كما عودتنا بعض الاقلام عند كل منعطف من منعطفات النصر التي تؤكد ان هذا الكيان الصهيوني وأجهزة أمنه ومخابراته ومخابرات أذنابه في الداخل ان يخرجوا علينا بمقالات تشكك في الانتصار الذي شهد له العالم بأسره وجعل العدو الصهيوني في حالة تخبط دائم لا يدري ماذا يفعل مقابل هذه الصدمة الامنية المعجزة.
هذا العدو الذي اراد ان يقنع العالم والزاحفين من المطبعين على بطونهم وكروشهم الى عاصمة الكيان بأنه يمتلك من القدرات الامنية والاستخباراتية ما لا تمتلكه الدول الكبرى فإذا بأجهزته الامنية والاستخباراتية والعسكرية تقف عاجزة أما ستة من الابطال الذين تمكنوا من الحصول على حريتهم من داخل ما يقال انه أكبر سجن آمن لهذا الكيان واستطاعوا تجاوز كل العقبات التي بات الجميع يدركها وتناولتها الوسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية على حد سواء.
بعض جهابذة الطابور الخامس ولا داعي لذكر الاسم عدا عن انه “عميد متقاعد” يرسم سيناريو ان كل ما حصل ما هو الا مسرحية نسجها الشاباك الاسرائيلي وأجهزة أمنه لأنهم قد قاموا مسبقا بتصفية هذه الكوكبة من سجناء الحرية وخوفا من إفتضاح أمرهم على النطاق العالمي لان هذه تعتبر جريمة ضد الانسانية وجرائم حرب فكان أن اختلقوا هذه الحكاية حتى يعلنوا فيما بعد انهم قاموا بملاحقة هؤلاء السجناء وتمكنوا من القضاء عليهم وأنهم جزاء ذلك لن يقوموا بتسليم الجثث الى اهاليهم ويدفنوا في مقبرة الارقام الشهيرة.
هذه السذاجة والسطحية في التحليل يمكننا فهمه إن أتت من إنسان جاهل أم متخلف عقليا أما ان تاتي من “عميد متقاعد” لا بد ان يكون من وراءها ما وراءها وما وراء الاكمة واضح لكل إنسان تابع الاحداث. يعني تصفية ستة من سجناء الحرية في سجن فيه ربما اكثر من 200 سجين دون ان يلحظ بقية السجناء الامر وتخرج المعلومات الى الخارج شيء لا يمكن لاي عاقل أن يصدقه.
وما وراء الاكمة واضح ويمكن إرجاعه الى سببين فإما ان يكون “العميد المتقاعد” قد أدخل في جيبه رزمة من الاوراق الخضراء أو انه من هؤلاء المأزومين والمهزومين من الداخل بحيث اصبح يفسر كل شيء بأنه مؤامرة فالمهزوم داخليا لا يمكنه الاعتراف بحقيقة ان الانتصار على العدو ممكن إذا ما توفرت الارادة السياسية والعزم والتصميم والتحضير الدقيق والمسبق لخوض المعركة والمعركة هنا تأخذ كل الابعاد العسكرية والاعلامية والنفسية..الخ. للمهزوم والمازوم الهزيمة قدر لا يمكن تلافيه ولا يمكن تجاوزه باي حال من الاحوال وبالتالي حتى لو شهد الجميع بان الحادثة هي انتصار سيقوم المهزوم بتحويله الى هزيمة أو يقوم بالتشكيك كما هو احال في هذه الحادثة.
والى جانب ذلك يستطرد “العميد المتقاعد” قائلا بأن الكيان الصهيوني خلق هذه المسرحية لان هنالك مخطط ينوي من وراءه الشاباك وقوات الاحتلال الاسرائيلي القيام بعمليات إقتحامات واسعة في الضفة الغربية للبحث عن مقاومين وإجراء حملة إعتقالات واسعة النطاق. بمعنى ان الكيان الصهيوني وأجهزة استخباراته رسموا هذه المسرحية والسيناريو لاخذها كمبرر للقيام بهذه الحملة. وهذا التحليل أيضا يرد الى العميد المتقاعد فقوات الاحتلال وأجهزة الشاباك والمستعربين لا يريدون اية حجة لاجراء مثل هذه الاقتحامات وعلى المساحة الجغرافية للضفة الغربية المحتلة بأكملها وكل الدلائل والوقائع على الارض تشير الى ذلك. الاحتلال يقمع ويضرب ويقتل المحتجين في الميدان ويعتقل ويصادر الاراضي ويقيم المستوطنات السرطانية …الخ يوميا وهو لا يريد اي مبرر لذلك.
والحديث يطول ولكن لا بد من الاكتفاء بهذا القدر فلا نريد ان نثقل على القارىء. ولكن لا بد ان نقول في النهاية انتبهوا الى مثل هذه الاقلام وخاصة تلك التي تأتي من هكذا شخصيات لان الغرض من استخدام هذه الشخصيات هو إعطاء “مصداقية” كاذبة ليبلع البعض الطعم ويردد مثل هذه الاقاويل في جلسات وزيارات وفي القهوة مع الاصدقاء دون ان يدرك انه يقوم بما اريد منه وهو ان ينضم الى الطابور الخامس فيما بيننا. وللاسف فإن وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها الفيسبوك مليئة احيانا بمثل هذه المقالات. وحبذا ان ننتبه وننبه حين نجد مثل هذا المقالات المغرضة.
كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني