في كل نهاية رأس السنة.، أتذكر الملاك في منطقة فيلانوف / في العاصمة البولندية “وارسو” عام 1999/ في إجازة أعياد الميلاد، جلست بعد الغروب أمام مقابر بالقرب من المركز الثقافي الإسلامي مكان إقامتي في بولندا، يأتي زوار المقابر بوضع الشموع والأزهار علي القبور قبل الغروب ، ذهبوا جَمِيعًا، وأنا جالس أتأمل فقط للطقوس في حالة صمت رهيب وحيد غريب،
الشوارع متوحشة من الثلج والضباب وشتاء قارص ، والبواخر راسية
في الميناء، وأشجار عيد الميلاد تَضَىء في النوافذ،
والأجراس تقرع لمن تقرع الأجراس…؟
لماذا نحن غرباء في أعياد المدينة…؟
لا أحد يأتي، لا أحد يذهب \”
مازلت أنظر على الطريق،
، ما عندي عمل غير أنظر على الطريق، الثلج والضباب والمطر، وفجأة توقفت الحافلة أمام محطة الحافلات أمامي ونزلت الملاك، صبية كاملة الأركان أنها (راهبة) بالزي الأسمر والأبيض اتجهت ناحيتي، انتفض جسدي أنها لوحة” لصورة ملاك”،
ابتسامتها العريضة تقاسيم وجهها لم أرى هذا الجمال من قبل، الأجراس تقرع وصوت “فيروز” في مسامعي وهي تنشد في مشهد يَاقُدُسُ
أمام كنيسة المهد، ما زالت الملاك تنتظر وتنظر ناحيتي،
اقتربت مني وتحدثت أنا أتحدث بعض الكلمات البولندية قليل جِدًّا، من لغة الإشارة عرفت أنها تسأل عن مكان (الدير) وكان في شارع جانبي قريب في نفس الشارع الرئيسي، مازالت تبتسم،
وتتحدث فهمت أنها سوف تأتي فترة الأعياد كل يوم إلى الدير في نفس الميعاد، وإنها من مدينة ‘كراكوف”، بدأنا السير إلى الدير، واستمر الحال كل يوم انتظر بعد الغروب علي محطة الحافلات، حتى جاء يوم الوداع، طلبت منها “قبلة عذرية”، لقد سَكَرَتْ مِنْ الْهَوَى سُكْرًا،، فبتعدت وقالت اعقل يافتي فأنا حورية… إنها ملاك في معقل عاصمة الشيوعية سَابِقًا،،وذهبت الملاك، وسافرت بعد شهور إلى ” ألمانيا” وجاء عيد الميلاد ولكن دون الملاك، بدأت
الأحلام وتخيلت أن تأتي في نفس الميعاد ومن ذاك الطريق،
لماذا لا تأتي من النوافذ…؟
لماذا أنتظر في الصيف وأنتظر في الشتاء،
وليس فيه أحد يذهب ولا أحد يجيء…؟ احتمال تطلع من الأحراش،
ونذهب نلعب في البرية لعل نسمع صرخة النبي يحي (أنا صارخ في البرية ) ، ونكتب على الأحجار لكن جاء الثلج وذهب الثلج وعشرين مرة جاء وذهب، ما أحد جاء ولا أحد ذهب.، أنا من عشاق المطربة” فيروز” ومع الأحداث الجارية في فلسطين،دَائِمًا استمع إلى أغنية يَاقُدُسُ
والموسيقي التصورية “للبيت العتيق” وصوت الأذان مع أجراس الكنائس وصور الراهبات في القدس، (الأحلام التائه) معي في المنام بعد أن
صار فيه قتال،ومع القصف وصوت فيروز ، ماتت الملاك في القدس: هم قتلوا الملاك في النهار،
لماذا قتلوا الملاك الصهاينة؟ ما عاد فيه ناس وما عاد فيه شتاء ،
ولا ثلج ولا شارع وسقط البيت العتيق، ما عاد فيه وطن ولا عاد فيه أشجار،
وجف دمع الزهر وما في فوانيس . أين ذهبت فوانيس الشارع من القصف.؟ قلت فيروز تكذب، مؤرخة الحارة وزمن الفوانيس ونواطير العنب وشايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك.
ذاك زمن القلوب الكبيرة التي تقيس بحجم البحر. زمن الفن الجميل وزمن الحب العذري…؟ نحن في زمن شايف حجم السيارة والبيت والبطاقة المصرفية شو كبير…؟ حسب حجم السيارة بحبك.،،، انتهى زمن الأطفال الكبار ورقصات الشوارع ومواسم الحصاد ودخلنا في زمن الأقزام والزبائن في مقاهي صفحات التواصل الاجتماعي وطابور يدخل وآخر منتظر. ومازالت تحكي البنت المجنونة فيروز عن :صيف وشتاء،، وعن مواسم العصافير وعن صبي يأتي من الأحراش ..!
كل شيء كان\” غير الشكل \”، غير شكل الزيتون وغير شكل الليمون وكان غير شكل اليانسون وحتى أنت غير شكل، حتى رفيف العصافير كان غير شكل. أين ذهبت العصافير…؟ لماذا انطفأت فوانيس الطرقات…؟ ما في أحد ينظر حدا. كان زمن يأتي العصفور جاب سلام وينفض جناحه على الشباك وهو يحمل سلام ويخفي الأسرار في جناحه، قبل زمن الزبائن خلف الشبابيك وخلف غرف النوم في انتظار الدور…!!
لا أحد راح ولا أحد جاء، ما فيه أحد صار يظهر في الطريق،
لكن عيون الملاك الصبية تأتي من الأشجار، وتأتي من الضباب وتأتي من الأحراش،
وتأتي من الأيام وتأتي من الأحلام، وتأتي في
سنوات الغربة،
وتأتي من المشاوير ومن ورق الخريف.
أنا أَيْضًا سألت شجر اللوز، ورسمت على المشاوير،
ونتظرت في الصيف ونتظرت في الشتاء، ونذرت شمعة وقلت خليني دمعة بدربك، وشفت بالصحو وجاء من الصحو في مواسم العصافير،
لكن،
لا أحد جاء ولا أحد ذهب،
ومازلت أنتظر وعيني
على الطريق في انتظار الملاك من الدير،،.
محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية،،
saadadham976@gmail.com
الشوارع متوحشة من الثلج والضباب وشتاء قارص ، والبواخر راسية
في الميناء، وأشجار عيد الميلاد تَضَىء في النوافذ،
والأجراس تقرع لمن تقرع الأجراس…؟
لماذا نحن غرباء في أعياد المدينة…؟
لا أحد يأتي، لا أحد يذهب \”
مازلت أنظر على الطريق،
، ما عندي عمل غير أنظر على الطريق، الثلج والضباب والمطر، وفجأة توقفت الحافلة أمام محطة الحافلات أمامي ونزلت الملاك، صبية كاملة الأركان أنها (راهبة) بالزي الأسمر والأبيض اتجهت ناحيتي، انتفض جسدي أنها لوحة” لصورة ملاك”،
ابتسامتها العريضة تقاسيم وجهها لم أرى هذا الجمال من قبل، الأجراس تقرع وصوت “فيروز” في مسامعي وهي تنشد في مشهد يَاقُدُسُ
أمام كنيسة المهد، ما زالت الملاك تنتظر وتنظر ناحيتي،
اقتربت مني وتحدثت أنا أتحدث بعض الكلمات البولندية قليل جِدًّا، من لغة الإشارة عرفت أنها تسأل عن مكان (الدير) وكان في شارع جانبي قريب في نفس الشارع الرئيسي، مازالت تبتسم،
وتتحدث فهمت أنها سوف تأتي فترة الأعياد كل يوم إلى الدير في نفس الميعاد، وإنها من مدينة ‘كراكوف”، بدأنا السير إلى الدير، واستمر الحال كل يوم انتظر بعد الغروب علي محطة الحافلات، حتى جاء يوم الوداع، طلبت منها “قبلة عذرية”، لقد سَكَرَتْ مِنْ الْهَوَى سُكْرًا،، فبتعدت وقالت اعقل يافتي فأنا حورية… إنها ملاك في معقل عاصمة الشيوعية سَابِقًا،،وذهبت الملاك، وسافرت بعد شهور إلى ” ألمانيا” وجاء عيد الميلاد ولكن دون الملاك، بدأت
الأحلام وتخيلت أن تأتي في نفس الميعاد ومن ذاك الطريق،
لماذا لا تأتي من النوافذ…؟
لماذا أنتظر في الصيف وأنتظر في الشتاء،
وليس فيه أحد يذهب ولا أحد يجيء…؟ احتمال تطلع من الأحراش،
ونذهب نلعب في البرية لعل نسمع صرخة النبي يحي (أنا صارخ في البرية ) ، ونكتب على الأحجار لكن جاء الثلج وذهب الثلج وعشرين مرة جاء وذهب، ما أحد جاء ولا أحد ذهب.، أنا من عشاق المطربة” فيروز” ومع الأحداث الجارية في فلسطين،دَائِمًا استمع إلى أغنية يَاقُدُسُ
والموسيقي التصورية “للبيت العتيق” وصوت الأذان مع أجراس الكنائس وصور الراهبات في القدس، (الأحلام التائه) معي في المنام بعد أن
صار فيه قتال،ومع القصف وصوت فيروز ، ماتت الملاك في القدس: هم قتلوا الملاك في النهار،
لماذا قتلوا الملاك الصهاينة؟ ما عاد فيه ناس وما عاد فيه شتاء ،
ولا ثلج ولا شارع وسقط البيت العتيق، ما عاد فيه وطن ولا عاد فيه أشجار،
وجف دمع الزهر وما في فوانيس . أين ذهبت فوانيس الشارع من القصف.؟ قلت فيروز تكذب، مؤرخة الحارة وزمن الفوانيس ونواطير العنب وشايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك.
ذاك زمن القلوب الكبيرة التي تقيس بحجم البحر. زمن الفن الجميل وزمن الحب العذري…؟ نحن في زمن شايف حجم السيارة والبيت والبطاقة المصرفية شو كبير…؟ حسب حجم السيارة بحبك.،،، انتهى زمن الأطفال الكبار ورقصات الشوارع ومواسم الحصاد ودخلنا في زمن الأقزام والزبائن في مقاهي صفحات التواصل الاجتماعي وطابور يدخل وآخر منتظر. ومازالت تحكي البنت المجنونة فيروز عن :صيف وشتاء،، وعن مواسم العصافير وعن صبي يأتي من الأحراش ..!
كل شيء كان\” غير الشكل \”، غير شكل الزيتون وغير شكل الليمون وكان غير شكل اليانسون وحتى أنت غير شكل، حتى رفيف العصافير كان غير شكل. أين ذهبت العصافير…؟ لماذا انطفأت فوانيس الطرقات…؟ ما في أحد ينظر حدا. كان زمن يأتي العصفور جاب سلام وينفض جناحه على الشباك وهو يحمل سلام ويخفي الأسرار في جناحه، قبل زمن الزبائن خلف الشبابيك وخلف غرف النوم في انتظار الدور…!!
لا أحد راح ولا أحد جاء، ما فيه أحد صار يظهر في الطريق،
لكن عيون الملاك الصبية تأتي من الأشجار، وتأتي من الضباب وتأتي من الأحراش،
وتأتي من الأيام وتأتي من الأحلام، وتأتي في
سنوات الغربة،
وتأتي من المشاوير ومن ورق الخريف.
أنا أَيْضًا سألت شجر اللوز، ورسمت على المشاوير،
ونتظرت في الصيف ونتظرت في الشتاء، ونذرت شمعة وقلت خليني دمعة بدربك، وشفت بالصحو وجاء من الصحو في مواسم العصافير،
لكن،
لا أحد جاء ولا أحد ذهب،
ومازلت أنتظر وعيني
على الطريق في انتظار الملاك من الدير،،.
محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية،،
saadadham976@gmail.com