(بؤرة توتر عالمي) ليبيا على صفيح ساخن…بقلم محمد عبد الله

منذ ان ثار الشعب الليبى على الطاغية المستبد معمر القذافى والكثير من القوى الاقليمية والدولية اسرعت الخطى لتقاسم الكيكة بعد “سقوط الطاغية” لذا ارادوا للبلد ان تدخل فى فوضى عارمة لا تنتهى الا بتفتيت اوصالها وتفكيك جيشها وتصبح الدولة كلها اثرا بعد عين ويسهل على كل طامع فى الثروات الهائلة لهذا البلد ان يسرق منها بقدر استطاعته ، وقد ساعد فى ذلك عدم اتفاق الليبيين على رؤية واحدة ، وعدم تقديمهم مصلحة البلد العليا على مصالحهم الخاصة سواء كانوا احزابا او حركات او اشخاصا فالكل – الا من رحم ربى وقليل ما هم – كانوا يهدفون الى تحقيق مصالحهم الخاصة لذا دخلت ليبيا فى دوامة الضياع واصبحت ميدانا يصطرع عليه الاحرون والضحية هو الشعب الليبى الذى يخسر امنه وموارده واستقرار بلده .
وفى اتون المعركة المحتدمة التى تجرى الان فى ليبيا فان صراع القوى الاقليمية هو الاوضح ، ويبقى الشعب الليبى المغلوب على امره مقسما بين متحاربين مع بعض يدورون فى فلك الاخرين الذين يديرونهم ويحركونهم وهم يقتلون بعضهم ويدمرون بلدهم ، وقطاع واسع من الشعب مغلوب على امره تقع على راسه المصائب ويدفع ثمن صراع الاخرين دون ان يكون له يد فى ذلك ولم يستشره احد ولايطلب منه رأى فقط تقع عليه اثار الحرب وهو اما ان يصبر على الوضع او يهاجر وفى كلا الحالين الامر صعب عليه .
وتتقاسم ليبيا الان العديد من المشاكل كلها ناتجة من الاحتراب وانفراط الامن وانتشار الفوضى فمن غلاء وفقر فى بلد حباه الله تعالى بموارد كبيرة الى انتشار للارهابيين التكفيريين فى بعض المناطق ومعاناة الناس مع هذه الجماعات التى يصعب التعايش معها والرضوخ لحكمها الى التجاذب الدولى واطماع الاخرين فى البلد وتهديدهم باستمرار الحرب اكثر ، وبعد ان شهدت البلد حروبا بالوكالة جاء الدور على البلد ان تشهد الصراع بالاصالة بين القوى الاقليمية على الارض الليبية وبالفعل وقعت بعض الجولات بين الامارات ومصر من جانب الذين يدعمون مع اخرين الجنرال حفتر وفى الطرف الاخر تركيا وقطر الذين يقفون مع اخرين كحركة النهضة فى تونس وغيرها الى جانب الحكومة المعترف بها دوليا بزعامة رئيس الوزراء فايز السراج ، و قد تمت مشادات كلامية حادة بين الاتراك والمصريين ولكن بصورة غير مياشرة وذلك بعد تهديد الرئيس المصرى قبل اسابيع بالتدخل العسكرى مباشرة فى ليبيا والرد التركى السريع بمنع ذلك بكل الوسائل ، ثم الزيارة التى قام بها وزيرا الخارجية والدفاع التركيان الى طرابلس وتأكيدهما على الدعم المطلق لحكومة السراج والقتال الى جانبه ثم المواجهة التى وقعت فى اكثر من منطقة والخسائر التى تكبدها الطرفان فى الميدان والاستعداد اللكبير الذى يجرى الان لحرب سرت وتصريح الاتراك باهمية هذه المعركة وقولهم بشكل صريح انه لا تفاوض مع حفتر مطلقا ولابد من تسليم مدينة سرت او دخولها عنوة ، وقول حكوكة السراج ان مهمتها تحرير كل التراب الليبى من ما تسميها العصابات الارهابية وتعنى بهم حفتر وجماعته وهذا الوضع يجعل الوضع فى ليبيا على صفيح ساخن جدا والقادم اصعب .
مصر من جانبها اعلنت ان مناورتها البحرية – حسم 2020- ارادت توجيه رسائل لكل متربص بها ، واهم هذه الرسائل حسب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، اللواء كمال عامر هي أن “مصر وقواتها المسلحة قادرة على حماية أمنها القومي بإمكانيات جيشها القادر على مواجهة جميع التحديات المختلفة ، وأضاف عامر أن الرسالة الثانية مفادها أن “الأمن القومي الليبي جزء من الأمن القومي المصري”، لا سيما والعلاقات ممتدة بين البلدين بل ان علاقات المصاهرة والدم تربط الشعبين.
وتابع رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي أن الرسالة الثالثة للعالم أجمع هي أن “مصر قادرة بقوة قواتها المسلحة وقيادتها السياسية على مواجهة أي تهديدات قد تؤثر على أمنها القومي بقواها الشاملة وأنها تستطيع أن تواجه جميع الأمور بحكمة ورؤية وبالقوة إذا تطلب الأمر ذلك”.
وهذا الكلام موجه بشكل مباشر الى الاتراك الذين لم يتأخروا فى اعادة ارسال التهديد ويشكل واضح اذ أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يوم الاثنين) ان عملية عسكرية سوف يتم تنفيذها في حال عدم انسحاب قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر من مدينة سرت الساحلية.
وقال في حوار مع قناة “تي آر تي” التركية إنه “يجب تسليم سرت والجفرة لحكومة الوفاق الليبية وقد يتم تنفيذ عملية عسكرية حال عدم الانسحاب من سرت”، موضحًا أنه تم تقديم اقتراحات “حكومة الوفاق حول أزمة ليبيا لموسكو وقد نعقد اجتماعا على مستوى الخبراء وآخر على مستوى الوزراء”.
وأبدى جاويش أوغلو أيضًا استعداد بلاده بدء التنقيب في منطقة شرق المتوسط، وفقا لـ”اتفاقية أنقرة مع حكومة الوفاق”، وأيضا الاستعداد للعمل مع شركات من دول أخرى في هذا الشأن.
وأوضح أن بلاده “تقدم استشارات عسكرية للحكومة الليبية في إطار الاتفاق المبرم معها”، منتقدا في الوقت نفسه الدول التي “تزود حفتر بالسلاح وهذا لا يتم الحديث عنه.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023