الدكتور بهيج سكاكيني |
اللجوء والنزوح من مناطق الصراع في اية بقعة في العالم شيء طبيعي للذين يخشون التعرض للقتل أو السجن او التعذيب على أيدي الفصائل المتقاتلة. والطبيعي ايضا ان يعود هؤلاء المهجرين أو اللاجئين الى مناطقهم حال عودة المياه الى مجاريها وعودة الاستقرار والامن الى تلك المناطق. وهذا ما يتفهمه اي إنسان على انه طبيعي جدا. أما ان يؤخذ اللاجئيين والمهجرين كرهائن الى حد ما لتحقيق بعض المآرب السياسية أو الاقتصادية أو لممارسة الضغوطات على الدولة التي ينتمي اليها هؤلاء النازحين فهذا يعتبر إبتزاز فاضح وعهر سياسي بإمتياز من الذين يدعون المحافظة على حقوق الانسان والعمل من اجل مصلحة هؤلاء النازحين. وهذا بالضبط ما حصل للنازحين والمهجرين من الاراضي السورية الى الاراضي اللبنانية وغيرها.
ولم يعد خافيا على احد من ان تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري وبتوجيه سعودي قد لعبا دورا قذرا بإمتياز في الازمة السورية وهم من أصحاب من سهل دخول الارهابيين الى الاراضي السورية وكذلك التزود بالسلاح تحت يافطة “بطاطين للاجئيين السوريين” و”علب الحليب للاطفال”. ولم يجد الحريري الحرج في بداية الازمة القول بأنه لن يعود الى لبنان الا من مطار دمشق الدولي ظنا منه أن الدولة السورية ستسقط في غضون أيام أو اسابيع أو أشهر قليلة “بثورة ملونة” من تدبير مطابخ أجهزة المخابرات الامريكية وبتمويل خليجي من البقر الحلوب
. المهم انه الان وبعد ان عادت معظم الاراضي السورية بأيدي الدولة وقضي على معظم المجموعات الارهابية بدأنا نرى عملية العودة الطوعية للنازحين السوريين من الاراضي اللبنانية الى الداخل السوري. وهذا طبعا لم يعجب تيار المستقبل وزبانيته ولا حتى المفوضية العليا للاجئيين التابعة للامم المتحدة في لبنان ولا بعض القوى الاقليمية والدولية لان الاهداف السياسية من وراء إبقاء هؤلاء النازحين لم تتحقق بعد وما زالت أحلام اليقظة تراود بعضهم. ومن هنا نرى ان هنالك حملة منظمة وممنهجة لتخويف اللاجئيين والنازحين السوريين من العودة وفبركة العديد من المخاوف الامنية التي من الممكن ان تعترضهم عند عودتهم. ليس هذا وحسب بل ما زالت هذه القوى الظلامية تدعي ان الدولة السورية ليست دولة ذات سيادة على اراضيها وأن التفاوض بشأن هذا يجب ان يتم مع ممثلي “الامم المتحدة” المنظمة التي اثبتت ومن خلال ممثليها أنها جزء لا يتجزا من هذه الحرب المجرمة على سوريا وإن بدأت مثل الحمل الوديع . هذا التيار ما زال يسعى لان يخفي ضوء الشمس بكفيه ويتعامى كما هي “المعارضة” السورية حقيقة أن سوريا هي دولة ذات سيادة وكرامة وعزة ولا تحكمها لا روسيا ولا إيران وأن أي تفاهم بشأن عودة اللاجئيين يجب ان يتم من خلال المؤسسات الشرعية لهذه الدولة.
الى متى ستبقى هذه المشكلة قائمة وكيف سيتم حلها والى متى ستبقى بعض القوى السياسية تضع رأسها في الرمال كالزرافة وترفض التعامل المباشر مع الدولة السورية وأجهزتها الشرعية لتأمين عودة اللاجئين الى قراهم ومدنهم السورية لا ندري. ولكن الشيء المؤكد ان طريق العودة قد بدء ولن يستطيع احد إيقافه ولا شك ان كل دفعة من العائدين ستمهد الطريق لدفعة اخرى. فلا شيء أغلى من الوطن وترابه. ولا شيء اذل من أن تعيش رهينة للانذال اللذين يحاولون استخدامك كرهينة لمآربهم السياسية والاقتصادية هذا عدا عن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وسياسة التمييز والقهر الذي يتعرض لها اللاجىء في ارض الغير بشكل عام.