حينما قال الزعيم جمال عبد الناصر: إن المقاومة ولدت لتبقى، وهي شرف هذه الأمة، فلا بد من أن يُؤخذ هذا الكلام على محمل الجد لأنه الزعيم الذي لم تصدر منه كلمة إلا كان لها معنى ومغزى.. وحينما يقول الزعيم نفسه: إن بعض حكام الخليج هم الوجه الآخر للاستعمار والرجعية، فهذا أيضاً كلام له معنى ومغزى، لأنه نابع من خلاصة تجربة الرجل الذي عاش ومات وهو يحلم بتحقيق الوحدة لهذه الأمة.
إن كلمات جمال عبد الناصر الذي رحل عن عالمنا منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان مازالت صالحة للتطبيق حتى اليوم، فالمقاومة فعلاً ولدت لتبقى، فمازالت المقاومة تشكل الهاجس الأكبر للاستعمار والرجعية العربية.
وفي الوقت الذي تُشهر فيه المقاومة الوطنية اللبنانية سلاحها في وجه العدو الصهيوني وتسهم في القضاء على المخططات التآمرية التي تستهدف تقسيم وتفتيت الأمة العربية، نجد بعض حكام الخليج كما هم تاريخياً يتآمرون على الأمة العربية وينفذون الأجندة الأمريكية – الصهيونية لتقسيم وتفتيت الوطن العربي ويدعمون الجماعات التكفيرية الإرهابية أحد أهم أدوات مشروع ما يسمى «الشرق الأوسط الجديد».
وفي الوقت الذي انصرف العالم العربي وانكفأ على نفسه لمواجهة الإرهاب الداخلي والمؤامرة التي تحاك ضده فتركت الساحة للعدو الصهيوني يعربد فيها ويقوم ببناء المستوطنات على الأرض العربية في فلسطين ويهوّد القدس ويُعلنها «عاصمة» لكيانه الغاصب ويطمس كل معالمها، ويذبح ويبيد شعبنا العربي الفلسطيني بدماء باردة من دون أن يتحرك ساكن من الكثير من الحكام العرب ولاسيما معظم دول الخليج المنشغلة بدعم الإرهابيين في كل من سورية والعراق وليبيا واليمن ومصر وتونس والجزائر والسودان والصومال بهدف تقسيم وتفتيت هذه الدول.
وفي هذه الأثناء يعلن حزب الله معاداته للكيان الصهيوني واستعداده للرد عليه في أي وقت وفي أي مكان، وبالفعل كلما تمت عملية من العدو الصهيوني ضد حزب الله جاء الرد سريعاً وحاسماً في العمق الصهيوني، مُكبداً العدو خسائر فادحة في المعدات العسكرية وأرواح جنوده وضباطه، ولم يكتف الحزب بذلك فقط بل قرر أن ينضم لمعركة الشرف والكرامة التي تخوضها سورية العربية دفاعاً عن المشروع القومي العربي المقاوم ودور حزب الله الكبير إلى جانب الجيش العربي السوري في تجفيف منابع الإرهاب الداعشي- الصهيوني على الأرض السورية.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن حزب الله استطاع أن يلقن العدو الصهيوني دروساً قاسية، وهو رسم ومازال يرسم خرائط اشتباك جديدة مع العدو، ففي الوقت الذي ظن فيه العدو الصهيوني أنه استطاع أن يُخرج مصر وفلسطين والأردن من المواجهة العسكرية عبر اتفاقيات سلام مزعومة (كامب ديفيد– أوسلو– وادي عربة) وتالياً يمكن «أن يجر» سورية إلى طاولة المفاوضات وبذلك ينهي حالة الصراع، لكن هذا الظن قد خاب على يد سورية التي تصرّ على تحرير كامل التراب العربي المحتل بكل الوسائل المشروعة المتاحة، في الوقت الذي لم تبخل فيه عن دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وقد أجبرت المقاومة الوطنية اللبنانية العدو الصهيوني على الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000 من دون اتفاقيات أو معاهدات أو جلوس على طاولة مفاوضات، ثم لقنته درساً آخر في الصمود والتحدي وانتصرت عليه في حرب تموز 2006.
وفي الذكرى الثالثة عشرة لانتصارات تموز وفي الوقت الذي هرولت فيه الرجعية العربية وأغلبية الحكام العرب ليُعلنوا التطبيع مع العدو الصهيوني ورفع راية الاستسلام تحت زعم أنهم لا يواجهون العدو الصهيوني وحده بل يواجهون الولايات المتحدة الأمريكية، وأي مواجهة مع هذا العدو ستكون خاسرة، يخرج علينا سماحة السيد حسن نصر الله ليوجه كلماته ليس فقط للعدو الصهيوني بل للمتخاذلين من الحكام العرب وللرجعية العربية الخائنة والعميلة تاريخياً، وكان حديثه هذه المرة فيه العديد من المفاجآت السارة لكل مواطن عربي شريف ومقاوم.
فهو مازال يؤكد أن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت.. وخلال لقاء مع قناة «المنار» وضع أمامه وتحت يديه خريطة فلسطين المحتلة، وأكد أن المقاومة قادرة على تغطية 1200 كيلومتر، أي كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، وإذا فكر العدو في دخول الحرب فسيتم تدميره وإعادته إلى العصر الحجري، وأكد أيضاً أنه إذا كان للعدو الصهيوني شيء بعد «إيلات» فالمقاومة ستطوله بسلاحها..
جاءت رسائل سماحة السيد حسن نصر الله في موعدها تماماً لتؤكد أن المقاومة وحدها هي الحل، وعلى الشعوب العربية أن تردد- بأعلى صوتها وفي ذكرى انتصارات تموز- كلمات الزعيم جمال عبد الناصر أن المقاومة ولدت لتبقى، وأن بعض حكام الخليج هم الوجه الآخر للاستعمار والرجعية العربية، ويجب أن يترسخ في العقل والضمير الجمعي العربي أن المقاومة هي شرف هذه الأمة.. اللهم بلغت.. اللهّم فاشهد.
*كاتب من مصر