يا له من زمن عصيب وغريب، تقلب الحقائق ويزور التاريخ فيه، على مرأى وسمع العالم الصامت، دون أدنى مراعاة لبعض من ضمير أو مسحة من خلق!
في مشهد ينده جبين الأحرار له، وتشمئز بل وتقز النفوس البشرية من رؤيته منذ إحتلال أرض فلسطين، فلم يتوانى العالم اليوم في الكشف عن حقيقة نفاقه، وهو يراقب توافد العشرات من زعماء الدول، لإحياء ما يسمى ذكرى تحرير موقع الإبادة “اوشفيتز” البولندي!
كان من البديهي والطبيعي كما جرت العادة عليه، أن تنشغل وسائل الإعلام الصهيونية والمأجورة في تغطيته، وإن كنا لا نتوقع منها أدنى موضوعية في المرور على قضية الشعب الذي اغتصبت منه أرضه، حتى كادت أن تنطلي على جماهيرنا وغيرها، مواقف البعض وهم يزعمون في إرغام الجنود الصهاينة، على الخروج من كنيسة “سانت آن” الفرنسية، دون أن يفسروا لنا كيف لهم بالمثل، أن لا يرغموا الصهاينة بحكم العدل العودة من حيث أتوا، بعد أن ضاقوا بهم ذرعا في بلادهم!
وإن لم يكن لافتا للنظر من ناحيتنا، زيارة وفد من علماء المسلمين برئاسة وزير العدل السعودي السابق، محمد العيسى التي تقدم من خلالها بإقامة الصلاة على أرواح “الضحايا”، بعد أن فقدت بلاده زعامتها الحقيقية للعالم الإسلامي، فإنها كذلك لم تكن تهديدات السلطة الفلسطينية لتأخذ شيئا من اهتمامنا، وهي تردد في كل مناسبة نفس الإسطوانة، في تحذير الإدارة الأمريكية والصهيونية، من تجاوز الخطوط الحمراء، في الوقت الذي لا يساورنا فيه أدنى شك من إستمرار التنسيق الأمني مع الجنود الصهاينة، خوفا من ردة الفعل الجماهيرية على تدنيس أرض وطنهم ومقدساته، مثلما هو الحال عندما لم تستوقفنا تصريحات وزير خارجية الأردن، وهو ينتحب خوفا من أن يقتل “عدوه” الصهيوني فرصة حل الدولتين، في الوقت الذي لا يألوا فيه سيده جهدا، بقيادة الجهود المكثفة من أجل “السلام” على حد وصفه!!!
وإذ لا يزال الأمل يحدونا رغم كل الجراح والنكايات، التي لا تكاد من كل جانب تحيط بنا، فإن الذي حقا يلفت النظر من ناحيتنا ويحوز على اهتمامنا وهو يستوقفنا، تلك هي هبة الشارع العربي، التي نرجو لها الإستمرار مع المزيد من اليقظة والحذر من الأجندات المشبوهة، حينما فرضت إرادتها الحرة في تغيير الواقع المرير، من تونس إلى الجزائر، وحتى لبنان والعراق، وكما فعلت جماهير الشعب العربي السوري وهي تقف إلى جانب جيشها تسانده وتؤازره، حتى تحقيق الإنتصار على العدو، الذي مهما اختلفت مسمياته أو أشكاله، فإنه يبقى هو نفسه ذلك المنافق، الذي لا يقيم للضمير أو للخلق وزنا، إلا أن نكون في التصميم على تصحيح التاريخ، وتحرير ارادتنا له صدا وندا، يوم يقف الشرفاء في هذا العالم معنا، إحتفاءا باليوم العالمي لتحرير فلسطين، كل فلسطين.
*فلسطيني واشنطن