الأحد , 17 نوفمبر 2024
Breaking News

الوهابية وما تناسل منها صناعة أمريكية صهيونية…بقلم محمد الرصافي المقداد

يبدو أنّ مسلسل قتل المسلمين لن يتوقف عند حدّ، ومن جريمة فظيعة إلى أخرى أفظع، وألسنة حال مرتكبيها لاهجة بفرح وارتياح كبيرين، يصدر على أثر كل مجزرة بيان، تتبنى فيه إحدى الحركات الإرهابية العملية، دون أدنى رهبة أو خجل، سواء كانت كبراها داعش، أو ما دونها من الجماعات الإرهابية، والمأساة هنا غير متعلّقة بالمسلمين الشيعة وحدهم، وإن كانت مدنهم وقراهم ومساجدهم واسواقهم أهدافا مفضلة للإرهاب التكفيري، وكانوا ولا يزالون الأكثر استهدافا من غيرهم، لكنه ظهر أنّ هناك قسما آخر من المسلمين الصوفية ومن السّنّة، أصبحوا أهدافا لاعتداءات العناصر التكفيرية بأفغانستان، فما حدث أخيرا بمسجد (سه دكان)، بمدينة (مزار شريف)، وهي رابع أكبر مدنها، وخلّف بدوره عشرات الضحايا بين شهيد وجريح(1) تزامن مع تفجير مسجد للصوفية، أثناء أداء صلاة الجمعة بمنطقة (مولوي سكندر)، بولاية (قندوز) شرق البلاد، وقد خلّف 33 قتيلا و43 جريحا(2).

ومنذ أن استولت حركة طالبان على أفغانستان، باتفاق أمريكي غربي خبيث، هدفه الأوّل تشويه صورة الإسلام الذي عُرِفت به حركة طالبان، في غلوائها وتطرّفها في تعاملها مع أحكامه، بعيدة فيه كلّ البعد عن القيم الحقيقية للدين الحنيف، تفاقمت حالة التسيّب الأمني، بحيث أصبح الأفغاني بانتمائه العرقي، ك(الهزارة) وبانتمائهم العقائدي بكونهم مسلمين شيعة، ولم يسلم هنا حتى الصوفية السّنّة، من اعتداءات التكفيريين الدّموية، التي جاءت مفتتحة عهد حكم طالبان، هذه الحركة التي بنت فكرها الوهابي، على أساس من التطرّف وتكفير كل من خالفهم في الفكر.

وتاريخ أفغانستان المعاصر، مليء بحوادث التفجيرات الإنتحارية، التي تنفّذها عادة حركات متطرّفة تدّعي الإسلام، ولقد دفع أهالي أفغانستان ضريبة باهظة الثمن في عدد الضحايا، الذين سقطوا إثر كل عملية إرهابية، ناهيك عن عدد كبير من الجرحى، الذين تشكّل جراحاتهم إعاقة لهم في حياتهم، فأصبحوا غير قادرين على القيام بشؤونهم بمفردهم، وتاريخ الإعتداءات  الإرهابية المعاصرة، يمكننا أن نؤرّخها بتواجد وهابية تنظيم القاعدة، الذي كان يتزعمه الإرهابي أسامة بن لادن، وجاء من بعده أيمن الظواهري، فقد ارتكبت هذه الجماعة التكفيرية مجازر بحق المسلمين الشيعة، منها ما وقع الكشف عنه كالمقبرة الجماعية عند قلعة  ومنها ما تُعُمِّد إخفاؤه عن الرأي العام العالمي، تشفّيا بحق المسلمين الشيعة من أن تظهر مظلوميتهم.

وبظهور تنظيم داعش خراسان، سوف لن يبقى خيار لطالبان سوى تصفية عناصرها، وقد أعلنت تمرّدها على الحركة، واصبحت تشكل تهديدا صريحا لوجود وبقاء واستقرار حكم طالبان أمام هجمات هذا التنظيم الإرهابي العنيف الدّموي، ففي تقرير الأمم المتحدة الأخير إلى مجلس الأمن في أوائل فبراير/ شباط، والذي أعده فريق الأمم المتحدة لمراقبة العقوبات ضد “داعش” و”القاعدة”، جاء فيه أن أفغانستان بعد انتصار طالبان “يمكن أن تصبح ملاذًا آمنًا للقاعدة ومنظمات إرهابية أخرى لها علاقات مع منطقة آسيا الوسطى وخارجها “. وصحيح أن فرع داعش افغانستان “الدولة الإسلامية في خراسان” أو “داعش خراسان” يسيطر على مناطق محدودة في أفغانستان فقط، لكنه أثبت قدرته الدائمة على تنفيذ هجمات مكلفة.

تجنيد محبطين سابقين من حركة طالبان

وفقًا للتقرير ذاته، ينتمي حوالي 4 آلاف مقاتل إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” فرع خراسان، بما في ذلك ما يصل إلى 2000 أجنبي تم إطلاق سراحهم بعد فتح السجون الأفغانية عقب انتصار طالبان. ويقول الخبير بشؤون أفغانستان كونراد شتر، عضو مجلس إدارة مجموعة العمل الأفغانية(AGA)، في مقابلة مع DWالألمانية، إن غالبية المقاتلين، يتم تجنيدهم من بين صفوف الأفغان، وخاصة أولئك الذين كانوا ينتمون إلى طالبان حتى وقت قريب.(3)

وتصاعدت وتيرة التفجيرات الانتحارية خلال الشهر الماضي بحيث أصبحت تنذر بوضع أمنيّ خطير يعيشه سكان العاصمة كابل وبقية المدن الأفغانية، واستهداف مدينة مزار شريف وفيها غالبية شيعية من قبائل الهزارة، مردّه الحقد الطائفي، الذي دفع بالحركات الوهابية التكفيرية إلى تصعيد الهجمات ضدّ هؤلاء الأبرياء، فقد ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 11 قتيلاً و17 جريحاً، جراء التفجيرات الإرهابية التي وقعت أمس الخميس، في مدينة مزار شريف بولاية بلخ شمالي أفغانستان.

ونقلت قناة “طلوع نيوز” المحلية عن السلطات المحلية قولها: إن عدد قتلى التفجيرين الذين استهدفا حافلتين صغيرتين في مزار شريف، وصل 11 شخصاً، جميعهم مدنيون، و7 من المصابين بحالة صحية خطيرة، 3 منهم بترت أرجلهم، بحسب مصادر من المستشفى.(4)

تفجير المساجد والمزارات والأماكن التي يتواجد بها المسلمون الشيعة هي من الأعمال العدوانية المفضَلة لدى خوارج العصر الحديث، فلم يحجزهم عن ارتكاب جرائمهم شيء، وقد امتدّت أضرارها لتطال دولا أخرى غير افغانستان، كالعراق، وإيران، واليمن، وسوريا، ولبنان، حتى أنّ دولا خليجية معروفة، تعتبر بؤرا للفكر الوهابي، ومفرخة لإعداد الإنتحاريين، لم تسلم بدورها من تفجيرات دور العبادة بدعوى أنها شيعية رأوا فيها رايهم، أنه يجب أن تمحى من الوجود بمن فيها.

الأمل اليوم أصبح معلّقا على أولي الفهم من المسلمين ليأخذوا على عاتقهم مسؤولية نشر الإسلام التأليفي الذي لا مكان للتطرّف فيه، وقناعتنا بأنّ الوسطية هي السبيل الوحيد للحدّ من التطرّف بين فرق الأمّة الإسلامية، ولا يحقّ لأحد بأن يقوم باقصاء غيره دون وجه حق، وجميعنا مؤمن بالله ووحدانيته، وبرسوله  ابي القاسم المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله سلم، وبكتابه العزيز القرآن الكريم، وباليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وجنة ونار وصراط و ومواقف، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج إلى بيت الله الحرام، فكيف والحال هذه أن يجترئ دعيّ إسلام على الله ورسوله ودينه فيقتل عباده في مساجدهم ببرودة دم وكل وحشية، دون أن يحجزه شيء عن حرمة قتل المسلم، ما يدعونا إلى القول، أن الذي يحصل بأيد حمقاء جاهلة، هو اختراق للصّفّ الإسلامي من طرف أعداء الاسلام الحقيقيين وهما الغرب والصهيونية، الذين يعملان على إثارة الفتنة بين الطوائف الإسلامية، لإشغالها ببعضها في صراعات وهميّة، وتحقيق مكاسب استغلال مقدّراتها ببقائهم على حال التكفير، وما يستتبعه من سفك الدماء البريئة، خلافا لمنطق القرآن الذي يعتبر أن قتل نفس بغير حق كقتل الناس جميعا، (أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (5)

خلاصة القول، ان جميع الحركات الإرهابية التكفيرية المتطرّفة التي نشأت في عالمنا الإسلامي، هي صناعة أمريكية صهيونية، أثبتت جميعها أن ما ارتكبته من جرائم وحشية بحقّ المسلمين، لاتمُتّ للإسلام بصلة، وعلى بقية المسلمين أن يتخذوا مواقفا موحّدا بشأنها، قبل أن يستفحل أمرها، فتدور بدائرتها على من لم يلحقه أذاها وضررها.

المراجع

1 – عشرات القتلى والجرحى جراء انفجار في أحد أكبر مساجد أفغانستان

https://arabic.rt.com/world/1346357-

2 – لليوم الثاني على التوالي.. عشرات القتلى جراء انفجار دموي بمسجد في أفغانستان

https://arabic.rt.com/world/1346822-

3 – ” داعش خراسان” – محنة أفغانستان تزيد من خطر الإرهاب

″داعش خراسان″ – محنة أفغانستان تزيد من خطر الإرهاب | سياسة واقتصاد | تحليلات معمقة بمنظور أوسع من DW | DW | 26.02.2022

4 – أفغانستان.. ارتفاع حصيلة قتلى تفجيرات بلخ إلى 11

أفغانستان.. ارتفاع حصيلة قتلى تفجيرات بلخ إلى 11 (aa.com.tr)

5 – سورة المائدة الآية 32

Check Also

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024