البعض كان له تعليقات على “مسيرة الاعلام” في القدس المحتلة للمستوطنيين الصهاينة تدخل ضمن التشكيك في إرادة المقاومة الفلسطينية والبعض ذهب للقول ان المقاومة الفلسطينية تراجعت عن تهديدها بقصف المستوطنات اليهودية في القدس خوفا من ردود الفعل الاسرائيلية. وإزاء بعض هذه التعليقات لا بد لنا أن نؤكد على بعض النقاط التالية:
. أجبرت الشرطة وأجهزة الامن الصهيونية على تغيير مسار “مسيرة الاعلام” لتلافي الاشتباك مع الشباب المقدسي الذي كان على استعداد للمجابهة والاشتباك الى جانب تلاشي تصعيد الموقف خوفا من ان تصل صواريخ المقاومة الى المستوطنات في القدس المحتلة. بمعنى ان المقاومة كانت حاضرة بثقلها وهو ما استدعى تغيير مسار المسيرة.
. كانت الصحف العبرية قبل المسيرة تتحدث عن مسيرة ستضم ما يقرب من 30000 مستوطن وذهبت بعض التقديرات للقول بأن الاعداد قد تصل الى 60000 مستوطن صهيوني ولكن الاعداد لم تصل الى بضعة الاف وما شهدناه بالعين في باب العمود فأن اعداد المتواجدين هناك لم يزد عن بضعة مئات فقط وأكبر تقدير أعطي كان 1000 .كان معظمهم على ما يبدو من طلاب مدارس شبابا في مقتبل العمر والبعض منهم فر بعد مشادة واشتباك مع بعض الفلسطينين كما بينت عدسات الصحفيين اللذين كانوا متواجدين بأعداد هائلة في باب العمود الذي افرغ بالكامل من قبل الشرطة الصهيونية قبل وصولهم.
. الشرطة وأجهزة الامن الصهيونية دفعت 2500 عنصر من الشرطة والمخابرات لحماية 1000 مستوطن بمعنى ان عدد الشرطة التي تواجدت كانت اكبر من عدد اللذين شاركوا في المسيرة وذلك لحمايتهم اولا وثانيا لمنعهم من استفزاز أو الاشتباك مع الشباب المقدسي.
. المسيرة منعت من دخول القدس القديمة من باب العمود أو التجوال في داخل القدس القديمة من قبل رجال الشرطة الصهاينة التي قامت بوضع الحواجز عند مدخل البلدة القديمة كما تم منع اي من المستوطنين الوصول الى باحات المسجد الاقصى. والمقاومة الفلسطينية كانت قد هددت انها ستقصف المستوطنات اليهودية في القدس إذا ما قامت المسيرة بالوصول الى المسجد الاقصى وإقٌتحام باحاته كما كان منظموا المسيرة يريدون.
. المستوطنين سمح لهم الدخول من باب الخليل للوصول الى حائط المبكى. وحتى هذا الدخول فرض عليهم الدخول على دفعات 50 شخص في كل دفعة مصطحبين من قبل الشرطة التي احاطتهم لمنعهم من الاشتباك أو الاعتداء على المحلات في القدس القديمة أو على الفلسطينيين من سكان هذه الاحياء. بمعنى ان كل الاحتياطات قد تم اخذها لمنع التصعيد خوفا من تهديد المقاومة الفلسطينية.
. المقاومة الفلسطينية كانت على استعداد وجهوزية تامة واليد على الزناد في حالة قام المستوطنين بإقتحام باحات المسجد الاقصى وهذا لم يتم على الإطلاق. الى جانب ذلك لا بد لنا من التأكيد ان المقاومة قامت بإطلاق البالونات الحارقة في إتجاه المستوطنات اليهودية السرطانية وأحدث 26 حريقا كما اورد في الصحافة العبرية الى جانب العودة الى عملية الارباك الليلي.
. الكيان الصهيوني وأجهزة امنه طلبا التدخل المصري لكي يقوم بتهدئة المقاومة في غزة وعدم ضرب القدس بالصواريخ وأكدت للنظام المصري انه قد تم تغيير مسار المسيرة منعا للتصعيد والاشتباكات وأن الشرطة الاسرائيلية ستبذل قصارى جهدها لمنع الصدام والتصعيد وأنه لن يكون هنال مسيرة داخل القدس القديمة ولا الوصول الى باحات الاقصى.
. تم اعتقال ما يقرب من 20 فلسطينيا لتصديهم للمسيرة في مناطق مختلفة من مسيرتها وحتى في باب العمود نقطة التجمع.
. قامت الشرطة الصهيونية بتفريق المسيرة مباشرة بعد انتهاء المدة المسموح لها لتجنب الاشتباكات وتصعيد الموقف.
. من كل ما سبق نستطيع الاستنتاج ان عنصر الخوف والردع وبذل كل محاولة لمنع الاشتباك والتصعيد كان هو المهيمن والمسيطر على الشرطة والاجهزة الامنية الصهيونية الى جانب سيطرتهما على المستوطنيين كما يستدل من الاعداد القليلة التي شاركت بالمسيرة قياسا بالتقديرات المسبقة لها.
. واتضح لكل مراقب نزيه وغير متحيز ان الشعب الفلسطيني ومقاومته قد فرض تراجعا ملحوظا لهذه المسيرة بالاضافة الى التوضيح لكل العالم الذي شاهد الاحداث في القدس ان القدس هي مدينة محتلة مهما تشدقت وسائل الاعلام الاسرائيلية او الطبقة السياسة في الكيان الصهيوني بانها العاصمة الموحدة لهذا الكيان المسخ والحديث عن التعايش الوهمي.
ومما لا شك فيه ان كل ما سبق يطرح السؤال التالي هل يوجد دولة في العالم تحشد 2500 عنصر من رجال الامن في عاصمتها لحماية عدد اقل من ذلك لمواطنيها ؟ وأية دولة هذه؟
وكلمة أخيرة للطابور الخامس الذي يعيش بيننا إذا ما قامت المقاومة بإطلاق الصواريخ نصرة لشعبنا في القدس ودفاعا عن المقدسات تنعقون ان المقاومة سحبت البساط من تحت اقدام المقاومة الشعبية في القدس وإذا ما اطلقت الصواريخ تنعقون بأنها لم تفي بوعودها. في كلا الحالتين تستمرون في النعيق لانكم غربان.
كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني