عندما ندرس الخلاف المذهبي الإسلامي في الخطوط المتصلة بالجانب الكلامي والجانب الفقهي بين السنة والشيعة، فإننا لا نجد أن المسألة تتصل ببعدٍ تاريخي عاشه المسلمون في كل تاريخهم، لأن المسألة تتخذ في طبيعتها الانتمائية كثيراً من التعقيدات النفسية، بعيداً عن الجانب العلمي الموضوعي الذي انطلقت منه هذه الخطوط. والمجتمعات السنية والشيعية لا تشغلها اليوم مسألة الإمامة والخلافة، إلا بقدر بما يستدل به هذا الفريق على نظريته، أو يستدل به الفريق الآخر على نظريته، وقد اختصر هذا الواقع في محاولة إثارة السلبيات التي قد تحصل من خلال هذا المجتمع بطريقته في التعبير عن نظرته إلى الشخصيات التي يقدسها هذا الفريق أو ذاك، فلم تعالج المسائل الخلافية بطريقة علمية تتخذ جانب الجدل العلمي الكلامي أو الفقهي، إلا في بعض المراحل التاريخية السابقة، كما في الجدل الدائم بين الأشاعرة والمعتزلة والإمامية في المسألة الكلامية، أو كما يحدث في قضية الإمامة والخلافة، حيث يرى فريق من المسلمين أن هناك نصاً نبوياً ثابتاً في تأكيد الإمامة، بينما يناقش الفريق الآخر في هذا النص.
ولذلك تداخلت المسألة من خلال الأوضاع السياسية من جهة، والأوضاع الاجتماعية من جهة أخرى، والحساسيات التي كانت تحدث، حتى وصلت المسألة إلى حد التكفير بين أتباع هذا المذهب أو ذاك، باعتبار أن قضايا التكفير لم تعد تخضع لقاعدة إسلامية موضوعية، فيكفي أن تُكفر مسلماً لمجرد أنه يختلف معك في تفسير نص قرآني، أو في توثيق نص نبوي أو ما إلى ذلك، تقتنع به أنت ولا يقتنع به الآخر، ما أدى إلى أن بعض الذين ينتمون إلى الإسلام بهذه الذهنية، أصبحوا يستحلون دماء المسلمين!
لا تكاد دعوة التقريب بين المذاهب الإسلامية أو الوحدة الإسلامية تنطلق، حتى نسمع كثيراً من الأصوات التي تنطلق في خلفياتها من خلال الخطط الغربية، وفي مقدمها الخطة الأميركية، إضافةً إلى الخطة الإسرائيلية، لإيجاد الموانع والحواجز في طريق هذه الدعوة.
ونحن نقول للمسلمين جميعاً، سنة وشيعةً، إن المشكلة التي نواجهها الآن في هذه المرحلة، هي أن المطلوب هو رأس الإسلام، وليس رأس السنة أو الشيعة، وهذا ما لاحظناه في الحرب الثقافية التي واجهناها كمسلمين في الغرب. كما أنني سمعت من بعض المسؤولين الكبار من الجامعة العربية، أن أميركا تريد تدمير الإسلام.
لذلك، فإننا نعتقد أن المسلمين إذا كانوا يريدون أن يحافظوا على معنى الأمة الإسلامية، فعليهم ألا يتحدثوا عن أكثرية مذهبية مقابل أقلية مذهبية، وألا يثيروا الحساسيات والسلبيات هنا وهناك، بل عليهم أن يعملوا على تجميد كثيرٍ من السلبيات والحساسيات، وأن يندفعوا إلى الأرض الإسلامية لكي يعالجوا كثيراً من القضايا المثيرة للخلاف، حتى يمكنهم أن يوحدوا العالم الإسلامي، لأننا نلاحظ الآن أن العالم الإسلامي الذي يمثل خمس العالم، ليس له أي دورٍ في القرارات المصيرية في العالم، بل إنه ليس له دور في تقرير مصيره ومصير البلاد الإسلامية.