منذ العام 2004 لم تترك الرياض أية فرصة للسيطرة على اليمن والانقضاض على حركة أنصار الله من خلال حروبها العدوانية الستّ التي شنّتها عبر وكيلها في اليمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتل عام 2017 بعد انقلابه على حكومة صنعاء في ظلّ الحرب العدوانية السابعة التي قادها الأصيل السعودي بتحالفه الأميركي الإماراتي على اليمن بعد هزيمة الوكيل السعودي على يد أنصار الله، حروبٌ عدوانيةٌ ستّ قادها الوكيل على مدى سنوات طويلة تخللها توقيع اتفاقيات صلح ووقف لإطلاق النار كانت أولاها في شهر شباط عام 2006 حيث وقعت حكومة الرئيس علي عبد الله صالح اتفاقية الصلح في صعدة مع أنصار الله تمهيداً للانتخابات التي بمجرد انتهائها بادرت الحكومة حينها الى الانقلاب وإعلان الحرب على أنصار الله من جديد، تلاه اتفاق على وقف لإطلاق النار في تموز عام 2007 الذي أسّس لاتفاق الدوحة عام 2008، ولكي لا ندخل في تفاصيل الاتفاقيات التي وقعها وكلاء الرياض وانقلبوا عليها لا بدّ من التذكير بأنّ مجموع الاتفاقيات التي وقعت بين السعودية ووكلائها بلغت تسع اتفاقيات تقريباً من ضمنها اتفاقية السلم والشراكة عام 2014 ومفاوضات جنيف بين عامي 2015 و2018 بمراحلها الثلاث إضافة إلى مشاورات الكويت 2016، واتفاق استوكهولم (كانون الأوّل/ ديسمبر 2018)…
كلّ تلك الاتفاقيات لم يُكتب لها النجاح بسبب سياسة السعودية الانقلابية وعدم التزامها بالاتفاقيات وما جرى في الحديدة بعد اتفاق السويد كان آخر عهد نكثت به الرياض، ففي حين نص اتفاق السويد الموقع بين الطرفين على وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى. إضافة إلى تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى وإعلان تفاهمات حول تعز كان ردّ قوى التحالف العدواني بشنّ المزيد من الهجمات على الحديدة لم يجن منها التحالف العدواني إلا المزيد من الخسائر في قواته وعتاده ولم يحصد إلا الهزائم التي تتالت عليه. حيث شكلت معركة الحديدة نقلةً نوعيةً في مسار مواجهة العدوان بالتزامن مع تعزيز الجيش اليمني لقدراته الصاروخية والقتالية ووحدة طائراته المسيّرة، أمر أدّى إلى تحقيق انتصارات نوعية للجيش واللجان الشعبية خلال سنوات العدوان الذي دخل عامه السادس لا سيما بعد ضربة «أرامكو» وما تلاها من عمليات نوعية على جبهات الداخل من عملية نصر من الله ونجران والجوف ووصولاً الى مأرب المحاصرة من قوات صنعاء والتي تشكل كنز اليمن النفطي الذي اذا ما تمّ السيطرة عليه من قبل الجيش واللجان الشعبية فإنّ ذلك يعني هزيمة التحالف في أمّ المعارك التي ستضيف تحوّلاً استراتيجياً متقدّماً في مسار المعركة. وهنا تظهر بوضوح أهداف المبادرة السعودية الاضطرارية التي أعلن عنها أمس والتي استبقها العدوان بشنّ ثلاثمئة غارة على المحافظات اليمنية لن تكون أقلّ من سابقاتها من المبادرات والاتفاقيات لأنّ الهدف منها أولاً تقويض عملية الردّ والحساب على الغارات التي أعلن عنها المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في تغريدة له على «تويتر» متوعّداً بأنه لن يمرّ هذا التصعيد من دون ردّ مناسب وتأجيل عملية تقدّم قوات صنعاء باتجاه مأرب والسيطرة عليها. وقطع الطريق على تلك القوات لمنعها من تحقيق انتصار جديد يزيد صورة قوى التحالف ومرتزقته تهشيماً إضافةً إلى خلق فرصة زمنية لكسب الوقت والاستعداد لمواجهة هجوم مأرب والحؤول دون سقوطها وتقويض كلّ إنجازات الجيش واللجان الشعبية. وهو أمرٌ لن يتحقق لأنّ ما عجز التحالف عن تحقيقه من أهداف كبيرة على مدى سنوات العدوان لن يستطيع ان يحققه في جزئيته الصغيرة وكما في الميدان كذلك في السياسة لا يمكن تجزئة الحلول من خلال تقديم مبادرات لن تصمد كما ثبت بالدليل والتجربة. وهذا ما أعلنه مراراً سيد اليمن الأبي السيد عبد الملك الحوثي حين صرح في مناسبات عدة أنه (لا يمكن تجزئة الحلّ السياسي ولا يمكن الخروج بحلّ إذا لم يكن حلاً شاملاً) وإلا تبقى تلك المبادرات الأحادية غير مجدية ولن تكون جدية وبناءً على ذلك جاء ردّ صنعاء على المبادرة من خلال تقديمها للأمم المتحدة اقتراح وثيقة للحلّ الشامل لإنهاء العدوان على اليمن وتتضمّن وقفاً لإطلاق النار وإنهاء جميع العمليات الحربية ورفع الحصار البري والبحري وإنهاء الحظر الجوي والعمل على إنهاء الأزمة الإنسانية والاقتصادية وفتح حوار يمني – يمني من أجل العملية السياسية. وعلى هذا الأساس فإنّ أية مبادرة أو اتفاق لا يتضمّن تلك المطالب المعلنة لا تعني صنعاء وبالتالي فإنّ استمرار العدوان بعد أسبوعين وهي المدة التي أعلنت التزامها الرياض في مبادرتها لوقف العدوان لن تجني منه سوى المزيد من الهزائم لا بل أنّ صنعاء ستحوّل العدوان إلى فرصة لإسقاط نظام آل سعود في ظلّ المتغيّرات التي يشهدها العالم.
البناء