يسجل اليمن مزيداً من الانتصارات في جبهاته الوطنية، تفرض على السعودية مزيداً من التراجع في مأرب ومعظم الجبهات الأخرى. ولولا الدعم الأميركي للقوات السعودية في غير منطقة، لكان اليمنيون اليوم يجولون في عمق المناطق السعودية وبقوة شديدة.
المشكلة أن السعودية ركن أميركي كبير يربط بين إمكانات النفط الهائلة والقدرات المالية الهائلة، لذلك يعمل الأميركيون على تأمين الحد المعقول لحماية السعودية ومعها قطر والإمارات من عدة انواع من الأخطار، إيران واليمن بشكل اساسي ومعها بلدان اخرى لا تقل خطورة. يكفي أن اليمن أثبت انه قوة هائلة تتجه الى التمكن العسكريّ والشعبي في اطار تحالفات عميقة قد تجعل من جزيرة العرب منطقة مفتوحة على معارك لن يجد الأميركيون منقذاً لمشاكلهم فيها، خصوصاً النواحي النفطية والغازية والاقتصادية.
كيف يتمسك اليمن بجزيرة العرب؟
الأمر ليس صعباً، فمن ناحية الموقع اليمن هو رأس جزيرة العرب وله نفوذ يربط بين عُمان وصحراء سيناء، وابتدأ يخترق السعودية مهدداً قطر وملوحاً بتهديد الإمارات وربما الكويت.
فهل هذا يعني ان اليمن هو الممسك الأساسي بالجزيرة العربية؟ لا شك في ان له دوراً كبيراً فيها من خلال تحالفاته الكبيرة مع إيران وسورية وقوته اليمنية الداخلية التي تقوم على تحالفات شعبية قوية، خصوصاً في الشمال وقد تصل الى الجنوب الذي بدأ ينتابه إحساس بمظلومية سعودية تنهشه وظلم إماراتي يحاول السيطرة على جزره في سوقطره والمناطق المواجهة لأفريقيا الساحلية.
هل يتجاوز الدور اليمنيّ حدود الجزيرة؟
هناك من يؤكد أن اليمن ذاهب الى فلسطين من خلال صحراء سيناء وقد يعبر أجزاء من السعودية عبر مواجهات قاسية مع الأميركيين وربما مع قبائل من أصول يمنية، استوردها السعوديون في أوقات قديمة زاعمين انها من اصول سعودية. اليمن اذاً فريق أساسي في الصراع على جزيرة العرب من جهة والمسرح الفلسطيني من جهة ثانية وله أدوار في تحالفات عميقة مع إيران والعمق السوري.
يكفي أنه ضارب في عمق التاريخ بمعدل بضعة آلاف سنة مقابل دويلات عربية خليجية لا يزيد عمرها عن أقل من مئة سنة ومنها السعودية والإمارات وقطر، وغيرها. وهذا يدل على ان العمق التاريخي يهب اليمن إرادة قتال كل تلك القوى الصغيرة المحمية من أميركا و»اسرائيل».
وهذا يدل على أن أحداث الأردن ليست بريئة، فهناك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أراد في التمرد الأردني محاولات فرض اتصال أردني سعودي إسرائيلي يؤثر على اليمن، وربما على سورية وبلدان عربية اخرى. وهناك يكمن المشروع السعودي الذي بدأ يرى أن «اسرائيل» هي البديل الفعلي القادر على الدفاع عن السعودية وإيلاء محمد بن سلمان ادواراً كبيرة خصوصاً في وجه إيران وسورية.
المشروع اذاً هو إسرائيلي يرتبط بمحمد بن سلمان عبر وصلة أميركيّة لا تجد غضاضة في مثل هذا النوع من العلاقات.
فعلاقة تربط بين السعودية و»إسرائيل» والاردن لها أبعاد هامة جداً على مستوى التأثير على ايران وسورية وحزب الله في لبنان كما يعتقد السعوديون والأميركيون.
فهل يخسر اليمن أمام المشروع السعوديّ؟
لن يخسر أبداً لأنه متمكن شعبياً وقد يجد قوى دولية داعمة له على اكثر من جبهة، خصوصاً في إطار الصراع الأميركي الروسي الايراني السوري وهو صراع يتّجه إلى التطور نظراً الى التراجع الأميركي في أكثر من جبهة.
فهل يندلع القتال في جزيرة العرب وسورية وإيران ولبنان؟
الوضع ليس ضعيفاً والقتال على هذه الجبهة واسع جداً، يكفي أن حزب الله تنظيم وازن ومقتدر ومعه سورية في جناحه الشرقيّ ولبنان في أكثر من نقطة وموقع ما يدل على ان المعارك واسعة ولن تقتصر على بؤر ضعيفة، كما يرى البعض.
الحرب اذاً مفتوحة والصراع اللبناني الاسرائيلي ومع سورية لن يكون محدوداً، ما يؤشر الى ان الإمكانات الإسرائيلية محدودة، مهما غالت في تأمين تحالفات.
وهذا يؤكد ان الحلف السوري الإيراني وحزب الله هو الأقوى والقادر على بناء شبكة قتال دائم بوسعها رعاية المنطقة العربية حتى مرحلة وضع «اسرائيل» في زاوية ضيقة ومعها حلفاؤها في الجزيرة العربية وبلدان الخليج.
(البناء)