لا يمكن وصف موقف الغرب، وخاصة أمريكا، من مقولة الشرعية، الا بالمنافق، فهذا الموقف لا تجد له اي معنى محدد في قاموس الغرب، فالشرعية تتحول الى لا شرعية في البلد التي لا يأتمر بأوامر الغرب ولا يدور في فلكها، واللاشرعية تتحول الى شرعية، لو كان من يمثلها مجرد دمية يحركها لتحقيق مصالحه، وفي مقدمة كل هذه المصالح مصلحة الكيان الصهيوني والشركات المتعددة الجنسيات.
هذا الغرب الذي يرفع، زورا، شعار الديمقراطية وحقوق الانسان، يرى في التاييد الشعبي، الذي ينبثق من الانتخابات، افضل تجليات شرعية اي نظام في العالم، نفس الغرب يدوس وبشكل همجي على كل شعاراته البراقة، والقيم التي يباهى بها امام الشعوب الاخرى، عندما تهدد هذه الشرعية مصالحه اللامشروعة وفي مقدمتها مصلحة “اسرائيل”.
يمكن تلمس النفاق الغربي الفاضح، في فنزويلا وسورية والعراق ولبنان واليمن وايران وليبيا وفي بلدان اخرى في العالم، حيث يتحول النظام الشرعي الى لا شرعي، والنظام اللاشرعي الى شرعي، ولا يكتفي الغرب بهذا الوصف، بل يفرض الحصارات ويجوع الشعوب، بل يرسل مرتزقته وعصابات الجريمة والارهابيين ليعثيوا في تلك البلدان فسادا، بل يتمادى اكثر من ذلك في شن الحروب وغزو هذه الدول وبشكل مباشر.
هذا النفاق الغربي يتجلى بأبشع صوره في فنزويلا، حيث يتكالب هذا الغرب وفي مقدمته امريكا، على النظام الفنزويلي المنتخب شعبيا، مستخدما ابشع اساليب البلطجة بدءا بالحصار الجائر، الذي وصل الى حد سرقة اموال فنزويلا جهارا نهارا، وتجويع شعبها ،بل والتهديد بغزو هذا البلد واسقاط نظامه الشرعي، الذي ارتكب “جريمة كبرى” بتاييده القضية الفلسطينية ورفضه لجرائم الصهاينة، بالاضافة الى طمعه بالنفط الفنزويلي.
في مقابل شرعية نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو المنتخب انتخابا ديمقراطيا، حرك الغرب دمية تدعي خوانغوايدو، الذي فرض نفسه رئيسا لفنزويلا بغطاء امريكي غربي، مستغلا الحالة الاقتصادية المتردية التي اختلقتها امريكا من خلال الحصار وسرقة اموال الشعب الفنزويلي، مستعينا باجهزة الاستخبارات الغربية وفي مقدمتها وكالة الاستخبارات الامريكية السي اي ايه، في الحرب النفسية التي تشنها على الشعب الفنزويلي، وبالفوضى التي تزرعها في هذا البلد، حتى وصل الامر بترامب ومستشاره المجنون جون بولتون، بالتهديد بغزو فنزويلي في حال رفض مادورو الاستسلام لارادة الغرب.
في المقابل دمر الغرب اليمن ونشر المجاعة والاوبئة وقتل عشرات الالاف من الاطفال والنساء في اليمن، ودمر كل البنى التحتية لهذا البلد الفقير، وفرض عليه حربا منذ اربع سنوات، وفرض عليه حصارا ظالما من البر والبحر والجو، حتى اخذ الجوع يهدد حياة اكثر من 20 مليون يمني، بشهادة تقارير الامم المتحدة والمنظمات الانسانية، كل ذلك بذريعة اعادة “الشرعية” الى اليمن، المتمثلة بالمدعو عبد ربه منصور هادي، بينما السبب الحقيقي وراء كل هذه الجرائم التي ترتكب في اليمن وامام العالم اجمع ،هو المواقف المعادي للشعب اليمني ل”اسرائيل”.
الملفت ان الغرب الذي يغزو الدول ذات السيادة ويقتل ملايين البشر ويهجر اضعافهم في اصقاع العالم من اجل “الشرعية”، بينما يعقد هذا الغرب المنافق وعلى راسه امريكا، تحالفات استراتيجية مع انظمة تعيش خارج التاريخ، لا دستور و قانون ولا ديمقراطية ولا انتخابات ولا حقوق انسان ولا حرية تعبير، حتى في حدودها الدنيا، وتتعامل مع شعوبها معاملة السيد مع العبد، ف”شرعية” هذه الانظمة تأتي من الغرب، ومن انبطاح هذه الانظمة امام الغرب، وتنفيذ اجندته، وفي مقدمتها الحفاظ على امن واستقرار “اسرائيل”، ومعاداة ومناهضة كل الانظمة التي تفكر، مجرد تفكير، بالوقوف في وجه “اسرائيل” والمصالح غير المشروعة للغرب.