هو من يوافق على التشكيلة الوزارية للحكومة الجديدة.

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

شاهد أيضاً

هل سيتكرر سيناريو1982…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

عندما اجتاح جيش الكيان الصهيوني في عمليته “المحدودة” تحت إمرة السفاح شارون آنذاك ووصلت الى …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024