علّق الصحفي الأمريكي ماكس بوت تعقيبا على الهجوم على السفارة الأميركية ببغداد، قائلا إن “إيران غلبت الولايات المتحدة مرة أخرى”.
وذكر بوت -في مقاله بصحيفة واشنطن بوست- أن وصف السفارة الأميركية في بغداد بأنها مجرد بعثة دبلوماسية هو انتقاص شديد لإمكانياتها وحجمها الذي يبلغ نحو 104 أفدنة، أي ما يقرب من مساحة مدينة الفاتيكان، وتأتي بمهاجعها الخاصة الكاملة وقاعات الطعام ومحطة كهرباء وإدارة إطفاء وكل ما هو ضروري لدعم آلاف الدبلوماسيين والمقاولين الموجودين داخل جدرانها الحصينة.
وقال إن ما يثير الصدمة أن المئات من أنصار كتائب حزب الله العراق- الحشد الشعبي اقتحموا المجمّع ونهبوا أماكن الاستقبال، وهو ما أعاد إلى الذاكرة مشهد أزمة الرهائن الإيرانيين من عام 1979 إلى 1981، بل إن المحتجين رددوا الشعار نفسه “الموت لأميركا”.
وعلق بأن هذا المشهد تذكير آخر بأنه في الصراع الذي طال أمده بين الولايات المتحدة وإيران تكرر شعور الأميركيين بالإذلال والضعف بين يدي خصم أصغر حجما لكنه أكثر إصرارا وقسوة، وطوال 41 عاما اتسعت خبرة إيران في الحرب غير النظامية، تاركة الولايات المتحدة في حيرة بشأن كيفية الرد.
وأشار بوت إلى أن إيران تفضل القيام بمعظم أضرارها عبر حلفاء، كما حدث في أعقاب الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 عندما قتلت المقاومة “الشيعية” التي ترعاها طهران مئات من أفراد الجيش الأميركي.
واعتبر أن الرد الأميركي الفعال الوحيد على التهديد الإيراني منذ حرب الناقلات أيام رونالد ريغان هو قرار باراك أوباما إبرام اتفاق مع إيران في عام 2015 يجمد برنامجها النووي، ومع ذلك لم يفعل الاتفاق شيئا لكبح نفوذها الإقليمي وربما يكون قد غذاه برفع العقوبات الاقتصادية.
ويرى الكاتب أن اجتياح السفارة الأميركية يوم الثلاثاء كان رد إيران الانتقامي على ضربات (الرئيس دونالد) ترامب الجوية في جميع أنحاء العراق وسوريا التي أسفرت عن مقتل 25 من أعضاء كتائب حزب الله، التي ينحى عليها باللوم في الهجوم الصاروخي الأخير الذي أدى إلى مقتل متعاقد أميركي وإصابة أربعة من القوات الأميركية يوم الجمعة. وأضاف أن هذا الرد جاء لتوضيح أن إيران لن ترضخ للضغوط الأميركية، وتساءل عن الخطوة التالية لترامب.
وقال إن الولايات المتحدة أمامها مخرجان فقط من هذه الأزمة المتفاقمة، إما القتال أو التفاوض. ورأى أن الحرب ضد إيران يمكن أن تكون أم المستنقعات ويمكن أن تخرج بسهولة عن السيطرة بردود الفعل المتبادلة من النوع الذي شوهد في الأيام الأخيرة.
وفضل الكاتب التفاوض على القتال، لأن هذا يعني محاولة إعادة بناء اتفاق نووي أكثر صرامة مقابل رفع العقوبات الأميركية. لكنه أردف بأن ترامب لا يبدي اهتماما يذكر بالتفاوض أو القتال بجدية، فقد شن حربا اقتصادية على إيران بينما لم يفعل شيئا لكبح نفوذها الإقليمي.
وختم بأننا أصبحنا الآن أمام أسوأ الاحتمالات، وهو أن إيران تخوض الآن مرة أخرى صراعا محدودا وليس لدى أميركا مرة أخرى رد فعل حقيقي.
المصدر : واشنطن بوست