تشير التقارير الموثوقة إلى أنّ اعتماد إيران على النفط وصادراته تراجعت الى ما دون الثلاثين في المائة… فقد نجحت إيران خلال سنوات الحصار والثورة وما أنجزته من تحوّلاتٍ نوعيةٍ في بنية المجتمع والاقتصاد واعتماد وتنفيذ خطة القائد الخامنئي بالاعتماد على الاقتصاد المقاوم، في الحدّ من خطر تراجع الصادرات النفطية الإيرانية… وبحساب إيران أنّ تراجع الصادرات كتراجع الاسعار بسبب اجراءات امريكية ظالمة متوقعة او بسبب حرب الاسعار التي طالما اعتمدتها امريكا وحلفاؤها لإسقاط الدول المصدرة والتحكم في سياساتها.
فحرب النفط والصادرات والاسعار ليست جديدة ولا هي مفاجئة، وإجراءات ترامب تم التحوّط لها والاستعداد لإفشالها وقلب نتائجها في غير صالح أمريكا نفسها…
الثقة الايرانية بالنفس كبيرة ما يبرّر برودة التصريحات وردود الافعال وتصرف المسؤولين الايرانيين بحكمة وهدوء وهي عادة ايرانية قديمة قدم الحضارات والمكانة وميزة للإيرانيين عبر الازمنة…
فإيران الثورة متماسكة ويزيد في لحمتها الوطنية العدوان الامريكي والتهديد بالتجويع والحصار، والحصار لم يسقط دولة او سلطة من قبل، وشواهد كوريا الشمالية وكوبا قوية لا تدحض.
وإيران المعتدى عليها اليوم غير إيران الايام الاولى للثورة وحرب الخليج الاولى، والاقليم مختلف كما العالم تغيرت معالمه كثيرا ونظمه وقواه ومراكزه الاقتصادية.
ولإيران مكانة ودور وقدرة عسكرية واقتصادية تستطيع عبرها التملص من العقوبات واستبدال الدول المستوردة، والتركيز على منتجات اخرى للتصدير لسد الحاجات، وقد أمّنت نفسها، فالصين وروسيا مستوردان وحليفان قادران، وباكستان جغرافيا متسعة وتزداد حاجاتها للنفط والكهرباء ومصادر الطاقة الايرانية الاكثر وفرة والاقل كلفة، وامتداد الجغرافيا من القطب الشمالي وشرق الشمس الى البحر المتوسط باتت موفورة ولن يستطيع أحد اقفالها في وجه إيران وصادراتها وتبادلاتها التجارية.
وإيران وحلفها يضع يده على أهم معابر النفط والتبادلات التجارية، فمضيق هرمز تحت الرماية، وكذلك مضيق باب المندب، وكل المؤشرات تجزم بقدرة إيران على وقف كل الصادرات النفطية من الاقليم ناهيك عن امكانيتها لتدمير منصات الانتاج والمعالجة وخطوط النقل من السعودية والامارات والاخريات إن هي أرادت أو اضطرت تحت الضغط والحاجات..
أمريكا هي الخاسر من حرب النفط ولو افترض ترامب أنها رابح وسعى لتصدير النفط الصخري الاكثر كلفة في الانتاج والنقل، وكل من يلتزم عقوبات ترامب سيكون خاسرا ويضطر لشراء النفط بأسعار مكلفة تضيف أكلافا على أزماتهم الاقتصادية والاجتماعية.
ومستقبل امريكا في التحكم بالعالم واداراته واقتصاده ستكون الخاسر الاكبر كما حلفاء امريكا ومنصاتها للصعود الى التحكم بالعالم والامر بات في عهدة الاتحاد الاوروبي ونخبه فهم المعنيون بالعقوبات على النفط الايراني، ولقرارهم انعكاسات جمّة على مستقبل اوروبا ودولها واتحادها وعلى مستقبل امريكا في العالم وأغلب الظن أنّ عقوبات ترامب تستهدف الاتحاد الاوروبي أكثر مما تستهدف إيران المعتادة والقادرة…
وبمجرد أن تمردت تركيا وباكستان والصين وروسيا فهذه مكاسب لإيران وخسائر لأمريكا تؤكد فقدانها القدرة على التحكم بالحلفاء بل تخسر أهمّ قواعدها ومنصاتها في الاقليم…
الأسابيع الآتية ستحسم حقيقة أنّ الامم والشعوب والدول لا تعيش بالنفط وحده، وتبقى الارادة والتصميم والسعي للسيادة والحقوق هي العامل الاكثر أهمية في تقرير مكانة الجغرافية والنظم والقيادة…
التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة